الرئيس ميقاتي: المسار التفاوضي من شأنه أن يوصل الى تفاهم ينطلق من اتفاق الهدنة لتأمين استقرار طويل الأمد

اعتبر الرئيس نجيب ميقاتي "أن التحركات الديبلوماسية الأجنبية والعربية الراهنة تجاه لبنان، تشكل فرصة أساسية ينبغي علينا الإفادة منها بعيداً عن التباينات والسجالات الداخلية العقيمة، لالتقاط الفرصة المتاحة للنهوض للبنان وحل أزماته السياسية والإقتصادية".

وقال في تصريح: حان الوقت لتلتقي القيادات كافة على موقف موحّد يحمي وطننا من العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، بعيداً عن أي رهان خاطئ أثبتت كل التجارب السابقة فشله في توفير أي استقرار للبنان. وعلينا نحن اللبنانيين أن نكون المبادرين في إرساء الإستقرار في وطننا بدل انتظار استقرار الدول الأخرى وانعكاساته علينا.

أضاف: الفرصة المتاحة حالياً للحل عبر لجنة مراقبة وقف إطلاق النار "الميكانيزم" وترؤس السفير سيمون كرم، صاحب الخبرة الديبلوماسية الواسعة، الجانب اللبناني في هذه اللجنة. وهذا المسار نتمنى أن يستمر بوتيرة متصاعدة لتحقيق المطالب اللبنانية وفي مقدمها وقف الإعتداءات المستمرة على لبنان والإنسحاب الإسرائيلي الكامل من المواقع التي يحتلها.

أضاف: إن هذا المسار التفاوضي من شأنه، إذا نجح، أن يوصل الى تفاهم ينطلق من اتفاق الهدنة الموقّع عام 1949، وتأمين استقرار طويل الأمد بات لبنان واللبنانيون بأمس الحاجة إليه.

لقاءات

وكان الرئيس ميقاتي أجرى سلسلة لقاءات في مركز "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية" في باب الرمل في طرابلس، حيث استقبل وفوداً شعبية ونقابية وأهلية من مختلف المناطق عرضت له مطالبها. والتقى رئيس رابطة مخاتير طرابلس حسام التوم على رأس وفد من المخاتير.

وزار الرئيس ميقاتي منطقة بعل الدراويش في التبانة، حيث التقى الأهالي واطّلع ميدانياً على أوضاعهم المعيشية، مستمعاً إلى شكاواهم ومطالبهم. كما جال في أحياء المنطقة والتقى أهلها.

سفير إندونيسيا

كما استقبل الرئيس ميقاتي سفير إندونيسيا في لبنان ديكي كومار، يرافقه رئيس جمعية تجار طرابلس أسعد الحريري.

المعهد العربي للتخطيط

وفي دارته في بيروت، استقبل الرئيس ميقاتي المدير العام للمعهد العربي للتخطيط في الكويت الدكتور عادل عبد الله الوقيان يرافقه رئيس الجهاز الإداري للمعهد كريم درويش في حضور الدكتور عبد الرزاق القرحاني.

وخلال اللقاء أثنى الرئيس ميقاتي على جهود "المعهد العربي للتخطيط" في الوطن العربي، وعلى العناية الخاصة التي حظي بها لبنان في السنوات العشر الأخيرة من خلال إعداد الخارطة الإستثمارية والبرامج الخاصة في مجال "بناء وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية" و "المشروع الوطني لنشر ثقافة ريادة الأعمال".

كما هنّأ السيد عادل على توليه الإدارة العامة للمعهد متمنياً له دوام التوفيق والنجاح.

وكان اللقاء مناسبة جرى فيها البحث في البرامج والمبادرات وفق الرؤية الجديدة للمعهد، وكيفية التعاون لتحقيقها.

الرئيس ميقاتي: لبنان أمام فرصة تاريخية ولمفاوضات فوريّة تنطلق من مضامين اتفاق الهدنة

أكد الرئيس نجيب ميقاتي "أننا اليوم أمام فرصة تاريخية فلا نضيعها بالتلهي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بما لا يفيد، وبما يعيدنا إلى الوراء".

وقال: الحل بين أيدينا، فلا نفتش عنه خارج الاطار التاريخي والجغرافي، وهو متاح من خلال مفاوضات فورية تنطلق من مضامين "اتفاق الهدنة"، الذي لا يزال ساري المفعول بقوة القانون الدولي، مع إجراء ما يلزم من ترتيبات لتحديثه ومواكبة للتطور، الذي شهدته منطقتنا، لكي يكون الاطار الذي يحفظ سيادتنا ويصون حدودنا، وينزع أي حجة أو ذريعة من عدو يتربص بنا شراً".

مواقف الرئيس ميقاتي جاءت في خلال كلمة ألقاها في حفل افتتاح قسم غسيل الكلى في مستشفى المنية الحكومي، الذي أقيم برعايته ووزير الصحة العامة ركان ناصر الدين.

وهذا المركز تم إنشاؤه بهبة مقدمة من "جمعية العزم والسعادة الإجتماعية" وتجهيز من وزارة الصحة.

وهنا نص كلمة الرئيس ميقاتي:

يسعدني أن أكون بينكم هنا في هذا الصرح الطبي لنشهد على فصل جديد من عملية تطويره بتعاون وثيق بين وزارة الصحة و"جمعية العزم والسعادة الاجتماعية" عبر إنشاء مركز غسيل الكلى الذي سيؤمن خدمة ضرورية وملحة للعديد من أبناء المنطقة ويوفر عليهم أعباء التنقل الى مستشفيات بعيدة لإتمام الجلسات.

وفي هذه المناسبة أتوجه بالتحية الى معالي وزير الصحة الدكتور ركان ناصر الدين وأحيي جهوده ومناقبيته التي يجمع عليها الجميع وأقدر عمله الدؤوب والمستمر في خدمة جميع اللبنانيين.

تعود بي الذاكرة الى أيام الحكومة التي توليت رئاستها عام 2011 حين تم افتتاح هذا المستشفى، وتجاوز كل العراقيل، وتستمر اليوم عملية تطويره وتحديثه ليكون في خدمة جميع أبناء المنطقة.

هذه المنطقة الغالية على قلوبنا تستحق الكثير من الاهتمام والرعاية، وهناك تكامل بين العملين السياسي والإنمائي، ولا يمكن فصل المسارين عن بعضهما البعض. ولهذا أرى مدى التعاون مع النائب الأخ أحمد الخير من أجل مواصلة الاهتمام بهذه المنطقة ورفدها بالمشاريع الضرورية أسوة بسائر المناطق، لا بل أكثر لكونها تحتاج الى جهد استثنائي. من هذا المنطلق يدنا بيد سعادته. البعض يتساءل لماذا هذا التخصيص؟ ومع احترامي لجميع النواب ومحبتهم ومعزتهم معي شخصياً أقول إن النائب الخير في كل زيارة كان يقوم بها يحمل معه لائحة طويلة من المطالب من أجل المنية ويطالب بها بكل إخلاص ورقي. مطالبه كانت دائماً حاضرة من أجل هذه المنطقة وازدهارها والخير لأهلها. نمد يدنا الى سعادته ولكل شخص لتحقيق الإنماء لهذه المنطقة ومساعدتها.

أهمية اللقاء اليوم هي في متابعة التواصل معكم للوقوف على كل ما يهم هذه المنطقة الغالية، فنحن يد واحدة ونعمل معاً في المكان الصحيح وفي الزمان الصحيح خدمة لهذه المنطقة.

أيها الحفل الكريم

في هذه الأوقات العصيبة، التي يمرّ بها وطننا الحبيب، لا مفرّ لنا جميعًا من اللجوء إلى الحكمة والتعقّل في أي مقاربة سياسية للخروج من هذه الأزمة المستعصية.

لنعترف جميعًا وبكثير من التواضع والواقعية بأننا أمام مشكلة تحتاج إلى حلّ. وهذا الحلّ لا يكون إلا إذا وضعنا جميعًا، ومن دون استثناء، مصالحنا الشخصية وطموحاتنا الآنية جانبًا، وتصرّفنا بوعي ومسؤولية.

