كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في لقاء مع الرئيس عدنان القصار ومع رؤساء وممثلي الهيئات الاقتصادية (أهمية التشاور والتنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص)
الثلاثاء، ١٧ أيار، ٢٠٠٥
أخي الرئيس عدنان القصار،
أخواني رؤساء وممثلي الهيئات الاقتصادية،
يسرني أن أرحب بكم جماعة وفردا فردا، وأنا على يقين بأن اجتماعنا هذا سيسهم في تحقيق الغاية الدائمة التي تشغلنا، وهي توثيق التعاون بين القطاع العام في كل مرافقه وبين القطاع الخاص في كل نشاطاته لما فيه خير الوطن في كل المجالات وفائدة المواطنين على كل المستويات.
يشكل هذا اللقاء معكم واحدا من عدة لقاءات أخرى مشابهة مع ممثلي القوى الحية والفاعلة في المجتمع اللبناني وقد شئت أن يكون أولها معكم إدراكا مني لأنكم مع زملائكم ومع العاملين معكم تشكلون قوى الانتاج التي انتصرت على كل سياسات الحروب والتخريب والتدمير، وتجاوزت بعد الحرب كل اشكالات التعثر وأظهرت دائما صمودا وصبرا غير محدودين ومقدرة على التكيف وابداعا مستمرا.
إن دعوتي هذه لكم تأتي انطلاقا من ايماني باهمية التشاور والتنسيق بين الحكومة وبين القطاع الخاصة والتأكيد لكم أننا نولي الشأن الاقتصادي الأهمية التي نوليها للشأن السياسي اذ أنه بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري احتل الشأن السياسي الاهتمام الكلي نظرا للزلزال الذي أحدثته هذه الجريمة وما أعقبها من تداعيات ومتغيرات ولكن هذا لا يعني ولا يجب أن يعني يوما أن الشأن الاقتصادي كان غائبا عن اهتماماتنا.
لن أطيل عليكم وسأكتفي بملاحظات سريعة:
تعلمون اصلا أن عمر هذه الحكومة قصير، وأن مهامها الاساسية تكاد تنحصر في تمكين لبنان من اجراء الانتخابات النيابية وفي اعداده للتعاون بشكل مناسب مع لجنة التحقيق الدولية لمعرفة الحقيقة في الجريمة الارهابية التي أودت بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. لكن هذا لن يصرف الحكومة ووزراءها غير المعنيين بأشخاصهم في الانتخابات عن الاهتمام بكل ما من شأنه معالجة أي موضوع ضمن الوقت المتاح بالتعاون معكم ومع كل القوى الفاعلة في المجتمع وذلك لتحقيق الأهداف التالية:
- التخفيف ما أمكن من الضغوط وإزالة ما أمكن من المصاعب التي تواجهنا في هذا المرحلة الدقيقة.
- توجيه رسالة إلى الأخوة العرب وإلى الاصدقاء في العالم تؤكد على ما يعرفه كثيرون منهم أن لبنان ما زال رغم كل المصاعب، قادرا على متابعة الحياة ومصمما على مواصلة البناء والتطوير والتحديث.
- التأسيس لحلول مستقبلية وفق نظرية اقتصادية شاملة تأخذ بعين الاعتبار ميزات لبنان وقدراته التنافسية.
- إن مسؤولية تحريك الوضع الاقتصادي وتحفيز النمو والاستثمار ومعالجة مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية، وكلنا ندرك مدى حجمها وتأثيراتها، هي مسؤوليتنا جميعا دولة وقطاعا خاصا. فنحن وإياكم شركاء في هذه المسؤولية وشركاء في عملية النهوض والحفاظ على الثقة وفي رسم أطر العلاجات والحلول اللازمة لمشاكلنا ونحن قادمون على فصل صيف نريده ونعمل جاهدين لكي يكون صيفا ناجحا بالفعل وليس بالشعارات.
لست بحاجة الى ان اورد امامكم ما تعروفونه عن واقع الحال، ونحن وانتم تدركون حجم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي ستواجهنا بعد انتهاء الاستحقاقات الدستورية والانتخابات.
إن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو كيفية الحفاظ على الثقة بلبنان، والأولوية لدينا ستكون للنهوض بلبنان والاهتمام بأوضاعه. وهذا لا يتم إلا بالتعاون بين جميع اللبنانيين مسؤولين ومواطنين لترسيخ وحدتنا الوطنية وعيشنا المشترك.
- إن ثقة المواطن العربي بقدرة لبنان على التغلب على كل الصعوبات ما زالت كبيرة، وتؤكد ذلك الاحصاءات والارقام المتوفرة لدينا حول استقطاب لبنان في الاسابيع الماضية ودائع وتحويلات من الخارج معظمها عربية وخليجية بالتحديد وما نتلقاه من مؤشرات تؤكد رغبة الاخوة العرب والكثيرين من الاصدقاء في العالم في مواصلة التعاون معنا بما يضمن استقرار لبنان ونموه وتقدمه، وأن هؤلاء الاخوة والاصدقاء لا يشترطون لتعاونهم عنا سوى أن نلتزم نحن بالقيام من جهتنا بما علينا لجعل هذا التعاون مثمرا ومجزيا. من هذا المنطلق علينا أن نتعاون معا لتعزيز هذه الثقة توصلا الى تحقيق كل الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي ننشدها ولدى لبنان اليوم قدرات مصرفية ومالية لا يستهان بها تؤهله لدور قيادي في تحريك الاموال والفوائض النقدية في دول الخليج العربي من اجل التنمية والتقدم.
ونحن حريصون على العمل لازالة كل المعوقات ليكون عملكم أسهل وأسرع مع البعد عن الروتين الاداري لتظل الطريق امامكم سالكة وفق ما يلبي طموحاتنا جميعا.
إن ما يشجعنا على التعاون الايجابي بين الدولة وبين القطاع الخاص ممثلا بالمعطيات الاقتصادية هو ما لمسناه من نتائج ايجابية للتعانون الذي أتى ثماره استقراره نقديا بين مصرف لبنان وجمعية المصارف ونتائج انعكست ايجابا على وضع القطاع.
وأخيرا سيبقى العامل المطمئن لكم ولنا اننا لم نتأخر يوما عن الوفاء بالتزاماتنا المالية والابقاء على الثقة المطلقة بلبنان، ولقد شهد لنا بذلك البنك الدولي عبر العديد من تقاريره.
وأخيرا فانني اتطلع الى ان يخرج اجتماعنا هذا بالوصول إلى ثلاثة أهداف مشتركة هي:
1- تحديد جوهر المشاكل التي تواجه القطاعات الاقتصادية.
2- تحديد الاولويات بالنسبة للمشاكل التي تعترض كل قطاع من هذه القطاعات.
3- تحديد الثوابت الواجب اعتمادها لوضع مشروع انقاذي يكون بمثابة رؤيا مستقبلية لمعالجة كل ما يتعرضنا من مشاكل ووضع اقتراحات الحلول اللازمة لها.