كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في احتفال جامعة بيروت العربية (وضع حجر الأساس لفرع الجامعة في طرابلس)
الجمعة، ٠٣ حزيران، ٢٠٠٥
سعادة رئيس جامعة بيروت العربية الدكتور مصطفى حسن مصطفى،
أصحاب المقامات السياسية والأكاديمية والتربوية والاعلامية والاجتماعية،
أيها الحفل الكريم،
في زمن الحزن بفعل الجريمة النكراء التي اغتالت الصحافي سمير قصير، نلتقي اليوم في هذه المناسبة التربوية الواعدة التي كان يمكن أن نؤجلها إلى وقت لاحق بسبب الأجواء السائدة، إلا أننا أصرينا على وضع حجر الاساس لهذا الصرح التربوي الذي سيعلو في عاصمة الشمال إدراكا منا لأهمية التمسك بمبادىء العلم والثقافة والتربية.
نلتقي هذا المساء في مناسبة سيكون تاريخها هذا النهار محطة زمنية مضيئة في تاريخ طرابلس وفي تاريخ جامعة بيروت العربية.
في تاريخ طرابلس لانها مدينة العلم والثقافة والتراث والإرث العربي الكبير والمخطوطات النفيسة والمكتبات النادرة، ومدينة التاريخ العريق بمحطاته الكبرى في لبنان والشرق العربي.
وفي تاريخ جامعة بيروت العربية التي، منذ انشائها، حققت انجازات أكاديمية وجامعية كبرى في عاصمة لبنان، وها هي عاصمة لبنان الثانية تدعونا اليوم إلى وضع حجر الأساس لبناء فرع الجامعة على أرضها في قلب الشمال المفعم بالإرث العربي الكبير.
ولأن كل كلام لا يمكن أن يحصر أعلام طرابلس ومؤرخيها وكتابها وصانعي أمجادها في كل حقل وميدان ممن خرّجتهم أرض طرابلس الحبيبة، فإن لا كلام يمكن أن يحصر الأعلام الذين خرجتهم جامعة بيروت العربية خلال سنواتها حتى اليوم في كل حقل وميدان.
وإذا كان مجد طرابلس في أبنائها، فمجد جامعة بيروت العربية في خريجيها المنتشرين في لبنان وخارج لبنان يباهون بشهادتهم الصادرة عن هذه الجامعة الكبرى. وهي محطة اليوم تبشر بأعلام جدد مقبلين على لبنان وخارج لبنان سيحملون غدا شهاداتهم من فرع طرابلس في جامعة بيروت العربية.
في هذا السياق، وفي هذا الاحتفال بالذات وما سينجم عنه من خطوات مباركة، أوجه تحية إلى جمعية العزم والسعادة الاجتماعية وما لها من دور نبيل في هذا الاحتفال اليوم وفي قيام هذا الحرم غدا لجامعة بيبروت العربية.
أيها الاصدقاء،
بالتربية نبني الوطن، وبالثقافة نصقل إنسان هذا الوطن، فكيف إذا اجتمعت للتربية والثقافة مؤسسة علمية أكاديمية راقية مشرقة من مستوى جامعة بيروت العربية لتكون في رئة لبنان الثانية طرابلس الحبيبة ما بنته من مجد في رئة لبنان الأولى عاصمتنا بيروت.
إلا طوبى لكم أيها البانون أجيال لبنان المستقبل تأتون إلى عاصمة الشمال، إلى الغالية طرابلس، حتى تشاركونا فرحة وضع حجر الاساس لهذا الصرح الجامعي الكبير، حرما شماليا بعد حرم بيروت، فبورك هذا الحجر نقطة أولى في بحر العلم، وبورك هذا الأساس نقطة أولى في إعلاء الصرح، وأننا على أمل كبير بأن هذا الصرح الجامعي الطرابلسي المزروع في أرضنا الطيبة، سيستقطب بإذن الله طلاب علم ومعرفة يتقاطرون إليه من كل لبنان ومن دول الجوار، واثقين بأن شهادة جامعة بيروت العربية تـُشرّف حامليها وتفتح أمام المجتمع اللبناني والعربي أبواب متخرجيها فيجلون في كل حقل وميدان.
وقبل أن أختم كلمتي، اسمحوا لي بمحطة قصيرة، أخاطب فيها أهلي في طرابلس الفيحاء لأقول لهم أني ما زلت معكم كما كنت دائما، واحد منكم، أمينا على آمالكم وتطلعاتكم، عاملا على ترجمة خياراتكم الوطنية والقومية بصدق ووفاء. صحيح إني لم أترشح لنيل ثقتكم في الدورة الانتخابية المقبلة، إلا إني بأسمكم أنتم قبلت رئاسة الحكمومة لأن البلاد تمر في ظروف دقيقة وحساسة تتطلب من الجميع التضحية والعطاء للوطن.
ولاني أعرف إنكم معي في هذا الخيار لأنكم أبناء أصالة ووفاء، حملت كرة النار لأؤكد مرة أخرى أن مصلحة البلاد فوق كل المصالح، ولأن أبناء طرابلس عرفوا عبر التاريخ أنهم يضحون بذواتهم من أجل وطنهم.
وعلى هدي هذه المبادىء السامية كان خياري على أن أحظى دائما بمحبتكم ودعمكم وتأييدكم وأن أستطيع دائما أن أكون ممثلكم في أي مكان أحل فيه أو مسؤولية أدعى إلى تحملها.
ولأنكم مدعوون، بعد أسبوعين إلى اختيار ممثليكم في الندوة البرلمانية، فِإني أدعوكم إلى أن تجعلوا مصلحة طرابلس والشمال هي الأساس في خياراتكم فتعطون ثقتكم لمن يستحق هذه الثقة ويحمل قضاياكم وهمومكم، ويكون وفيا للثوابت الوطنية التي قام عليها الشمال وإستمر، على رغم الظروف القاسية التي مرت خلال السنوات العشرين الماضية. كونوا أوفياء لما يرسخ الوحدة الوطنية، ويعزز التلاحم بين اللبنانيين، ولا تنسوا أن وطننا لا يقوم إلا بتضافر جهود ابنائه وتضامنهم ومحبتهم بعضهم للبعض للآخر، في إطار من التسامح والتعايش حيث لا مكان للتحدي أو الاستفزاز.
أيها الأحباء،
مبروك لجامعة بيروت العربية حجر الاساس في صرحها المقبل،
مبروت للغالية طرابلس هذ الحرم الجامعية يضاف مجدا إلى أمجادها،
ومبروك للبنان حرم جامعي جديد يفتح الأفق واسعا لطلب المستقبل الذي يعول عليهم لبنان،
عشتم، عاشت جامعة بيروت العربية، عاشت طرابلس، وعاش لبنان.