الخطر داهم، ولا نملك ترف الوقت.

ما يجري حولنا من أحداث وتطورات تحتم علينا العودة إلى أصالتنا. فلا الأحقاد، ولا النكايات السياسية، ولا المزايدات تنفعنا، ولا العناد والمكابرة.

وحدها مصلحة الوطن هي الأساس، خاصة وأننا جميعًا على مركب واحد تحيط به أمواج عاتية. فإما أن نغرق معًا، لا سمح الله، وإما ننجو معًا.

من هنا، ومن موقعي كمواطن أولًا والحريص على ألا ندفع ثمن تهورنا أثمانًا باهظة نحن في غنىً عنها، أدعو جميع المسؤولين، على مختلف مستوياتهم، إلى وقفة ضمير، وإلى المبادرة في استنباط الحلول الممكنة والمتاحة في هذا الظرف الدقيق والمصيري، مع إيماني الراسخ بأن من هم على رأس السلطة اليوم قادرون على إيجاد السبل الكفيلة بإخراج لبنان من هذا المأزق بأقل أضرار ممكنة.

نحن اليوم أمام فرصة تاريخية فلا نضيعها بالتلهي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بما لا يفيد، وبما يعيدنا إلى الوراء.

الحل بين أيدينا، فلا نفتش عنه خارج الإطار التاريخي والجغرافي. وهو متاح من خلال مفاوضات فورية تنطلق من مضامين "اتفاق الهدنة"، الذي لا يزال ساري المفعول بقوة القانون الدولي، مع إجراء ما يلزم من ترتيبات لتحديثه ومواكبة للتطور، الذي شهدته منطقتنا، لكي يكون الإطار الذي يحفظ سيادتنا ويصون حدودنا، وينزع أي حجة أو ذريعة من عدو يتربص بنا شراً.

الحلّ المتاح لنا اليوم قد لا يكون كذلك في الغد القريب. يكفي لبنان ما عاناه من مشاكل وأزمات أمنية واقتصادية واجتماعية.

لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية فلا نضيعها بالتلهي بما لا يفيد، وبما يعيدنا إلى الوراء.

عشتم وعاش لبنان.

لقاء موسّع في دارة الرئيس ميقاتي: إدانة أحداث الساحل السوري والدعوة لإغاثة النازحين وتأمين عودتهم إلى سوريا

عقد لقاء سياسي موسّع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة الميناء للبحث في التطورات الراهنة في لبنان وتداعيات الأحداث الجارية في سوريا على الواقع اللبناني لا سيما على صعيد شمال لبنان.

شارك في اللقاء رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، النواب السادة:عبد الكريم كبارة، إيلي خوري، طه ناجي، جميل عبود، إيهاب مطر، وليد البعريني، محمد يحيى، جهاد الصمد، أحمد الخير.

كما حضر النواب والوزراء السابقون بهية الحريري، عمر مسقاوي، سمير الجسر، رشيد درباس، نقولا نحاس، سامي فتفت، أحمد فتفت، رامي فنج، علي درويش، خضر حبيب، ومصطفى علوش.

وحضر مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، وأمين الفتوى الشيخ بلال بارودي، مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، ممثل متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران افرام كرياكوس أمين سر المطرانية الأب نقولا داوود، رئيس أساقفة طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، متروبوليت عكار للروم الأرثوذكس المطران باسيليوس منصور، كاهن رعية الأرمن الأرثوذكس الأب كريكور يافيايان، نقيب الأطباء في الشمال الدكتور محمد صافي، نقيب المهندسين في الشمال شوفي فتفت، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، نقيب أطباء الأسنان في الشمال الدكتور ناظم الحفار، رئيس غرفة التجارة والصناعة في طرابلس توفيق دبوسي.

الرئيس ميقاتي

بعد اللقاء أدلى الرئيس ميقاتي بالتصريح الآتي: عقدنا هذا الإجتماع نتيجة الأحداث التي حصلت في سوريا وانعكاسها على لبنان وخصوصاً على منطقة الشمال.

دعونا الى هذا الإجتماع، وبكل سرور حضرته شخصيات من مختلف المناطق اللبنانية وخاصة وجود الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، السيدة بهية الحريري ومختلف الفاعليات والنواب من طرابلس والضنية والمنية وعكار بالإضافة إلى رجال الدين وأصحاب السيادة المطران سويف والمطران ضاهر وممثل مطران طرابلس والمطران منصور مطران عكار.

بحثنا خلال الإجتماع الإنعكاسات التي حصلت في سوريا وكيفية استيعاب هذا الموضوع. لقد تم وضع مسودة بيان لهذا الإجتماع وحصلت مناقشة طويلة وبناءة وإيجابية جداً وقد أضيفت بعض النقاط على البيان.

الأهم هو استنكار الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتشديد على أهمية المصارحة والمصالحة، ودعوة الحكومة اللبنانية للسعي مع الهيئات الدولية من أجل إيواء وتعزيز الإغاثة السريعة للنازحين الذين حضروا، ومن ثم السعي مع الحكومة السورية من أجل عودة النازحين السوريين إلى سوريا، ولا يوجد كلمة لجوء في لبنان بأي شكل من الأشكال.

بما أن الاجتماع حصل في طرابلس، فقد بحثنا في المواضيع الطرابلسية والشمالية بشكلٍ عام وضرورة الإسراع في إقرار اللامركزية الإدارية والقيام بالتعيينات اللازمة في مجالس الإدارة، لأن في مدينة طرابلس مقومات اقتصادية كبيرة وعلينا الاستفادة منها، وذلك بعد استكمال تشكيل مجالس الإدارة والتعيينات الإدارية.

الأهم هو ضبط الفلتان الأمني بكل ما للكلمة من معنى ورفع الغطاء عن أي مُرتكب، كما أنه على القضاء أن يُسرّع في موضوع المُحاكمات. هذه الأمور بشكل عام بحثنا بها وأكرر وأقول إن الإجتماع كان إيجابياً جداً، وأتمنى أن يُثمر وتوجد هناك متابعة في المرحلة القصيرة عبر "فاعليات طرابلس" ومن ثم ستكون عبر اجتماع آخر سيعقد قريباً في طرابلس لمن حضر اليوم وللنواب الذين تغيبوا بعذر بسبب السفر.

ورداً على سؤال، قال: "لم ندعُ رئيس الحكومة نواف سلام فالإجتماع هو عادي وطرابلس هي مدينة الرئيس سلام ويمكنه أن يزورها متى شاء وأهلاً وسهلاً به، ولا يجب وضع الأمر في أي مكانٍ آخر. الإجتماع عادي وفكرته خرج بها الرئيس فؤاد السنيورة وبحثناها مع الرئيس تمام سلام ورأينا أنه في ظل الظرف الصعب الذي تمرُّ به المنطقة والإقليم ككل، أن نبدأ بعقد هكذا اجتماعات لنُظهر وحدة الموقف بين اللبنانيين".

وعن إقرار الحكومة للموازنة بمرسوم، قال ميقاتي: "الحكومة تقول إنها لا تريد أن تقوم بصرف سلف خزينة، كما أنها لا تستطيع أن تصرف المال على القاعدة الإثني عشرية، لأن هناك أموراً كثيرة طرأت هذا العام وزادت من موضوع الصرف، وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن تُقر الموازنة بمرسوم ومن ثم تجرى التعديلات اللازمة مثلما حصل يوم أمس، عبر إرسال الحكومة مشروع قانون إلى مجلس النواب لتخفيض بعض الرسوم التي كانت مطلوبة في الموازنة. أعتقد أن هذا الأمر طبيعي لتسيير أمور الدولة في هذا الوقت الحاضر وهذا موقف حكيم".

وعن التعيينات الجديدة، قال ميقاتي: "في هذا الموضوع، فإنه ستؤخذ بعين الإعتبار مُختلف المناطق اللبنانية، ولكن يوم أمس تمت التعيينات الأمنية وبحسب التدرج الأمني حصل ما حصل. لا أعتقد أن طرابلس والشمال مُستهدفان بإقصائهما عن هذه المراكز. التعيينات حصلت بحسب الأقدمية والحضور العسكري. هناك تعيينات قريبة ستحصل لا سيما على صعيد مجالس الإدارة وستكون جميعها شمالية وطرابلسية، وأيضاً على صعيد بعض المراكز الإدارية والأساسية في الإدارة اللبنانية".

