الرئيس ميقاتي: نسعى للوصول الى استقرار طويل الأمد وأن تكون المرجعية للدولة وحدها

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أننا نسعى للوصول الى استقرار طويل الأمد، وأن تكون المرجعية للدولة  وحدها وأن يتولى الجيش السلطة الفعلية على الأرض وأن نحميه".


وشدد على "أن التفاهم على وقف إطلاق النار هو نوع من الآلية التنفيذية لتطبيق القرار 1701، وأولويتنا الوصول الى استقرار طويل المدى وانتخاب رئيس للجمهورية".


مواقف رئيس الحكومة جاءت في خلال زيارته وزارة الخارجية والمغتربين، حيث اجتمع أولاً مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب.


ثم عقد رئيس الحكومة اجتماعاً في حضور الأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هاني الشميطلي مع أعضاء السلك الديبلوماسي والإداري في الوزارة.


استهل الوزير بو حبيب اللقاء بكلمة قال فيها: دولة الرئيس يسرني ويسعدني، أنا وزملائي في الوزارة، تشريفكم وحضوركم بيننا اليوم، ونحن نفتح صفحة جديدة نستبشر بها كل الخير لوطننا الحبيب لبنان. لقد مرت علينا ظروف قاسية خلال الأشهر الماضية، وقد عملنا كوزارة بتوجيهاتكم وبالتنسيق معكم ومع الوزارات المعنية. كما كانت بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية في قلب الحدث، ولم توفر الدبلوماسية اللبنانية المنتشرة في دول العالم كافة جهداً لإجراء الإتصالات مع العواصم المعتمدين لديها. كما ساهمت هذه البعثات وطواقمها، بالتعاون مع الجاليات والمؤسسات الأجنبية، في تأمين كل ما تيسر من احتياجات. إن هذا العمل التكاملي بين الوزارة وسائر الإدارات المعنية نموذج لما يمكن أن نحققه حين تتكاتف الجهود والطاقات.


أضاف: طموحاتنا كبيرة، وبالرغم من كل ما حدث فإننا محكومون بالأمل والرجاء، لا سيما في زمن الأعياد. نتطلع أن يحمل العام الجديد ولادة جديدة للبنان فيعود وطن النور، والإشعاع، والسلام. ثقوا بأن الدبلوماسية اللبنانية جاهزة لأداء رسالتها من أجل خير لبنان وازدهاره".


رئيس الحكومة


ثم تحدث رئيس الحكومة فقال: أردت في زيارتي لوزارة الخارجية أولاً أن أشكر معالي الوزير عبد الله بو حبيب الذي، رغم أن البعض يعتبر إنه لأسباب سياسية هناك نوع من الإختلاف في وجهات النظر، أؤكد أن وجهة نظرنا واحدة لأن اهتمامي واهتمامه هو لبنان الوطن وكيف يمكن إعادته لكي يكون حقيقة قادراً وفاعلاً ومشعاً للعالم.


لذلك أود أن أشكر الوزير بو حبيب على ما يقوم به، والشكر موصول الى كافة أعضاء السلك الديبلوماسي في وزارة الخارجية والذي يعمل ويتابع، كذلك الى الديبلوماسيين الذين يقومون بعملهم بأفضل شكل في الخارج، وأنا أتابع ذلك، من خلال كل التقارير الذي يرسلها لي وزير الخارجية والمرسلة من قبل السفراء في الخارج، وأعلم ما مدى المهنية الكبيرة الموجودة لدى معظم السفراء.


أضاف: "نحن مررنا ولا نزال نمر في ظروف صعبة، ولسوء الحظ لا يمكن أن نقول أنها ظروف مؤقتة ونحن نمر بها منذ فترة طويلة جداً. أنا أعتبر أن لبنان موجود في ممر بين الشرق والغرب والجنوب والشمال، وكلما تهب عاصفة من أي اتجاه تمر في لبنان، وعندما تكون قوية جداً نحن كلبنانيين بدلاً من البقاء في منزلنا وإغلاق النوافذ علينا كي لا نتأثر بما يجري، فإننا ننزل الى الشارع للنظر إليها، ولم ننتبه أنه يجب علينا إغلاق نوافذنا لتفادي أضرار العاصفة".


وقال: علينا أن نكون حريصين على بعضنا البعض ونحافظ على وطنيتنا للتغلب على شكوكنا ببعضنا البعض والتدخل بأمور ربما ليست تعنينا.وكل واحد منا يركض عندما تهب العاصفة لأخذ وكالة حصرية من دولة أخرى ليكون وكيلاً حصرياً لها بلبنان. وعندما تتفق هذه الدول مع بعضها نحتاج الى وقت لتصفية هذه الوكالة الحصرية. إنكم تعملون بجسم وقلب وتفكير واحد، وإنكم على مقدار المسؤولية في هذه الظروف الصعبة".


تابع: "منذ يومين استقبلت رئيس لجنة الرقابة على وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي، واليوم استقبلت الجنرال الفرنسي المشارك في اللجنة، وكان تأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من أي أراضي لبنانية تقدم إليها في الفترة الماضية، وهذا هو الأساس لنبدأ بالعمل الصحيح لإعادة السلام الى جنوب الليطاني ولكل الأراضي اللبنانية.


أضاف: نحن اليوم بأشد الحاجة لتضافر الجهود ولأن نكون جميعاً يداً واحدة وألا نتشاطر على بعضنا البعض. أكرر شكري للجهود الديبلوماسية التي قام بها الوزير بو حبيب وللديبلوماسيين على حركتهم المميزة رغم أنني أعرف ضآلة الإمكانات والظروف الصعبة. وبمناسبة قرب الأعياد أتمنى لكم عيد ميلاد سعيداً ومجيداً وأن يكون خيراً على لبنان.


ورداً على سؤال قال: إن موضوع التشكيلات الديبلوماسية مرتبط بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، علماً أن معالي الوزير يقوم بسد بعض الثغرات بإجراءات مؤقتة.


ورداً على سؤال قال: إن التفاهم على وقف إطلاق النار هو نوع من الآلية التنفيذية لتطبيق القرار 1701. أولويتنا الوصول الى استقرار طويل المدى وانتخاب رئيس للجمهورية.


أضاف: موضوع سحب السلاح يحتاج الى وفاق وطني. ونحن نسعى للوصول الى استقرار طويل الأمد، وأن تكون المرجعية للدولة وحدها وأن يتولى الجيش السلطة الفعلية على الأرض وأن نحميه.

الرئيس ميقاتي: ملتزمون تطبيق القرار ١٧٠١ وأدعو دول العالم والمؤسسات الدولية الى تحمّل مسؤولياتها

رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر اليوم في السرايا، شارك  فيها وزراء: التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الإعلام زياد مكاري، الدفاع الوطني موريس سليم، الشباب والرياضة جورج كلاس، المال يوسف خليل، الصناعة جورج بوشكيان، الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، الشؤون الاجتماعية نجلا رياشي، السياحة وليد نصار، الاتصالات جوني القرم، البيئة ناصر ياسين، الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، العمل مصطفى بيرم، الاشغال العامة والنقل علي حمية، المهجرين عصام شرف الدين والاقتصاد والتجارة أمين سلام، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.


كما شارك في جانب من الجلسة قائد الجيش العماد جوزاف عون.


كلمة رئيس الحكومة


بعد انتهاء الجلسة تحدث رئيس الحكومة فقال: بداية أتقدم بالتعزية بشهداء العدوان الاسرائيلي على لبنان، متمنياً الشفاء للجرحى والمصابين. على رغم هذا الوجع الكبير، وهول الكارثة التي حلّت بالوطن، لا يسعنا إلا أن نقول إنه يوم جديد نأمل أن يحمل معه السلام والاستقرار.


في هذا اليوم تبدأ مسيرة الألف ميل في إعادة إعمار ما تهدّم، واستكمال تعزيز دور المؤسسات الشرعية، وفي طليعتها الجيش، الذي نعلّق عليه الآمال العريضة في بسط سلطة الدولة على كل مساحة الوطن وتعزيز حضوره في الجنوب الجريح.


القرار


اضاف: في جلسة اليوم اتخذنا سلسلة المقررات الاتية: اكّد المَجلس مُجدّداً على قراره رقم 1 تاريخ 11/10/2024 في شقّه المُتعلّق بإلتزام الحكومة اللبنانيّة تَنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 تاريخ 11 آب 2006 بمُندرجاته كافّة لا سيّما ما يتعلّق بتعزيز إنتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني وفقاً للترتيبات المُرفقة ربطاً (Arrangements) والتي صدرت بالأمس ببيان مشترك عن الولايات المُتحدة الأميركية وفرنسا والتي تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا القرار بعد أن أخذ المجلس علماً بها ووافق على مضمونها، كما واستناداً إلى خطة عمليات تضعها قيادة الجيش وترفعها وفقاً للاصول إلى  مجلس الوزراء للموافقة عليها قبل المُباشرة بتنفيذها.


ومن جهة ثانية، فإن الحكومة اللبنانية، وإذ تُثني على الدّور الذي تَقوم به قوّة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، تُشدّد أيضاً على إلتزامها قرار مجلس الأمن رقم 2749 تاريخ 28/8/2024 لا سيّما لجهة التنفيذ الكامل للقرار رقم 1701 والوقف التام للأعمال العدائية وتحقيق الاستقرار عبر الخط الأزرق.


كما تقرر أيضاً، إبلاغ نسخة عن هذا القرار ومرفقاته إلى مجلس النواب للإطلاع وأخذ العلم.


وتابع رئيس الحكومة: إنه يوم جديد تُطوى فيه مرحلة من أقسى مراحل المعاناة، التي عاشها اللبنانيون في تاريخهم الحديث، لا بل كانت الاكثر قساوة وأملا.
نحن  اليوم  امام موقف  وطني و تاريخي، ونعيش لحظات إستثنائية نتبصَّر فيها إيجاد حلول جدية للوضع المأزوم الذي نعيشه.


المسؤولية كبيرة وجماعية في حجم المأساة، علينا جميعًا حكومة ومجلسًا نيابيًا وقوىً سياسية التكاتف والانخراط في ورشة الإصلاح وبناء دولة حديثة يتشارك الجميع في تدعيم أسسها. كفانا حروبًا ومآسي وكوارث.


منذ اليوم الاول لكارثة النزوح التي حصلت لم تتوان الحكومة عن الاضطلاع بدورها الكامل، وما تم تحقيقه عمل جبار تشكر عليه كل الوزارات والمؤسسات.


نشكر جهود كل الدول الصديقة والشقيقة التي ساعدت ولا تزال، على وضع خاتمة مشكورة لمحنة القتل والتدمير والتهجير .


معاً نستعيد ثقة العالم بنا ونعيد  ثقة اللبنانيين بالدولة ونؤكد المرجعية الامنية للجيش في الجنوب، بما يُسقطُ الحجج التي يختبئ وراءها العدو.


نحن أقوياء بالحق وبمحبة العالم للبنان ومتشبثون بسيادة الدولة بحراً وارضاً و جواً، خارج أي إنتهاك وتبريرات ساقطة.


اجدد تأكيد التزام الحكومة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب والتعاون مع قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان. وادعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية الى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد.


كما اطالب بالتزام العدو الاسرائيلي بشكل كامل بقرار وقف اطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها وتنفيذ القرار 1701 كاملاً.


من حق اهلنا ان يعودوا إلى ارضهم وبلداتهم ويعيشوا بسلام.


نحن مع اهلنا في الجنوب و البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت وعلى امتداد الوطن، لدعم حضورهم الاجتماعي وتحصين صمودهم بكل ما أوتيت الدولة من قوة. وسنواكب اوضاعهم ونعمل مع المجتمعات الصديقة لإعادة الإعمار وتحقيق عودتهم الكريمة إلى مناطقهم.


لبنان يستحق منا جميعا كل جهد وصبر وايمان بأن الغد سيكون مشرقاً و مفعماً بالرجاء وتضامن جميع ابنائه.


نحن على ثقة تامة بأن الغد سيكون أفضل شرط أن نضع خلافاتنا الظرفية جانبًا، وأن نتطلع إلى المستقبل بثقة وأمل.


اخواني اريد ان أقول كلمة من القلب الى جميع المواطنين في لبنان لنأخذ العبر من المرحلة الصعبة التي مررنا بها خلال الأشهر الماضية ونستعرضها سويا ونرى نصف الكوب الممتلئ.


أولا اتحدث عن الاحتضان الذي حصل بين اللبنانيين. الكل كان يراهن على الفتنة وعلى عدم قبول الاخر فرأينا، في كل المناطق على رغم اختلاف الاوضاع الاجتماعية وصعوبة هذه الأوضاع، كيف احتضن جميع اللبنانيين بعضهم البعض بكل محبة وخاصة في المناطق التي ربما كان البعض يعتقد انها من الصعب ان تستقبل الاخرين. فهذه عبرة يجب ان نأخذها بأن لا شيء يفرق بين اللبنانيين.


الامر الثاني، الجيش والدور الذي يقوم به حيث هناك 46 شهيدا من صفوفه عدا الجرحى الذين أصيبوا من جراء هذه الحرب، فالجيش  يقوم بواجباته في اصعب الظروف.


كما ان الامن الداخلي في لبنان كان مستتباً خلال هذه الفترة بشكل كامل نوعا ما لما نحن نمر به، كذلك القطاع الصحي والشهداء منه والمسعفين الذين أصيبوا خلال هذه المرحلة، إضافة الى ان القطاع الصحي استجاب رغم كل الظروف التي مرت وكما تعلمون لدينا اكثر من 15 الف جريح، فكان  القطاع الصحي قادرا على استيعابهم وتطبيبهم على المستوى المطلوب.


وكما اننا نأخذ مثل مطار بيروت الدولي والاستمرار بالعمل به، وهذه التجربة يمكن ان تكون مثمرة في المستقبل من خلال التعاون الذي حصل بين إدارة طيران الشرق الأوسط والحكومة اللبنانية حيث قدمت الحكومة ومجلس الوزراء كل ما يلزم للشركة من اجل الاستمرار في مهامها إضافة الى تأمين الامن في المطار، ولا بد لي ان اشكر إدارة "الميدل ايست" بشخص رئيسها محمد الحوت وكل الموظفين فيها، من ملاحين ومضيفين ومضيفات ومهندسين وعمال على شجاعتهم واصرارهم على ان يبقى هذا المرفق يعمل بكل ما للكلمة من معنى.


كما اشكر القطاع الخاص حيث لاحظنا، خلال هذه الفترة، استمرار توافر كافة المواد في الأسواق اللبنانية ولم ينقص شيئ، وهذا دليل بأن هذا القطاع هو حي وحيوي دائماً.


