الرئيس ميقاتي: المسار التفاوضي من شأنه أن يوصل الى تفاهم ينطلق من اتفاق الهدنة لتأمين استقرار طويل الأمد

اعتبر الرئيس نجيب ميقاتي "أن التحركات الديبلوماسية الأجنبية والعربية الراهنة تجاه لبنان، تشكل فرصة أساسية ينبغي علينا الإفادة منها بعيداً عن التباينات والسجالات الداخلية العقيمة، لالتقاط الفرصة المتاحة للنهوض للبنان وحل أزماته السياسية والإقتصادية".

وقال في تصريح: حان الوقت لتلتقي القيادات كافة على موقف موحّد يحمي وطننا من العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، بعيداً عن أي رهان خاطئ أثبتت كل التجارب السابقة فشله في توفير أي استقرار للبنان. وعلينا نحن اللبنانيين أن نكون المبادرين في إرساء الإستقرار في وطننا بدل انتظار استقرار الدول الأخرى وانعكاساته علينا.

أضاف: الفرصة المتاحة حالياً للحل عبر لجنة مراقبة وقف إطلاق النار "الميكانيزم" وترؤس السفير سيمون كرم، صاحب الخبرة الديبلوماسية الواسعة، الجانب اللبناني في هذه اللجنة. وهذا المسار نتمنى أن يستمر بوتيرة متصاعدة لتحقيق المطالب اللبنانية وفي مقدمها وقف الإعتداءات المستمرة على لبنان والإنسحاب الإسرائيلي الكامل من المواقع التي يحتلها.

أضاف: إن هذا المسار التفاوضي من شأنه، إذا نجح، أن يوصل الى تفاهم ينطلق من اتفاق الهدنة الموقّع عام 1949، وتأمين استقرار طويل الأمد بات لبنان واللبنانيون بأمس الحاجة إليه.

لقاءات

وكان الرئيس ميقاتي أجرى سلسلة لقاءات في مركز "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية" في باب الرمل في طرابلس، حيث استقبل وفوداً شعبية ونقابية وأهلية من مختلف المناطق عرضت له مطالبها. والتقى رئيس رابطة مخاتير طرابلس حسام التوم على رأس وفد من المخاتير.

وزار الرئيس ميقاتي منطقة بعل الدراويش في التبانة، حيث التقى الأهالي واطّلع ميدانياً على أوضاعهم المعيشية، مستمعاً إلى شكاواهم ومطالبهم. كما جال في أحياء المنطقة والتقى أهلها.

سفير إندونيسيا

كما استقبل الرئيس ميقاتي سفير إندونيسيا في لبنان ديكي كومار، يرافقه رئيس جمعية تجار طرابلس أسعد الحريري.

المعهد العربي للتخطيط

وفي دارته في بيروت، استقبل الرئيس ميقاتي المدير العام للمعهد العربي للتخطيط في الكويت الدكتور عادل عبد الله الوقيان يرافقه رئيس الجهاز الإداري للمعهد كريم درويش في حضور الدكتور عبد الرزاق القرحاني.

وخلال اللقاء أثنى الرئيس ميقاتي على جهود "المعهد العربي للتخطيط" في الوطن العربي، وعلى العناية الخاصة التي حظي بها لبنان في السنوات العشر الأخيرة من خلال إعداد الخارطة الإستثمارية والبرامج الخاصة في مجال "بناء وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية" و "المشروع الوطني لنشر ثقافة ريادة الأعمال".

كما هنّأ السيد عادل على توليه الإدارة العامة للمعهد متمنياً له دوام التوفيق والنجاح.

وكان اللقاء مناسبة جرى فيها البحث في البرامج والمبادرات وفق الرؤية الجديدة للمعهد، وكيفية التعاون لتحقيقها.

الرئيس ميقاتي: لبنان أمام فرصة تاريخية ولمفاوضات فوريّة تنطلق من مضامين اتفاق الهدنة

أكد الرئيس نجيب ميقاتي "أننا اليوم أمام فرصة تاريخية فلا نضيعها بالتلهي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بما لا يفيد، وبما يعيدنا إلى الوراء".

وقال: الحل بين أيدينا، فلا نفتش عنه خارج الاطار التاريخي والجغرافي، وهو متاح من خلال مفاوضات فورية تنطلق من مضامين "اتفاق الهدنة"، الذي لا يزال ساري المفعول بقوة القانون الدولي، مع إجراء ما يلزم من ترتيبات لتحديثه ومواكبة للتطور، الذي شهدته منطقتنا، لكي يكون الاطار الذي يحفظ سيادتنا ويصون حدودنا، وينزع أي حجة أو ذريعة من عدو يتربص بنا شراً".

مواقف الرئيس ميقاتي جاءت في خلال كلمة ألقاها في حفل افتتاح قسم غسيل الكلى في مستشفى المنية الحكومي، الذي أقيم برعايته ووزير الصحة العامة ركان ناصر الدين.

وهذا المركز تم إنشاؤه بهبة مقدمة من "جمعية العزم والسعادة الإجتماعية" وتجهيز من وزارة الصحة.

وهنا نص كلمة الرئيس ميقاتي:

يسعدني أن أكون بينكم هنا في هذا الصرح الطبي لنشهد على فصل جديد من عملية تطويره بتعاون وثيق بين وزارة الصحة و"جمعية العزم والسعادة الاجتماعية" عبر إنشاء مركز غسيل الكلى الذي سيؤمن خدمة ضرورية وملحة للعديد من أبناء المنطقة ويوفر عليهم أعباء التنقل الى مستشفيات بعيدة لإتمام الجلسات.

وفي هذه المناسبة أتوجه بالتحية الى معالي وزير الصحة الدكتور ركان ناصر الدين وأحيي جهوده ومناقبيته التي يجمع عليها الجميع وأقدر عمله الدؤوب والمستمر في خدمة جميع اللبنانيين.

تعود بي الذاكرة الى أيام الحكومة التي توليت رئاستها عام 2011 حين تم افتتاح هذا المستشفى، وتجاوز كل العراقيل، وتستمر اليوم عملية تطويره وتحديثه ليكون في خدمة جميع أبناء المنطقة.

هذه المنطقة الغالية على قلوبنا تستحق الكثير من الاهتمام والرعاية، وهناك تكامل بين العملين السياسي والإنمائي، ولا يمكن فصل المسارين عن بعضهما البعض. ولهذا أرى مدى التعاون مع النائب الأخ أحمد الخير من أجل مواصلة الاهتمام بهذه المنطقة ورفدها بالمشاريع الضرورية أسوة بسائر المناطق، لا بل أكثر لكونها تحتاج الى جهد استثنائي. من هذا المنطلق يدنا بيد سعادته. البعض يتساءل لماذا هذا التخصيص؟ ومع احترامي لجميع النواب ومحبتهم ومعزتهم معي شخصياً أقول إن النائب الخير في كل زيارة كان يقوم بها يحمل معه لائحة طويلة من المطالب من أجل المنية ويطالب بها بكل إخلاص ورقي. مطالبه كانت دائماً حاضرة من أجل هذه المنطقة وازدهارها والخير لأهلها. نمد يدنا الى سعادته ولكل شخص لتحقيق الإنماء لهذه المنطقة ومساعدتها.

أهمية اللقاء اليوم هي في متابعة التواصل معكم للوقوف على كل ما يهم هذه المنطقة الغالية، فنحن يد واحدة ونعمل معاً في المكان الصحيح وفي الزمان الصحيح خدمة لهذه المنطقة.

أيها الحفل الكريم

في هذه الأوقات العصيبة، التي يمرّ بها وطننا الحبيب، لا مفرّ لنا جميعًا من اللجوء إلى الحكمة والتعقّل في أي مقاربة سياسية للخروج من هذه الأزمة المستعصية.