وعن الإنتخابات البلدية قال: "الإنتخابات المُشار إليها هي إنتخابات إنمائية بحتة وسيكون لي الموقف المناسب عند إعلان هذا الموضوع".

الرئيس السنيورة

بدوره، تحدث الرئيس فؤاد السنيورة فقال: "أريد أن أثني على هذه المبادرة وعلى هذه الفرصة الطيبة من أجل التلاقي، وكذلك أيضاً التحاور في قضايا تهم كل الوطن وتهم أيضاً منطقة طرابلس والشمال وتهم أيضاً جوارنا السوري".

وأضاف: "هذه القضايا تحتاج إلى موقف واضح وصريح ومُحب، ويجب أن نجد حلولاً للمسائل المطروحة بعد الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتي نتج منها نزوح إلى لبنان".

وتابع: "يجب التأكيد أيضاً على أهمية الخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية الجديدة من أجل احتضان كافة فئات المجتمع السوري وبالتالي الحؤول دون المزيد من النزوح. أيضاً، يجب معالجة المشكلات التي نتجت بسبب هذه الأحداث الدامية، وكل من ارتكب أي جُرم بهذا الشأن يجب أن ينال عقابه".

وقال: "نثني على الدور الذي تقوم به الدولة السورية من أجل الحفاظ على سلامة التراب السوري، ويجب أن تكون السلطة في سوريا تابعة للسلطة المركزية في دمشق. إن تأكيدنا على وحدة سوريا هو تأكيد على العلاقة القويمة التي يجب أن تكون بين لبنان وسوريا، وأعتقد أنَّ هذه فرصة كبرى من بعد المأساة التي حصلت وبالتالي يجب تحويلها إلى فرصة حقيقية للبنان من أجل بناء علاقات قويمة وسليمة وندية ما بين لبنان وسوريا، قائمة على الإحترام المتبادل ما بين الدولتين".

وتابع: "نحن وسوريا جيران وأشقاء ولدينا مصالح مشتركة، وسوريا هي مدخلنا الوحيد البري إلى العالم العربي".

وأكمل: "المناسبة هي لبحث قضايا تتعلق بالنهوض بمنطقة طرابلس والشمال وهذا أمرٌ في غاية الأهمية. يجب أن يكون هناك عمل مشترك، الدولة التي عليها أن توفر المناخات الحقيقية والصحيّة والمؤاتية لاستنهاض الوضع الإقتصادي في منطقة طرابلس والشمال. هناك مشاريع بحاجة إلى تحريك بحاجة إلى تأليف مجالس إدارة وغيرها ولكن أيضاً هناك دور ينبغي أن يقوم به القطاع الخاص".

وقال: "جميعنا نعلم وضع الدولة وماليّتها، وعلينا أن نحول الإمكانات الكامنة لدى طرابلس والشمال إلى أعمال تنفيذية، وأعتقد أن هناك فرصة لهذا الزواج الشرعي الصحيح بين الدولة والقطاع الخاص في لبنان من أجل استنهاض الوضع الاقتصادي في طرابلس والشمال وفي كل لبنان".

وختم: "هذه المرحلة شديدة الأهمية وعلينا أن نحوّل هذه الأزمات التي تعصف بنا إلى فرص مستجدة وأعتقد أن هناك إمكانية للقيام بذلك".

إعلان طرابلس

وقد صدر عن المجتمعين البيان الآتي: بنتيجة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق الساحل السوري مؤخراً، وما نجم عنها من نزوح إلى لبنان، وانعكاسات وتوترات عابرة في مدينة طرابلس وشمالي لبنان، تداعى أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسيادة والسماحة والفضيلة، إلى اجتماع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة طرابلس، للبحث في مخاطر وأبعاد ما جرى في منطقة الساحل السوري وتداعياته على منطقة الشمال اللبناني ومناطق أخرى من لبنان.

ونتيجة التداول أصدر المجتمعون البيان الآتي نصه:

أولاً: يستنكر المجتمعون ويدينون أشدّ الإدانة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق وقرى الساحل السوري، وما أدت إليه من تجاوزات يجب ضبطها فوراً.

ثانياً: يثني المجتمعون على توجّهات الحكومة السورية وإجراءاتها، مع التشديد على جمع واحتضان مختلف مكونات سوريا الوطنية، والحفاظ على وحدة وكامل التراب السوري، والعمل على استتباب الأمن وإحلال الأمان وبسط سلطة الدولة السورية الحصرية والكاملة على كل أراضيها ومرافقها. كما يثمّنون إعلان الحكومة السورية العمل على إنجاز التحقيق المستقل في ما جرى ومحاسبة المسؤولين والمتورطين في أعمال قتل المدنيين الأبرياء والعزّل، واتخاذ الإجراءات الصارمة لمنع هكذا أعمال إجرامية مشينة وحماية المدنيين من كل أطياف الشعب السوري وتوجهاته، وتسهيل عودة النازحين، بعد أن سقط مفهوم اللجوء المعرّف بإعلان جنيف. فاللاجئ هو الذي لا يرغب أو لا يستطيع العودة الى بلاده، وهذا يعني أنه لم يعد في لبنان لاجئون بحسب المفهوم الدولي.

ثالثاً: يتوجه المجتمعون من مدينة طرابلس، مدينة العلم والعلماء، ومدينة الوطنية الحقة والعروبة الأصيلة والعيش المشترك والواحد، والتي سبق أن عانت من أحداث مؤسفة وظلم وتهميش في مراحل متعددة من تاريخها الحديث، وانطلاقاً من التجربة اللبنانية المريرة في الإقتتال والتناحر الداخلي المؤسف الذي سبق وعانى منه لبنان، يتوجهون إلى الأشقاء السوريين، وكذلك الى جميع اللبنانيين منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورّط من جديد في مواجهات أهلية عنفيّة، لأنّ التجارب أثبتت أنّ العنف واستخدام السلاح في داخل الوطن، لا يؤدي إلا إلى إشعال نيران الأحقاد واستدراج الثأر والثأر المضاد، مما يؤدي إلى الوقوع في الفخ الذي تنصبه وتعمل عليه إسرائيل، وهي التي تستمر في اعتداءاتها واحتلالها لمناطق في لبنان.

ولا بد أيضاً من العمل على تعزيز ثقافة المغفرة والمصالحة وعدم الإنتقام. فالإنتقام لا يولّد إلا الإنتقام والفوضى والأحقاد.

رابعاً: يدعو المجتمعون الدولة اللبنانية الى التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية الى متابعة الأوضاع المستجدة في مناطق شمال لبنان الحدودية بفعل التدفق المستجد للنازحين السوريين بسبب الأحداث الجارية في سوريا. فهذه المشكلة تشكل ضغطاً إضافياً على لبنان يضاف الى الضغوط المستمرة في ملف النزوح السوري منذ سنوات. كما نطالب بالتنسيق بين المفوضية وسائر المنظمات الدولية المعنية مع الحكومة اللبنانية عبر أجهزتها المختصة لحل هذه المعضلة، وضبط المعابر، وتأهيل المعابر الشرعية، لأنه لا يجوز أن يبقى هذا الملف ورقة تضغط على الواقع اللبناني، في وقت لم تعد للبنان القدرة المالية والخدماتية والسياسية على تحمل تداعيات هذا الملف. كما أن الأولوية في هذه المرحلة يجب أن تكون لتمكين الإغاثة الطارئة وإعادة النازحين السوريين تباعاً إلى بلادهم بعد استقرار الأوضاع في العديد من المناطق السورية.