كما اشكر المؤسسات الأهلية التي تعاونت مع الدولة وقامت بواجباتها كاملة وهي عديدة وعملت بكل إخلاص من أجل مواجهة موضوع النازحين في هذه الظروف الصعبة. ان التضامن الوطني كان كاملا عند الجميع في هذا الظرف، ومن العبر التي اخذتها في هذه الفترة، وهي الأهم، هي التعاون بين رئاسة مجلس الوزراء ورئيس المجلس النيابي، فكان التعاون مع الرئيس بري من موقعه الوطني وبيننا نموذجيا أدى إلى ما وصلنا اليه اليوم. وفي هذه المناسبة اشكر الرئيس بري على كل الجهد الذي قام به في الفترة الماضية، وهو جهد كبير اتابعه وأعي تماما ما اقوله وادعو الله بأن يطيل لنا الله بعمره المديد.


وآمل اليوم بعد استعراض هذه الأمور أن تكون هناك صفحة جديدة في لبنان، كما آمل بأن تؤدي الأيام المقبلة إلى انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية لما فيه خير هذا الوطن.

الرئيس ميقاتي: نحمّل المجتمع الدولي مسؤولية استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على لبنان

رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر اليوم في السرايا، شارك فيها نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي ووزراء: التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الإعلام زياد المكاري، المال يوسف خليل، الصناعة جورج بوشكيان، السياحة وليد نصار، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، الصحة فراس الأبيض، البيئة ناصر ياسين، الاتصالات جوني القرم، الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، الزراعة عباس الحاج حسن، الأشغال العامة والنقل علي حمية، المهجرين عصام شرف الدين، الشباب والرياضة جورج كلاس. كما حضر المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.


بعد الجلسة تحدث وزير الاعلام زياد مكاري فقال: في مستهل الجلسة تحدث دولة الرئيس فقال: تستمر الحرب الإسرائيلية الشرسة مستهدفة كل لبنان، بأهله وطواقمه الطبية والإسعافية، ومراكز العبادة والمستشفيات وكل مظاهر الحياة كما الاعتداءات على الجيش واليونيفيل، في خرق فاضح لكل النظم الأخلاقية والقوانين الدولية والقيم الإنسانية، واللبنانيون شهداء وضحايا. مع مطلع هذا الشهر دخل الوطن السنة الثالثة من الشغور في رئاسة الجمهورية، والأخطار تتفاقم ونحن لا نزال ننادي بوجوب انتخاب رئيس للجمهورية، وهذه مسؤولية دستورية يتحملها الجميع.

 

أضاف: "نقوِّمُ إيجاباً نتائج القمة الروحية في بكركي وما صدر عنها من توصيات وما تحمله من دلالات عن تضامن المرجعيات الدينية لحماية لبنان بخصوصياته وتنوعاته وانقاذه من الحرب الاسرائيلية التي يتعرض لها كل لبنان. وفي هذا السياق أيضاً، ننوّه بالمواقف المُعبَرَة التي صدرت عن المرجعيات ونقول انها يجب ان تُسمَعَ دولياً وأن يُبنى عليها محلياً ولها عندنا كل تقدير. ونؤكد دعوتنا الدائمة لمبدأ الحوار بين كل المرجعيات السياسية للوصول إلى تلاق يؤسس لانتخاب رئيس للجمهورية".


وقال: الزيارات الرسمية الدولية والعربية التي يقوم بها المسؤولون الأجانب والعرب، كما زياراتي ولقاءاتي مع جلالة الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر ورئيس وزراء ايرلندا سيمون هاريس والرؤساء الذين شاركوا في مؤتمر باريس لدعم لبنان ورؤساء وزراء دول عربية وصديقة، تؤشر كلها إلى التضامن والاهتمام من الدول الكبرى الشقيقة والصديقة للبنان. ولكن للأسف فإن اسرائيل تضرب عرض الحائط بكل المحاولات الدولية لوقف اطلاق النار.


وباسم الحكومة ولبنان نشكر فرنسا على مبادرتها الانسانية والإغاثية ونثمّن دورها نحو دعم الجيش وتعزيز قدراته، ونتطلع إلى مزيد من مبادرات الدعم لتمكين لبنان من تجاوز هذه المحنة القاسية والحرب الاسرائيلية على لبنان.


أضاف: ندين ونحمّل المجتمع الدولي مسؤولية استمرار حرب الابادة الإسرائيلية على لبنان وتدميره للبلدات والقرى وقتله للمدنيين واغتياله لعناصر الجيش واستهداف الطواقم الطبية والدفاع المدني وفرق الاغاثة والصحافية، إضافة إلى الاعتداء على اليونيفيل وما تمثله من شرعية دولية، بما يجعل استهداف اليونيفيل اعتداءً على المجتمع الدولي ومجلس الأمن. وهذا التدمير مستمر على المستشفيات والمدارس والمراكز التربوية.


أضاف: موقفنا وقرارنا هو الحفاظ على كرامة لبنان والحرص على احترام السيادة الوطنية بكل مظاهرها، جواً وبحراً وبراً وقراراتٍ دولية، ولن نتهاون ضد أي خرق و اعتداء. الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة والمتصاعدة ضد لبنان تحولت إلى جرائم ضد الإنسانية والحضارة وخرق لكل المواثيق والشرائع الدولية. الحراك والتضامن الدولي السياسي والإغاثي مع لبنان كلها مبادرات أخوية مقدرة من الجميع من دون استثناء.


وقال: إن الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة والمتصاعدة ضد لبنان، تحولت إلى جرائم ضد الإنسانية، والمدخل الرئيسي لأي حلٍّ مقبول من لبنان هو وقف الحرب علينا والتنفيذ الكامل للقرار 1701 والبدء بانتخاب رئيس الجمهورية، فينتظم عقد المؤسسات ونستعيد الاستقرار ونبدأ بورشة الإعمار وبناء كل ما هدمته الحرب. وفي هذا الاطار نحيّي بتقدير مواقف اللبنانيين التضامنية مع أهلهم وأهلنا الذين اضطروا لترك بلداتهم ومنازلهم. كما نثمّن جهود هيئة الطوارئ لإدارتها أزمة النزوح ومراكز الاستضافة بما يحفظ كرامة أهلنا ويقف الى جانبهم في هذه المحنة ويؤمّن وصول المساعدات بسرعة وشفافية. ونحيّي خصوصاً جهود منسق الهيئة الوزير ناصر ياسين ووزير الصحة فراس الابيض.


وقال دولة الرئيس: إننا نحيّي جهود وزير التربية في اطلاق العام الدراسي رغم الصعوبات التي تواجه الوزارة، كما نثني على ما قام به وزير الاتصالات لجهة التعاون لتأمين الانترنت لمراكز الايواء والمدارس.


أضاف: هذا الصباح صدرت النتائج الأولية للانتخابات الأميركية فلا بد من التوجّه بالتهنئة من الرئيس المنتخب والشعب الأميركي على ممارسته الديموقراطية.


ورداً على سؤال بشأن قرار وزير التربية المتعلق بالمدارس قال وزير الإعلام: لقد طلب الوزير الحلبي تأجيل الموضوع لمزيد من الدرس لكي لا يتم اتخاذ قرار في هذا التوقيت الحساس.


وعن تأمين الاعتمادات لتطويع 1500 عنصر من الجيش قال: الاعتمادات موجودة وليس هناك أي إشكال وتم إقرار هذا البند.


وعن اعتراض وزير الدفاع على البند المتعلق بالجيش قال: القرار التي تمت الموافقة عليه تعلمون مدى أهميته سياسياً ودولياً ومدى ارتباطه بتطبيق القرار 1701، والقرار صدر بتاريخ 14-8-2024  ورقمه 47 ويمكن الاطلاع عليه وما اتخذ اليوم هو تنفيذ لهذا القرار.


الوزير ياسين


‏وتحدث منسق لجنة الطوارئ الحكومية وزير البيئة ناصر ياسين فقال: في جلسة مجلس الوزراء اليوم تم عرض الوضع  المستجد نتيجة العدوان الإسرائيلي وحالة النزوح. حالياً هناك 44 ألف عائلة موجودة في 1138 مركز  إيواء بالإضافة الى 147 ألف أسرة في المنازل.


لقد عرضت برنامج الاستجابة الذي نقوم به وهو على ثلاثة مسارات، ونقوم به بشكل منسق وتعاون كبرنامج استجابة مشترك مع برامج الأمم المتحدة وخاصة منظمة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة. والبرنامج  يركز على العمل في كل مراكز الإيواء. أما المسار الآخر فمشكورة الدول العربية والصديقة التي قدّمت مساعدات عينية ويتم تنسيقها عبر لجنة الطوارئ، وهي ترسل عبر المحافظين، وتم حتى الآن ارسال حوالى 128 ألف حصة، تشكل نسبة قليلة من الحاجات مقارنة مع الأسر الموجودة، ويتم ذلك بشكل شفاف ولا يوجد ملايين الأطنان كما تقول بعض المنصات الإعلامية ولا يوجد طحين عراقي فقط ومشكورة دولة العراق على تعهدها بإرسال مساعدات من الطحين ولكن ما يقال في الإعلام لا يزال غير دقيق،  ويجب التدقيق في هذا الأمر عبر مصدر واحد هو لجنة الطوارئ، وهناك منصة موجودة في رئاسة مجلس الوزراء توضح كل هذه الأمور بشكل واضح وشفاف.


كما أن هناك مساراً ثالثاُ للمساعدات عبر هيئة الإغاثة ومجلس الجنوب ووزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة، فكل ما يتم توزيعه يجب أن ينشر عبر هذه المنصة بتوجيه من الرئيس ميقاتي، وسيصدر تعميم بهذا الموضوع.


أما بالنسبة لموضوع التدفئة فقد أقر مجلس الوزراء إعطاء سلفة لمنشآت النفط بناءً على دراسة قمنا بها في اللجنة بالتعاون مع وزارات الطاقة والشؤون والتربية والمحافظين لتموين 541 مركز إيواء في مناطق ترتفع أكثر من 300 متر في الجبال والبقاع والداخل لتأمين المازوت للتدفئة وهذا الأمر ستؤمّنه الحكومة.


وهناك موضوع له علاقة بلجنة الطوارئ وسيصدر قرار بتوسيع هذه اللجنة لتضم عدداً أكبر من الوزراء وليكون العمل بشكل تشاركي لمتابعة كل القضايا.


وختاماً أؤكد أن المنصة تقوم بنشر كل المعلومات بشكل شفاف وأدعو كل الإعلاميين الاطلاع عليها لمعرفة كل المساعدات التي يتم توزيعها.


وقال: ان العمل مستمر لتطبيق وتنفيذ كل مقررات مؤتمر باريس وكل المساعدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر. كما ان هناك اجتماعاً سيعقد الأسبوع المقبل، وهناك عمل مع المانحين لعقد مؤتمر مصغر لتفعيل هذه المقررات.


الوزير شرف الدين


وأعلن وزير  المهجربن عصام شرف الدين أن الحكومة السورية، ومع دخول نحو 400 ألف نازح سوري إلى سوريا تسهّل عملية العودة وهذا أمر لافت للنظر، وهي تعتمد على الأوراق الصادرة عن الأمن العام اللبناني وقد قدمت الكثير من التسهيلات. وتمنّينا على وزير الإدارة المحلية الذي هو رئيس هيئة الإغاثة في سوريا الاستمرار بالتسهيلات تجاه النازحين رغم قصف معبري  المصنع وجوسي، ووعدونا بكل التسهيلات التي قدموها خلال الفترة السابقة.


وقال: "أود أن ألفت النظر بأنه يعبر عبر سوريا عشرات الآلاف من اللبنانيين النازحين وتُشكر الدولة السورية التي تسهّل أمرهم، واليوم هناك قافلة في حمص للبنانيين النازحين الذين يقصدون بغداد، والعراق استضاف لغاية الآن نحو 32 ألف نازح والعراق يقدم مساعدات وسوريا أيضاً رغم الضائقة الإقتصادية، فكل الشكر لهاتين الدولتين الشقيقتين".

الرئيس ميقاتي أمام مجلس الأمن: للبنان حق في الإستقرار والأمن وإستعادة أراضيه المحتلة

عبّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من نيويورك عن ترحيبه بالنداء المشترك الصادر بمبادرة من الولايات المتّحدة الأميركية وفرنسا، وبدعم من الإتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، لإرساء وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان، وقال: تبقى العبرة في التطبيق عبر التزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية.

كلمة رئيس الحكومة

وكان رئيس الحكومة ألقى كلمة خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي هنا نصها:

السيد الرئيس،

أود في البداية أن أعبر عن امتناني العميق للجمهورية الفرنسية على دعوتها لعقد هذه الجلسة المهمة لمجلس الأمن في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان. كما أشكر سلوفينيا رئيسة مجلس الأمن لهذا الشهر على تلبيتها لهذه الدعوة. وأشكر سعادة الأمين العام على الإحاطة التي قدمها في بداية هذه الجلسة.

لقد كانت فرنسا دائمًا صديقة وفية للبنان وشعبه، وقد وقفت إلى جانبنا في أصعب الظروف. وخير دليل على ذلك الجهد المخلص الذي تقوم به فرنسا الآن بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل إصدار بيان مشترك مدعوم دولياً لوضع نهاية لهذه الحرب القذرة.

كما أود أن أعبر عن شكري للجزائر الشقيقة ممثلة المجموعة العربية في مجلس الأمن على دعمها المستمر لنا، وأشكر جميع أعضاء هذا المجلس الكريم على دعمهم المستمر لسيادة لبنان ووحدته واستقراره، كما أنتهز هذه المناسبة لأشكر جميع أعضاء هذا المجلس على دعمهم لقرار تمديد ولاية اليونيفيل بناء لطلب لبنان.

السيد الرئيس،

نحن اليوم، في لبنان نواجه إنتهاكاً واضحاً لسيادة الدولة اللبنانية وحقوق الإنسان عبر الممارسات الوحشية للعدو الإسرائيلي بحق دولتنا وشعبنا اللبناني، من خلال إستباحة سيادته عبر إطلاق طائراته ومسيراته في سمائه، وقتل المدنيين فيه شباباً ونساءً وأطفالاً، وتدمير المنازل، وإرغام العائلات على النزوح في ظل ظروف إنسانية قاسية. هذا عدا عن بث الترهيب والرعب في نفوس المواطنين اللبنانيين وذلك على مرأى من العالم كله دون أن يرفّ لهم جفن. وللأسف عدد الشهداء المدنيين الأبرياء والجرحى في إرتفاع مستمر، فالمئات من المدنيين قد فقدوا حياتهم في غضون أيام قليلة، والمستشفيات أصبحت غير قادرة على إستقبال المزيد من الجرحى.