لنعترف جميعًا وبكثير من التواضع والواقعية بأننا أمام مشكلة تحتاج إلى حلّ. وهذا الحلّ لا يكون إلا إذا وضعنا جميعًا، ومن دون استثناء، مصالحنا الشخصية وطموحاتنا الآنية جانبًا، وتصرّفنا بوعي ومسؤولية.

الخطر داهم، ولا نملك ترف الوقت.

ما يجري حولنا من أحداث وتطورات تحتم علينا العودة إلى أصالتنا. فلا الأحقاد، ولا النكايات السياسية، ولا المزايدات تنفعنا، ولا العناد والمكابرة.

وحدها مصلحة الوطن هي الأساس، خاصة وأننا جميعًا على مركب واحد تحيط به أمواج عاتية. فإما أن نغرق معًا، لا سمح الله، وإما ننجو معًا.

من هنا، ومن موقعي كمواطن أولًا والحريص على ألا ندفع ثمن تهورنا أثمانًا باهظة نحن في غنىً عنها، أدعو جميع المسؤولين، على مختلف مستوياتهم، إلى وقفة ضمير، وإلى المبادرة في استنباط الحلول الممكنة والمتاحة في هذا الظرف الدقيق والمصيري، مع إيماني الراسخ بأن من هم على رأس السلطة اليوم قادرون على إيجاد السبل الكفيلة بإخراج لبنان من هذا المأزق بأقل أضرار ممكنة.

نحن اليوم أمام فرصة تاريخية فلا نضيعها بالتلهي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بما لا يفيد، وبما يعيدنا إلى الوراء.

الحل بين أيدينا، فلا نفتش عنه خارج الإطار التاريخي والجغرافي. وهو متاح من خلال مفاوضات فورية تنطلق من مضامين "اتفاق الهدنة"، الذي لا يزال ساري المفعول بقوة القانون الدولي، مع إجراء ما يلزم من ترتيبات لتحديثه ومواكبة للتطور، الذي شهدته منطقتنا، لكي يكون الإطار الذي يحفظ سيادتنا ويصون حدودنا، وينزع أي حجة أو ذريعة من عدو يتربص بنا شراً.

الحلّ المتاح لنا اليوم قد لا يكون كذلك في الغد القريب. يكفي لبنان ما عاناه من مشاكل وأزمات أمنية واقتصادية واجتماعية.

لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية فلا نضيعها بالتلهي بما لا يفيد، وبما يعيدنا إلى الوراء.

عشتم وعاش لبنان.

لقاء موسّع في دارة الرئيس ميقاتي: إدانة أحداث الساحل السوري والدعوة لإغاثة النازحين وتأمين عودتهم إلى سوريا

عقد لقاء سياسي موسّع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة الميناء للبحث في التطورات الراهنة في لبنان وتداعيات الأحداث الجارية في سوريا على الواقع اللبناني لا سيما على صعيد شمال لبنان.

شارك في اللقاء رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، النواب السادة:عبد الكريم كبارة، إيلي خوري، طه ناجي، جميل عبود، إيهاب مطر، وليد البعريني، محمد يحيى، جهاد الصمد، أحمد الخير.

كما حضر النواب والوزراء السابقون بهية الحريري، عمر مسقاوي، سمير الجسر، رشيد درباس، نقولا نحاس، سامي فتفت، أحمد فتفت، رامي فنج، علي درويش، خضر حبيب، ومصطفى علوش.

وحضر مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، وأمين الفتوى الشيخ بلال بارودي، مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، ممثل متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران افرام كرياكوس أمين سر المطرانية الأب نقولا داوود، رئيس أساقفة طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، متروبوليت عكار للروم الأرثوذكس المطران باسيليوس منصور، كاهن رعية الأرمن الأرثوذكس الأب كريكور يافيايان، نقيب الأطباء في الشمال الدكتور محمد صافي، نقيب المهندسين في الشمال شوفي فتفت، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، نقيب أطباء الأسنان في الشمال الدكتور ناظم الحفار، رئيس غرفة التجارة والصناعة في طرابلس توفيق دبوسي.

الرئيس ميقاتي

بعد اللقاء أدلى الرئيس ميقاتي بالتصريح الآتي: عقدنا هذا الإجتماع نتيجة الأحداث التي حصلت في سوريا وانعكاسها على لبنان وخصوصاً على منطقة الشمال.

دعونا الى هذا الإجتماع، وبكل سرور حضرته شخصيات من مختلف المناطق اللبنانية وخاصة وجود الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، السيدة بهية الحريري ومختلف الفاعليات والنواب من طرابلس والضنية والمنية وعكار بالإضافة إلى رجال الدين وأصحاب السيادة المطران سويف والمطران ضاهر وممثل مطران طرابلس والمطران منصور مطران عكار.

بحثنا خلال الإجتماع الإنعكاسات التي حصلت في سوريا وكيفية استيعاب هذا الموضوع. لقد تم وضع مسودة بيان لهذا الإجتماع وحصلت مناقشة طويلة وبناءة وإيجابية جداً وقد أضيفت بعض النقاط على البيان.

الأهم هو استنكار الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتشديد على أهمية المصارحة والمصالحة، ودعوة الحكومة اللبنانية للسعي مع الهيئات الدولية من أجل إيواء وتعزيز الإغاثة السريعة للنازحين الذين حضروا، ومن ثم السعي مع الحكومة السورية من أجل عودة النازحين السوريين إلى سوريا، ولا يوجد كلمة لجوء في لبنان بأي شكل من الأشكال.

بما أن الاجتماع حصل في طرابلس، فقد بحثنا في المواضيع الطرابلسية والشمالية بشكلٍ عام وضرورة الإسراع في إقرار اللامركزية الإدارية والقيام بالتعيينات اللازمة في مجالس الإدارة، لأن في مدينة طرابلس مقومات اقتصادية كبيرة وعلينا الاستفادة منها، وذلك بعد استكمال تشكيل مجالس الإدارة والتعيينات الإدارية.

الأهم هو ضبط الفلتان الأمني بكل ما للكلمة من معنى ورفع الغطاء عن أي مُرتكب، كما أنه على القضاء أن يُسرّع في موضوع المُحاكمات. هذه الأمور بشكل عام بحثنا بها وأكرر وأقول إن الإجتماع كان إيجابياً جداً، وأتمنى أن يُثمر وتوجد هناك متابعة في المرحلة القصيرة عبر "فاعليات طرابلس" ومن ثم ستكون عبر اجتماع آخر سيعقد قريباً في طرابلس لمن حضر اليوم وللنواب الذين تغيبوا بعذر بسبب السفر.

ورداً على سؤال، قال: "لم ندعُ رئيس الحكومة نواف سلام فالإجتماع هو عادي وطرابلس هي مدينة الرئيس سلام ويمكنه أن يزورها متى شاء وأهلاً وسهلاً به، ولا يجب وضع الأمر في أي مكانٍ آخر. الإجتماع عادي وفكرته خرج بها الرئيس فؤاد السنيورة وبحثناها مع الرئيس تمام سلام ورأينا أنه في ظل الظرف الصعب الذي تمرُّ به المنطقة والإقليم ككل، أن نبدأ بعقد هكذا اجتماعات لنُظهر وحدة الموقف بين اللبنانيين".

