نجيب ميقاتي دخل الحكم كبيراً وخرج منه أكبر
بقلم محمد لمع (السفير 16/7/2005)
من الرجال من يواعدهم القدر فيضع فيهم امكانات النجاح لأنفسهم ولمجتمعهم وتكون عطاءاتهم شمولية تتجاوز مجتمعاتهم وتكون طريقهم الى القمة متاحة ولو على الشوك ووعورة الدرب.
ويتحلى هؤلاء بصفات القيادة من ثقة بالنفس وميزات الجرأة والكفاية واتخاذ القرار والاطلالة على الناس، يحبون من حولهم فيعقدون الخناصر عليهم ليصبحوا أملاً وهم يحملون هموم المواطنين ويصلون بهم الى مستوى طموحاتهم ورغباتهم وتأتيهم المراكز والمناصب لأنهم أهل لها.
نجيب ميقاتي، دولة الرئيس، واحد من هؤلاء الرجال، رأى بحكم وعيه الكامل للسياسة الداخلية والاقليمية والدولية وتيارات الرياح المتقلبة ان المجال مفتوح أمامه ولكن من دون تهالك أو تهافت بل أبرز قدرته على النجاح في المهمات التي يتولاها ولو في أحلك الظروف وأصعبها.
ولأن الرئيس نجيب ميقاتي كذلك، فلم يضع على سيارته يوم انتخب نائباً اللوحة الزرقاء ولم يضع كذلك اللوحة السوداء ذات الرقمين عندما عين وزيراً ولم يضع اللوحة رقم 3 وهو رئيس للحكومة، لأن الحكم تكليف لا تشريف والمهم في نظره هو حسن الأداء والنهوض بالمسؤولية والاقتراب من الناس أكثر بحكم الموقع الذي لم يبدل من طباعه شيئاً.
ولأن الرئيس نجيب ميقاتي كذلك فلم يضع على سيارته يوم انتخب نائباً اللوحة الزرقاء ولم يضع كذلك الولحة السوداء ذات الرقمين عندما عين وزيراً ولم يضع اللوحة رقم 3 وهو رئيس للحكومة، لأن الحكم تكليف لا تشريف والمهم في نظره هو حسن الأداء والنهوض بالمسؤولية والاقتراب من الناس أكثر بحكم الموقع الذي لم يبدل من طباعه شيئاً.
ولأن مجتمعنا العربي يختزن المثل القائل "لاقيني ولا تغديني" وفر للرئيس ميقاتي أن يكون قريباً من الجميع فمن الصعب أن يعادي أو يخاصم ما دام يعتقد بأن الحوار هو الذي يوصل الى الهدف المشترك فتزول الحواجز والظنون ليحل مكانها الصفاء والوئام. ويؤمن نجيب ميقاتي بأن العمل الجاد من دون تواكل أو تباطؤ هو الذي يحقق الغاية المطلوبة، يلاحق الشأن الصغير كالشأن الكبير حتى النهاية ولا يطمئن أو يرتاح إلا بعد إنجازه لأن مهمة أخرى تنتظره والحياة ليست تواكلاً ولا تهاوناً بل جهد متواصل.
ولم يكن وصول ميقاتي الى ما وصل إليه من مراكز ونجاحات من باب الإرث السياسي بل من بوابة العلاقات العامة التي يجيد فنها مع ابتسامة لا تفارق ثغره واشراقة لا تبتعد عن وجهه دليلاً على صفاء النفس ونقاوة الضمير، وهو بينه وبين الاقتصاد عشق دائم يلم بكل شيء ويتعاطى مع الأرقام بحب يصل الى حد الغرام ويتمتع بسرعة البديهة التي تمكنه من اتخاذ القرار في ضوء المعرفة بالنتائج.
واستناداً الى هذه الامكانات فإنه وفى بما وعد به منذ توليه رئاسة الحكومة حتى قيل ان الحكومة استقلت القطار السريع في انجازاتها الكثيرة ضمن فترة قصيرة.