لبنان اليوم ضحية عدوان إلكتروني، سيبراني، جوي، وبحري، وقد يتحول إلى عدوان بري بل إلى مسرح لحرب إقليمية واسعة، وآمل أن أعود إلى بلدي متسلحاً بموقفكم الصريح الداعي لوقف هذا العدوان وإحترام سيادة بلدي وسلامته.

ما نشهده اليوم هو تصعيد غير مسبوق، مع اللجوء إلى وسائل وآليات جديدة لا سيما الإلكترونية لإلحاق الأذى بأبناء شعبي. إن المعتدي يزعم أنه لا يستهدف إلا المسلحين والسلاح ولكني أؤكد لكم أن مستشفيات لبنان تعج بالجرحى المدنيين وبينهم العشرات من النساء والأطفال.

أمام ذلك يبقى السؤال: من يضمن عدم حصول هكذا إعتداءات على دول أخرى إذا لم تُتّخذ إجراءات رادعة وعقابية حاسمة بحق المعتدي؟

من يكفل لنا كدولة لبنانية أو أية دولة أخرى سلامة غذائها ومائها وأي مواد تدخل أراضيها من أي ضرر؟

السيد الرئيس،

إن هذه الأحداث لا يمكن فصلها عن تاريخ طويل من النزاعات والإنتهاكات التي عانى منها لبنان منذ عقود. وقد شكّلت الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي اللبنانية إنتهاكاً صارخاً لسيادتنا الوطنية وحقوقنا كدولة عضو في الأمم المتحدة. إن هذا الوضع ليس جديداً، فلبنان قد مرّ بفترات طويلة من التوترات والإعتداءات التي كانت تهدد إستقراره وسلامة مواطنيه. لكن لبنان يبقى عاصياً على كل التحديات واللبنانيون واجهوا ويواجهون بشجاعة كل الإعتداءات على كل حبة من تراب الوطن.

السيد الرئيس،

إنني أتحدث بإسم لبنان، ووجودي هنا ليس لتقديم شكوى فقط ولا لتقديم عرض مفصل عن عدد الشهداء والجرحى والدمار الذي هجر البشر ودمر الحجر، فذلك مثبت للرأي العام العالمي بالصوت والصورة. وإنما وجودي هنا للخروج من هذه الجلسة بحل جدي يقوم على تضافر جهود جميع أعضاء مجلس الأمن للضغط على إسرائيل لوقف فوري لإطلاق النار على كل الجبهات وعودة الأمن والإستقرار لمنطقتنا.

السيد الرئيس،

الشعب اللبناني يرفض الحرب ويؤمن بالإستقرار ويعمل من أجل المستقبل. ولبنان دولة مؤسسة للأمم المتحدة وهو من المساهمين في وضع ميثاقها، كما شارك لبنان في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عبر الدكتور شارل مالك. إن هذا الإسهام يعكس إلتزام لبنان العميق بالقيم الإنسانية والعدالة الدولية. واليوم، وبإسم هذه القيم التي جمعتنا تحت مظلة الأمم المتحدة، جئنا لنؤكد على حق لبنان في الإستقرار والأمن والأمان، وحقه في السيادة والدفاع عنها، وحقه في إستعادة أراضيه المحتلة.

السيد الرئيس،

إن التوترات الحالية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات طويلة من النزاعات والإعتداءات التي لم تجد حلولًا جذرية. إن إسرائيل لم تتوقف عن إنتهاك قرارات الأمم المتحدة التي صدرت على مدى سنوات عديدة، وخصوصاً القرار 1701، الذي كان من المفترض أن يشكل إطاراً لتحقيق الإستقرار الدائم في جنوب لبنان. لكن للأسف، ما زلنا نرى الإنتهاكات الإسرائيلية لسيادتنا على مدار الساعة، براً وبحراً وجواً. إن هذه الإنتهاكات المتكررة تقوض كل جهود الإستقرار، وتعرض المنطقة كلها لخطر الإنفجار في أية لحظة.

من هنا، نؤكد إلتزام الحكومة اللبنانية بالقرار ١٧٠١ الصادر عام ٢٠٠٦ عن مجلسكم الكريم الذي أطالبه اليوم بالعمل الجاد والفوري لضمان إنسحاب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الإنتهاكات التي تتكرر يومياً.

كما نؤكد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري، لأن تداعيات ما يجري هناك تنعكس بشكل مباشر على الوضع في لبنان والمنطقة وهي لن تقف عند حدوده وإنما قد تشمل كل الشرق الأوسط إن لم يتم معالجتها بالسرعة الممكنة. إن عدم التوصل إلى حل، من شأنه أن يجعل الأمور أكثر تعقيداً. فإستمرار هذا العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، وهو ما لا يخدم مصلحة أي طرف في هذه المعادلة المعقدة.

السيد الرئيس،

إن الأمم المتحدة وُجدت من أجل تعزيز الإستقرار ولكن ما نشهده اليوم هو أن العالم ما زال عاجزاً عن وقف المأساة الإنسانية المستمرة في منطقتنا. لذا، وبإسم الشعب اللبناني نضع مجلسكم الكريم أمام مسؤولياته الكاملة لإتخاذ موقف فوري وحاسم ينهي المعاناة المستمرة لشعبنا، تمهيداً لتعبيد الطريق أمام الحلول الديبلوماسية. لبنان لا يطلب معروفاً، نحن نطالب بحقوقنا المشروعة بموجب القانون الدولي، حقنا كلبنانيين في العيش بأمان، حقنا في حماية سيادتنا الوطنية، وحقنا في مستقبل يُبعِد عن أطفالنا شبح الحروب وأهوال الصراعات. إني أتوجه إلى مجلسكم الكريم وإلى المجتمع الدولي وأقول أنه حان الوقت لرفض العنف والحروب وتطبيق القرارات الدولية بحيث أن لا تبقى حبراً على ورق. الأدوات موجودة وما نحتاجه الآن هو الإرادة الصادقة والتعاون الفعال. دعونا لا نضيع هذه الفرصة، يجب أن نتحرك الآن لأننا لا نستطيع تحمل خسارة جيل آخر بسبب الحرب.

وشكراً السيد الرئيس.

نجيب ميقاتي
إطبع

نبذة عن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي

أتى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى السياسة من قطاع رجال الأعمال، فتولى حقيبة وزارة الأشغال العامة والنقل في ثلاث حكومات متعاقبة ما بين عامي 1998 و 2004. انتخب عام 2000 نائباً عن مدينة طرابلس حتى العام 2005، حين كلف برئاسة حكومة تشرف على الإنتخابات النيابية، فأخذ وعداً على نفسه بعدم الترشح للنيابة ضماناً لحياد حكومته التي قامت بإجراء إنتخابات ديمقراطية نزيهة في موعدها في شهر أيار/مايو من العام 2005، بإعتراف كل القوى السياسية اللبنانية والجهات الدولية المعنية. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ لبنان التي يلتزم فيها رئيس حكومة، الحياد في الإنتخابات، إلى حد تخليه عن ترشيح نفسه. ثم أعيد انتخابه عام 2009 وعام 2018 نائباً عن مدينة طرابلس حتى عام 2022.

وقد أعيد تكليفه رئيساً للوزراء في 25 كانون الثاني/يناير 2011، وصدر مرسوم بتسميته رئيساً لمجلس الوزراء في 13 حزيران/يونيو 2011، ثم قدم إستقالة حكومته في 23 آذار/مارس 2013، وتابع مهامه كرئيس لحكومة تصريف الأعمال حتى 15 شباط/فبراير 2014.

يرأس الحكومة اللبنانية الحالية منذ 10 ايلول\سبتمبر عام 2021.

ساهم الرئيس ميقاتي في أوائل الثمانينات في تأسيس شركة «INVESTCOM»  ، التي أصبحت رائدة في عالم الإتصالات في الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط وأفريقيا محققة إنجازات ونمواً غير مسبوقين في مجال عملها، وبعد أن تم إدراج أسهمها على بورصتي لندن ودبي، اندمجت عام 2006 في شركة «MTN» العالمية. وفي عام 2007 تم تأسيس مجموعة «M1 Group» التي تنشط في مجال الأعمال الاستثمارية المتنوعة.

عمل الرئيس ميقاتي بخبرته على تضييق الهوة بين القطاعين العام والخاص. وهو عضو سابق في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو في المجلس الإستشاري لكلية هاريس في جامعة شيكاغو، بالإضافة لعضويته في المجلس الإستشاري للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات »إنترناشونل كرايسز غروب«، ورئاسة «منتدى الوسطية في لبنان» و«منتدى إستشراف الشرق الأوسط». ويشرف مع شقيقه الأكبر طه على «جمعية العزم والسعادة الإجتماعية» التي تمد نشاطاتها الخيرية والتنموية إلى مختلف المناطق اللبنانية، و«MIKATI  Foundation» التي تنشط في العالم النامي وخاصة البلاد العربية وأفريقيا.

ولد الرئيس ميقاتي عام 1955 وأكمل دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت، وتابع دراسات عليا في INSEAD  في فرنسا وجامعة هارفرد في أميركا.

مقالات و مقابلات
نجيب ميقاتي رجل الإعتدال بامتياز

جريدة الديار

نترك لمجموعة المعلومات التي جمعناها عنه حول حياته وتعليمه وانشاء شركات له في قطاع الاستثمار والاتصالات والبنوك والعقارات والنقل الجوي والازياء.

ووفق مجلة فورتس الاميركية فانه يقع في المرتبة 9 عربيا لاغنياء العالم وذلك بثروة قدّرت بـ 2.8 مليار دولار مع عائلته آل ميقاتي او مجموعة ميقاتي والتي تصل ثروتها الى 9 مليارات فيما حصته 2.8 مليار دولار.

الرئيس نجيب ميقاتي الذي ورث رئاسة الحكومة بعد استقالة الرئيس عمر كرامي اثر اغتيال رئيس الوزراء الاسبق الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ادار حكومة مؤقتة قامت بادارة الدولة حتى اجراء انتخابات المجلس النيابي وقام بادارة حيادية كاملة كانت نموذجا لاجراء الانتخابات في تاريخ الانتخابات النيابية في لبنان.

كان يعمل في اليوم اكثر من 14 ساعة، ويدير كل الاعمال والمتابعة مع الوزراء، كذلك كانت فترة حكمه فترة ازدهار رغم الازمة الشديدة التي نتجت عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

واستطاع عبر علمه وشهاداته اضافة الى خبرته في مجال الاعمال والعمران القيام بمشاريع كثيرة على مدى مساحة لبنان كلها، اضافة الى كونه زعيما كبيرا من اكبر زعماء مدينة طرابلس كان معتدلا للغاية وليس لديه اي حساسية طائفية نحو اي طائفة اخرى، بل على العكس هو جامع وقاسم مشترك للطوائف رغم انه من الطائفة السنية وهو يصوم ويصلي وما من صورة ظهرت له الا وهو يقبّل يد المرحومة والدته عندما يزورها كل اسبوع في مدينته طرابلس.

تمتع بعلاقات دولية جيدة خاصة في اوروبا، واستطاع الحصول على ثقة الاتحاد الاوروبي، كما تعاطى مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اضافة الى وزارة الخزانة الاميركية واتحاد المصارف الاوروبية، واستطاع في ايام رئاسته للحكومة جلب استثمارات عديدة الى لبنان رغم الازمة الكبرى التي كانت حاصلة في البلاد.

وعندما تولى الرئيس نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة في لبنان، قام بالالتزام بالحياد التام بالانتخابات وقرر عدم ترشيح نفسه للانتخابات النيابية، وامتدت فترة رئاسته من 19 نيسان الى 19 تموز، اما في عام 2009 وبعد خروجه من رئاسة الحكومة ترشح للانتخابات عن قضاء طرابلس واستطاع تحقيق الفوز والدخول مرة اخرى الى البرلمان اللبناني.

يتحضر الرئيس نجيب ميقاتي حاليا لخوض المعركة الانتخابية في طرابلس، وقد اصبح احدى اكبر القوى السياسية والشعبية في عاصمة الشمال، ولم يُعرف اتجاهه بعد ما اذا كان سيتحالف مع المستقبل او ضده، وكيف سيختار لائحته. الا ان الرئيس نجيب ميقاتي عبر مؤسسة العزم يقدم الخدمات الاجتماعية والانسانية الى اهالي منطقة طرابلس، اضافة الى اهالي منطقة الشمال.

كما يداوم على زيارة طرابلس كل اسبوع حيث يستقبل اهل مدينته واهالي قضاء الضنية والمنية وعكار والقلمون، اضافة الى الجمهور الكبير من العاصمة الثانية طرابلس.

ورغم كل التشنجات الطائفية التي حصلت في البلاد والانقسامات الكبيرة حيث انقسم لبنان بين 8 و14 اذار، حافظ الرئيس نجيب ميقاتي على اعتداله وبقي مستمرا في الحفاظ على ذلك حتى اليوم.

نجيب ميقاتي (24 نوفمبر 1955-)، رئيس وزراء لبنان السابق، وهو سياسي ووزير في عدة حكومات لبنانية ورجل أعمال. عين رئيسًا للوزراء للمرة الأولى من 19 أبريل 2005 إلى 19 يوليو 2005 بعد استقالة الرئيس عمر كرامي بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وكانت حكومته حكومة مؤقتة تقوم بإدارة الدولة حتى انتخاب إجراء انتخابات المجلس النيابي وذلك كي تجرى الانتخابات بإدارة حيادية. ورئيسا للوزراء مرة ثانية منذ 13 يونيو 2011 وحتى 22 آذار 2013.

عن حياته

هو محمد نجيب عزمي ميقاتي، ولد في طرابلس في شمال لبنان. تلقى تعليمه الجامعي في الجامعة الأميركية في بيروت، وتابع الدراسات عليا في «المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال» في فرنسا وجامعة هارفارد في الولايات المتحدة.

أسس بعام 1982 بمشاركة مع شقيقة الأكبر «طه» «شركة إنفستكوم«، وهو أحد الشركاء في «مجموعة ميقاتي» التي تمتلكها أسرته، والتي تنشط في قطاع الاستثمار والاتصالات والبنوك والعقار والنقل الجوي والأزياء، وقد وضعته مجلة فوربس الأمريكية في المركز ال409 عالميًا وال9 عربيًا لأغنياء العالم بعام 2011 وذلك بثروة قدرت ب2.8 مليار$.