خامساً: يرى المجتمعون، مع بدء مسيرة التعافي في لبنان، والتي انطلقت مع انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتأليف حكومة الإصلاح والإنقاذ الجديدة برئاسة الدكتور نواف سلام، وجوب تضافر جهود جميع اللبنانيين وتضامنهم وتآخيهم، وتعزيز وحدتهم الداخلية، وبالتالي التنبّه للمؤامرات المحاكة والفتن المدبرة، وذلك بالتمسك بسيادة الدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية على كامل أراضيها ومرافقها، والإحترام الكامل للدستور ولحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، والتمسك بحكم القانون والنظام، والإحترام الكامل لقرارات الشرعيتين العربية والدولية ذات الصلة.

وشدد المجتمعون على رفض محاولات العدو الإسرائيلي فرض التطبيع مع لبنان، وكذلك فرض أمر واقع عبر استمرار احتلال بعض المناطق. كما طالبوا الدول التي رعت تفاهم وقف إطلاق النار الى الضغط على العدو الإسرائيلي للإنسحاب من كل المناطق التي لا يزال يحتلها ووقف خروقاته المستمرة للسيادة اللبنانية.

سادساً: إن شمال لبنان ومدينة طرابلس، وهي العاصمة الثانية للبنان لا يزالان يعانيان الكثير من المشكلات المتراكمة التي تحتاج إلى معالجة مستمرة، ولا سيما على الصعيد الأمني لضبط الفلتان الحاصل واتخاذ كل الإجراءات الأمنية الوقائية، وهما ينتظران من الحكومة الجديدة الإهتمام بهما. ومن ذلك، العمل على إقرار قانون اللامركزية الإدارية وإحياء وتنفيذ المشاريع المقرّة والأخرى الضرورية لتعزيز الأوضاع الإقتصادية، وملء الفراغ في المؤسسات الرسمية ومعالجة الشغور القضائي، بما يسهم في معالجة الأوضاع الأمنية وانتعاش الحركة الإقتصادية التي تحتاجها مدينة طرابلس ومنطقة شمال لبنان.

عاشت مدينة طرابلس، عاشت منطقة الشمال، عاش لبنان..

الرئيس ميقاتي: ما يجمع لبنان وسوريا من روابط وعلاقات وطيدة هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون بين البلدين

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أن ما يجمع لبنان وسوريا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندّية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون القائم أو المطلوب بين البلدين على الصعد كافة".

وشدد على "أنه بات ملحاً اليوم، لمصلحة البلدين معاً، معالجة ملف النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً وأن هذا الملف يضغط منذ سنوات بشكل كبير على لبنان برمته".

وأشار الى "ضرورة تعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة على الحدود لحماية أمن البلدين وسيادتهما ومنع أي أعمال تسيء إليهما وإلى أمنهما واستقرارهما".

وشدد على "أن هناك أموراً على الحدود يجب ضبطها بشكل كامل وخاصة في النقاط الحدودية غير الشرعية لوقف أي عمليات تهريب بين لبنان وسوريا، وسنتعاون في هذا الصدد من دون أن يعني ذلك أننا لن نتابع موضوع الترسيم الحدودي، وستكون هناك لجنة مشتركة لبنانية- سورية للقيام بعملية ترسيم الحدود".

بدوره قال قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع" نرجو من الشعب اللبناني أن يصرف عن نفسه ذهنية العلاقة السورية السابقة في لبنان وما تبعها من علاقات سلبية أدت الى ضرر على مستوى الشعبين اللبناني والسوري، ونعطي فرصة لأنفسنا وللشعبين اللبناني والسوري أيضاً، لأن نبني علاقة إيجابية مبنية على احترام الدولتين وعلى سيادة لبنان وسوريا".

وشدد على "أن سوريا ستقف على مسافة واحدة من الجميع في لبنان ونحن نحاول أن نعالج كل المشكلات والتفاصيل من خلال التشاور والحوار".

وأكد "أن الأولوية في الوقت الحاضر في سوريا هي للوضع الداخلي وحالة الأمن وحصر السلاح بيد الدولة ومن ثم طمأنة الدول المجاورة".

وكان رئيس الحكومة زار سوريا اليوم على رأس وفد حيث أجرى محادثات مع قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في قصر الشعب في دمشق.
وعقد الرئيس ميقاتي والسيد الشرع خلوة تلت محادثات موسّعة شارك فيها عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير.

كما شارك  عن الجانب السوري وزير الخارجية أسعد شيباني ورئيس الإستخبارات أنس خطاب ومدير مكتب الشرع علي كده.

وقد استكملت المباحثات الى مأدبة غداء أقامها الشرع تكريماً للرئيس ميقاتي والوفد المرافق.

مؤتمر صحافي

وعقد الرئيس ميقاتي والسيد الشرع مؤتمراً صحافياً مشتركاً في ختام المحادثات، فقال السيد الشرع: "بداية نرحب بدولة الرئيس نجيب ميقاتي في دمشق، ونبارك كذلك لفخامة الرئيس جوزيف عون على تسلمه الرئاسة حديثاً، ونسأل الله له التوفيق في الأيام المقبلة. تحدثنا مع دولة الرئيس عن مسائل متعددة تحكم العلاقة بين سوريا ولبنان وتؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ العلاقة بين سوريا ولبنان. ونرجو من الشعب اللبناني أن يصرف عن نفسه ذهنية العلاقة السورية السابقة في لبنان وما تبعها من علاقات سلبية أدت الى ضرر على مستوى الشعبين اللبناني والسوري، ونعطي فرصة لأنفسنا وللشعبين اللبناني والسوري أيضاً، لأن نبني علاقة إيجابية مبنية على احترام الدولتين وعلى سيادة لبنان وسوريا إن شاء الله ستقف على مسافة واحدة من الجميع هناك ونحاول أن نعالج كل المشكلات والتفاصيل من خلال التشاور والحوار.

تحدثنا ودولة الرئيس عن النمو الإقتصادي المرتقب الذي ينبغي أن يكون في دمشق وأثر ذلك على لبنان في الأيام المقبلة. كما تحدثنا عن بعض المشاكل العالقة على الحدود اللبنانية مثل مسائل التهريب والودائع السورية في البنوك اللبنانية أيضاً واتفقنا على أن تكون هناك لجان مختصة لكي تقوم بدراسة هذا الوضع بشكل مفصل. كما نجدد الترحيب بدولة الرئيس والوفد  المرافق".

الرئيس ميقاتي

وقال الرئيس ميقاتي: "سعدت جداً اليوم أنا والوفد المرافق بزيارة دمشق، هذه المدينة العريقة حيث عقدنا اجتماعاً مع قائد الإدارة السورية الجديدة السيد أحمد الشرع، وبحثنا مطولاً العلاقات بين بلدينا والتحديات الراهنة التي تواجه المنطقة.

بداية عبّرنا للسيد الشرع عن تمنياتنا لسوريا وشعبها بالسلام والإستقرار بعد سنوات شهدت حروباً طويلة  وتمنينا أن تحمل المرحلة المقبلة كل ما يتطلع إليه الشعب السوري الشقيق.

وأكدنا أن ما يجمع بلدينا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندّية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون القائم أو المطلوب بين البلدين على الصعد كافة.

إن سوريا هي البوابة الطبيعية للبنان الى العالم العربي، وطالما هي بخير فإن لبنان بخير. ومن واجبنا أن نفعّل هذه العلاقات على قاعدة الإحترام المتبادل والندّية والسيادة الوطنية لكلا البلدين، والعمل على منع أي عمل يسيء إلى هذه العلاقة أو يهدد أمن البلدين وسيادتهما المطلقة على أراضيهما.

أن لبنان يحتضن منذ سنوات أعداداً كبيرة من الإخوة السوريين الذين لجأوا إليه في زمن الحرب والإقتتال، وبات ملحاً اليوم، لمصلحة البلدين معاً، معالجة هذا الملف سريعاً، وعودة النازحين الى سوريا، التي بدأت والحمد لله تستعيد عافيتها، بما يحفظ كرامتهم في وطنهم، خصوصاً وأن هذا الملف يضغط منذ سنوات بشكل كبير على لبنان برمته. وقد لمست لدى السيد الشرع كل تفهّم لهذا الواقع واستعداد لمعالجة هذا الملف بشكل حاسم، وترحيبه بعودة كل مواطن سوري إلى وطنه.

