الرئيس ميقاتي: نسعى لإعتماد نهج مالي جديد وحريصون على تهيئة البيئة الإستثمارية
الخميس، ٢٥ نيسان، ٢٠٢٤
أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّ القطاع المالي والمصرفي يُعدّ أحد أهم دعائم الإقتصاد اللبناني، مشدداً على السعي المستمر لاعتماد نهج مالي جديد وتجديد السياسية النقدية والبدء بتنفيذ استراتيجية التعافي والتوصُّل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لوضع الاقتصاد اللبناني على مسار الإنقاذ والنهوض والتعافي بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي ومؤسساته، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والجهات المانحة، والأشقاء، والأصدقاء.
كلامُ الرئيس ميقاتي جاء خلال مؤتمر "الأمن الاقتصادي العربي في ظل المتغيرات الجيوسياسية"، وأبدى ميقاتي حرص لبنان على تهيئة البيئة الاستثمارية الحاضنة للفُرص الواعدة، بما يشمل تنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية، التي تُعدّ الشريك التجاري الأساسي لنا، مع إمكان التوجّه مستقبلاً نحو أسواق جديدة، في قطاعات تنافسية مُحدّدة.
وأكد ميقاتي أن التحدّيات تزداد وتتفاقم حدّتها مع استمرار احتلال إسرائيل لمساحاتٍ من أرضنا في الجنوب اللبناني، ومواصلة عدوانها واعتداءاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وخرقها لموجبات قرار مجلس الأمن 1701، وأضاف: "يبقى هدفُنا العمل على تَجنُّب الانزلاق نحو حربٍ إقليمية شاملة، بموازاة ترسيخ السلم والسلام والأمن في المنطقة،وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل التراب، حتى الحدود المعترَف بها دولياً".
وتابع: "لا يفوتني هنا أن أذكُر، ومن باب التحدّيات أيضاً، موجات النزوح المتتالية التي طالتنا في لبنان عبر العقود الماضية، وتطالُ تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية كافة مظاهر الحياة في البلد".
وفي ما يلي كلمة رئيس الحكومة كاملة:
يسعدني بداية أن أعرب عن سروري للقاء بكم مجدداً، ضيوفاً أعزاء، تعودون الى بيروت التي ترحب بكم وتحتضنكم بروح المحبّة والأخوة. وأُثمّنُ عالياً حضوركم اليوم، من الدول العربية الشقيقة، ومشاركتكم الكريمة في هذا الملتقى القيّم، إلى جانب مجموعة من سيّدات ورجال المال والأعمال اللبنانيين.
ولا بد أيضاً من توجيه الشكر والتقدير الى اتحاد المصارف العربية الذي دعا، بالتعاون مع الإتحاد الدولي للمصرفيين، الى عقد هذا الملتقى، تعبيراً عن ثقته المستمرة بلبنان وبما يختزنه هذا الوطن من طاقات تميزه بين سائر الدول وتجعله قبلة الأنظار.
فمهما عصفت بوطننا المحن والمصاعب، يبقى يختزن الكثير من الطاقات والقدرات والقيم والموارد البشرية والميزات الجغرافية، ما يمكنه من استعادة عافيته ومكانته وفق قدرة مجتمعه، وبتعاون أشقائه وأصدقائه في العالم العربي والعالم بأسره.
مرّ لبنان بمحطّات مُشرقة من الإستقرار والنمو والإزدهار وبناء السلام. لكن البلد يُكابِد اليوم في مواجهة أزمات عديدة ومتداخلة، ومناخ إقليمي حافل بالتوترات والتحدّيات والتهديدات والحروب العدوانية. هذه التحديات تُرخي بثقلها على الشعب اللبناني الذي يُعاني من أزمة اقتصادية ومالية وإنسانية غير مسبوقة، ومن فقدان المقوّمات الأساسية المعنوية والمادية التي تُمكّنه من الصمود، ثم النهوض والتعافي.
تكمُن أُولى التحدّيات الوطنية في شغور رئاسة الجمهورية وتَعَذُّر انتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، وما يستتبع ذلك من عدم استقرار مؤسسي وسياسي، ومِن تفاقُمٍ للأزمة الإقتصادية والمالية، وتَعَثُّر في انطلاق خِطط الإصلاح والتعافي الإقتصادي والمالي الذي يُعوِّل عليه اللبنانيون لإنقاذ البلد من الأوضاع الصعبة، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات والأجهزة، وتعزيز دور القطاع الخاص والشركات الناشئة، وصولاً إلى استعادة الثقة، وإعادة جذب الإستثمارات الخارجية، وعودة السياحة إلى ربوعنا.