وعن إقرار الحكومة للموازنة بمرسوم، قال ميقاتي: "الحكومة تقول إنها لا تريد أن تقوم بصرف سلف خزينة، كما أنها لا تستطيع أن تصرف المال على القاعدة الإثني عشرية، لأن هناك أموراً كثيرة طرأت هذا العام وزادت من موضوع الصرف، وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن تُقر الموازنة بمرسوم ومن ثم تجرى التعديلات اللازمة مثلما حصل يوم أمس، عبر إرسال الحكومة مشروع قانون إلى مجلس النواب لتخفيض بعض الرسوم التي كانت مطلوبة في الموازنة. أعتقد أن هذا الأمر طبيعي لتسيير أمور الدولة في هذا الوقت الحاضر وهذا موقف حكيم".

وعن التعيينات الجديدة، قال ميقاتي: "في هذا الموضوع، فإنه ستؤخذ بعين الإعتبار مُختلف المناطق اللبنانية، ولكن يوم أمس تمت التعيينات الأمنية وبحسب التدرج الأمني حصل ما حصل. لا أعتقد أن طرابلس والشمال مُستهدفان بإقصائهما عن هذه المراكز. التعيينات حصلت بحسب الأقدمية والحضور العسكري. هناك تعيينات قريبة ستحصل لا سيما على صعيد مجالس الإدارة وستكون جميعها شمالية وطرابلسية، وأيضاً على صعيد بعض المراكز الإدارية والأساسية في الإدارة اللبنانية".

وعن الإنتخابات البلدية قال: "الإنتخابات المُشار إليها هي إنتخابات إنمائية بحتة وسيكون لي الموقف المناسب عند إعلان هذا الموضوع".

الرئيس السنيورة

بدوره، تحدث الرئيس فؤاد السنيورة فقال: "أريد أن أثني على هذه المبادرة وعلى هذه الفرصة الطيبة من أجل التلاقي، وكذلك أيضاً التحاور في قضايا تهم كل الوطن وتهم أيضاً منطقة طرابلس والشمال وتهم أيضاً جوارنا السوري".

وأضاف: "هذه القضايا تحتاج إلى موقف واضح وصريح ومُحب، ويجب أن نجد حلولاً للمسائل المطروحة بعد الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتي نتج منها نزوح إلى لبنان".

وتابع: "يجب التأكيد أيضاً على أهمية الخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية الجديدة من أجل احتضان كافة فئات المجتمع السوري وبالتالي الحؤول دون المزيد من النزوح. أيضاً، يجب معالجة المشكلات التي نتجت بسبب هذه الأحداث الدامية، وكل من ارتكب أي جُرم بهذا الشأن يجب أن ينال عقابه".

وقال: "نثني على الدور الذي تقوم به الدولة السورية من أجل الحفاظ على سلامة التراب السوري، ويجب أن تكون السلطة في سوريا تابعة للسلطة المركزية في دمشق. إن تأكيدنا على وحدة سوريا هو تأكيد على العلاقة القويمة التي يجب أن تكون بين لبنان وسوريا، وأعتقد أنَّ هذه فرصة كبرى من بعد المأساة التي حصلت وبالتالي يجب تحويلها إلى فرصة حقيقية للبنان من أجل بناء علاقات قويمة وسليمة وندية ما بين لبنان وسوريا، قائمة على الإحترام المتبادل ما بين الدولتين".

وتابع: "نحن وسوريا جيران وأشقاء ولدينا مصالح مشتركة، وسوريا هي مدخلنا الوحيد البري إلى العالم العربي".

وأكمل: "المناسبة هي لبحث قضايا تتعلق بالنهوض بمنطقة طرابلس والشمال وهذا أمرٌ في غاية الأهمية. يجب أن يكون هناك عمل مشترك، الدولة التي عليها أن توفر المناخات الحقيقية والصحيّة والمؤاتية لاستنهاض الوضع الإقتصادي في منطقة طرابلس والشمال. هناك مشاريع بحاجة إلى تحريك بحاجة إلى تأليف مجالس إدارة وغيرها ولكن أيضاً هناك دور ينبغي أن يقوم به القطاع الخاص".

وقال: "جميعنا نعلم وضع الدولة وماليّتها، وعلينا أن نحول الإمكانات الكامنة لدى طرابلس والشمال إلى أعمال تنفيذية، وأعتقد أن هناك فرصة لهذا الزواج الشرعي الصحيح بين الدولة والقطاع الخاص في لبنان من أجل استنهاض الوضع الاقتصادي في طرابلس والشمال وفي كل لبنان".

وختم: "هذه المرحلة شديدة الأهمية وعلينا أن نحوّل هذه الأزمات التي تعصف بنا إلى فرص مستجدة وأعتقد أن هناك إمكانية للقيام بذلك".

إعلان طرابلس

وقد صدر عن المجتمعين البيان الآتي: بنتيجة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق الساحل السوري مؤخراً، وما نجم عنها من نزوح إلى لبنان، وانعكاسات وتوترات عابرة في مدينة طرابلس وشمالي لبنان، تداعى أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسيادة والسماحة والفضيلة، إلى اجتماع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة طرابلس، للبحث في مخاطر وأبعاد ما جرى في منطقة الساحل السوري وتداعياته على منطقة الشمال اللبناني ومناطق أخرى من لبنان.

ونتيجة التداول أصدر المجتمعون البيان الآتي نصه:

أولاً: يستنكر المجتمعون ويدينون أشدّ الإدانة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق وقرى الساحل السوري، وما أدت إليه من تجاوزات يجب ضبطها فوراً.

ثانياً: يثني المجتمعون على توجّهات الحكومة السورية وإجراءاتها، مع التشديد على جمع واحتضان مختلف مكونات سوريا الوطنية، والحفاظ على وحدة وكامل التراب السوري، والعمل على استتباب الأمن وإحلال الأمان وبسط سلطة الدولة السورية الحصرية والكاملة على كل أراضيها ومرافقها. كما يثمّنون إعلان الحكومة السورية العمل على إنجاز التحقيق المستقل في ما جرى ومحاسبة المسؤولين والمتورطين في أعمال قتل المدنيين الأبرياء والعزّل، واتخاذ الإجراءات الصارمة لمنع هكذا أعمال إجرامية مشينة وحماية المدنيين من كل أطياف الشعب السوري وتوجهاته، وتسهيل عودة النازحين، بعد أن سقط مفهوم اللجوء المعرّف بإعلان جنيف. فاللاجئ هو الذي لا يرغب أو لا يستطيع العودة الى بلاده، وهذا يعني أنه لم يعد في لبنان لاجئون بحسب المفهوم الدولي.

ثالثاً: يتوجه المجتمعون من مدينة طرابلس، مدينة العلم والعلماء، ومدينة الوطنية الحقة والعروبة الأصيلة والعيش المشترك والواحد، والتي سبق أن عانت من أحداث مؤسفة وظلم وتهميش في مراحل متعددة من تاريخها الحديث، وانطلاقاً من التجربة اللبنانية المريرة في الإقتتال والتناحر الداخلي المؤسف الذي سبق وعانى منه لبنان، يتوجهون إلى الأشقاء السوريين، وكذلك الى جميع اللبنانيين منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورّط من جديد في مواجهات أهلية عنفيّة، لأنّ التجارب أثبتت أنّ العنف واستخدام السلاح في داخل الوطن، لا يؤدي إلا إلى إشعال نيران الأحقاد واستدراج الثأر والثأر المضاد، مما يؤدي إلى الوقوع في الفخ الذي تنصبه وتعمل عليه إسرائيل، وهي التي تستمر في اعتداءاتها واحتلالها لمناطق في لبنان.

ولا بد أيضاً من العمل على تعزيز ثقافة المغفرة والمصالحة وعدم الإنتقام. فالإنتقام لا يولّد إلا الإنتقام والفوضى والأحقاد.