بين عامي 1992 و1996 انتخب عضوًا في غرفة التجارة والصناعة في بيروت، كما حاز عضوية اللجنة التنفيذية لغرفة التجارة العربية ? الأمريكية، وأيضًا عضوية مجلس رجال الأعمال السوري - اللبناني. كما أنه عضو في مجلس أمانة الجامعة الأميركية في بيروت، وفي المجلس الاستشاري لكلية هاريس في جامعة شيكاغو، بالإضافة إلى عضويته في المجلس الاستشاري للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «انترناشونال كرايسز غروب«. كما أنه يرأس منتدى استشراف الشرق الأوسط، وأيضًا منتدى الوسطية في لبنان.

في السياسة

كان دخوله إلى المجال السياسي عن طريق المنـصب الوزاري وذلك في عام 1998، وفي عام 2000 ترشح لانتخابات مجلس النواب لدورة عام 2000 عن أحد المقاعد السنية في طرابلس واستطاع تحقيق الفوز، وقد استمرت هذه الدورة لغاية عام 2005 والتي لم يترشح خلالها لدورة البرلمان الجديد بسبب تكليفه برئاسة الحكومة التي تلت استقالة حكومة الرئيس عمر كرامي بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وفشله بتشـكيل حكومة جديدة، وبعد تكليفه بتشكيل الحكومة قطع عهدًا بعدم الترشح لانتخابات عام 2005 التي ستشرف عليها حكومته، وكانت هذه المرة الأولى التي يلتزم بها رئيس حكومة في لبنان بالحياد بالانتخابات وعدم ترشيح نفسه، وكانت فترة رئاسته للحكومة من 19 أبريل إلى 19 يوليو 2005. وفي عام 2009 عاد وترشح للانتخابات عن قضاء طرابلس بالتحالف مع تيار المستقبل وحلفائه، واستطاع تحقيق الفوز والدخول مرة أخرى إلى البرلمان.

مشاركاته الوزارية بالحكومات

من 4 ديسمبر 1998 لغاية 26 أكتوبر 2000 وزيرًا للأشغال العامة ووزيرًا للنقل وذلك في حكومة الرئيس سليم الحص بعهد الرئيس إميل لحود.

من 26 أكتوبر 2000 إلى 17 أبريل 2003 وزيرًا للأشغال العامة والنقل في حكومة الرئيس رفيق الحريري بعهد الرئيس إميل لحود، وفي 17 أبريل 2003 أعيد تعيينه بنفس المنصب كوزير للأشغال العامة والنقل ذلك في حكومة جديدة شكلها الرئيس رفيق الحريري بعهد الرئيس إميل لحود. وفي 9 سبتمبر 2004 عين بالإضافة لمنصبه وزيرًا للمهجرين وذلك بعد استقالة وزيرها بسبب رفض تعديل الدستور للتجديد للرئيس إميل لحود، وظل يتولى مهام منصبه بالوزارتين لغاية 26 أكتوبر 2004.

رئاسة الحكومة للمرة الثانية واستقالته

في 25 يناير 2011 كلفه الرئيس ميشال سليمان برئاسة الحكومة وذلك بعد حصوله في الاستشارات النيابية على 68 صوت من بين 128 نائب مقابل 60 صوت للرئيس سعد الدين الحريري وذلك بعد سقوط الحكومة السابقة التي ترأسها الحريري بعد استقالة 11 وزير منها.

استقالته من الحكومة

أعلن نجيب ميقاتي استقالته يوم الجمعة، في 22 آذار2013، بسبب عدم تشكيل هيئة للإشراف على الانتخابات البرلمانية ومعارضة التمديد لمسؤول أمني بارز في منصبه.

أما اليوم فإني أُعلن استقالة الحكومة علها بإذن الله تشكل مدخلاً وحيداً لتتحمل الكتل السياسية الاساسية في لبنان مسؤوليتها وتعود إلى التلاقي من أجل إخراج لبنان من النفق المجهول.

حياته الأسرية

متزوج من مي دوماني، ولهما من الأبناء: ماهر ، ميرا ومالك.

حياته العملية

ساهم الرئيس ميقاتي في أوائل الثمانينات في تأسيس شركة INVESTCOM أو M1 Group العائلية، التي أصبحت رائدة في عالم الاتصالات في الأســـواق الناشئة في الشرق الأوسط وأفريقيا محققة إنجازات ونمو غير مسبوقين في مجال عملها. إندمجت INVESTCOM مؤخراً في شركة MTN العالمية بعد أن تم إدراج أسهم INVESTCOM على بورصتي لندن ودبي.

نجيب ميقاتي: منهجية وسطية وعروبة معقلنة

سفير الشمال - الدكتور أيمن عمر (كاتب وباحث جامعي)

منذ عقود خلت وبسبب تركيبته الديموغرافية المتنوعة الطوائف والمذاهب، شكل لبنان مرآة للصراعات والتوازنات الإقليمية والدولية، فكان عرضة للإضطرابات الأمنية والسياسية، وبقي أسيراً لهذه التوازنات، ورهينة للعبة المحاور والأحلاف.

من هنا أطل الرئيس نجيب ميقاتي كشخصية مستقلة من خارج السياق السياسي التقليدي، بعيداً عن الإصطفافات ولعبة المحاور، بتجربة سياسية جديدة عقلانية الطابع حديثة التوجه، ناهلاً العقلانية السياسية من معين المدرسة الأوروبية يوم كان طالباً فيها ويوم كانت شركاته الإستثمارية تنهل من تجارب البلدان الحديثة.

تقوم منهجية الميقاتية السياسية على المبادئ التالية:

ـ الوسطية:

طرحت الميقاتية السياسية منهج الوسطية إنطلاقاً من الإسلام كدين وسطي، وقد عقد لها الرئيس ميقاتي مؤتمرات، حتى أصبحت مفهوماً جديداً في الحياة السياسية، تقوم على رفض منطق التطرف والتشرذم، وهي ليست ذات أبعاد ودلالات مكانية وزمانية سلبية، بل هي موقف لإظهار الحق والثبات عليه.

ـ الخطاب السياسي:

يوم وقعت التطورات الكبيرة عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، شهدت البلاد حملات تعبئة إعلامية وسياسية وفكرية غلب عليها طابع التجييش والتحريض، وأفلت التجاذب من عقاله، وراح كل فريق سياسي يحرض جماهيره ويشحذها وفق قاعدة “الغاية تبرر الوسيلة”.

وبالرغم من هذا كله، آثر ميقاتي الحفاظ على أسلوبه المعتدل، مهما كانت خسارته للشارع كبيرة. فظل هادئاً وعقلانياً في خطابه، ولم يتوجه إلى الناس وحاضنته الشعبية إلا بما عهدوه منه، من إعتدال على المستوى الوطني.

ـ تغليب منطق الدولة والمؤسسات الدستورية:

تعاطى ميقاتي الشأن العام بمنطق رجل الدولة الذي يتناول الأمور المتعلقة بالسلطة من زاوية العمل المؤسساتي والقانوني، فهو يعرف أصول الحياة الدستورية، وحريص في الحفاظ على المواقع الدستورية وأن يمارس كل مكوّن سياسي صلاحياته الدستورية التي أقرتها وثيقة الوفاق الوطني، دون التعدي على صلاحيات المكون الآخر، أو إضعاف موقعه الوطني، لما لذلك من إنعكاسات سلبية تزعزع أبسط قواعد العيش المشترك وتهدد الإستقرار الوطني. لذلك لا يألو الرئيس ميقاتي جهداً كي يعلن الموقف الحاسم والمفصلي في الإحتكام إلى الدستور والحفاظ على الصلاحيات الدستورية.

ـ النأي بالنفس:

مع إندلاع الأحداث في العالم العربي وخصوصاً في سوريا وانخراط بعض القوى المحلية فيها، إتخذ ميقاتي خطوة تاريخية للحفاظ على بلده من خلال المسؤوليات المنوطة به، ومن هذا المنطلق حاول ميقاتي تخطي عقبات ومفاهيم التحييد عن صراعات المنطقة عبر إطلاق مبادرة “النأي بالنفس”، وهي مبادرة مهمة بالمعنى الإيجابي، كخطوة إستباقية حيال ما تعانيه المنطقة وتحمي لبنان عموماً وطرابلس بخصوصيتها من نار المنطقة الملتهبة.

ـ وحدة البيت الداخلي:

لم يسع ميقاتي يوماً إلى استئثار واحتكار القرار السني، فمرتكزات الميقاتية السياسية هي الحفاظ على وحدة الصف السني، ووحدة القرار والتعددية في الزعامات والقيادات السنية، وعندما حلت الإنتخابات البلدية الأخيرة، أصر على خوضها عبر تحالف جامع لكل الأطراف السياسية السنية، مانعا حالة الإنقسام والتشرذم، ومجنبا طرابلس صراعات هي بغنى عنها.

ـ التواصل الشخصي مع الناس:

ميقاتي في سعي دؤوب للتواصل المباشر مع الناس، يستقبلهم، يخاطبهم بتواضع، كل باسمه، يسألهم عن أحوالهم، ويشاركهم همومهم وتطلعاتهم، ويسعى دائماً إلى إدخال البهجة والفرحة إلى كل بيت،  فبات موجوداً في كل حي من أحياء طرابلس وفي ذاكرة أهلها. وقلما تجد رئيس حكومة أو سياسي يتعامل مع أهله وفق هذه الروحية الأبوية الطيبة بحيث أصبح علامة فارقة في الحياة الإجتماعية الطرابلسية والشمالية.

لقد شكل نجيب ميقاتي، الذي يمثل الإسلام المعتدل الوسطي، ويتمسك بالعروبة المعقلنة وبالمنهجية الأوروبية النهضوية الحديثة،  ظاهرة غير مسبوقة مؤهلة لقيادة الجماهير التائهة والتائقة إلى بديل وطني، يؤمن لها الوجود والشعور بالذات، بعدما ضاعت أحلامها في متاهات الصراعات الإقليمية.

ميقاتي.. وسطي أم رجل حزب الله؟

قدم من عائلة غير سياسية ولديه علاقات جيدة بالإسلاميين في طرابلس

توقع كثيرون أن لا يصمد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أمام العواصف التي هبت عليه جراء قبوله أن يكون «دفرسوارا» في الطائفة السنية، بتوليه المنصب الأول لهذه الطائفة رغما عن زعيمها الأول سعد الحريري الذي يرأس أكبر تياراتها ويمتلك أكثر من ثلثي نوابها.

فلم يعهده الكثيرون، مغوارا ولا متهورا، إنما رجل محافظ إلى درجة الإزعاج، لا يتخذ خطوة إلا بعد إشباعها درسا وتقليبا وتمحيصا. لكن الرجل الذي كان يصعب على صحافي أن يأخذ منه كلمة «مثيرة»، ذهب فجأة إلى قمة الإثارة بإعلانه ترشيحه إلى الرئاسة الثانية متلاقيا مع حزب الله وقوى 8 آذار الساعية إلى إقصاء الحريري عن هذا الموقع الذي شغله منذ انتهاء الانتخابات النيابية عام 2009، الانتخابات نفسها التي تحالف فيها مع الحريري في طرابلس وحصل منها على «كتلته» النيابية المؤلفة منه، ومن النائب أحمد كرامي.

يمتلك ميقاتي تاريخا لم يلوثه بحرب، أو بفساد، ما خلا الاتهامات التي كان يحلو للرئيس السابق عمر كرامي أن يوجهها إليه من على منصة مجلس النواب في أول عهده بالوزارة نتيجة تملكه لشركة الهاتف الجوال التي استثمرت في قطاع الاتصالات وأدارت إحدى رخصتي الهاتف الجوال في لبنان تحت اسم «سيليس». أما مستقبل ميقاتي، فلا يزال في علم المجهول، خصوصا بعد اتخاذه قرار الترشح وتعريض نفسه لسهام أهل طائفته الذين انتفضوا على ترشيحه، لا لشخصه، ولكن لموقفه، في هذه اللحظات الحاسمة التي يمر بها لبنان، خصوصا أن القضية المطروحة على جدول أعمال حكومته لا تقل خطورة عن قرار قبوله رئاستها، فهي المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة اغتيال زعيم السنة الأول، رفيق الحريري، التي يتوقع من ميقاتي أن يوقع قرار سحب تمويلها وقضاتها اللبنانيين، بالإضافة إلى إعلان وقف التعامل معها. وهذا قرار قد لا يستطيع ميقاتي أن «يبرئ نفسه منه» كما يقول المقربون من الحريري الذي يبدي الاستياء الشديد من ميقاتي، لا لشخصه، لكن لموقفه، فالحريري يرى أن ميقاتي «غدر به وطعنه في الظهر، فأصابه حيث فشل خصومه وأطاح به عن رئاسة الحكومة»، فاتهمه «المستقبل» بأنه يرأس حكومة حزب الله، وهو اتهام يرفضه ميقاتي الذي يشكر الحزب - كما غيره - على دعمه إياه لهذا الموقع، قائلا إنه لا يمكن أن يرفض دعما متعهدا فقط بحماية المقاومة، بالإضافة إلى تعهد آخر بجعل العلاقات مع واشنطن أولوية، جامعا بين صيف واشنطن وشتاء حزب الله تحت سقف واحد.

ولعل أكثر ما أزعج الحريري وفريقه في تكليف ميقاتي، أنه كان «ضربة معلم» بالنسبة للخصوم، فهذا الرجل «المعتدل الهادئ، ذو العلاقات الدولية الجيدة» يشكل هدفا أصعب بكثير مما يمكن أن يشكله الرئيس السابق عمر كرامي المفرط في معارضته. كما أن ميقاتي الذي اشتهر بوسطيته التي تمادى في إظهارها سيكون مجبرا على تشكيل حكومة من لون واحد بعد قرار الحريري و«14 آذار» عدم التعاون معه.

