كلمة الرئيس ميقاتي في ختام المناقشات النيابية للبيان الوزاري للحكومة بتاريخ 27/4/2005
لقد استمعنا على مدى يومين إلى العديد من مداخلات النواب التي ركزت على المسألة الأساسية الواردة في البيان الوزاري لحكومتنا، وهي الانتخابات النيابية، والتي يعلق عليها اللبنانيون أهمية كبيرة في تجديد الحياة السياسية والانطلاق بلبنان نحو مرحلة جديدة. ومن هذا المنطلق فإن ردنا سيقتصر على هذه المسألة الجوهرية، مع تقديرنا لسائر الملاحظات التي أبداها النواب الكرام في الشؤون العامة الأخرى.
دولة الرئيس، من أولى واجباتنا في هذه اللحظة التاريخية التي يمر بها لبنان، أن نؤكد التزامنا إنجاز هذا الاستحقاق الديموقراطي في موعده الدستوري، ونحن نؤكد أن ذلك سيضع البلاد على سكة السلامة وينقلها إلى مرحلة التغيير الحقيقية والمرتجاة. أما موضوع قانون الانتخابات فالحكومة تملك خيارا ورؤية، ولكن جميعكم تدركون الوقت الداهم، وأننا لا نستطيع في خلال ساعات قليلة، ونحن لم ننل الثقة بعد، وضع مشروع قانون جديد للانتخاب.
إن رؤيتنا وخيارنا يتفقان تماما مع روح اتفاق الطائف، أي المحافظة والنسبية، وقد سبق لي أن أودعت مجلس النواب مشروعا على هذا الأساس، لكن نظرا للظرف الحالي ووعينا للأمور وضيق الوقت، الذي لا يتسع لإعداد مشروع القانون ليتفق مع هذا المبدأ، بحثنا في لجنة صياغة البيان الوزاري وفي مجلس الوزراء، وخرجنا باقتراح لتشكيل لجنة سياسية، تشاورية نيابية ووزارية، وهي ليست سوى فكرة لإتاحة الفرصة أمام القوى السياسية الممثلة في المجلس لوضع قانون جديد، يحقق صحة التمثيل السياسي، وذلك في رحاب هذا المجلس وتحت قبة البرلمان. ونحن نعي تماما أين كنا منذ شهرين وأين كان كل فريق، ودعوتنا ان تكون لجنة حوار ضمن هذا المجلس، وضمن اللجان التي يرتئيها مجلسكم الكريم، سواء كانت لجنة الإدارة والعدل أو أي لجنة أخرى، وأن تتمثل بها الحكومة ومختلف الكتل النيابية، لكي نخرج بقانون انتخابات جديد.
وهذه الفكرة كما تعلمون، لا تلزم المجلس بأي قرار من قراراتها، وإن أي اتفاق حول مشروع القانون يبقى رهنا بقبول مجلس النواب وإقراره بموجب قانون، وفقا للأصول الدستورية التي نحترمها ونتقيد بها.
إن الحكومة في نهاية الأمر تلتزم التزاما كاملا بما يقرره المجلس، وفقا لنظامنا البرلماني الذي يعتبر مجلس النواب الممثل للارادة الشعبية ومصدر السلطات، وليس في ذلك كما هو واضح أي تعارض مع مبدأ فصل السلطات، علما أن نظامنا البرلماني يقوم على مبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها في آن معا، وفكرة اللجنة النيابية الوزارية تأتي في هذا الإطار.
اليوم وبعد ما ورد من ملاحظات على البيان الوزاري، أقول كي نتجنب مكرهين العودة إلى قانون الانتخاب للعام 2000، رغم علمنا بما يعتريه من شوائب وسلبيات، فإننا نذكر مجلسكم الكريم أن الحكومة التي تمثل أمامكم لم تسحب القانون المحال من الحكومة السابقة للانتخاب على أساس القضاء.
وإننا هنا نطلب أن ينكب مجلس النواب فورا على متابعة دراسة مشروع القانون المذكور أو أي اقتراح قانون ورد إلى مجلسكم، وذلك في أقصى سرعة ممكنة ليتم تحقيق هذا الإنجاز الديموقراطي الذي ينتظره ويبني عليه اللبنانيون الكثير من الآمال، والذي يشكل مفصلا أساسيا في مسيرة لبنان الديموقراطية والسياسية والاقتصادية، وإلا سنضطر إلى العمل بمقتضى قانون الانتخابات النافذ ودعوة الهيئات الناخبة فورا على أساسه، احتراما منا للمهلة الدستورية وعدم الوقوع في أي فراغ.
دولة الرئيس، السادة النواب إن آمال اللبنانيين معقودة علينا، ونحن، مجلسا نيابيا وحكومة، نتحمل مسؤولية تاريخية أمام مواطنينا وأمام أجيالنا لكي نعبر معهم إلى إنقاذ لبنان، بعد أن عانى اللبنانيون الكثير، ولا يجوز لنا في هذه الآونة الخطيرة والمصيرية من تاريخنا التهاون في هذاالاستحقاق المصيري أو أن نستسلم لخلافاتنا أو لمصالح آنية، بل تقتضي منا الأمانة والمسؤولية ان نقدم لشعبنا ما يتوق إليه من تغيير ديموقراطي يحقق الآمال، ويعيد إلى لبنان صورته الحضارية أمام العالم كله. نحن نمد أيدينا إليكم جميعا لنتفق في هذه اللحظة بالذات على أي قانون تشاؤون، وليس لدينا سوى شرط واحد: ان نلتزم بإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، لكي نكون صادقين أمام شعبنا ولكي نؤكد مرة أخرى أننا أهل للأمانة التي وضعها شعبنا في أعناقنا، ولن نتوانى إطلاقا في إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري في موعده.