رابعاً: يدعو المجتمعون الدولة اللبنانية الى التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية الى متابعة الأوضاع المستجدة في مناطق شمال لبنان الحدودية بفعل التدفق المستجد للنازحين السوريين بسبب الأحداث الجارية في سوريا. فهذه المشكلة تشكل ضغطاً إضافياً على لبنان يضاف الى الضغوط المستمرة في ملف النزوح السوري منذ سنوات. كما نطالب بالتنسيق بين المفوضية وسائر المنظمات الدولية المعنية مع الحكومة اللبنانية عبر أجهزتها المختصة لحل هذه المعضلة، وضبط المعابر، وتأهيل المعابر الشرعية، لأنه لا يجوز أن يبقى هذا الملف ورقة تضغط على الواقع اللبناني، في وقت لم تعد للبنان القدرة المالية والخدماتية والسياسية على تحمل تداعيات هذا الملف. كما أن الأولوية في هذه المرحلة يجب أن تكون لتمكين الإغاثة الطارئة وإعادة النازحين السوريين تباعاً إلى بلادهم بعد استقرار الأوضاع في العديد من المناطق السورية.

خامساً: يرى المجتمعون، مع بدء مسيرة التعافي في لبنان، والتي انطلقت مع انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتأليف حكومة الإصلاح والإنقاذ الجديدة برئاسة الدكتور نواف سلام، وجوب تضافر جهود جميع اللبنانيين وتضامنهم وتآخيهم، وتعزيز وحدتهم الداخلية، وبالتالي التنبّه للمؤامرات المحاكة والفتن المدبرة، وذلك بالتمسك بسيادة الدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية على كامل أراضيها ومرافقها، والإحترام الكامل للدستور ولحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، والتمسك بحكم القانون والنظام، والإحترام الكامل لقرارات الشرعيتين العربية والدولية ذات الصلة.

وشدد المجتمعون على رفض محاولات العدو الإسرائيلي فرض التطبيع مع لبنان، وكذلك فرض أمر واقع عبر استمرار احتلال بعض المناطق. كما طالبوا الدول التي رعت تفاهم وقف إطلاق النار الى الضغط على العدو الإسرائيلي للإنسحاب من كل المناطق التي لا يزال يحتلها ووقف خروقاته المستمرة للسيادة اللبنانية.

سادساً: إن شمال لبنان ومدينة طرابلس، وهي العاصمة الثانية للبنان لا يزالان يعانيان الكثير من المشكلات المتراكمة التي تحتاج إلى معالجة مستمرة، ولا سيما على الصعيد الأمني لضبط الفلتان الحاصل واتخاذ كل الإجراءات الأمنية الوقائية، وهما ينتظران من الحكومة الجديدة الإهتمام بهما. ومن ذلك، العمل على إقرار قانون اللامركزية الإدارية وإحياء وتنفيذ المشاريع المقرّة والأخرى الضرورية لتعزيز الأوضاع الإقتصادية، وملء الفراغ في المؤسسات الرسمية ومعالجة الشغور القضائي، بما يسهم في معالجة الأوضاع الأمنية وانتعاش الحركة الإقتصادية التي تحتاجها مدينة طرابلس ومنطقة شمال لبنان.

عاشت مدينة طرابلس، عاشت منطقة الشمال، عاش لبنان..

الرئيس ميقاتي: ما يجمع لبنان وسوريا من روابط وعلاقات وطيدة هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون بين البلدين

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أن ما يجمع لبنان وسوريا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندّية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون القائم أو المطلوب بين البلدين على الصعد كافة".

وشدد على "أنه بات ملحاً اليوم، لمصلحة البلدين معاً، معالجة ملف النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً وأن هذا الملف يضغط منذ سنوات بشكل كبير على لبنان برمته".

وأشار الى "ضرورة تعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة على الحدود لحماية أمن البلدين وسيادتهما ومنع أي أعمال تسيء إليهما وإلى أمنهما واستقرارهما".

وشدد على "أن هناك أموراً على الحدود يجب ضبطها بشكل كامل وخاصة في النقاط الحدودية غير الشرعية لوقف أي عمليات تهريب بين لبنان وسوريا، وسنتعاون في هذا الصدد من دون أن يعني ذلك أننا لن نتابع موضوع الترسيم الحدودي، وستكون هناك لجنة مشتركة لبنانية- سورية للقيام بعملية ترسيم الحدود".

بدوره قال قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع" نرجو من الشعب اللبناني أن يصرف عن نفسه ذهنية العلاقة السورية السابقة في لبنان وما تبعها من علاقات سلبية أدت الى ضرر على مستوى الشعبين اللبناني والسوري، ونعطي فرصة لأنفسنا وللشعبين اللبناني والسوري أيضاً، لأن نبني علاقة إيجابية مبنية على احترام الدولتين وعلى سيادة لبنان وسوريا".

وشدد على "أن سوريا ستقف على مسافة واحدة من الجميع في لبنان ونحن نحاول أن نعالج كل المشكلات والتفاصيل من خلال التشاور والحوار".

وأكد "أن الأولوية في الوقت الحاضر في سوريا هي للوضع الداخلي وحالة الأمن وحصر السلاح بيد الدولة ومن ثم طمأنة الدول المجاورة".

وكان رئيس الحكومة زار سوريا اليوم على رأس وفد حيث أجرى محادثات مع قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في قصر الشعب في دمشق.
وعقد الرئيس ميقاتي والسيد الشرع خلوة تلت محادثات موسّعة شارك فيها عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير.

كما شارك  عن الجانب السوري وزير الخارجية أسعد شيباني ورئيس الإستخبارات أنس خطاب ومدير مكتب الشرع علي كده.

وقد استكملت المباحثات الى مأدبة غداء أقامها الشرع تكريماً للرئيس ميقاتي والوفد المرافق.

مؤتمر صحافي

وعقد الرئيس ميقاتي والسيد الشرع مؤتمراً صحافياً مشتركاً في ختام المحادثات، فقال السيد الشرع: "بداية نرحب بدولة الرئيس نجيب ميقاتي في دمشق، ونبارك كذلك لفخامة الرئيس جوزيف عون على تسلمه الرئاسة حديثاً، ونسأل الله له التوفيق في الأيام المقبلة. تحدثنا مع دولة الرئيس عن مسائل متعددة تحكم العلاقة بين سوريا ولبنان وتؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ العلاقة بين سوريا ولبنان. ونرجو من الشعب اللبناني أن يصرف عن نفسه ذهنية العلاقة السورية السابقة في لبنان وما تبعها من علاقات سلبية أدت الى ضرر على مستوى الشعبين اللبناني والسوري، ونعطي فرصة لأنفسنا وللشعبين اللبناني والسوري أيضاً، لأن نبني علاقة إيجابية مبنية على احترام الدولتين وعلى سيادة لبنان وسوريا إن شاء الله ستقف على مسافة واحدة من الجميع هناك ونحاول أن نعالج كل المشكلات والتفاصيل من خلال التشاور والحوار.

تحدثنا ودولة الرئيس عن النمو الإقتصادي المرتقب الذي ينبغي أن يكون في دمشق وأثر ذلك على لبنان في الأيام المقبلة. كما تحدثنا عن بعض المشاكل العالقة على الحدود اللبنانية مثل مسائل التهريب والودائع السورية في البنوك اللبنانية أيضاً واتفقنا على أن تكون هناك لجان مختصة لكي تقوم بدراسة هذا الوضع بشكل مفصل. كما نجدد الترحيب بدولة الرئيس والوفد  المرافق".