وبالإضافة إلى علاقاته الجيدة جدا مع الرئيس السوري بشار الأسد شخصيا، يمتلك ميقاتي علاقات إيجابية مع فرنسا التي يقال إنها الداعم الأساسي له في معركته الأخيرة، وكذلك نسج علاقات جيدة مع قيادات تركية وعربية. أما في الداخل، فقد اتبع، على النمط التركي، سياسة «صفر مشكلات» مع الجميع - حتى موعد الترشيح - خصوصا في مدينة طرابلس، حيث نشأت قوته السياسية والشعبية. فهو انفتح على الجميع، حتى مع الذين خاصموه، ويمتلك علاقة مميزة مع الإسلاميين، فلا يكاد مسجد يبنى في المدينة، إلا ولميقاتي نصيب في تمويله. أما رجال الدين في المدينة، فهم يحظون بمساعدات لأعمالهم الخيرية من قبل ميقاتي الذي عرف عن مؤسساته تقديماتها الكثيرة لجهة الأعمال الخيرية. حتى أن الجماعة الإسلامية التي رشحت الحريري لتأليف الحكومة الجديدة، قالت إنها فعلت ذلك «وفاء للرئيس الراحل»، لكنها «لم تجد في وصول ميقاتي جريمة» كما قال أحد قيادييها النائب السابق أسعد هرموش. أما السلبية التي تحيط بعمله في المدينة، فيقول أحد فعالياتها إن ميقاتي ككثير من السياسيين الطرابلسيين، اهتم بالمساعدات وأهمل الإنماء، فلم يخض حربا من أجل مشروع استثماري جيد للمدينة.

محمد نجيب ميقاتي المولود عام 1955 هو «الرقم السادس في الترتيب العائلي»، قبله كان لعائلته أربع بنات وصبي. ولأنه كان كذلك فقد حاز الكثير من الدلال، الذي يقول ميقاتي إنه لم يشكل حساسية لدى العائلة، خاصة لدى أخيه وشريكه طه فهما اعتمدا «معادلة ذهبية هي أن الكبير يعتني بالصغير والصغير يحترم الكبير. وقد استمرا على هذه المعادلة حتى اليوم».

كان ميقاتي طفلا عنيدا، حتى أنه استطاع أن يفرض على أهله عدم الذهاب إلى المدرسة التي ارتادها لثلاثة أيام فقط في سنته الأولى وفوت عاما دراسيا كاملا عوضه العام التالي بدخوله إلى صف الحضانة الثاني مباشرة.

تلقى دروسه الأولى في «الليسيه الكبرى» الفرنسية ثم توجه إلى الجامعة الأميركية فالدراسات العليا في هارفارد. ورغم أنه لم يكن تلميذا «نجيبا» في بداياته، فقد استطاع «تمرير المراحل»، وكان دائما عند المعدل العام للنجاح دون زيادة ولا نقصان، لكن الأمر تغير عندما بدأ يحب المدرسة، فقد نال شهادة البكالوريا - فرع العلوم الاختبارية بدرجة جيد جدا. بقيت المدرسة «غير محببة لديه. وشهر أكتوبر (تشرين الأول) الذي يبدأ فيه العام الدراسي يشكل عنده نقطة حزينة. حتى أنه عندما ذهب أولاده إلى المدرسة، كان «يخترع» فرصة للسفر للعمل، ولو لأسبوع، لكي تتولى والدتهم أخذهم إلى المدرسة. قائلا له «إنهم (أولاده) قالوا إنهم لا يريدون الذهاب فلن أجبرهم». لكن الأمور اختلفت مع التقدم في المدرسة مع إيجاد أصدقاء ورفاق صف، فأصبح يشتاق للعودة إلى الصف والرفاق، وصولا إلى الجامعة التي يقول إنها «كانت أحلى أيام حياتي». السنين الأولى للمدرسة كانت حزينة. كان الأساتذة يطلبون حضور الوالد إلى المدرسة بشكل متكرر. وفي إحدى المرات قال الأستاذ لوالده «أستغرب كيف أن هذا التلميذ يكون كسولا وأنا أعرف أنه يحفظ في ذهنه أسماء الـ 99 نائبا في المجلس النيابي». فقد كان ميقاتي هاويا للأمور السياسية لكن لم يكن في ذهنه أن يدخل في عالمها. كان يتابع كل القضايا السياسية. ويقول: «عندما بلغت سن الـ13 كنت أقصد المجلس النيابي وأحضر الجلسات العامة، فقط من باب الحشرية. كنت أطلب بطاقة خاصة، أذكر أنها كانت زهرية اللون، لدخول جلسات المجلس النيابي». وعندما دخل القاعة نفسها كنائب وكوزير رافقته هذه الذكريات حتى أنه كان يراقب الجمهور كيف ينظر إليه متذكرا كيف كان يجلس بينهم.

يعترف ميقاتي أنه منذ ذلك التاريخ كان يحلم بأن يدخل البرلمان والعمل السياسي، لكنه كان حلما يعتبره بعيد المنال «لأننا لم نكن عائلة سياسية ولم نتعاط السياسة أبدا، وكنت أرى أن الإرث السياسي هو الغالب. لم أعتقد يوما أن لي موقعا في هذا المكان. كان الأمر كمن يشاهد فيلما تلفزيونيا ويشتهي أن يكون مكان الممثل. حلمت بالموقع، لكني لم أصمم على الوصول إليه».

وسطيته هذه فسرت من قبل البعض على أنها «بلا لون أو طعم»، لكن ميقاتي البارع في السير بين النقاط، يرد على منتقديه بأربعة أسئلة: هل تمكنت من الفوز بالنيابة يوما؟ هل استطعت أن تصبح وزيرا؟ هل أصبحت رئيس حكومة؟ وهل استطعت أن تجمع ثروة؟ ثم يستطرد بالقول: «أنا فعلت كل ذلك، فمن منّا يكون الصح؟». يبرر ميقاتي وسطيته بالقول: «اتجاهنا في المنزل كان دائما وفاقيا، لم نكن جماعة (حرب). كنا نبتغي السلام وعند أي خلاف أو حدث، كنا ننظر دائما إلى ما يوفق. هذا دخل في طباعي منذ الصغر، كنت أرى دائما جانبا وفاقيا من أي حدث». ورغم أنه يعترف بأن البعض يرى أن الموقف الوسطي لا لون له، يؤكد أنه الأصعب. يرفض استعمال كلمة اعتدال «لأن الاعتدال ربما يكون مزيجا من أمرين، فالطقس المعتدل هو مزيج من البرودة والحرارة. لكن الوسط ليس مزيجا، إنه لون بحد ذاته وهو من أصعب الألوان». إيمانه بالاعتدال والوسطية، دفعه لإنشاء «منتدى الوسطية» و«منتدى استشراف الشرق الأوسط» كما أشرف على تنظيم سلسلة مؤتمرات وندوات عن الوسطية في المجالات كافة بمشاركة شخصيات لبنانية، عربية ودولية.

في السياسة الحالية، يقول ميقاتي إنه مع «14 آذار» لجهة المطالبة باستقلال لبنان وسيادته، ومع «8 آذار» الذي يتحدث عن المقاومة وعن واقع إقليمي معين، ومن حيث معرفتي بأننا جزء من هذه المنطقة ويجب أن نعيش علاقات جيدة ومثمرة مع الدول المجاورة. بدأ عمله السياسي من باب الاقتصاد، حيث انتخب عضوا في غرفة التجارة والصناعة عام 1992 ورئيسا للجنة الاقتصادية. وفي عام 1998 عين في أول حكومة تألفت في عهد الرئيس اميل لحود وزيرا للأشغال العامة ووزيرا للنقل وصفه آنذاك رئيس مجلس النواب نبيه بري بطرافته المعهودة بـ«أطول وزير في العالم» لطوله الفارع الذي يتجاوز المائة وتسعين سنتيمترا. ثم انتخب نائبا عام 2000 حيث نال حينها أكبر عدد من الأصوات في الشمال. وهو يعتز بالإجماع الذي ناله لتشكيل الحكومة بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005. حينها تعهد ميقاتي بعدم الترشح للانتخابات التي نظمتها حكومته، مبررا العزوف عن الترشح للانتخابات بأن «الإنسان إنسان، وأنا لا يمكن أن أكون حياديا وطرفا في آن». كما انسحب من شركة الهاتف الجوال والأعمال الأخرى في لبنان قائلا: «قررت أنه إذا أردت أن أكون رئيس وزراء ناجحا، يجب علي أن أتخلى عن أي مصلحة شخصية». عن تلك الفترة يقول: «استطعت أن أتعامل مع الجميع بقوة وبحزم، ولكن بعدل. كنا خلية إنتاجية في الحكومة، وكنا نعيش في الحكم كأننا سنعيش أبدا، ولآخرتنا وكأننا سنرحل غدا». دخل الجامعة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 1975. وفي 11 مارس (آذار) 1976 حصلت حركة انقلابية قام بها اللواء عزيز الأحدب فتوقفت الدراسة في الجامعة، وأصيب المبنى الذي كان يسكنه بهذا القصف، فاضطر أن يترك لبنان إلى الولايات المتحدة الأميركية، لمتابعة دراسته. لكن ما حصل هو أنه قبل انتهاء الفصل الدراسي، أصيبت والدته بتوعك صحي، وكان هناك إجماع لدى الأطباء أن هذا التوعك سببه بعده عنها، فعاد إلى لبنان وترك الجامعة وبقي قربها حتى فرقهما الموت، فتابع دراسته في الجامعة الأميركية، ثم الدراسات العليا في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد. تزوج في عمر 23 سنة، تعرف على زوجته مي دوماني على مقاعد الدراسة. وأصبح أبا في الـ24. وهذا أدى إلى تقارب كبير في السن مع الأولاد. وهذا التقارب أعطاه «قدرة على تكوين صداقة متينة معهم مع بقاء الاحترام». لكن ميقاتي يصر على إبقاء عائلته بعيدا عن الإعلام والسبب هو زوجته التي طردت مصورا وصحافيا من منزلهما عندما حاولا أخذ صورة للعائلة عند توزيره لأول مرة قائلة لهما: «هو الوزير وهو الشأن العام، أما نحن فلا. اختار الشأن العام فهذا شأنه، أما نحن فنريد أن نعيش حياتنا الطبيعية ولا أريد أن أضر بالأولاد. فهي كانت ترى أن الأولاد في مرحلة حرجة وقد يؤذيهم التعرض للأضواء».

الشقيق الأكبر طه هو في موقع الأب الذي لكلمته وقع خاص عنده. وابن شقيقه عزمي هو العقل الإداري الذي في عهدته إدارة الأعمال، مع شقيقه فؤاد، أما أولاده ماهر ومالك وميرا، فهم معنيون ببناء أنفسهم وإدارة شؤونهم بعيدا عن السياسة.. ميقاتي الذي يشغل المركز 41 في لائحة أثرى الأثرياء العرب يلخص أسرار النجاح في الحياة بأنه عاش في «عائلة متماسكة ومتمسكة بالترابط العائلي». دخل عالم الأعمال بالاشتراك مع شقيقه طه الذي كان قد أسس شركة تتعاطى المقاولات الهندسية في أبوظبي التي بدأ العمل فيها منذ تخرجه عام 1968 من الجامعة. ولما كان طه هاويا لمعدات الاتصال، أنشأ نجيب شركة صغيرة مع زميل في الجامعة تعمل في قطاع الاتصالات، محولا هواية شقيقه إلى عمل. وقد كبرت هذه الشركة (INVESTCOM) ودخلت في عالم الهاتف الجوال، حيث أسسا أول شركة من نوعها في لبنان. يقول ميقاتي: «النجاح ناجم عن علاقتي الممتازة مع شقيقي»، وقال: «نحن ندير عملا عائليا والفضل في نجاح العمل هو الأسلوب الذي اتبعه أخي، وهو استيعابه للجميع وتطويره ولأنه صاحب مبادرة وكنا جميعا نساعد في النجاح، والحمد لله نجحنا».

وشركة ميقاتي موجودة في 20 دولة أفريقية تقريبا. وبعد اندماجها مع شركة «MTN» أصبحا الشريك الأكبر فيها، ولديهما أعمال أخرى استثمارية وكذلك في مجال العقارات، ودخلا قطاع الألبسة بشراء شركة «فاسونابل» للألبسة. كما دخلا عالم الطيران حيث يمتلكان عددا كبيرا من الطائرات التي يقومان باستثمارها مع شركات أخرى، بالإضافة إلى شركة طيران اسمها «فلاي بابو» تنطلق من سويسرا. وهو حاليا عضو في مجلس أمانة الجامعة الأميركية في بيروت، وفي المجلس الاستشاري لكلية هاريس في جامعة شيكاغو، بالإضافة لعضويته في المجلس الاستشاري للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «إنترناشيونال كرايسز غروب».

الشرق الأوسط - ثائرعباس - 28/1/2011

نجـيــب مـيـقـاتـي: الـزعـيـم المـبـتسـم.. يشــرب حلـيــب السـبـاع - جريدة السفير - خضر طالب

 

منذ أن أطل نجيب ميقاتي إلى طرابلس من البوابة السياسية في العام 1998 كوزير في حكومة الرئيس سليم الحص، «فاحت» منه «رائحة» طموح سياسي لا يقف عند حدود تلك الحقيبة الوزارية.


بسرعة قياسية، استطاع ميقاتي خلع بذلة رجل الأعمال وفصّل على قياسه بذلة خاطها في أسواق طرابلس التي تمكّن من عبور كل أبوابها، فإذا به يفرض نفسه في معادلة المدينة خياراً آخر.


لكن ميقاتي الذي احترف تدوير الزوايا، أمسك بطرف اللعبة السياسية داخل المدينة لأنه يعرف أن طرابلس قادرة على حمله إلى تحقيق طموحاته، وانشغل بتفاصيل التفاصيل التي لا يمكن لأحد تجميعها.


كثيرون كانوا يعتقدون أن نجيب ميقاتي لا يستطيع تجاوز العوائق الكبيرة أمام بلوغ مراميه بذلك الهدوء وسياسة المهادنة لكل الأطراف، وإدارة الظهر لكلّ تحدٍّ يواجهه.


وكثيرون كانوا يأخذون على نجيب ميقاتي أنه لا يمكن تسجيل نقطة له أو عليه لأنه يتقن السير بين النقاط، وأنه يستطيع الإفلات بسهولة من الزوايا التي يحشر فيها. لكنه كثيراً ما كان يردّ على بعض أولئك «المنظّرين» بثلّة اسئلة متتالية: هل تمكنت من الفوز بالنيابة يوماً؟ فيردّ «المنظّر» بالنفي، هل استطعت أن تصبح وزيراً؟ فيكرر «المنظّر» النفي، هل أصبحت رئيس حكومة؟ يتكرر النفي بهزّ الرأس، وهل استطعت أن تجمع ثروة؟ فيصمت «المنظّر» تاركاً لميقاتي أن يستطرد بالقول: «أنا فعلت كل ذلك، فمن منّا يكون الصح؟».


