كلمة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي - رؤية ٢٠٣٠
الثلاثاء، ٣١ كانون الثاني، ٢٠٢٣
أيها الحفل الكريم
قد يستغرب البعض وجودنا هنا اليوم لإطلاق "الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي - رؤية 2030"، فيما الوطن يعيش كماً من الأزمات، لا سيما على الصعيد الصحي، وتواجهنا صعوبة كبيرة في تأمين المستلزمات الطبية والصحية الأساسية.
وفي هذه الحالة يكون السؤال مشروعاً عن كيفية إعداد رؤية للعام 2030، فيما نحن في حالة تأزم يصعب معها استشراف إمكانات الحل القصير المدى.
يجب أن نعترف في هذا المجال بأمر أساسي، وهو أننا منذ عقود، ولا سيما على مدى السنوات الماضية، ركزنا اهتمامنا على أولويات أساسية طبعاً، ولكننا أهملنا وضع رؤية بعيدة المدى لقطاعات أساسية، ومنها القطاع الصحي، الذي يطال جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وإمكاناتهم.
أيها الحفل الكريم
يمر لبنان بواحدة من أشد الأزمات تعقيدًا في تاريخه الحديث، والتي نجمت عن تداخل الاضطرابات السياسية والانهيار الاقتصادي والاجتماعي. وقد كشفت الأزمات المتتالية التي عانى منها وطننا عن ثغرات في النظام الصحي، منها إعطاء الرعاية المتخصصة الأولوية، على حساب الرعاية الوقائية والأولية، ضعف إمكانات المؤسسات الصحية العامة، تعددية الجهات الضامنة وتعدد تعريفاتها، وتحفيز الطلب الناجم عن العرض، مع وعود غير واقعية وغير مستدامة لتأمين الخدمات الصحية للأفراد.
كل ذلك أدى الى أن نظاماً صحياً لطالما تميز بمرونته قد أضحى على شفير الانهيار. نتيجة لذلك، ضعفت القدرة على الاستجابة للاحتياجات الصحية المتزايدة للسكان، وخاصة للفئات المستضعفة.
مع تزايد التحديات وتضاؤل الموارد، برزت أكثر من أي وقت مضى أهمية وضع استراتيجية تسلط الضوء على الأولويات، وتحدد الاتجاه لتجاوز أوجه القصور والبناء على نقاط القوة.
أيها الحفل الكريم
إننا على ثقة أن هذه الاستراتيجية، التي تتولاها وزارة الصحة العامة، ستساهم في إعادة هيكلة النظام الصحي ليصبح أكثر إنصافًا وتكاملًا وفعالية، مما يضمن الوصول الشامل إلى رعاية عالية الجودة مرتكزة على الأفراد.
وبالتوازي، فإننا في اجتماعات متواصلة مع معالي الوزير، لمتابعة المشكلات والتحديات الآنية وتأمين استمرارية القطاع الصحي والاستشفائي، والتعاون مع المستشفيات الخاصة لتذليل العقبات الطارئة.
أيها الحفل الكريم
لقد وضعنا في الجلستين الحكوميتين اللتين عقدناهما الحلول الخاصة بالقطاع الصحي وملف الكهرباء على سكة المعالجة، رغم كل الاعتراضات غير المنطقية التي سمعناها، والتي حاولت إدخال ملفات الناس الملحة في البازارات السياسية والمناكفات والمزايدات التي ارتدى بعضها، وللأسف، طابعاً طائفياً مقيتاً.
وفي السياق ذاته، فإننا في صدد إعداد الملف التربوي المتعلق بإضراب المدارس الرسمية وملف الجامعة اللبنانية، وتسلم الاقتراحات المطلوبة من معالي وزير التربية تمهيداً للدعوة الى جلسة حكومية ثالثة هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل بأقصى حد.
كما ستناقش الجلسة أيضاً العديد من الملفات الطارئة التي تشكل أولوية ملحة ولا إمكانية لبتها خارج مجلس الوزراء.
أخيراً
ندائي الى الجميع مراراً وتكراراً ، الظرف الراهن لا يسمح بترف التساجل أو التخاصم. فلنرحم الوطن والعباد من نقاش عقيم، لا يمت الى الدستور وروحيته بصلة، بل يندرج في سياق مناكفات سياسية يهواها البعض.
نحن نعمل وفق الواجب والدستور بانتظار أن يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة دستورياً وسياسياً.
سنستمر في العمل براحة ضمير وأولويتنا مصلحة الناس وانتظام عمل المؤسسات ولا شيء سوى ذلك.
والسلام عليكم.