الرئيس ميقاتي

وقال الرئيس ميقاتي: "سعدت جداً اليوم أنا والوفد المرافق بزيارة دمشق، هذه المدينة العريقة حيث عقدنا اجتماعاً مع قائد الإدارة السورية الجديدة السيد أحمد الشرع، وبحثنا مطولاً العلاقات بين بلدينا والتحديات الراهنة التي تواجه المنطقة.

بداية عبّرنا للسيد الشرع عن تمنياتنا لسوريا وشعبها بالسلام والإستقرار بعد سنوات شهدت حروباً طويلة  وتمنينا أن تحمل المرحلة المقبلة كل ما يتطلع إليه الشعب السوري الشقيق.

وأكدنا أن ما يجمع بلدينا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندّية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون القائم أو المطلوب بين البلدين على الصعد كافة.

إن سوريا هي البوابة الطبيعية للبنان الى العالم العربي، وطالما هي بخير فإن لبنان بخير. ومن واجبنا أن نفعّل هذه العلاقات على قاعدة الإحترام المتبادل والندّية والسيادة الوطنية لكلا البلدين، والعمل على منع أي عمل يسيء إلى هذه العلاقة أو يهدد أمن البلدين وسيادتهما المطلقة على أراضيهما.

أن لبنان يحتضن منذ سنوات أعداداً كبيرة من الإخوة السوريين الذين لجأوا إليه في زمن الحرب والإقتتال، وبات ملحاً اليوم، لمصلحة البلدين معاً، معالجة هذا الملف سريعاً، وعودة النازحين الى سوريا، التي بدأت والحمد لله تستعيد عافيتها، بما يحفظ كرامتهم في وطنهم، خصوصاً وأن هذا الملف يضغط منذ سنوات بشكل كبير على لبنان برمته. وقد لمست لدى السيد الشرع كل تفهّم لهذا الواقع واستعداد لمعالجة هذا الملف بشكل حاسم، وترحيبه بعودة كل مواطن سوري إلى وطنه.

كذلك تطرقنا الى الوضع على الحدود البرية بين البلدين وضرورة تعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة أيضاً لحماية أمن البلدين وسيادتهما ومنع أي أعمال تسيء إليهما وألى أمنهما واستقرارها.

إننا نعتبر هذه الزيارة فاتحة خير، وأقول بصراحة بما لمسته من السيد الشرع وما يملكه من رؤية لإدارة سوريا أولاً، وكيف يمكن أن تكون العلاقة وديّة وندية بين لبنان وسوريا، فأنا أخرج من هذا الإجتماع مرتاحاً بإذن الله لوضع سوريا ولوضع العلاقات اللبنانية- السورية".

أسئلة وأجوبة

ورداً على سؤال عن موضوع الحدود بين لبنان وسوريا قال السيد الشرع: تحدث دولة الرئيس عن الموضوع خلال الإجتماع، ونحن لم يمر علينا سوى شهر وبضعة أيام. هناك الكثير من الأمور العالقة في سوريا والملفات المحيطة بها والتي تحتاج الى وقت كاف للبدء بمعالجتها. الأولوية في الوقت الحاضر في سوريا هي للوضع الداخلي وحالة الأمن وحصر السلاح بيد الدولة ومن ثم طمأنة الدول المجاورة. لا زلنا في اللقاء الأول ونأمل أن نلتقي دائماً بإذنه تعالى. هناك الكثير من المواضيع التي يجب أن تبحث في الأيام المقبلة وعلى  رأس أولوياتها موضوع الحدود.

وقال الرئيس ميقاتي: "كما تفضل وقال السيد الشرع، على سلم الأولويات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا، ولكنه أيضاً استطرد وقال أن هذا يمكن أن يأخذ بعض الوقت ولا يجب أن نربط الأمور ببعضها البعض هناك أمور على الحدود يجب ضبطها بشكل كامل، وخاصة في النقاط الحدودية غير الشرعية لوقف أي عمليات تهريب بين لبنان وسوريا، وسنتعاون في هذا الصدد من دون أن يعني ذلك أننا لن نتابع موضوع ترسيم الحدود، ستكون هناك لجنة مشتركة لبنانية- سورية للقيام بعملية ترسيم الحدود".

ورداً على سؤال قال الشرع: "نحن نبني العلاقات بين لبنان وسوريا على أساس الأخوّة التي بيننا. ليس هناك فرق كبير بين الشعبين اللبناني والسوري ونحن نسعى إلى أن تزداد الأواصر الإجتماعية بيننا، لا الى أن تنقص، وأي عوائق حدودية تكون بيننا يجب أن تلغى في المستقبل، ولكن هذا شأن تفصيلي عند المسؤولين عن الجمارك. لو عاد الأمر لي لفتحت الحدود بشكل كامل ولما بقي شيء بيننا وبين لبنان يفرّقنا على الإطلاق.

سئل الشرع عن العلاقة مع رئيس الجمهورية جوزاف عون قال: "في موضوع الرئيس جوزاف عون فقد ذكرنا في السابق أننا ندعمه رغم أننا لا نعرفه وليس بيننا علاقات. ولكننا رأينا أن هناك شبه توافق عليه في لبنان، ونحن ندعم خيارات التوافق اللبناني على أي صعيد كان. قلنا رأينا في ذلك الوقت ولم نكن نتحدث لا مع الرئيس جوزاف عون ولا كان هناك تواصل بيننا وبين دولة الرئيس ميقاتي.

أعتقد أنه ستكون هناك علاقات استراتيجية طويلة الأمد، وبيننا وبين لبنان مصالح مشتركة كبيرة جداً. إننا نتطلع الى وجود حالة مستقرة في لبنان بوجود فخامة الرئيس جوزاف عون أو دولة الرئيس في حال أعيد تكليفه مجدداً ونأمل ذلك إن شاء الله. وستكون هناك علاقة استراتيجية طويلة الأمد بيننا وبين لبنان تبنى على قواعد صحيحة وسليمة، إن شاء الله".

وعن ملف مزارع شبعا قال: من المبكر الحديث عن كل التفاصيل. هناك مشاكل كثيرة في الواقع السوري ولا نستطيع حلها دفعة واحدة، بل نحتاج الى تجزئتها والبحث عن حلول هادئة لكل مشكلة. لا نستطيع خلال شهر أن نعالج مشاكل عالقة من عشرات السنين.

وعقّب الرئيس ميقاتي بالقول: "هذا الملف جزء من موضوع ترسيم الحدود".

وعن المفقودين اللبنانيين في سوريا والصحافي الأميركي أوستن تايس في ضوء طلب والدته من رئيس الحكومة فتح هذا الملف قال الرئيس ميقاتي: "بحثنا في هذا الموضوع والجانب السوري يقوم بدوره كاملاً في إنشاء هيئة خاصة للأمور الجنائية والبحث عن كل المفقودين مع اللوائح، ونحن سنزود الإدارة السورية الجديدة باللوائح الكاملة بأسماء المفقودين، وربما تكون هناك حاجة للقيام بفحوصات جنائية وفحوصات الحمض النووي. أما بشأن السؤال عن الصحافي الأميركي المفقود فهم بكل اهتمام يتابعون هذا الموضوع للعثور عليه بإذن الله حياً".

وفي ختام المؤتمر الصحافي ودّع السيد الشرع رئيس الحكومة عند مدخل قصر الشعب، كما كان استقبله في بداية الزيارة.

وعصراً عاد رئيس الحكومة الى بيروت.

