الرئيس ميقاتي بعد لقائه أمين سر الفاتيكان: تجمعنا مع الكرسي الرسولي أولويات تهدف الى حماية لبنان وترسيخ الأمن والتعافي الإقتصادي
الأربعاء، ٢٦ حزيران، ٢٠٢٤
أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "إن ما يجمعنا مع الكرسي الرسولي أولويات عدة منها إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والسعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقاً من الجنوب، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وذلك من أجل وضع حد لأطماع إسرائيل التوسعية وبالتالي عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي".
أما أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين فأكد "أن الكرسي الرسولي قلق من الفراغ الحالي في سدة رئاسة الجمهورية، لأنه من المهم جداً لكل بلد أن يكون هناك رئيس، فهذا الأمر ليس فقط إمكانية بل هو ضرورة وفي لبنان هو ضرورة ملحة".
وشدد على "أن الرئيس هو وحده رئيس الدولة ورمز وحدة البلد، وهو من يحفظ احترام الدستور واستقلال البلد وسلامة أراضيه".
وأمل "أن تتمكن الأطراف السياسية من أن تجد حلاً في أقرب وقت ممكن، من خلال احترام الدستور وكرامة الشعب اللبناني المتعب والقلق والذي يشعر قليلاً بالإذلال نتيجة لهذا الفراغ الدستوري، إضافة إلى ذلك فإن الأزمة الإقتصادية لا تنفك تزداد وتفاقم من الفقر والهجرة في لبنان".
وكان رئيس الحكومة استقبل أمين سر دولة الفاتيكان في السرايا بعد ظهر اليوم وعقد معه اجتماعاً ثنائياً، أعقبه اجتماع موسع شارك فيه سفير الفاتيكان في لبنان المونسنيور باولو بورجيا والمطران ماركو فورميكا، وعن الجانب اللبناني وزير العدل هنري خوري، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، الأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هاني شميطلي ومستشارو رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس، السفير بطرس عساكر وزياد ميقاتي إضافة الى الدكتور أنطوان قربان.
لقاء صحافي
في ختام المحادثات عقد رئيس الحكومة وأمين سر دولة الفاتيكان لقاءً صحافياً مشتركاً.
وقال رئيس الحكومة:صاحب النيافة،
الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة الفاتيكان،
يسعدني أن أرحّب بكم في زيارتكم الى لبنان والتي هي موضع ترحيب وتقدير من جميع اللبنانيين، وهي الزيارة الثانية لكم بعد الإنفجار المرؤّع في مرفأ بيروت في آب 2020.
وقد سعدت لما سمعته من نيافة الكاردينال عن متابعة قداسة البابا فرنسيس اليومية لشؤون لبنان ومحبته لوطننا وشعبه وتثمينه لرسالته المميّزة في الشّرق كملتقى للأديان والثّقافات والتّلاقي بين مختلف العائلات الرّوحيّة. كما أننا نشكر متابعتكم الدؤوبة والمستمرة لمختلف الهموم والشجون اللبنانية، وقد لمست هذا الأمر شخصياً في خلال اجتماعنا في حاضرة الفاتيكان في آذار من العام الفائت. كما نثمّن الكلام الذي أعلنتموه بالأمس من بكركي وتمنيتم فيه الوصول إلى حلول للبنان ولشعبه الذي يعاني، وأن يظل لبنان نموذجاً للعيش الواحد.
صاحب النيافة
ثمة أولويات تجمعنا مع الكرسي الرسولي وتهدف الى حماية لبنان وشعبه وترسيخ الأمن والتعافي الإقتصادي. ومن هذه الأولويات:
- إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، لأن استمرار الفراغ يتسبب بتداعيات على المستويات كافة.
- إعادة بناء الدولة ومؤسساتها والإحتكام الى الدستور من أجل المصلحة اللبنانية المشتركة، وتعزيز العيش المشترك.
- العمل على تثبيت الإستقرار الداخلي وإيجاد حل للأزمات الإقتصادية والإجتماعية المتفاقمة منذ سنوات.
- السعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقاً من الجنوب، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وذلك من أجل وضع حد لأطماع إسرائيل التوسعية وبالتالي عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي.
- الحرص على أفضل العلاقات مع الدول الصديقة والداعمة للبنان في هذه الظروف الصعبة، وفي مقدمها حاضرة الفاتيكان التي قدّمت ولا تزال تقدّم الدعم والمساعدة والإهتمام بشخص قداسة الحبر الأعظم وكبار المسؤولين.