ويملك نجيب ميقاتي القدرة على مواجهة الصعاب متمرساً بذلك عملياً ومنذ أن كان عضواً في غرفة التجارة والصناعة ثم رئيساً للجنة الاقتصادية فيها التي حولها الى خلية نحل تعتمد الرقم والاحصاء والتحليل الدقيق، مؤمناً بقاعدة أساسية لمزيد من العطاء والنمو هي وجوب أن توفر الدولة للقطاع الخاص القدرة على اتخاذ المبادرات اسهاماً في النهوض والتقدم. ويردد في هذا الصدد: "إذا تمكنا من استكمال مقومات الاستقرار بما يصون وحدة لبنان يؤسس لمستقبل زاهر فإن أشقاءنا العرب هم شركاء لنا في النهوض ولا ضرورة عندئذ الى دعوتهم للاستثمار في لبنان لأن البيت بيتهم ولأننا عرفناهم مع لبنان دائماً في السراء والضراء"، ويقول أيضاً: "انني دائماً من المتفائلين بمستقبل لبنان رغم كثرة ما يعترضنا من مشاكل وصعوبات، المهم أن نستفيد من أخطائنا وأن نتكاتف معاً من كل المناطق والطوائف لبناء الوطن الذي تطمح إليه أجيالنا الطالعة".
أخي وصديقي الكبير نجيب،
يكفيك أنك وعدت ووفيت،
والوفاء نادر في علم السياسة منذ عهد ميكافيللي، الغاية تبرر الوسيلة، دخلت الحكم في مرحلة صعبة، مثقلة بالمصالح الذاتية والاعتبارات الضيقة، والشحن الفئوي والعاطفي، وقبلت التحدي ونجحت.
وكان التحدي كبيراً، وسط صراع حاد محفوف بالخوف من عدم التمكن من إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري وبين ميل الى ارجائها واصرار دولي على اتمامها من دون إبطاء.
وكانت التضحية مستحيلة على سواك يوم أعلنت التخلي عن خوض الانتخابات النيابية والتزمت الوعد أيضاً، وهو أمر غير متاح سوى لقلة من الرجال الذي يجعلون طاقاتهم وقوداً لاندفاع وطنهم الى الأمام فكان تقدير الشعب أكبر واتسعت رقعته انطلاقاً من طرابلس التي أحببت لتشمل مساحة لبنان الشعب كله من دون أن يتجاهلها السياسيون كافة فأجمعوا على تقديرك وقيادتك لانتخابات حرة نزيهة تحت نظر المجتمع الدولي عبر فريق انتدبه لهذه الغاية، واستحققت هذا التقدير والثناء في بيان الرئيس نبيه بري بعد إعادة انتخابه رئيساً لمجلس النواب والرئيس المكلف فؤاد السنيورة بعد تكليفه تشكيل الحكومة وبيانات الهيئات الاقتصادية بعد كل اجتماع تعقده، هذا اضافة الى رسائل التقدير الدولية.
قابلت ذلك من دون تفاخر، مكتفياً بالقول: لقد أديت واجبي... وهكذا علمني لبنان... أخي وصديقي الكبير نجيب،
لقد دخلت الحكم كبيراً
وغادرت الحكم أكبر مما دخلت...
خرجت وطنياً حكيماً توج نجاحاته الذاتية والخاصة بعاطفة شعبية وبالتفوق والنجاح لوطنه... ويكفي الجميع مقالك، علمني لبنان، وميثاق بيروت الاقتصادي، وهما رسالة عمل لمن سيتولى المسؤولية من أجل وطنه وخدمة شعبه وخطوط عريضة لأي بيان وزاري أو خطة عمل من أجل الحاضر والمستقبل... وترجمة عملية لطموحات وتطلعات الشباب وأجيال المستقبل بالتغيير وترجمة نداءاتهم وشعاراتهم الى واقع ملموس...
مرة أخرى دخلت الحكم كبيراً
وخرجت منه أكبر...