إطبع


كلمة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في جلسة مناقشة موازنة 2024
الجمعة، ٢٦ كانون الثاني، ٢٠٢٤

دولة الرئيس

على مدى يومين استمعت الى مناقشات السادة النواب وآرائهم واقتراحاتهم، والقسم الأكبر منها بنّاء ويساهم في تصحيح ما يجب تصحيحه، على قاعدة التعاون المثمر بين الحكومة والمجلس النيابي، لما فيه خير المواطن ومصلحة الدولة وحسن سير عمل المؤسسات. وحبذا لو تستمر المناقشات بهذا النهج البنّاء، لأن الوطن يخصّنا جميعاً، والحكومة والمجلس النيابي هما ضمانة الدولة، وجميعنا في منزل واحد وتحت سقف واحد، إذا تصدّع، لا سمح الله، فسينهار علينا جميعاً.

ولكن هناك من يَعتقد أنَّ بقاءَه في المشهد السياسي مرهونٌ بِتَشْغيلِ آلةِ الشَّتْم وقِلَّةِ اللياقةِ وإثارة النعرات، ظنًا منه أنه يستدرجنا للردِّ عليه باللغة نفسها. وقد فاتهُ أنه لا يستحق لا مديحاً ولا هجاءً.

دولة الرئيس

اليوم نحن في جلسة مناقشة الموازنة وهي من أهم أولويات الحكومات لأنها تؤمن بالدرجة الأولى الانتظام المالي للدولة، وإقرارها هو أيضاً من أهم مهام المجلس النيابي لتأمين استمرارية المرفق العام وانتظام حسابات الدولة، ولكي يكتمل المسار الديمقراطي السليم.

فهذا العمل البرلماني أصبح مؤخراً محطة للمبارزات الإعلامية، خصوصاً إذا ما نظرنا بموضوعية الى جوهر التعديلات التي يصار الى اعتمادها خلال المناقشات. فالإختلاف في المنطلقات ووجهات النظر ضمن الإطار المنطقي للمواضيع المطروحة، هو من طبيعة العمل وموجباته، لكن البعض يصنّفه في خانة الأعمال الكارثية، لكي يبني مجداً زائفاً عليها.

ما لفتني خلال المناقشات محاولة البعض تحويل الأنظار عن مسؤوليته المباشرة، ومسؤولية السادة النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد، بتوجيه الإتهامات الى الحكومة وإليّ شخصياً بمصادرة صلاحيات فخامة الرئيس والانقلاب على الدستور، وهذا أمر لا يمكن السكوت عنه والمرور عليه مرور الكرام، خاصة وأنني أشدّد في كل جلسة لمجلس الوزراء على ضرورة إنتخاب رئيس جديد.

السلوك الذي أعتمده في هذه المرحلة بالذات يتوافق مع ما قرره أعلى مرجع دستوري في البلاد، وهو المجلس الدستوري، الذي أصدر قراراً تحت الرقم 6/2023، وحسم بموجبه مسألة دستورية جلسات الحكومة، كما ودستورية الآلية المعتمدة لعقدها، وكيفية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء.

دولة الرئيس

إن أي حجة لتعطيل مجلس الوزراء واهية. يقولون إنكم رفضتم مشاريع قوانين من الحكومة التي سمّيت في حينها بتراء، والأسباب كانت في غياب مكوّن لبناني بأكمله عن مجلس الوزراء. اليوم الحكومة ميثاقية وكاملة، وعندما حاججتهم بذلك قالوا: ليس كل من يصّلب على وجهه مسيحي. وهذا القول معيب ويشكل إهانة للوزراء المشاركين في الحكومة ولحضورهم وللعمل الكبير الذي يقومون به، فيما سواهم يطرح الحجج للتعطيل، ليس إلا.

إن مسؤوليّة رئيس مجلس الوزراء تَعني تَحمّل التَبعة، والتبعة مُرتبطة بالـسّلطة، فمن غير المنطق وغير المقبول القول بمسؤولية رئيس الحكومة وغض النظر عن الصلاحيات والسلطة التي منحه اياها الدستور، فالسلطة والمسؤولية مُتلازمتان ويُكمّلان بعضهما البعض.

وفي مقابل المسؤولية التي أتحملها، وبحسب المادة /64/ من الدستور، فإنني رئيس حكومة كل لبنان ومسؤول عن تنفيذ سياسة الحكومة العامة، له حق القيادة والسلطة على مجلس الوزراء والوزراء والإدارات والمؤسسات العامة، ومُراقبة تنفيذ هذه السياسة والإشراف عليها. ولهذا السبب تلقيت السهام الموجهة من بعضهم الى الحكومة بمجموع أعضائها، أي عن كل الوزراء.

ورغم أن اجتماعنا ينحصر بمناقشة مشروع الموازنة ونحن لسنا أمام مناقشة عامة، ولكن ردّاً على ما أثار حفيظة البعض، تطفلاً ومن غير وجه حق، ومن المنطلق المذكور عينه، بادرت، وسأبقى مبادراً، لتوجيه الكُتب اللازمة إلى الوزراء عند الاقتضاء، لحملهم على القيام بواجباتهم، لأن أي تقصير يتحمل تبعاته رئيس مجلس الوزراء.

عوضاً من لعن الظلام، المطلوب إضاءة شمعة، وهذا ما نحاول أن نفعله، ولا نزال عند رأينا أن انتخاب الرئيس أمر ضروري وعاجل لاستقامة عمل المؤسسات الدستورية وانتظامه بالكامل.

وعليه سأستمر بالقيام بكلّ ما هو متاح بحكم الدستور ويمليه عليّ ضميري الوطني والمصلحة العامة وتأمين استمرارية سير المرافق العامة، مع التذكير بأن أي تقصير قد يُرتكب من أي وزير في حكومتي سيَنسحب حُكماً على الحكومة ورئيسها، ويُشكّل إخلالاً بالواجبات المُترتبة عليها.

كما أن هذا الأمر يعرّض الحكومة كلّ الحكومة، رئيساً وأعضاء، للمُساءلة. والمفارقة أنه عند كل أزمة توجّه إلينا الإتهامات بالتقصير والمطالبات بمعالجة المشكلات، وعندما نقوم بواجبنا نتهم بالإعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية.

دولة الرئيس

في سياق المناقشات أيضاً سمعنا إتهامات للحكومة بتسليم قرار البلد الى أطراف سياسية، وهذا الإتهام غير صحيح على الإطلاق. موقفنا الثابت والمكرر يركز على الإلتزام بكلّ القرارات الدولية والإتفاقات، منذ اتفاق الهدنة الموقع عام 1949 وصولاً الى القرار 1701 وكل القرارات الدولية ذات الصلة. كما أننا نكرر مطالبتنا بوقف إطلاق النار في غزة، لكونه المدخل الإلزامي لكل الحلول. وهذا الموقف ينطلق من واقعية سياسية تفرض ذاتها، ليس على المستوى اللبناني فحسب، إنّما في البعدين الإقليمي والدّولي.

منذ اليوم الأول لبدء حرب غزة، أعلنت أن قرار الحرب ليس بيدنا بل بيد إسرائيل، وسيعرف المنتقد والمؤيد من اللبنانيين فحوى هذه الرسالة، ونحن طلاب حل ديبلوماسي برعاية الأمم المتحدة.

دولة الرئيس

ضمن المراسلات الأخيرة بيني وبين وزير الخارجية الأميركية، ورداً على رسالة عاجلة أجبته بالموقف الرسمي الذي يتلخص بالعمل لتحقيق الاستقرار المستدام والطويل الأمد في المنطقة، والذي يمكن تحقيقه، كما أوردت في رسالتي الجوابية من خلال الخطوات التالية:

أولاً: فرض وقف دائم للحرب في غزة لتأمين المساعدات الإنسانية لسكان غزة المحاصرين، ما سيسمح بإعادة عقد جلسات التوسط لتبادل الأسرى والمحتجزين.