كثيرون كانوا يعتقدون أن هذا المتحدّر من عائلة متديّنة كان «ميقات» الصلاة في الجامع المنصوري الكبير يُكتب بما يملكونه من علوم دينية، وأن «إرث» جدّه «الميقاتي» الأول في ذلك الجامع الذي انصرف عن هموم الدنيا، يشير إلى أنه لا يمكن له أن يخرج من تلك العباءة الدينية وذاك الصوت المنادي لجمع الناس تحت قبة التقوى.


نجح نجيب ميقاتي في عبور محطات صعبة من الأزمات، وتجاوز خمس سنوات من الانقسام في لبنان بأقل قدر ممكن من الخسائر التي كان يسلّم بها طوعاً وبابتسامة لا تفارق وجهه، برغم ضغط متواصل من جمهور لطالما ألحّ عليه بموقف يشدّ من أزره ويُمسك العصب الشعبي.


استمع كثيراً إلى تلك النصائح التي تؤكّد له أن الزعامة لا تبنى بحبّة دواء من هنا ومساعدة اجتماعية من هناك ولا بمنحة تعليمية كانت كلّها تصرف على من يشاء من دون تدقيق في الولاء السياسي لطالبها.


هو اختار يوم الجمعة تحديداً من كل أسبوع ليستقبل الناس ويلبي طلباتهم بينما يحمل عز الدين مفكرته ليسجّلها، لكنه في ذات الوقت حوّل هاتفه الخلوي إلى «مكتب مراجعات»، وهو الذي عُرف عنه أنه يمتلك ذاكرة نشطة جداً تفاجئ صاحب الحاجة باتصال هاتفي مربك من زعيم ما اعتادوا على طينة من نوعه لإبلاغه بتحقيق مطلبه.


فلسفة الرجل أن المساعدة لا يجب أن تقرن بشرط الولاء وهي كانت موجودة قبل دخوله المعترك السياسي، لكنها فلسفة نجحت في «التسلّل» إلى قلوب كانت تدين بالولاء تاريخياً لهذا الموقع السياسي أو ذاك، أو أن مصالحها ترتبط بهذه الجهة أو تلك، فعطّل العديد من أدوات المواجهة مع قياداتهم وأفرغ تلك القواعد من أشرس الخصوم، قبل أن يستدرج كثيراً منهم إلى محيطه.


كل ما يمكن أن يقال عن نجيب ميقاتي كان يعرفه جيداً، فهو شغوف بالرسائل القصيرة (SMS) التي يتلقاها على هاتفه من كل زاوية في أحياء المدينة تخبره بما يقوله الناس فيه إيجاباً أو سلباً، وبات يملك موسوعة من «التوصيفات» التي تطلق عليه، لكنها كلّها لم تشكّل يوماً عنصراً ضاغطاً لإحداث تغيير في أدائه وسلوكه واستراتيجيته.


فجأة تغيّر نجيب ميقاتي وانكشف «ليث» يتخفّى خلف تلك الابتسامة الوادعة، ويقدّم نفسه كرجل صلب لا يتهاون ولا يخاف ولا يرضخ.


اختار نجيب ميقاتي التوقيت.. اقتحم المحطة الصعبة.. وهو يدرك أنه بات يقف على أرض صلبة في مدينة أصبحت تحتضن «حالته».


هو يعرف جيداً الآن حجم رصيده في الشارع.. انتهى من بناء المرحلة الأولى في مشروع الزعامة الشعبية بعد أن قرأ جيداً تجربة عبد الحميد كرامي ورشيد كرامي وصائب سلام ورياض الصلح ورفيق الحريري.. وغيرهم الكثير من الزعامات التاريخية، لكنه رسم خريطة طريق بين كل هؤلاء باحثاً عن هوية شخصية وبصمة خاصة لا تكون تقليداً لأي منهم، وإن كان قد استفاد من تلك التجارب التاريخية.


ليست زعامة تقليدية تلك التي يبنيها، وليست لها وراثة عائلية ـ اقله حتى الآن ـ برغم أن عائلته تشكّل النواة الأولى لفريق العمل: الشقيق الأكبر طه هو في موقع الأب الذي لكلمته وقع خاص عنده. وابن الشقيق عزمي هو العقل الإداري الذي في عهدته إدارة الأعمال لكنه يجد نفسه، مع شقيقه فؤاد، محكوماً في زمن الاستحقاقات «بوضع كتف» مع العمّ نجيب.


أما أولاده ماهر ومالك وميرا، فإنهم معنيون ببناء أنفسهم وإدارة شؤونهم بعيداً عن السياسة.. إلا في سياق إطلالات خجولة ومحببة في المناسبات.


لكن «أبو ماهر» الباحث عن زعامة خارج الواقع العائلي، بنى مؤسساته الخيرية برفع إسمي والديه الراحلين عزمي وسعاد، ومنهما اشتق اسم جمعيته «العزم والسعادة»، وكذلك تيار العزم.


في العمل الميداني يحاول نجيب ميقاتي على الدوام «اكتشاف» الطاقات المحيطة به من الشباب، فيستمع إلى عبد الإله وينصت إلى رامي ويطلب من مصطفى ويبتسم لعبد الرزاق ويمازح يوسف ويسأل خلدون

.. لكنه أيضاً يعطي أدواراً لكل المحيطين به على قاعدة أن «لكل واحد دوراً»، فتتوسّع حلقة المستشارين إلى من هم خارج الصورة الظاهرة على الملأ، ويوظّف علاقاته المتشّعبة لبلورة موقف ما أو خطوة ينوي القيام بها.


يملك نجيب ميقاتي «بنكاً» من المعلومات التي يختزنها في رأسه، يعرف متى يبوح بشيء منها وبماذا يبوح، وكيف يوظّفها لأدائه السياسي ومواقفه التي كانت حتى ما قبل قرار ترشيحه توصف بالرمادية.


يعترف نجيب ميقاتي أنه في المرحلة السابقة كان يتفادى الاصطدام مع أحد، باستثناء الاستحقاقات الانتخابية الطرابلسية التي استفاد من خبراتها باعتبارها «تمارين» تساهم في «تأهيله» لاستحقاقات انتخابية أكبر، في حين أنه كان «يفرّ» من معارك صغيرة لا يرى فيها ما يفيده في أوقاتها.


اختلف نجيب ميقاتي، كأنه «شرب حليب السباع»، لكن عارفيه يدركون أنه ما كان ليقدم على هذه الخطوة لولا أنه «حسبها جيداً» في حين أن المتحمّسين يعتقدون أنه حسم خياراته أخيراً وقرر بناء زعامته الشخصية التي لطالما كانوا يناقشونه في آلية بنائها.


خلال اليومين الماضيين كان نجيب ميقاتي يتابع من مكتبه في بيروت بدقة ما يجري في طرابلس، حوله ورشة عمل غير معتادة في هذا المكتب الهادئ. يتفحّص بعيون ثاقبة قلق المحيطين به وما تنطق به أعينهم من خشية أن تؤثر في قراره أعمال الشغب، فإذا به يباغتهم باتصال هاتفي من هنا يسجّل فيه موقفاً حازماً، ثم يرمي بينهم فكرة للنقاش توحي لهم بالثقة، ويخرج باستدعاء من شقيقه طه ثم يعود مبتسماً:

 

«الشارع اليوم لهم.. لكنه بعد ذلك سيكون لنا»، يطمئن الحاضرين إلى عناده وصلابة قراره، ثم يعود إلى التحديق في غرض ما على مكتبه أو إلى لوحة في الحائط مفكّراً بهدوء لا تعكّره نقاشات المحيطين به.


ينتظر نجيب ميقاتي انتهاء «يوم الغضب» ليبدأ «يوم الفرح» في طرابلس، وهو يعرف جيداً أن له في المدينة من الرصيد ما يكفي لعودته إليها مظفّراً بإعادة رئاسة الحكومة إليها، بل وبعودة «الثنائية» التي تستعيد موقع طرابلس ودورها في المعادلة اللبنانية من موقع الشريك المنافس.. وليس من موقع الملحق. 

 

نبذة عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي

 

الرئيس نجيب ميقاتي ولد عام 1955 حائز إجازة في إدارة الاعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، وتابع دراسات عليا في معهد INSEAD في فرنسا وجامعة هارفرد في أميركا.

متزوج من مي دوماني ولهما ثلاثة اولاد، ميرا وماهر ومالك.

بدا حيــاته السياسية عندما تولّى، ما بين عامي 1998 و 2004، حقيبة وزارة الأشغال العامة والنقل في ثلاث حكومات متعاقبة. أنتخب عام 2000 نائبا عن مدينة طرابلس في مجلس النواب حتى العام 2005، حين تبوأ منصب رئاسة الوزراء، وشكل حكومة أشرفت على إجراء الانتخابات النيابية.

في العام 2009 إنتخب نائباً عن طرابلس للمرة الثانية، وأعيد إنتخابه في عام 2018.

أسس مع شقيقه طه شركةINVESTCOM الرائدة في عالم الاتصالات في الأسواق الناشئة في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا، وسرعان ما حققت الشركة انجازات ونمو غير مسبوقين.

ساهم الرئيس ميقاتي بخبرته وممارسته في تضييق الهوة بين القطاعين العام والخاص، وهو حاليا عضو في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت، وفي المجلس الاستشاري لكلية هاريس في جامعة شيكاغو، بالاضافة لعضويته في المجلس الاستشاري للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "انترناشونال كرايسز غروب".

يؤمن الرئيس ميقاتي بالاعتدال والوسطية، وأنشا لهذه الغاية "منتدى الوسطية" و"منتدى إستشراف الشرق الوسط" كما أشرف على تنظيم سلسلة مؤتمرات وندوات عن الوسطية في المجالات كافة بمشاركة شخصيات لبنانية، عربية ودولية خرجت بتوصيات شكلت قواعد ومرتكزات للعمل الوسطي في مختلف وجوهه.

له نشاطات خيرية وانسانية وإنمائية من خلال "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية" التي أنشأها مع شقيقه طه في العام 1980، وهي تدير مؤسسات تربوية وصحية وإجتماعية.

نجيب عزمي ميقاتي – معجم حكام لبنان والرؤساء

ولد في مدينة طرابلس – التل، في 24 تشرين الثاني سنة 1955. تلقى دروسه بمختلف مراحلها في مدرسة الليسه الفرنسية، والتحق بعدها بالجامعة الأميركية في بيروت، حيث نال سنة 1979 الإجازة في إدارة الأعمال ، والماجستير سنة 1980. وتابع دراساته العليا في جامعة هارفرد حيث تخرج منها سنة 1989، وجامعة INSEAD في فرنسا، حيث أجرى دورات مهنية فيها.

قبل إحترافه العمل السياسي مارس مهنة رجل أعمال، فأسس سنة 1981 مع شقيقه طه ، شركة للإتصالات، ثم تفرعت منها في لبنان والخارج ، عدة شركات متخصصة في قطاع الإتصالات والخدمات التابعة لها.

إنتخب سنة 1992 عضواً في غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان. وأعيد إنتخابه سنة 1996 وهو عضو في الهيئة التنفيذية للغرفة التجارية العربية الأميركية وعضو مجلس رجال الأعمال السوري اللبناني.

إختير عضواً في مجلس أمناء الجامعة الآميركية في بيروت، وفي المجلس الإستشاري، لكلية هاريس في جامعة شيكاغو، بالإضافة لعضويته في المجلس الإستشاري "للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات" (إنترناشيونال كرايسز غروب)، ويرأس منتدى إستشراف الشرق الأوسط ، كما يرأس منتدى الوسطية في لبنان.

إنتخب نائباًً عن محافظة الشمال قضاء طرابلس، في دورة 2000.

عين:

- وزيراً للأشغال العامة ووزيراً للنقل ، في كانون الأول سنة 1988، في حكومة الرئيس سليم الحص.

- وزيراً للأشغال العامة والتقل في تشرين الأول سنة 2000 في حكومة الرئيس رفيق الحريري.

- وزيراً للأشغال العامة والنقل في نيسان سنة 2003 في حكومة الرئيس رفيق الحريري. وعين في الحكومة نفسها، في أيلول سنة 2003، وزيراً للمهجرين بعد إستقالة الوزير عبدالله فرحات.

- عين رئيساً لمجلس الوزراء في نيسان سنة 2005 في عهد الرئيس إميل لحود. فشكل حكومة لم يترشح أحد من أعضائها للإنتخابات النيابية بمن فيها رئيسها، ونالت أعلى ثقة نيابية بلغت 110 أصوات. وقد جاءت هذه الحكومة لتشرف على الإنتخابات العامة التي جرت في مطلع صيف 2005، في الوقت الذي كان يمر فيه لبنان في فترة عصيبة، أعقبت إغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقد وصف ميقاتي حكومته بأنها "حكومة اللاأحقاد وبداية صنع المستقبل".

- عين رئيساً لمجلس الوزراء في شهر شباط سنة 2011، في عهد الرئيس ميشال سليمان، بعد أن رشحته أكثرية 68 نائباً معظمهم من المعارضة مقابل 60 نائباً رشحوا منافسه الرئيس سعد الدين الحريري.

إبان توليه وزارة الأشغال ، عمل على تطوير مرفأ طرابلس وساهم في إبرام إتفاقيات النقل مع سوريا والأردن والعراق، وفي إطلاق سياسة الأجواء المفتوحة في قطاع النقل الجوي، والمخطط التوجيهي العام للبنان، ومشروع السلامة العامة، كما عمل بخبرته على تضييق الهوة بين القطاعين العام والخاص.

دعا ميقاتي إلى تخفيض سن الإقتراع إلى الثامنة عشرة عاماً وإلى تعديل إتفاق الطائف، لأنه ليس قرآناً ولا إنجيلاً. وهو يؤمن بالأداء السياسي الوسطي لأن الوسطية موقف. ويعني مكان إلتقاء الجميع. وإن قانون الإنتخابات لعام 1960، أوصلنا إلى الحرب عام 1975. وعن الحملات التي تصف طرابلس بالإرهاب يعتبر أن طرابلس هي مدينة معروفة بتسامحها وحسن ضيافتها وحفاظها على كرامتها، وبأنها تضم مكونات المجتمع اللبناني وسمتها الإعتدال والوسطية بكل ما للكلمة من معنى.

يرتبط ميقاتي بعلاقة وطيدة مع المملكة العربية السعودية ومع سوريا ، وهو يعتبر أن الجغرافيا أهم من التاريخ فكيف إذا كانت العلاقة معها نتيجة إجتماع الجغرافيا والتاريخ. وأن الرئيس السوري بشار الأسد "هو أول رئيس عربي يجري قراءة نقدية متكاملة واضحة وشجاعة لكل المواضيع المطروحة". مشدداً على أهمية تطوير التعاون الإقتصادي بين سوريا ولبنان. وأن مصلحة بأن يكون على علاقة ممتازة مع سوريا. ويؤكد أن الحرب على العراق هدفها الهيمنة على القرار السياسي والمقدرات الإقتصادية للدول العربية ، لافتاً إلى وجود تكامل بين المشروعين الأميركي والصهيوني ، في منطقة الشرق الوسط.