كذلك تطرقنا الى الوضع على الحدود البرية بين البلدين وضرورة تعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة أيضاً لحماية أمن البلدين وسيادتهما ومنع أي أعمال تسيء إليهما وألى أمنهما واستقرارها.

إننا نعتبر هذه الزيارة فاتحة خير، وأقول بصراحة بما لمسته من السيد الشرع وما يملكه من رؤية لإدارة سوريا أولاً، وكيف يمكن أن تكون العلاقة وديّة وندية بين لبنان وسوريا، فأنا أخرج من هذا الإجتماع مرتاحاً بإذن الله لوضع سوريا ولوضع العلاقات اللبنانية- السورية".

أسئلة وأجوبة

ورداً على سؤال عن موضوع الحدود بين لبنان وسوريا قال السيد الشرع: تحدث دولة الرئيس عن الموضوع خلال الإجتماع، ونحن لم يمر علينا سوى شهر وبضعة أيام. هناك الكثير من الأمور العالقة في سوريا والملفات المحيطة بها والتي تحتاج الى وقت كاف للبدء بمعالجتها. الأولوية في الوقت الحاضر في سوريا هي للوضع الداخلي وحالة الأمن وحصر السلاح بيد الدولة ومن ثم طمأنة الدول المجاورة. لا زلنا في اللقاء الأول ونأمل أن نلتقي دائماً بإذنه تعالى. هناك الكثير من المواضيع التي يجب أن تبحث في الأيام المقبلة وعلى  رأس أولوياتها موضوع الحدود.

وقال الرئيس ميقاتي: "كما تفضل وقال السيد الشرع، على سلم الأولويات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا، ولكنه أيضاً استطرد وقال أن هذا يمكن أن يأخذ بعض الوقت ولا يجب أن نربط الأمور ببعضها البعض هناك أمور على الحدود يجب ضبطها بشكل كامل، وخاصة في النقاط الحدودية غير الشرعية لوقف أي عمليات تهريب بين لبنان وسوريا، وسنتعاون في هذا الصدد من دون أن يعني ذلك أننا لن نتابع موضوع ترسيم الحدود، ستكون هناك لجنة مشتركة لبنانية- سورية للقيام بعملية ترسيم الحدود".

ورداً على سؤال قال الشرع: "نحن نبني العلاقات بين لبنان وسوريا على أساس الأخوّة التي بيننا. ليس هناك فرق كبير بين الشعبين اللبناني والسوري ونحن نسعى إلى أن تزداد الأواصر الإجتماعية بيننا، لا الى أن تنقص، وأي عوائق حدودية تكون بيننا يجب أن تلغى في المستقبل، ولكن هذا شأن تفصيلي عند المسؤولين عن الجمارك. لو عاد الأمر لي لفتحت الحدود بشكل كامل ولما بقي شيء بيننا وبين لبنان يفرّقنا على الإطلاق.

سئل الشرع عن العلاقة مع رئيس الجمهورية جوزاف عون قال: "في موضوع الرئيس جوزاف عون فقد ذكرنا في السابق أننا ندعمه رغم أننا لا نعرفه وليس بيننا علاقات. ولكننا رأينا أن هناك شبه توافق عليه في لبنان، ونحن ندعم خيارات التوافق اللبناني على أي صعيد كان. قلنا رأينا في ذلك الوقت ولم نكن نتحدث لا مع الرئيس جوزاف عون ولا كان هناك تواصل بيننا وبين دولة الرئيس ميقاتي.

أعتقد أنه ستكون هناك علاقات استراتيجية طويلة الأمد، وبيننا وبين لبنان مصالح مشتركة كبيرة جداً. إننا نتطلع الى وجود حالة مستقرة في لبنان بوجود فخامة الرئيس جوزاف عون أو دولة الرئيس في حال أعيد تكليفه مجدداً ونأمل ذلك إن شاء الله. وستكون هناك علاقة استراتيجية طويلة الأمد بيننا وبين لبنان تبنى على قواعد صحيحة وسليمة، إن شاء الله".

وعن ملف مزارع شبعا قال: من المبكر الحديث عن كل التفاصيل. هناك مشاكل كثيرة في الواقع السوري ولا نستطيع حلها دفعة واحدة، بل نحتاج الى تجزئتها والبحث عن حلول هادئة لكل مشكلة. لا نستطيع خلال شهر أن نعالج مشاكل عالقة من عشرات السنين.

وعقّب الرئيس ميقاتي بالقول: "هذا الملف جزء من موضوع ترسيم الحدود".

وعن المفقودين اللبنانيين في سوريا والصحافي الأميركي أوستن تايس في ضوء طلب والدته من رئيس الحكومة فتح هذا الملف قال الرئيس ميقاتي: "بحثنا في هذا الموضوع والجانب السوري يقوم بدوره كاملاً في إنشاء هيئة خاصة للأمور الجنائية والبحث عن كل المفقودين مع اللوائح، ونحن سنزود الإدارة السورية الجديدة باللوائح الكاملة بأسماء المفقودين، وربما تكون هناك حاجة للقيام بفحوصات جنائية وفحوصات الحمض النووي. أما بشأن السؤال عن الصحافي الأميركي المفقود فهم بكل اهتمام يتابعون هذا الموضوع للعثور عليه بإذن الله حياً".

وفي ختام المؤتمر الصحافي ودّع السيد الشرع رئيس الحكومة عند مدخل قصر الشعب، كما كان استقبله في بداية الزيارة.

وعصراً عاد رئيس الحكومة الى بيروت.

8 الصور
إطبع


الرئيس ميقاتي: حذّرنا من الإستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار لكونه يهدد التفاهم بِرُمَّتِهِ
الثلاثاء، ٠٧ كانون الثاني، ٢٠٢٥

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أننا أوصلنا رسالة واضحة الى رعاة تفاهم وقف إطلاق النار الدوليين بوجوب وقف الخروقات الإسرائيلية والإنسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبأن الإلتزام بتطبيق القرار 1701، ليس مسؤولية لبنان فقط بل هو ملزم للعدو الإسرائيلي. كما حذّرنا من الإستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار لكونه يهدد التفاهم بِرُمَّتِه، وهو أمر لا أعتقد أن أحداً يرغب بحصوله".

وكان رئيس الحكومة يتحدث في خلال رعايته قبل ظهر اليوم، بدعوة من "وزارة الثقافة" و"المؤسسة الوطنية للتراث" إفتتاح "جناح نهاد السعيد للثقافة" في المتحف الوطني في بيروت.

شارك في الحفل عقيلة رئيس الحكومة السيدة مي والرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام، وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، وزير الإعلام زياد مكاري، سفير مصر علاء موسى، رئيسة المؤسسة الوطنية للتراث السيدة منى إلياس هراوي، السيدتان لمى تمام سلام وهدى فؤاد السنيورة، الوزير السابق روني عريجي، السيدة بهية الحريري، أعضاء لجنة "جناح نهاد السعيد للثقافة" وشخصيات وممثلون عن المؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام.

الرئيس ميقاتي

وألقى رئيس الحكومة كلمة قال فيها: نلتقي اليوم هنا في رحاب المتحف الوطني لنفتتح "جناح نهاد السعيد للثقافة" ومعه يطل أفق جديد للمتحف نحو المستقبل، أفق يضج بالحياة.

فتحية للمؤسّسة الوطنية للتراث بشخص رئيستها السيدة منى الهراوي التي تبنّت، مع سائر الأعضاء، هذا المشروع الرائد بعدما كانت أدّت منذ انتهاء الحرب دورًا رئيسيًا في تجديد المتحف الوطني والحفاظ عليه. والتحية أيضاً لعائلة نهاد السعيد على دعمها الكبير لهذا المشروع الرائد وإيمانها برسالة المتحف الثقافية والوطنية. وتحية لروح نهاد السعيد الذي يحملُ الجناح اسمه، وهو الجامع لأعمال فنيّة والشغوف بالدفاع عن الثقافة.