ثانياً: إعادة عقد اجتماعات ثلاثية لحل النزاعات المتبقية بين لبنان وإسرائيل من خلال تنفيذ كل معاهدات وقرارات الأمم المتحدة، بدءاً من معاهدة وقف إطلاق النار في عام 1949 وصولاً إلى تنفيذ القرار الأممي الرقم 1701.

ثالثاً: مبادرة دولية لحل دائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وإحياء مبادرة الدولتين التي ستضمن حقوقاً عادلة وشاملة للفلسطينيين وأمناً مستداماً للإسرائيليين.

وعليه نحن ملتزمون بأن نبعد الحرب عن لبنان. ويبقى النهج الديبلوماسي والتفاوضي هو المدخل الحقيقي والضامن لتحقيق الإستقرار الدائم بدءاً من وقف العدوان على غزّة والشروع في حلّ عادل ومنصف للقضية الفلسطينية يرتكز بشكل أساسي على إقامة الدولتين. كما أننا نجدد مطالبة المجتمع الدولي بوقف الإنتهاكات والإستفزازات والإعتداءات الإسرائيلية على لبنان.

دولة الرئيس

في موضوع النازحين، فإن الحكومة لم توفّر جهداً إلا وأثارت هذا الملف في كل المحافل الدولية، وفي كل جلسة للحكومة نبحث هذا الملف سعياً لإيجاد الحلول المرجوة. فقد وصلتني المعطيات الأخيرة من منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة وتقوم المديرية العامة بترتيبها، والقيام بكل الإجراءات الضرورية للتخفيف من هذه المعاناة.

دولة الرئيس

حتماً إن هذه الموازنة ليست الموازنة المثالية في الظروف الطبيعية، لكنها موازنة تتماهى مع الظروف الإقتصادية والأمنية والإجتماعية والدولية التي يمر بها لبنان، من دون أن ننسى المناخات السلبية الإقليمية التي أثرت على مجمل الحركة في البلد وحرمت الدولة الكثير من الموارد والإيرادات.

سعينا ولا نزال للإنقاذ ومعالجة الأزمات المتلاحقة منذ العام 2019 وأبرزها توقف المصارف وكوفيد وانفجار مرفأ بيروت، كما نعمل على حفظ حقوق المودع من خلال المشاريع والإقتراحات التي يجب التعاون بين الحكومة والمجلس النيابي لوضعها على سكة الحل. وهذه المشكلات ورثناها ولسنا نحن من صنعها.

مشروع قانون موازنة 2024 الذي نناقشه، يعالج أولويات الحكومة ويؤسس لبدء التعافي من أثر الأزمات الخانقة التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة، واستكمال ما تم تحقيقه مع موازنة 2022 لناحية توحيد سعر الصرف، تعزيز الواردات وإزالة الضغوطات التمويلية عن المصرف المركزي، وذلك تمكيناً للإستقرار المالي والنقدي الذي توصّلنا إليه تدريجياً خلال العام المنصرم رغم الظروف السياسية والأمنية الداخلية والإقليمية المعاكسة. فالإستقرار في سعر الصرف مؤخراً ناتج عن زيادة واردات الدولة وسحب السيولة من الأسواق وكذلك امتناع مصرف لبنان عن ضخ السيولة في الأسواق.

نعم، دولة الرئيس، فقط للعلم إن موازنة الدولة عام 2019 بلغت أكثر من 17،2 مليار دولار، فيما في عام 2022 أدرنا البلاد بحوالي 800 مليون دولار.

استطعنا وقف الانهيار وبدأنا بالتعافي الجاد، ولدينا في الحساب 36 في مصرف لبنان أكثر من 100 ألف مليار ليرة نقداً، ولدينا أكثر من مليار دولار، منها 150 مليون فريش و850 مليون لولار.

علينا أن نبحث عن الهدر الذي كان يحصل في السنوات الماضية. مثال على ذلك إحدى المؤسسات العامة كانت ميزانيتها الشهرية مليون و500 ألف دولار أميركي، وقد أدرناها بـ 28 ألف دولار. حققوا بالأموال التي صرفت على مدى السنوات العشر الماضية.

صحيح أن هناك حاجة إلى إصلاحات بنيوية في عدة مجالات كالتهرب الضريبي ومحاربة التهريب والفساد وتحديث بعض القوانين التي مضى عليها الزمن، ولكن هذه الإصلاحات الهيكلية لا تُعطي نتيجة في المدى القريب بل في المديين المتوسط والقريب. ولكن في هذه الأثناء هناك ضرورة للإنفاق على الرواتب والأجور والقطاعات الإجتماعية كالصحة والتعليم ومُعالجة مسألة الفقر، وهذه القطاعات في حاجة إلى أكبر نسبة من الإيرادات التي وردت في مشروع قانون النفقات الإستثمارية.

نحن الآن نعمل على إصلاحات عدة ومنها إعادة النظر بقانون الإصلاح الضريبي وإصلاح الجمارك وإعادة النظر في قانون المحاسبة العمومية، وكذلك إصلاح الإدارة العامة ومكننتها.

دولة الرئيس

في الإدارة بداية أشير الى أنه في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، سنطرح كما تعهدنا موضوع إعطاء الحوافز المالية للقطاع العام.

أثار بعض النواب موضوع الإدارة عبر المطالبة بإرسال مسح شامل عن الإدارة الى المجلس النيابي، وقد لبينا الطلب وأرسلنا دراسة من حوالي 200 صفحة عن واقع الإدارة كاملاً، ولم نسمع بعد أي ملاحظة. وللعلم فإن الإدارة تتناقص، إما بفعل التقاعد أو الإستقالة. أما في ما يتعلق بالتكليف أو الوكالة في الفئة الأولى عند الشغور، فأقول نعم لدينا 32 وظيفة شاغرة تم تكليف 14 مديراً بالتكليف لسد ثغرة الشغور. ضمن الـ 14 يوجد من بينهم 8 من الطوائف ذاتها و6 من طوائف غير شاغليها الأصيلين.

بالنسبة لملف الأملاك العامة البحرية: إن الإيرادات المقدرة سابقاً كانت تناهز 56 مليار ل.ل. فقط، ولكن جراء قيام الحكومة بإصدار المرسوم 11258/2023 القاضي بتعديل إشغال الأملاك العامة البحرية والرسوم المتوجبة على شاغلي هذه الأملاك (أصولاً أو تعدياً)، فإن الإيرادات المقدرة ضمن مشروع موازنة العام 2024 أصبحت بحدود 2550 مليار ل.ل. أي بزيادة 50 ضعفاً عما كانت عليه سابقاً.

كما أن الحكومة ومن خلال وزارة الأشغال العامة والنقل قامت بإبرام مذكرة تفاهم مع مديرية الشؤون الجغرافية في قيادة الجيش لإجراء مسح شامل جديد لكامل إشغالات الأملاك البحرية ومكننة هذه المعلومات. ومن خلال قراءة أولية لنتائج المسح المذكور تبيّن وجود فروقات كبيرة جداً بين المساحات المصرّح بإشغالها وتلك المشغولة فعلياً من قبل المتعدّين على هذه الأملاك مما سيرفع حكماً الإيرادات لأضعاف ما هو متوجب حالياً.

أما بالنسبة لتوحيد سعر الصرف فإن الإتجاه هو لتجنب التقلبات الكبيرة التي برزت خلال الفترات السابقة، ولكن ليست هناك نية لتثبيت سعر الصرف الذي دفعنا أثماناً باهظة نتيجة ربطه بشكل جامد بالدولار الأميركي. ولتنفيذ هذا الهدف يدرس مصرف لبنان كل الوسائل لتحقيق هذا الهدف ولتجنب كل سلبيات يمكن أن تنتج عن ذلك.