أنتم تعلمون أن الإستثمارات المجدية لا تكون إلا من رحم الأزمات التي نعيشها. لهذا أدعوكم جميعاً الى أن تكون لكم ثقة بهذا البلد.
وتزداد التحدّيات وتتفاقم حدّتها مع استمرار احتلال إسرائيل لمساحاتٍ من أرضنا في الجنوب اللبناني، ومواصلة عدوانها واعتداءاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وخرقها لموجبات قرار مجلس الأمن 1701. يبقى هدفُنا العمل على تَجنُّب الإنزلاق نحو حربٍ إقليمية شاملة، بموازاة ترسيخ السلم والسلام والأمن في المنطقة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل التراب، حتى الحدود المعترَف بها دولياً.
ولا يفوتني هنا أن أذكُر، ومن باب التحدّيات أيضاً، موجات النزوح المتتالية التي طالتنا في لبنان عبر العقود الماضية، وتطالُ تداعياتها الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية كافة مظاهر الحياة في البلد.
أما التحدّي الإقليمي الأبرز فيتمثّلُ بـ القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق الذي يرزح تحت الإحتلال، ويُصارع لنيل حقوقه.
وفيما تزداد الحاجة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، نُعيد مجدّداً تأكيد تمسّكنا بالسلام العادل والشامل المستنِد إلى حلّ الدولتيْن والمرجعيات الدولية. وأُكرّر اليوم أمامكم التذكير بمبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت في العام 2002، والتي طرحنا فيها أُسس السلام المنشود.
في المجال الإقتصادي المالي والتنموي، وبمواجهة هذا الكم الهائل من التحدّيات، نحن حريصون على تهيئة البيئة الإستثمارية الحاضنة للفُرص الواعدة، بما يشمل تنشيط الدورة الإقتصادية وتعزيز العلاقات السياسية والإقتصادية مع الدول العربية، التي تُعدّ الشريك التجاري الأساسي لنا، مع إمكان التوجّه مستقبلاً نحو أسواق جديدة، في قطاعات تنافسية مُحدّدة.
في هذا السياق، أودُّ تسجيل ارتياح لبنان للإستقرار والتطوّر والنمو ومسار بناء المستقبل في دول الخليج العربي، التي يدينُ لبنان وشعبه لها بالكثير من الشكروالإمتنان، والعرفان والتقدير.
كما تَعلَمُون، إن الإقتصاد اللبناني في المنطقة والعالم خدماتي بامتياز، وعلينا العمل على تطويره وجعله خدماتياً وإنتاجياً وتَنافُسياً، في ظل السعي إلى تفادي المزيد من الحروب والصراعات، وتقليص المخاطر، وتنويع الإستثمارات، وصولاً إلى الميزان التجاري الإيجابي.
يُعدُّ القطاع المالي والمصرفي أحد أهم دعائم الإقتصاد اللبناني. وفيما نعمل على تعزيز الإستقرار، واستعادة الثقة، ومساعدة الأُسَر الفقيرة والمحتاجة على تعزيز قوّتها الشرائية، وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب، فإننا نسعى إلى اعتماد نهج مالي جديد، وتجديد السياسة النقدية، والبدء بتنفيذ إستراتيجية التعافي، والتوصُّل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لوضع الإقتصاد اللبناني على مسار الإنقاذ والنهوض والتعافي بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي ومؤسساته، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والجهات المانحة، والأشقاء، والأصدقاء.
هدفُنا الاستمرار في العمل تدريجياً على حل الأزمةالإقتصادية – المالية الحالية، وإنقاذ البلد، وفق جدول زمني مُحدَّد، يشمل إقرار الإصلاحات والقوانين والتشريعات الضرورية، وتوزيع الخسائر المالية، وإقرار وتنفيذ قانون "الكابيتال كونترول"، والمحافظة على أموال المودعين في المصارف اللبنانية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو مُنصِف وعادل. كما يشمل ذلك أيضاً الوفاء بالتزاماتنا المالية المحلية والعالمية، وإعادة جدولة الديون، وبناء الإحتياطي بالعملات الأجنبية، وتخفيض الإنفاق، وتعزيز الواردات، وجذب الإستثمارات الخارجية... والأهم رُبّما، تعزيز مسار المساءلة والمحاسبة، ومكافحة الفساد وتبييض الأموال والجرائم المالية، ومواجهة التطرُّف والإرهاب.
"أهلاً وسهلاً" بكُم مجدّداً في بيروت، وأتمنّى لكم جميعاً طيب الإقامة في لبنان والنجاح والسّداد، إن شاء الله. والله ولي التوفيق.