بعد هذه الجولة التي قمنا بها يمكن القول أن هذا الجناح الذي يقع في جوار المتحف الوطني، بحلته المعاصرة، سوف يشكل مساحة تضج بالحياة، تنفخ الروح في معلمٍ وطني بقي صامدًا في وجه الحروب والدمار.

وقال: حكاية المتحف الوطني نموذج مصغّر لحكاية لبنان الذي شهد على مر تاريخه القديم والحديث الكثير من الفصول التي تبدو معالمها واضحة في ما يكتنزه هذا المتحف من مقتنيات تجسد انعكاساً لتاريخ مجيد من الأصالة والحضارات.

كما لا تزال جدران هذا المتحف وبعض محيطه يحمل بصمات تشهد على يوميات الحرب الأهلية  التي استمرت خمسة عشر عاماً، والمطلوب منا جميعاً أن نشبك الأيدي منعاً لتكرارها ولنُخمد كل إشارات الفتن المتنقلة والإنقسامات البغيضة التي نتابعها يومياً. ويبقى قدر اللبنانيين أن نعيش معاً تحت سقف واحد.

أضاف: ها نحن هنا اليوم نحيي مناسبة تأجل أوانها منذ الثامن عشر من أيلول الفائت بسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان، متطلعين الى أن يكون هذا الإفتتاح إيذاناً بوقف نهائي وشامل للعدوان وتداعياته واستكمال نشر الجيش في كل الجنوب وعودة جميع اللبنانيين النازحين الى ديارهم بكرامة وعزّة وانطلاق ورشة الإعمار.

وقد أوصلنا رسالة واضحة الى رعاة تفاهم وقف إطلاق النار الدوليين بوجوب وقف الخروقات والإنسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبأن الإلتزام بتطبيق القرار 1701، ليس مسؤولية لبنان فقط بل هو ملزم للعدو الإسرائيلي. كما حذّرنا من الإستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار لكونه يهدد التفاهم بِرُّمَتِه، وهو أمر لا أعتقد أن أحداً يرغب بحصوله.

وقال: قدرنا أن نتخطى الصعاب معاً، وأن نجابه كل ما يعترضنا من مشاكل وأزمات يداً بيد حتى نعيد بناء المؤسسات بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية بإذن الله في جلسة الخميس المقبل لكي تنتظم الحياة السياسية، ولكي ننصرف جميعاً إلى ورشة إصلاح وإنماء، لنبني للأجيال الطالعة وطننا طالما حلموا به. على هذا الأمل تعالوا جميعا إلى كلمة سواء، وإلى توحيد الجهود.

سيبقى لبنان، بفعل المبادرات الطيبة قِبلةَ أنظار العالم، رغم كل ما يتعرَّض له من اعتداءات تطال الناس بأرواحهم وإنقاذهم. وجوابنا الدائم، أن لبنان، كما تؤكد عليه معالم وموجودات هذا المتحف العالمي الذي يؤرِّخ للتاريخ و الإنسانية، سيبقى في قلب الإنسانية وفكر العالم، لأنه قبلة العالم.

وزير الثقافة

وقال وزير الثقافة محمد وسام  المرتضى في كلمته: آتون من وجع السنة الماضية إلى مطلعِ هذا العام الجديد، لكي نفتتحَ بناءً نُضيفُه إلى خزانةِ التاريخ الجليلِ الذي مرَّ من عندِنا، وترك بصماتِه وآثارَ خطاه على كل شاطئٍ ووادٍ وسهلٍ وجبل من أرضِ لبنان، وعلى كلِّ جيلٍ من أجيالِنا المتعاقبة. كأننا باستضافتِنا لآثارِه ههنا، نصِلُ الماضيَ بالحاضر والآتي، ونرفعُ أمام مشاهد الدمار القريبِ منّا والبعيد، هُتافَ أصواتِنا الهادرة: "يقتلون فنحيا... يهدمون فنبني". تلك إرادةُ الحياةِ في شعبٍ قارعَ صروفَ الدهر وأهوال العصور. ومشت في رَكْبِه الحضارة، قديمُها وأوسطُها وحديثُها، فإذا هو ملتقى الزمانِ وموئِلُ الثقافات، إن ضاق متحفٌ بتراثِه أضاف إلى جَنْبِه آخر، أو هُدِمَ له موضعٌ شيَّدَ مقاماً أعلى وأرحب.

أضاف: كثيرةٌ هي الأسئلة التي ترتسمُ علاماتُ استفهامِها أمام أعين اللبنانيين في هذه الأيام. ذلكَ أن المعوّقاتِ الكبرى ما انفكّت تتراكمُ في خلايا حياتِنا الوطنية، وتُهْدِرُ العديد من فُرَصِ الخلاصِ والتنمية. وبغضِّ النظرِ عن القراءات المختلفة لمجريات الأحداث التي عبرت، والتفسيرات المتناقضة لأسبابِها ونتائجِها، ينبغي لنا أن نلجأ جميعُنا إلى قراءةٍ واحدةٍ تنتسبُ إلى المستقبل. ذلك يقتضي منا الإيمان بأننا في الحقيقة شعبٌ واحدٌ ولو تفرَّقَت بيننا بعضُ السبل، وأنّ التحديَ الأكبرَ أمامَنا هو أنْ نُحسِنَ إدارةَ التنوع الذي يميزُنا لنجسِّدَ فعلًا معنى لبنان. ذلك يبدأ بترميم الحياة الدستورية وإعادة انتظام خفقانِ الدمِ في أوردتِها عبر انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، في أسرعِ وقتٍ وأوسعِ توافقٍ ممكنين. إنّه البابُ الأوّلُ المفضي إلى إعادة تكوين السلطات، بغيةَ الشروعِ في عملية الإنقاذ. ويقينًا، إنّ قلوب اللبنانيين تشتعلُ فيها أمانٍ وطيدةُ الرجاء، بأن تحمل لنا جلسة التاسع من كانون الثاني، رئيسًا يملأ الفراغ ويبدأُ البناء. فهل تُرانا، أو هل تُراهم فاعلون؟

ومن القضايا الأساسية التي يفرضُ علينا الواقعُ أن نقرأَها كلُّنا بلغةٍ واحدة، قضية إعادة الإعمار التي تستدعي المؤازرة من جميع الدول؛ وخصوصًا تلك التي منحت العدو الدعمَ الكامل في السياسة والأمن والإقتصاد والسلاح، خلال عدوانِه الهمجيّ على لبنان، وتدميره لكثيرٍ من مناطقه وقراه. تلك مسؤولية قانونية وأخلاقية يجبُ المطالبةُ بها من جهة، كما يجب من جهة أخرى تسهيلُ الإجراءات أمام كلِّ عطاءٍ من أيِّ دولةٍ شقيقة أو صديقة، يهدفُ إلى إعادة الإعمار.

وقال: أما أجلُّ القضايا التي على اللبنانيين أن يجتمعوا عليها، فهو واجبُهم الدائم أن يتلمّسوا مواضعَ اللقاءِ فيما بينهم، ويتحسَّسوا الأخطار التي قد ترد من الخارج، وتعيثُ فيهم شرذمةً وخلافات. ومثلما قلتُ سابقًا: في الحرب المشؤومة سادت مقولة معروفة: "حرب الآخرين على أرضِنا". وإذا كنا نحن فعلًا من أوقد النار في وطننا، بانقساماتنا المعهودة، فمن حقّ جميع المواطنين الآن أن يطالبوا قياداتِهم السياسية بالتصدّي عبر السياسة والثقافة والقانون والسلاح، لأيّ عدوانٍ يلجُ حدودَنا، وفي الطليعة العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف رغم تفاهم وقف الأعمال العدائية. من حقّ المواطنين أن يرتفعَ بين السياسيين صوتُ الوحدة الوطنية الذي يقدم سلامةَ لبنان ووحدةَ شعبه ومؤسساته وترابه، على كل أمر آخر أو قضية أخرى أو هوًى انفصالي. من حقّ المواطنين أن يؤمن أهل السياسة بأن الشعب جسدٌ واحد إن قوِيَ منه عضوٌ تشدّدت سائر الأعضاء، أو مرضَ منه عضوٌ تداعى له الجسدُ كله بالسهر والحمى.