شهد الإقتصاد بعض النمو بعد نمو سلبي لعدة سنوات، ولكن التعافي الكامل يحتاج الى كل الإصلاحات التي وردت في برنامج الحكومة الإصلاحي، ولكن أي عملية إصلاح تندرج على مدة زمنية ممتدة الى مدى متوسّط الأجل، أمّا الموازنة فتبقى آفاقها عام واحد. فالإصلاحات المرجوة للنهوض بالإقتصاد تمرّ عبر تشريع قوانين مستقلّة عن الموازنة، كانت الحكومة قد أحالت بعضها الى المجلس الكريم بانتظار إقرارها، والبعض الآخر سيرسل الى المجلس النيابي الكريم في الأسابيع المقبلة.

اليوم نناقش الموازنة التي أرسلناها في المهل الزمنية المطلوبة. أما بالنسبة الى مشاريع القوانين المرسلة، وخطة التعافي فليتها كانت مرتبطة بمهل لكي تكون حافزاً للإسراع في درسها في مجلس النواب. ونحن على استعداد لدرسها معاً ونقبل بأي اقتراح لتمويلها.

فلماذا تحميل الموازنة أكثر من إطارها العملي؟

لكن يبقى الإستماع الى وجهات النظر المختلفة والإقتراحات عملاً بنّاءً ويفيد المصلحة العامة إذا أتى بعيداً عن التهويل الشعبوي لمكاسب سياسية.

إن إقرار الموازنة في موعدها الدستوري يصبّ في خطة الحكومة الهادفة الى تمكين الإستقرار ما يؤثر إيجابياً على الأوضاع المعيشية في البلاد ويدعم حركة النهوض والنمو الإقتصادي لمحاربة التضخم ومعالجة مسألة الدين العام وتجنب التدهور في سعر الصرف.

ولا بد من الإشارة أن النجاح في تأمين استقرار سعر الصرف ابتداءً من أيار 2023، أتى نتيجة للتحسن الجذري في إيرادات الخزينة من جراء تصحيح الرسوم والضرائب الجمركية وغيرها، وعلى أثر إدارة مالية متحفّظة، وهذا الأمر سمح بلجم التقلّبات الحادّة وباعتماد قواعد واقعية وعلمية في إعداد موازنات 2023 و2024.

لا بد، من اللجوء الى اعتماد قاعدة استثنائية في تأمين تمويل الدولة من خلال سلف خزينة، من أجل استمرار المرفق العام وتأمين الخدمات العامة الأساسية للمواطنين في غياب الإعتمادات اللازمة والضرورية وفي ظلّ ظروف استثنائية (منها التقلبات الحادّة في سعر الصرف)، ونحن لا نخفي هذا الموضوع أو نتنكر له بل طالبنا بما من شأنه أن يؤمن انتظام وضعية تلك السلف من الناحيتين المالية والقانونية، عبر مشروع قانون أقرته الحكومة وأرسل الى مجلسكم الموقّر.

كانت الواردات في حدود 230 ألف مليار ليرة عام 2023 وصرفنا منها بما فيه السلف المقرّة في مجلس الوزراء 204 آلاف مليار، وقد اضطررنا للقيام بذلك من أجل المصلحة العامة وتسيير الدولة والوفاء بالتزاماتها، مع الحرص على عدم إحداث حاجات تمويلية تفوق الإمكانات المتاحة، مما ساهم في تحفيز الإستقرار في سعر الصرف وإعادة تعزيز الإحتياطي بالعملات الأجنبية.

من أبرز أهداف مشروع موازنة 2024 تمكين القدرة التمويلية للخزينة، التي تبقى اليوم ركيزة الإستقرار المالي والنقدي، كما والعنصر الأهم لاستدامة الإدارات والمؤسسات العامة وتوفير الخدمات للمواطنين وإعادة بناء اقتصاد فعّال، ومن شأنها أيضاً المساهمة في تعزيز العدالة الإجتماعية ومساندة الفئات المهمّشة من خلال إعادة توزيع المداخيل وتعزيز الإنفاق الإجتماعي.

هنا نشير الى انتقاد بعض السادة النواب بشأن "التلاعب في أرقام الموازنة وموازنة عجزها 0%": نحن على يقين أن الإعتمادات لا تلحظ خدمة الدين المترتبّة فعلياً والمتأخرات في هذا المجال، كما وأنها لا تلحظ اعتمادات وفيرة للصيانة والإنفاق الإستثماري، وبعض المصاريف الملحّة الذي أتى من خارج الموازنة، لكن كما كان الحال في 2023، السلطات المالية قيّمة على عدم استحداث عجز في التمويل يهدد الإستقرار. وإن التغيير الذي حصل نتيجة رسالة وزير المال للجنة المال كان انعكاساً لتحسّن الإيرادات بعد تحويل الى مجلسكم الكبير.

إن التهجم الكبير في ما خص الضرائب والرسوم فيه الكثير من الشعبوية والتجنّي. فليس هناك من زيادة ضرائب، تذكر، وإن تعديل الرسوم لا يشكل العبء الذي تحدث عنه بعض السادة النواب.

تحدّث البعض عن وحدة المعايير بالنسبة للرسوم ولكن ليس بالضرورة، وذلك لأنه يجب تعديل بعض الرسوم التي لم تكن بالمستوى المطلوب.

إن رفع الرسوم على الكحول والتدخين والمواد السكرية له هدف اجتماعي وصحي وتنتج عن هذه المواد أمراض أصبحت معروفة ولها تكاليف صحية باهظة.

إن السلطات المالية لا تسعى الى فرض عبء ضريبي إضافي على كاهل المواطن، كما حاول البعض تصويره وتضخيمه عبر الإيحاء بأن الحكومة تريد السطو على مداخيل المواطنين والشركات، وطمس واقعة أن السياسات الضريبية المقترحة التي تصب معظمها في سياق تصحيح القيم، لا تدخل السلة الإستهلاكية لذوي الدخل المحدود، فيبقى وقعها محدوداً على هذه الشرائح.

تبقى اليوم مسألة غياب قطع الحساب والبيانات المالية وهي من أهم محاور إقرار موازنة، لدعم الشفافية والمساءلة، وهذا ما يجب العمل عليه، وهذه تتطلّب استعادة القدرات البشرية والأنظمة الإلكترونية في وزارة المال، كما الحال في سائر الإدارات العامة والمؤسسات العامة، كما أن استمرارية العمل الإداري والمؤسساتي من أبرز الأولويات للتعافي، والسير بالإصلاحات والنهوض. مع التعهد بأن قطع الحساب سيكون جاهزاً قبل درس موازنة العام 2025، علماً أن الحكومة أرسلت بتاريخ 22-5-2022 المرسوم 9330 الرامي الى قطع الحسابات للإدارة العامة والموازنات الملحقة حتى العام 2019.

ختاماً، نحن في سعي مستمر للتعاون البنّاء والإيجابي بعيداً عن الشعبوية والتجييش الذي لا يفيد وبالتأكيد ليس أوانه اليوم. ومن يهوى السلبية بالمطلق ليقف متفرجاً ويتركنا نعمل، فالبلد يحتاج الى جهد، ونحن كحكومة تصريف أعمال نقوم بكل ما أوتينا من قوة، لتسيير شؤون المواطنين وتأمين سير المرافق العامة، ونسيّر أمور كل الوزارات، حتى التي يقاطع وزراؤها جلسات الحكومة، لأن هدفنا خدمة المواطن ومصالحه. انتخبوا رئيساً وحلّوا عنا.

المزيد من الفيديو
كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في حفل افتتاح قسم غسيل الكلى في مستشفى المنية الحكومي