صاحب النيافة
يسعدنا في هذه المناسبة أن نجدد، من خلالكم، دعوتنا لقداسة البابا لزيارة لبنان، لأن جميع اللبنانيين ينتظرون هذه الزيارة وينظرون إليها، بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بوصفها أملاً جديداً لهم ومن أوائل عوامل الإنفراج. ويشجعنا ما تفضلتم به خلال لقائنا عن أهمية المحافظة على الوفاق الوطني بين اللبنانيين وضرورة توفير كل مقومات النجاح له، لأن به خلاص اللبنانيين وقدرتهم على المحافظة على وطنهم واحداً موحداً.
صاحب النيافة
مجدداً أرحّب بكم في لبنان وأثمّن زيارتكم المباركة وما تحمله من بشائر خير للبنان واللبنانيين.
الكاردينال بارولين
ثم تحدث الكاردينال بارولين فقال: أشكر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على هذا الترحيب الأخوي. إن هذه الزيارة الى بلدكم التي كانت تهدف أولاً الى الإطلاع على الأعمال الرعوية لمنظمة فرسان مالطا، باتت أيضاً، كما آمل، أن تكون علامة تشجيع للشعب اللبناني في هذا الظرف الدقيق.
أنا هنا لكي أنقل الى اللبنانيين اهتمام وصلاة الحبر الأعظم الذي لا يزال يرى في لبنان بلد رسالة "العيش معاً" حتى ولو كان الآن متعباً بأزمة اقتصادية وسياسية كبيرة.
في هذا السياق، فإن الكرسي الرسولي يأمل ألا يتعب وطن الأرز وأن يبقى مثالاً للتعايش الأخوي حيث يشكل الوجود المسيحي فيه جزءاً ضرورياً ومؤسساً، ويستمر في المساهمة بشكل حاسم في خير البلد.
إن الكرسي الرسولي قلق لجهة الفراغ الحالي في سدة رئاسة الجمهورية، لأنه من المهم جداً لكل بلد أن يكون هناك رئيس، فهذا الأمر ليس فقط إمكانية بل هو ضرورة، وفي لبنان هو ضرورة ملحة. إن الرئيس هو وحده رئيس الدولة ورمز وحدة البلد، وهو من يحفظ احترام الدستور واستقلال البلد وسلامة أراضيه. آمل أن تتمكن الأطراف السياسية من أن تجد حلاً في أقرب وقت ممكن، من خلال احترام الدستور وكرامة الشعب اللبناني المتعب والقلق، والذي يشعر قليلاً بالإذلال نتيجة لهذا الفراغ الدستوري، إضافة إلى ذلك فإن الأزمة الإقتصادية لا تنفك تزداد وتفاقم الفقر والهجرة في لبنان.
كما أفكر أيضاً بضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في ٤ آب ٢٠٢٠، وبعائلاتهم وبالمصابين، وآمل أن يتمكنوا من نيل التعزية بالإيمان، وأن تظهر الحقيقة من خلال العدالة.
إن الشرق الأوسط يعيش فترة صعبة جداً والكرسي الرسولي، الذي يقيم علاقات ديبلوماسية منتظمة مع دولة فلسطين وأيضاً مع إسرائيل، يأمل بأن تقبل اقتراحات السلام، الكفيلة بوضع حد للغة السلاح من الجانبين، وأن يطلق سراح الرهائن وترفع القيود عن المساعدت للشعب الفلسطيني وأن يحترم من جديد القانون الإنساني الدولي من قبل كل الأطراف من دون استثناء.
وفي هذا الإطار أيضاً يجدد الكرسي الرسولي موقفه بأنه في كل أزمة، يجب ألا تكون حماية المدنيين والمدارس والمستشفيات ودور العبادة وغيرها عرضة للعمليات العسكرية. فلسوء الحظ، أدى هذا النزاع الى نزوح عدد كبير من الأفراد، وأنا أشعر بقربي منهم وتضامني معهم. وكما يحب قداسة البابا فرنسيس أن يردد، وهذا أيضاً ما اختبره لبنان، فإن كل حرب تترك العالم أسوأ مما كان عليه قبل النزاع، فالحرب هي دائماً تعبير عن فشل السياسة والإنسانية. هي استسلام مخجل وهزيمة أمام قوى الشر.
لذلك، فإن لبنان والشرق الأوسط والعالم بأسره ليسوا بحاجة للحرب، بل على عكس ذلك يجب مساعدة الشباب لأن ينمو بالأمل بغد أفضل. ونعود هنا الى كلام النبي أشعيا القائل: "فيقضي للأمم، وينصف الشعوب، فيطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل، لا ترفع أمة على أمة سيفاً ولا يتعلمون الحرب في ما بعد".
وأخيراً سأنقل الى الحبر الأعظم الدعوة التي وجهتموها دولة الرئيس لزيارة بلدكم، وآمل أن تكون هذه الدعوة وبالتالي هذه الزيارة أملاً للمصالحة الشاملة في لبنان.