وقال: التاريخُ الذي نحتفل به اليوم يلزمُنا باحترامِ حياتِنا معًا. فلنكن على قدر المسؤولية الوطنية ولنعملْ من أجل السيادة الحقيقية والدولةِ الكاملةِ المواصفات. ولقد كان عليَّ أن أوجّه كلمات الشكر في بداية هذا الخطاب، لكنني تركتُها إلى الآن لتكون مسك الختام.

الشكر لكم يا دولة الرئيس على إحاطتكم وعنايتكم وتصديقكم على قرار وزارة الثقافة تسمية هذا المركز باسم مركز نهاد السعيد للثقافة.


والشكرُ للسيدة الأولى منى  الهراوي، وللسيّدة لمى سلام، وللسيّدة ريما شحادة ولآل السعيد الكرام وللوزير الصديق روني عريجي ولسائر أعضاء المؤسسة الوطنية للتراث وأعضاء لجنة مركز نهاد السعيد الثقافي على كل سعيٍ ومساهمةٍ واهتمام، فلولا جهودهم الدؤوبة لما كان هذا المعلم ليقوم. بارك الله في هذا المركز الثقافي المتميّز، عساه يشهد أبهى الفعاليات ولبنان بألف خير وعافية.

السيدة هراوي

وقالت رئيسة "المؤسسة الوطنية للتراث" السيدة منى هراوي في كلمتها:

يسعدني أن أرحّب بدولة الرئيس والتوجّه بالتقدير للدور الكبير الذي يؤدّيه على الصعيد الوطني، في مرحلةٍ لَعلّها الأقسى والأصعب في تاريخ لبنان.

كما أرحّب بجميع المقامات الرسميّة والروحيّة والعسكريّة وكافة الأصدقاء الواهبين.

نحتفل اليوم سوياً بافتتاح صرح ثقافي حيوي بامتياز، ملحق بالمتحف الوطني العزيز على قلوبنا جميعاً والذي أسهمت المؤسسة الوطنية للتراث في إعادة تأهيله بالتعاون  مع المديرية العامة للآثار بين العام ٩٦ و ٩٩، كما تمكّنت بالرغم من الظروف الصعبة وبفضل تعاطف العديد من الأصدقاء، من المحافظة على هذا المتحف التاريخي الذي يضمّ مجموعات أثرية تنتمي ال ۱۸حضارة عريقة تختصر ٦۰۰۰ سنة من عمر الزمن.

أضافت: وبهدف تطوير دور المتحف الوطني الثقافي والإنساني وجعله أكثر حيوية وانفتاحاً على عالم الغد إسوةً بكبار متاحف العالم، قَرّرت المؤسسة في العام ٢۰۱٤ إستحداث فسحة للتلاقي والحوار والتعرّف على الفنون والثقافات العالمية.

إقترحت الصديقة ريما السعيد وهي عضو في الهيئة التنفيذية للمؤسسة أن تكون عائلة السعيد شريكاً أساسياً في المشروع الجديد؛ وهكذا كان إذ بادرت السيدة سلمى السعيد الى تقديم هبة عينيّة قيّمة وافق على قبولها مجلس الوزراء كما وافق على الترخيص للمؤسسة بإِنجاز الأعمال بِموجبِ عقدٍ تَمّ توقيعَه في أيلول ٢۰۱٤ بين الدولة اللبنانية - وزارة الثقافة ممثلة بمعالي الأستاذ ريمون عريجي والمؤسسة الوطنية للتراث ممثلة بي شخصياً كون لي شرف تَرؤسِها.

وبغية تمويل هذا المشروع، تمّ التوافق بين المؤسسة وآل السعيدعلى أن يشارك الفريقان في تغطية كلفة أعمال التصميم والبناء والتجهيز التي أُوكلت الى مكتب المهندس رائد أبي اللمع، وتمّ وضع حجر الأساس في تشرين الثاني ٢۰۱٦.

وبما أن الكلفة الإجمالية تعدّت المبلغ المرصود لها، أَطلقتْ المؤسسة مطلع العام ٢۰۱۸ حملة تبرعات، فاستجاب العديد من رجال الأعمال والأصدقاء وغطّت عائلة السعيد باقي المتوجبات فأُنجز المشروع الذي استغرق ۱۰ سنوات.

وللمناسبة نثمّن كثيراً إسهام آل السعيد، لذا وبناءً على رغبة العائلة الكريمة، تمّ إطلاق إسم "جناح نهاد السعيد للثقافة" على الفسحة المخصّصة للنشاطات الثقافية والفنية، كون المرحوم نهاد السعيد كان رجل علمٍ شغوفاً بالفنِ والثقافة.

كما وُضعت لوحة تذكارية على المبنى الجديد تخليداً لأسماء جميع المتبرّعين الكرماء الذين تمكّنت المؤسسة بفضلهم من تحقيق هذا المشروع.

وقالت: نَحن وبالرغم من قساوة المرحلة التي يجتازها وطننا لبنان والمنطقة، فالتشبّث بعراقتنا كبير والإيمانُ راسخٌ بالمستقبل. ولقد تَعلَّمنا عبر العُصورِ المتعاقبة ثقافة الصبرِ والصمود والإستمرار. وهذا الإنجاز الجديد فِعلُ إيمانٍ بلبنان.

إن هذا المشروع لم يكن ليرى النور لولا التعاون الوثيق بين وزارة الثقافة – المديرية العامة للآثار والمؤسسة الوطنية للتراث ولولا جديّة العمل في إطار قانوني شفاف.

وإذ أوجّه باسم مجلس أمناء المؤسسة تحيّة شُكرٍ وتَقدير لراعي هذا الإحتفال دولة الرئيس نجيب ميقاتي، أخُصُّ بالشكرِ معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على دعمه الدائم للمؤسسة.

ولَن أنسى توجيه تحيّة شُكرٍ وتقدير الى معالي وزير الثقافة الأَسْبَق الصديق روني عريجي الذي دعمنا يومَ إطلاق مشروعنا هذا وهو مستمرٌ معنا في الهيئة التنفيذية للمؤسسة.

كما أُحيّي المهندس رائد أبي اللمع لإنجازه الرائع في جمالية هذا البناء العصري، واللجنة الإدارية للمشروع لا سيما السيدات لمى سلام، ريما السعيد شحاده، سلوى سلمان ويمنى كرم، لَهُنَّ مني كل الإمتنان والمحبّة. وأخيراً للإعلاميين ووسائل الإعلام والتواصل شكرٌ كبير لمواكبتهم باستمرار لأنشطة المتحف الوطني.

وختمت السيدة هراوي: إن مشروعنا الذي يُفْتتح اليوم، هو بالنسبة لنا نوعٌ من المقاومة الفكرية والثقافية في وَجهِ التحديّات والمصاعب وما أكثرها في أيامنا هذه! إنه تجسيدٌ لِوَجْهِ لُبناننا الحضاري المشرق، لبنان التلاقي والشراكة والإبداع، لبنان وطن الإنسان.

السيدة لمى سلام

وقالت عضو مجلس "المؤسسة الوطنية للتراث" السيدة لمى تمام سلام في كلمتها: باسمي واسم أعضاء لجنة جناح نهاد السعيد للثقافة: روني عريجي، سلوى السعيد سلمان، يمنى زياده كرم، صالح بركات وسمير علي أحمد، أرحب بالحضور الكريم في هذا اليوم المميز، الذي لا يقتصر على كونه حدثاً خاصاً بالمؤسسة الوطنية للتراث، ولا على عائلة نهاد السعيد، بل يُعتبر مناسبة وطنية هامة، حيث أن هذا المبنى هو ملحق للمتحف الوطني الذي نفتخر به، كونه من أهم المعالم الوطنية.

إن جناح نهاد السعيد للثقافة، من تصميم المهندس رائد أبي اللمع، يُسهم في الثراء الثقافي للتراث اللبناني من خلال برامج مبتكرة ومعارض نوعية، بمشاركة فعالة من المجتمع. وفي الوقت ذاته، يشكل دعماً لمتحف بيروت الوطني في توفير إيرادات إضافية له، من خلال أنشطة متنوعة ومطعمٍ بادارة الشيف حسين حديد.