أَيّد ميقاتي المقاومة ضد إسرائيل وإعتبر أن سلاحها، يجب أن يبقى ما دامت إسرائيل تهدد لبنان وتحتل جزءاً من أراضيه.

دعا إلى فصل الإقتصاد عن التعصب السياسي وقال بالأجواء المفتوحة، كعامل إيجابي للسياحة والتجارة والعلاقات الدولية. معتبراً أن مؤتمر باريس 2، نجح دولياً وعربياً، لكنه تعثر محلياً، وأن خطة النهوض الشاملة التي أطلق عليها إسم الطريق إلى ميثاق بيروت"، تقوم مقام طائف إقتصادي وإنمائي للبنان.

خلال توليه المسؤوليات الحكومية ، تمكن من تحسين أعمال الصيانة ورفع مستواها، وتزفيت وشق الطرق وتوسيعها، وبنى عدة جسور وسرايات حكومية، ووضع المخطط  التوجيهي العام للمناطق، وتم تأهيل وتجهيز مرفأ بيروت، وتعميق الأحواض في مرفأ طرابلس وردم ساحات إضافية من البحر، وكذلك الأمر فيما يتعلق بمرفأي صيدا وصور.

تمكن نجيب ميقاتي من خلال "جمعية العزم  والسعادة الإجتماعية" من تقديم مساعدات عينية للمعوزين ، فضلاً عن الخدمات الصحية من خلال المراكز والمستوصفات التابعة للجمعية، وتنفيذ العديد من الأعمال التأهيلية، من أبنية وطرقات وجسور ومدارس ومساجد وملاعب رياضية وغيرها.

يؤمن بلبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه عروبي الإنتماء والهوية وموطناً للحرية والديمقراطية والحوار.

كان عضواً في كتلة نواب الشمال التي يرأسها النائب سليمان طوني فرنجية. بعد إستشهاد الرئيس الحريري تحالف مع تيار المستقبل في إنتخابات سنتي 2005 و2009 وترأس كتلة نيابية مستقلة.

له دراسات إقتصادية عن الخصخصة والتكامل الإقتصادي مع الدول العربية . وبالإضافة إلى أحاديثه الإعلامية، له كتابات نشرها في الصحف المحلية والدولية. وأبرز مقالاته : "علَمَّني لبنان"، و"لن ننتظر ذكراه كي نتذكره"، كتبها في الذكرى السنوية الثانية لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري، و"الوسطية فعل إرادة".

يحمل وسام سلطنة عمان ووسام الإستحقاق اللبناني من درجة الوشاح الأكبر.

متأهل من السيدة مي دوماني ولهما: ماهر ومالك وميرا.

الرئيس السابق للحكومة اللبنانية والمساهم الأكبر في شركة "إم تي أن" العالمية نجيب ميقاتي لـمجلة "الرجل": هواية شقيقي أوصلتنا إلى النجاح

"التواضع"… هو أقل ما يوصف به الرئيس الأسبق للحكومة اللبنانية والشريك الرئيسي في شركة "ميقاتي غروب" الإستثمارية. فهذا الرجل ابتعد عن الأضواء كثيراً على قاعدة "النتائج بالأفعال" مفضلاً ترك الأقوال جأنباً.

عوامل قليلة أوصلت نجيب ميقاتي إلى النجاح المهني الذي وضعه في قائمة أغنى أغنياء العالم، والنجاح السياسي الذي جعله محط إجماع في رئاسة الحكومة في لبنان المليء بالتناقضات وفي أحرج لحظاته السياسية بعيد إغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، والنجاح الشخصي في الحفاظ على عائلة متماسكة وسعيدة.

في السياسة حمل شعار "الوسطية" وربما كأن من القلائل الذين يرون جانباً وفاقياً في كل أزمة. تخلى عن قطاع مربح في لبنان عند تعيينه وزيراً وإنتخابه نائباً، فباع أسهم شركة "سيليس" إحدى شركتي الهاتف الجوال في لبنان أنذاك وخرج من القطاع الذي يعتبره كثيرون "الدجاجة التي تبيض ذهباً". أما عندما اختير رئيساً للحكومة فقد قرر التخلي عن منصبه النيابي، ليقود الإنتخابات النيابية من دون أي غرض شخصي. عندما يتحدث عن الأعمال تخاله عنصراً ثانوياً في نجاح المجموعة، يضع الجميع في المقدمة ولا يتحدث عن نفسه، وعند موعد التصوير يستبعد من الكادر كل ما له علاقة بالفخامة من مسبح صغير في منزله الصيفي الجميل المطل على بيروت في محلة العبادية في عاليه، وبالتأكيد يرفض تصوير مجموعته النادرة من اللوحات داخل المنزل.

الرئيس ميقاتي حريص جداً على خصوصية عائلته، فإبعدها بقرار مشترك مع زوجته عن أضواء الإعلام منذ البداية، فلا تصدر لهم صورة أو خبر كما أن منزله وحياته الشخصية مستورة بجدار عال لا يدخله إلا الأصدقاء… ومجلة "الرجل" فازت بالحديث الشخصي الأول والوحيد حتى الآن مع الرئيس ميقاتي.

في حديقة منزله في الجبل


وفي ما يأتي نص الحديث:

*ما أول شيء تذكره من طفولتك؟

- أتذكر عنادي وعدم محبتي للمدرسة عندما كنت صغيراً. أذكر أني في سنتي الأولى ارتدت المدرسة لثلاثة أيام فقط، ورفضت بعدها الذهاب وفوّت عاماً دراسياً كاملاً عوضته العام التالي بدخولي إلى صف الحضانة الثاني مباشرة. وأذكر أن والدي - رحمه الله - استعمل ديبلوماسيته وأراد أن يسايرني حتى لا أكره المدرسة، وكانت هذه السياسة ناجحة لأني في ما بعد عدت وأحببت المدرسة وتابعت دراستي. عاطفة الوالدين كانت حاضرة دائماً في طفولتي وتابعت معي في كل مراحل الحياة.

* كيف كان الجو العائلي؟

- نحن عائلة متماسكة ومتمسكة بالترابط العائلي، نعيش جواً لا خلافات فيه بتاتاً وتسوده المحبة، وهذا سر من أسرار نجاحنا في الحياة.

* كيف كانت ظروف النشأة؟

- أنا الرقم السادس في الترتيب العائلي، قبلي كان لعائلتي أربع بنات وصبي. ولأني كنت صغير العائلة فقد حزت على الكثير من التسامح حتى لا أقول الدلع، فيما يكون الكبير موضع رهان العائلة لقيادتها لاحقاً، هذا الشيء لم يشكل أي حساسية، لأني وأخي طه لدينا معادلة ذهبية هي أن الكبير يعتني بالصغير والصغير يحترم الكبير. وقد استمرينا على هذه المعادلة منذ صغري وحتى اليوم، ونحن نورثها من جيل إلى آخر.

سياسي منذ الصغر

* ومإذا عن ذكريات الطفولة؟

- كانت طفولتي مريحة جداً جداً. عشت طفولة يسودها الحب والارتياح الكامل. لم أذكر يوماً أني حرمت من شيء، ولكن مع هذا كنت صاحب سلوك نظامي. أذكر ذات مرة في ذكرى ميلادي الخامسة أن والدي أخذني إلى متجر لألعاب الأطفال، فلم أكترث لأي لعبة، ما فاجأ صاحب المتجر الذي قال أنها المرة الأولى التي يرى فيها ولداً لا يهتم بالألعاب. لم أكن الهو كثيراً مع الأطفال لأني كنت أريد أن أجالس من هم أكبر مني سناً.

وعندما بدأت أتعلم القراءة الأولى كنت دائماً أطرح السؤال على أهلي هل إذا وصلت بالدرس والقراءة إلى هذه الصفحة من الكتاب أصبح قادراً على قراءة الصحيفة.

* كنت تهوى السياسة منذ الصغر إذن؟

- كنت هاوياً للأمور السياسية لكن لم يكن في ذهني أن أدخل في عالمها. كنت أتابع كل القضايا السياسية. وعندما بلغت سن الـ 13 كنت أقصد المجلس النيابي وأحضر الجلسات العامة، فقط من باب الحشرية. كنت أطلب بطاقة خاصة، أذكر أنها كانت زهرية اللون، لدخول جلسات المجلس النيابي. وفي إحدى المرات حضرت جلسة استمرت حتى الثالثة صباحاً عندما استقال الرئيس رشيد كرامي في جلسة مناقشة طويلة عام 1969، وقد أدت هذه الاستقالة إلى فراغ حكومي لفترة طويلة وأدت إلى "اتفاق القاهرة". أذكر أنه في هذه الجلسة أن النائب كمال جنبلاط - وكان وزيراً حينها - أخذ غفوة خلال الجلسة.

* هل رافقتك هذه الذكريات في أول مرة دخلت البرلمان؟

- نعم، عندما دخلت كنائب وكوزير رافقتني هذه الذكريات حتى أني كنت أراقب الجمهور كيف ينظر إلي وأتذكر كيف كنت أجلس.

في مكتبه في بيروت

* هل خطر ببالك يوماً وأنت تحضر الجلسات من فوق أنك ستصبح نائباً؟

- الطموح والحلم حق. طبعاً كنت أحلم وأفكر بهذا الموضوع، لكني كنت أعتبره أمراً بعيد المنال لأننا لم نكن عائلة سياسية ولم نتعاط السياسة أبداً، وكنت أرى أن الإرث السياسي هو الغالب. لم أعتقد يوماً أن لي موقعاً في هذا المكان. كأن الأمر كمن يشاهد فيلماً تلفزيونياً ويشتهي أن يكون مكان الممثل. حلمت بالموقع، لكني لم أصمم على الوصول إليه.

* ماذا كان موقف العائلة من اهتمامك بالسياسة؟

- طبعاً لم أكن أخفي أي شيء عن العائلة، فأحياناً كنت أعود متأخراً بالليل. وأعود بالسرفيس (سيارة الاجرة) إلى المنزل. كنت أعرف أن هناك وجهتي نظر داخل المنزل. فريق كان يعارض ويخشى أن "أتولع" بهذا الشيء. وفريق يقول: "لا بأس، دعوه يعرف ويجرب". كنت أحب السياسة وكنت أحفظ عن ظهر قلب أسماء النواب ومناطقهم، وكنت أعرف عدد الأصوات التي نالها معظمهم ومن كان ينافسهم. كانت نوعاً من هواية أحبها.

* هل تحولت الهواية إلى ممارسة في وقت ما؟

- كلا، كان همي مراقبة السياسة العليا. كنت أجالس الكبار، وكان زوار منزلنا يدعونني للجلوس بينهم إذا أرادوا النقاش بالسياسة. وكنت أناقشهم وكنت ما أزال ولداً.

* فترة شبابك كانت حرجة جداً ومليئة بالتطورات السياسية والتظاهرات وصولاً إلى الحرب الأهلية، أين كنت من هذا كله؟

- اتجاهنا في المنزل كان دائماً وفاقياً، لم نكن جماعة "حرب". كنا نبقي السلام وعند أي خلاف أو حدث، كنا ننظر دائماً إلى ما يوفق. هذا دخل في طباعي منذ الصغر، كنت أرى دائماً جانباً وفاقياً من أي حدث. البعض يرى أن الموقف الوسطي لا لون له، لكن على العكس إنه الأصعب. أنا لا أستعمل كلمة إعتدال لأن الاعتدال ربما يكون مزيجاً من أمرين، فالطقس المعتدل هو مزيج من البرودة والحرارة. لكن الوسط ليس مزيجاً بل هو التقاء. وسط المدينة هو ملتقى أهلها. الوسطية طبعت شخصيتي وكنت أتصرف دائماً من هذا المنطلق.

* ما هي المحطات السياسية الأساسية التي تذكرها؟

- أذكر بغير وضوح ثورة العام 1958، كنت في سن الثالثة واذكر كيف كنا نختبىء في زوايا المنزل خوفاً من الرصاص. وأذكر أيضاً أحداث سنة 1961 والتي شهدت محاولة الإنقلاب على الرئيس فؤاد شهاب. وفي العام 1964 كنت من المتحمسين لكي يمدد الرئيس فؤاد شهاب ولايته لأنني تابعته ورأيت أنه يريد فعلاً أن يبني دولة. لكن بعزوفه عن قبول التمديد زادت مكانته لدي. وأتذكر أيضاً انتخاب الرئيس شارل حلو بعد انتهاء ولاية الرئيس شهاب الذي فاز بأغلبية كبيرة، وبدأت أحس كم أن الديمقراطية جميلة وكم أن التغيير مفيد. في عهد شارل حلو أتذكر حرب 1967 والتظاهرات التي حصلت في العام 1969 بدعم من القوى اليسارية والتنظيمات الفلسطينية وما تبعها من منع تجول واستقالة الحكومة. حزنت يومها على الدم الذي سال، لكني كنت دائماً ميالاً إلى سلطة الدولة، كنت أحس أن السلطة لها حق. وأذكر أيضاً انتخاب الرئيس سليمان فرنجية الذي فاز بصوت وحيد، وكنت فرحاً حينها لأنه من الشمال. بكل شيء كنت أتخذ خيار العقلانية والوسط، وكنت أرفض التبعية العمياء. كنت أنظر إلى أي شخص من خلال مواقفه وقراراته، وذلك ضمن الثوابت الأساسية وهي الوطنية ، مخافة الله واحترام الآخر. أنا مع المواقف التي يتخذها الأشخاص ولست معهم بمجرد أنهم يعجبونني. يتحدثون اليوم عن "14 إذار" فهل من أحد لا يطرب أو يسر لمواقف "14 إذار" من قضايا لبنان ومطالبتهم باستقلاله وسيادته، أنا مع "14 إذار" من هذه الناحية وفي المقابل هناك "8 إذار" الذي يتحدث عن المقاومة وعن واقع اقليمي معين، فأنا مع "8 إذار" من حيث تأييدي للمقاومة ومن حيث معرفتي بأننا جزء من هذه المنطقة ويجب أن نعيش مع علاقات جيدة ومثمرة مع الدول المجاورة. أنا مع المواقف الجيدة التي تنسجم مع معاييري التي أضعها في هذا الاطار.