هذا الصرح الثقافي هو تكريم للإنسان الراقي والمثقف.

أضافت: نهاد السعيد ولد سنة ١٩٣٧. والده فؤاد السعيد ووالدته سلوى دمشقية. وقد تفوق في دراسته وتخرج من جامعة كامبريدج في إنجلترا بامتياز. كان رجل أعمال ناجح تميّز بشغفٍ للفن و الثقافة. تحوّل شغفه بجمع التحف الفنية القيمة إلى ولع حقيقي بفن المعادن الإسلامية من العصور الوسطى.

رحل نهاد السعيد عن الدنيا، و عمره ٤٥عاما، سنة 1982، بعد فترة قصيرة من إصدار دار "سوذوبيز" لكتابه القيّم عن "فن المعادن الإسلامية".

وقالت السيدة سلام: الإهتمام بالفن والثقافة لم يقتصر على نهاد السعيد، بل شمل شقيقته ريما السعيد شحادة، التي حملت راية مشروع جناح نهاد السعيد، وكان لها الفضل الكبير في مواصلته وتنفيذه.

إن جناح نهاد السعيد أصبح حقيقة بفضل زوجته السيدة سلمى السعيد، فقد بذلت جهوداً متواصلة ودعماً ومساندة، قلّ نظيرهما، وإصرارٌ لإنجاز المبنى وتجهيزه على أعلى المستويات. كان حضورها وتشجيعها ونصائحها اليومية حافزاً لنا جميعاً.

ومع ذلك، فإن هذا المشروع لم يكن ليُبصر النور لولا وجود سيدة ورائدة ذات قدرات مميزة، على رأس المؤسسة الوطنية للتراث، السيدة منى الهراوي. فقد ساهمت من خلال جمع التبرعات من مجموعة كريمة داعمة للثقافة، بجزء من الأعباء المالية، وضعت أسماوءهم ضمن لوحة تكريمية على مدخل الجناح.

وقالت: كما أود أن أتوجه بالشكر لمعالي الوزراء القاضي محمد المرتضى والأستاذ وليد نصار والأستاذ روني عريجي على ثقتهم ومجهودهم وتعاونهم الذي سَهَّل عملية إنجاز المشروع. وفي الختام، كل الشكر لدولة الرئيس نجيب ميقاتي على احتضانه وتشجيعه ورعايته.

والآن، أتمنى على السيدة الهراوي، والوزير المرتضى، والرئيس ميقاتي، أن يتفضلوا تباعاً إلى المنبر لإلقاء كلماتهم، ومن ثم الإنتقال إلى زيارة معرض "بوابات وممرات" الذي ينظمه متحف "بيما"، والذي يجسد العبور من الماضي إلى الحاضر، آملين أن يشهد وطننا عبوراً إلى أيام أفضل.

وفي الختام كانت جولة في المتحف.

نبذة عن جناح نهاد السعيد للثقافة:

"يندرج جناح نهاد السعيد ضمن سلسلة حكايات تراث الماضي ويفتح صفحة جديدة من تاريخ المتحف الوطني. فتأتي هذه المساحة الحديثة والمشرقة نتيجة عمل هندسي دقيق ليصبح منصّة ناشطة حيث تلتقي الفنون والثقافة مُجدّدةً هويّتها باستمرار.

تقتصر مهمّة الجناح على الإحتفال بالثراء الثقافي اللبناني ونشره من خلال برامج مبتكرة ومعارض جريئة والتزام مجتمعي قويّ. بذلك، يُقدّم الجناح مساحةً حيث نستطيع استكشاف الهويّة الوطنية وتعزيزها، حيث نوقظ فضولنا وحيث يستمدّ الإبداع من التربة الخصبة. في الوقت نفسه، يساهم بشكلٍ كبير في الدعم المالي للمتحف الوطني وتوسيع نطاق عمله. بالفعل، سيكون الجناح مخصّصًا لتنظيم النشاطات الثقافية والإجتماعية واستضافتها من مؤتمرات واجتماعات وحلقات نقاش إلى توقيعات كتب وغيرها من الأنشطة "المؤسسية" لتقديم الدعم المالي للمتحف الوطني في بيروت. أضف إلى ذلك "The Pavilion Café" بإشراف الشيف حسين حديد، جاهز لاستضافة المناسبات كافة.

مشروع مدعوم من المؤسسة الوطنية للتراث

رأى هذا المشروع الطَموح النور بفضل الإلتزام المستمر للمؤسسة الوطنية للتراث التي أسّستها وأدارتها السيّدة منى الهراوي. فمنذ نهاية الحرب الأهليّة أدّت هذه المؤسسة دورًا رئيسيًا في تجديد المتحف الوطني والحفاظ عليه. وإنّ هذا التعلّق العميق بالمتحف هو الذي سمح للمؤسسة بتصميم المشروع بالشراكة مع عائلة السعيد.

رغم أنّ عائلة السعيد كانت المُموّل الأساسي، تمكّنت المؤسسة الوطنية للتراث من جمع المزيد من التمويل من الجهات المانحة والشركات الخاصة، ممّا يدل على الأهميّة الجماعية التي يحظى بها المشروع.

تصميم هندسي مليء بالرؤية

إنّ جناح نهاد السعيد للثقافة هو ثمرة العمل الذي قامت به شركة رائد أبي الّلمع للهندسة المعمارية. ومن خلال دراسة أرشيف المتحف التاريخي، اكتشف المهندسون على الخريطة الأصلية جناحيْن كان من المفروض إضافتها على المبنى الرئيسي لكنّه تمّ بناء الجناح الأيسر وحسب. بذلك، يشغل اليوم جناح نهاد السعيد المساحة الشاغرة على يمين المتحف فيتكامل بتناغم مع المبنى الحالي، مضيفًا لمسة معاصرة إليه.

يتميّز الجناح بتصميمه الذي يشعّ أناقَةً وليونة، مقدّمًا مساحة متعدّدة الإستخدامات تستوعب نشاطات ثقافيّة متنوعّة. فيجمع هذا الإمتداد الطبيعي للمتحف بين التقاليد والإبتكار باستخدام نفس مواد البناء الأساسي لكن مع إضافة لمسة معاصرة.

معرض إفتتاحي عريق

رغبةً منه بالتعاون مع جهات مختلفة منذ بدايته، إختار جناح نهاد السعيد للثقافة أن يعهد الى متحف بيروت للفنون BeMA تنظيم المعرض الإفتتاحي "بوابات وممرات، سفر عبر الواقع والخيال".

إنّ هذا المعرض الرمزي، يُسلّط الضوء على العلاقة بين الواقع والخيال من خلال الحوار بين الأعمال الفنيّة الحديثة من مجموعة وزارة الثقافة والأعمال الحديثة التي يقدّمها الفنانون وهواة جمع التحف.

ينقسم المعرض إلى أربعة فصول رمزيّة – الذاكرة والأساطير والإدراك والأرض – ويدعو الزّوار للسفر عبر الزمان والمكان بالتطلّع إلى الموضوعات العالميّة التي تربط الأعمال الفنيّة ببعضها. عند العبور من جزءٍ إلى آخر يوّلد فينا التفكير والعاطفة فتحيك ما بين عناصر الماضي والتفسيرات المعاصرة التي تسمح بنظرة جديدة على التراث الثقافي اللبناني.

مع توافد أوّل الزوار إلى الجناح، تمّ استقبالهم في مساحةٍ تعكس بتصميمها ومهمتها رغبتها بأن تكون جسر عبور بين العصور والثقافات والأفكار. فمن المُقدّر أن يصبحَ جناح نهاد السعيد منارة للإبداع والإبتكار، ممّا يعكس روح بلدٍ يرفض الموت.

سيستمر المعرض الإفتتاحي "بوابات وممرات، سفر عبر الواقع والخيال" حتى 10 كانون الثاني 2025.

المزيد من الفيديو
كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في حفل افتتاح قسم غسيل الكلى في مستشفى المنية الحكومي