* أين بدأ التحول الذي قادك إلى العمل السياسي؟

- انتخابي عضواً في غرفة التجارة والصناعة عام 1992 ورئيساً للجنة الإقتصادية. بدأت العمل العام من هناك، لجهة التعاطي مع الناس ومع الإنتخابات والشأن الاقتصادي وأنا أعتبره الملف الأهم. كنت أعد تقارير شهرية للغرفة التي كأن يرأسها الاقتصادي الكبير الأستاذ عدنان القصار الذي أعطى الغرفة الكثير، ولم يمر أحد فيها إلا واكتسب شيئاً من خبرته. وفي العام 1998 كنت قد انتخبت مرة ثانية في الغرفة ونلت أكبر عدد من الأصوات من بعد الرئيس عدنان القصار. في ذلك العام عينت في أول حكومة تألفت في عهد الرئيس إميل لحود وزيراً للأشغال العامة ووزيراً للنقل.

* كيف كانت أيامك في الوزارة؟

- قبل وقت قصير من تشكيل الحكومة علمت أنني سأعين وزيراً، لكني كنت أعتقد أني سأكون وزيراً للإقتصاد. أذكر أنني عندما اتصلت بسلفي الوزير علي حراجلي اتفقنا على التسلم والتسليم، فسألته على الهاتف عن موقع الوزارة، فمازحني قائلا: "أنت تبدأ من مكان بعيد جدا". لم تكن أيام الوزارة الأولى سهلة، فالقطاع العام مختلف تماماً عن القطاع الخاص. القطاع العام له مفاصل مختلفة عن القطاع الخاص، وهناك الروتين الإداري. أذكر أني في الشهر الأول أوقفت المكافآت والمشاريع التي كنت أعتقد أن لا جدوى لها، فأتى شخص إلى مكتبي وحذرني من ذلك قائلاً: "أنت لا تعرف بالسياسة، هذه الوزارة ليست وزارة النزاهة، بل وزارة النافعة" وقد وجدت لأنفاع الناس.

* وهل استسلمت؟

- كلا بالعكس، هذا الكلام أعطاني دفعاً أكبر للإصلاح ولعدم السير بأي معاملة أو مكافأة أو مشروع لم أكن مطمئناً ومرتاحاً لجدواه.

* ثم دخلت البرلمان؟

- إن شرف تمثيل منطقة الشمال، هو شرف كبير جداً ومسؤولية كبيرة جداً... خصوصاً أن النائب عندنا لا يشرّع فقط، بل هو يتابع أمور المواطنين في السراء والضراء. وأن يكون معهم في كل حدث ومناسبة اجتماعية وكل خدمة يصبون إليها. وهذا وضعني أمام مسؤولية كبيرة جداً، خصوصاً أني نلت أكبر عدد من الأصوات في الشمال. وأعتقد أني قمت بكل ما يرتاح إليه ضميري، ولو لم يكن أدائي الوزاري والنيابي بالمستوى المطلوب لما حصل إجماع على اختياري لتشكيل الحكومة بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري.

* لمإذا اتخذت قرار العزوف عن الترشح للإنتخابات؟

- لأن الإنسان إنسان، وأنا لا يمكن أن أكون حيادياً وطرفاً في آن. أنا مع الشعار الذي يقوله الرئيس سليم الحص وهو أن المسؤول يبقى قوياً لحين تصبح له مصلحة شخصية فيصبح ضعيفاً. ولأني كنت أريد أن أكون قوياً، كان يجب أن لا تكون لدي مصلحة. لذلك لم أترشح لأستطيع إجراء انتخابات لا تشوبها أي شائبة أو أية علامة استفهام .

* ولهذا انسحبت من شركة الهاتف النقال والأعمال الأخرى في لبنان؟

- طبيعي، انسحبت أولاً، ثم صفينا أعمالنا. ولغاية اليوم لا يوجد لدينا في لبنان أي أعمال، ما عدا بعض العقارات الموجودة. المسؤول يصبح ضعيفاً إذا كانت لديه مصلحة ما. أنا أنسان وأخشى أن أكون ضعيفاً لهذا قررت أنه إذا أردت أن أكون رئيس وزراء ناجحاً، يجب علي أن أتخلى عن أي مصلحة شخصية. أنا كنت أضحي للبنان فتلك المرحلة كانت أصعب ما مر به لبنان، ونجحنا. وسيذكر التاريخ عن هذه المرحلة أننا اجتزناها بنجاح. ولهذا أيضا أصرّيت على كل الوزراء الذين اختيروا أن لا يترشحوا للإنتخابات.

* دخلت إلى نادي رؤساء الحكومات في أصعب فترات لبنان، كيف عايشت هذه المرحلة وما رأيك بالنتائج؟

- الإعتزاز والقوة أتتني من إجماع اللبنانيين على الثقة بي، وبعد الإختيار الديمقراطي لي بأن أكون رئيساً للحكومة، أتى شبه الإجماع الذي حظيت به حكومتي في مجلس النواب وكانت حينها أعلى ثقة تنالها حكومة بعد اتفاق الطائف. ولهذا استطعت أن اتعامل مع الجميع بقوة وبحزم، ولكن بعدل. كنا خلية إنتاجية في الحكومة، وكنا نعيش في الحكم كأننا سنعيش أبداً، ولآخرتنا وكأننا سنرحل غداً. عملنا بكل زخم وقوة، وأذكر أننا أعددنا لائحة بأمور صغيرة جداً من 70 بنداً غيّرت وجه لبنان اقتصادياً، فارتفع سهم سوليدير من 13 إلى 27 دولاراً. والأهم كان النجاح الكبير للإنتخابات النيابية التي كانت من أنزه الإنتخابات، فكل المعترضين يلومون قانون الإنتخاب ولم يقل أحد منهم أن العملية الإنتخابية كان فيها شائبة. فنحن كنا أمام خيارين، خوض الإنتخابات وفقاً لهذا القانون أو تأجيلها. فأجريناها وسلمنا الحكومة لمن اختارته الأكثرية المنتخبة.

* هل انتهى الطموح السياسي بعد تسليم رئاسة الحكومة؟

- كلا أبداً. لم يتغير لدي شيء اليوم إذا لم أكن نائباً. أنا اتصرف كما كنت قبلاً، وأنا قريب من الجميع وأساعد وأخدم وأحاول أن أكون مواسياً لكل صاحب حاجة. أنا أشعر أني ما أزال أمارس عملي النيابي. أنا لا أحسد اليوم رئيس الوزراء على موقفه. أنا أتطلع إلى المنصب لكي أنجز، ولو لم أكن متأكداً من الإنجاز في المرحلة الماضية لما اخترت المنصب، اليوم أرى أنه ضمن هذه الظروف الإقليمية والمحلية والجنون السياسي الذي يسود الساحة اللبنانية اقول أن الإنجاز صعب، وبالتالي لست لاهثاً وراء أي منصب. بالعكس ما أقوم به اليوم من خدمة لوطني عبر علاقاتي العربية والدولية واتصالاتي المستمرة مع الجميع تساعدني على إعطاء الرأي الصحيح للواقع اللبناني.

* هل ترى أن مفهوم الوسطية خيار ناجح لإدارة الأزمة الراهنة؟

- الوسطية ليست بالمطلق، إنها تأتي ضمن إطار. فبين شخص يحب لبنان وآخر ضد استقلاله لا يمكن أن أدعي الوسطية. لكن مع المغالاة في الإستقلال والإستقلال الحقيقي، أنا مع الخيار الثاني.

من درجة "متوسطة" في المدرسة إلى هارفرد…

لم يكن نجيب ميقاتي تلميذاً نجيباً في بداياته وكان يكره المدرسة ولهذا تأخر سنة عن الإلتحاق بها، وكان تلميذاً "متوسطاً" يحمل له شهر أكتوبر كل عام "غمامة سوداء" لأنه موسم دخول المدرسة. لكن الصورة تغيرت لاحقاً في الثانوية إذ تخرج منها برتبة "جيد جداً" ثم الجامعة فالدراسات العليا في جامعة هارفرد.

* أين تلقيت تعليمك؟

- بحكم وجود الوالد وعمله في بيروت، تلقيت دروسي الأولى هناك في "الليسيه الكبرى" الفرنسية ثم توجهت إلى الجامعة الأميركية فالدراسات العليا في هارفرد.

* لم تكن تلميذاً "نجيباً" في بداياتك، فكيف كانت بقية المراحل؟

- لا أستطيع أن اقول أنها سارت بسلاسة. بقيت المدرسة عندي غير محببة. وشهر أكتوبر (تشرين الأول) الذي يبدأ فيه العام الدراسي يشكل عندي نقطة حزينة. وأذكر تماماً أنه عندما ذهب أولادي إلى المدرسة، كنت أجد فرصة للسفر للعمل، ولو لأسبوع، لكي تتولى والدتهم أخذهم إلى المدرسة. وكنت أبرر لها ذلك بأنهم إذا قالوا أنهم لا يريدون الذهاب فلن أجبرهم... ما تزال بداية المدرسة تشكل بالنسبة لي فترة قاتمة. الأمور اختلفت مع التقدم في المدرسة مع إيجاد أصدقاء ورفاق صف، فأصبحت أشتاق للعودة إلى الصف وإلى رفاقي. أما الجامعة فكانت أحلى أيام حياتي.

* وكيف كانت الأجواء الدراسية؟

- لم أكن تلميذاً مجتهداً في السنوات الأولى لأني لم أكن أحب المدرسة، وكنت دائماً عند المعدل العام للنجاح بدون زيادة ولا نقصان. كنت تلميذاً متوسطاً ولم أكن مجتهداً أبداً، لكن الأمر تغير عندما بدأت أحب المدرسة، فقد نلت شهادة البكالوريا- فرع العلوم الإختبارية بدرجة جيد جداً.

* هل من حوادث معينة تبقى في ذاكرتك من تلك الأيام؟

- السنين الأولى للمدرسة كانت حزينة. أذكر أنهم دائماً كانوا يطلبون حضور الوالد إلى المدرسة. وفي إحدى المرات قال الأستاذ للوالد "استغرب كيف أن هذا التلميذ يكون كسولاً وأنا أعرف أنه يحفظ في ذهنه أسماء الـ 99 نائب في المجلس النيابي". وأذكر أيضاً عام 1967 عندما حصلت "النكسة" وكنت أستعد لتقديم امتحانات الشهادة الإبتدائية "السرتيفيكا"، لكن بسبب الحرب ألغيت الإمتحانات ونجحنا جميعاً، وكنت أردد دائماً ممازحاً أن "نكسة العام 1967 كانت إيجابية بالنسبة لي". وأذكر أيضاً أنني ذات يوم عدت من المدرسة وكنت أتحدث مع شقيقتي عن حصيلة النهار فقلت لها: نحن في الصف، نصفنا مسلمون ونصفنا مسيحيون، فسمع والدي الكلام وسألني: من قال لك ذلك؟ فأجبته: رفيقي ويدعى فلان. فقال لي: لا أريدك أن تتحدث معه أو ترافقه بعد اليوم.

* كيف كانت أيام الجامعة؟

- دخلت الجامعة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 1975. وفي 11 مارس (إذار) 1976 حصلت حركة إنقلابية قام بها اللواء عزيز الأحدب فتوقفت الدراسة في الجامعة. وأذكر يومها أنه حصل الكثير من القصف بين المنطقتين المتنازعتين في لبنان، وأصيب المبنى الذي كنا نسكنه بهذا القصف، فاضطررت أن أترك لبنان إلى الولايات المتحدة الأميركية، وبدأت أتابع دراستي هناك. لكن ما حصل هو أنه قبل انتهاء الفصل الدراسي، أصيبت والدتي رحمها الله بتوعك صحي، وكان هناك إجماع لدى الأطباء أن هذا التوعك سببه بعدي عنها، فعدت إلى لبنان وتركت الجامعة وبقيت بقربها حتى فرقنا الموت، وقد تابعت دراستي في الجامعة الأميركية، ثم تابعت دراستي العليا في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفرد.

مع شقيقه طه

"عمل عائلي" يدخله في قائمة "فوربس" لأغنى أغنياء العالم

يرفض رجل الأعمال نجيب ميقاتي الحديث عن ثروته التي جمعها من خلال أعماله الناجحة حول العالم بدءاً من قطاع الإتصالات الذي قالت مجلة "فوربس"أنه در عليه وشقيقه طه 2.6 مليار دولار من الأسهم لكل منهما جراء صفقة بيع أسهم شركة "إنفستكوم" للإتصالات لشركة "إم تي ان" العالمية ما وضعهما في مصاف 27 عربياً دخلوا القائمة العام الماضي. علماً أن شركة ميقاتي غروب باشرت عملية استثمار واسعة أبرزها شركة "فاسونابل" المشهورة للأزياء بـ 210 ملايين دولار بالإضافة إلى شركة نقل جوي وعشرات الطائرات والعقارات.

ساهم الرئيس ميقاتي في أوائل الثمانينات في تأسيس "إنفستكوم" التي أصبحت رائدة في عالم الإتصالات في الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط وأفريقيا محققة إنجازات ونمو غير مسبوقين في مجال عملها. وقد أندمجت أخيراً في شركة MTN العالمية بعد أن تم إدراج أسهم "إنفستكوم" في بورصتي لندن ودبي.

* كيف دخلت عالم الأعمال؟

- كان شقيقي طه قد أسس شركة تتعاطى المقاولات الهندسية في "أبو ظبي". هو كان بدأ العمل هناك منذ تخرجه عام 1968 من الجامعة. وإضافة إلى عمله كان هاوياً لمعدات الإتصال، وكان يهوى تجميع هذه الالات رغم أنه كان مهندساً مدنياً. عندما تخرجت من الجامعة كنت قد أدركت أهمية قطاع الإتصالات، ولمعرفتي بخبرة شقيقي في هذا المجال، فحولت هوايته إلى عمل. وبدأ يساعدني في الأفكار، علماً أني كنت قد أنشأت شركة صغيرة لي مع زميل لي في الجامعة، وقد كبرت هذه الشركة ودخلنا في عالم الهاتف الجوال حيث أسسنا أول شركة من نوعها في لبنان.

* ما سر النجاح؟

- النجاح ناجم عن علاقتي الممتازة مع شقيقي، نحن ندير "عمل عائلي" والفضل في نجاح العمل هو الأسلوب الذي اتبعه أخي، وهو استيعابي للجميع وتطويري ولأنه صاحب مبادرة وكنا جميعاً نساعد في النجاح، والحمد لله نجحنا.

* أين يتركز عملكم؟

- الشركة موجودة في 20 دولة تقريباً. ونحن كنا العام الماضي قد أندمجنا مع شركة MTN حيث أصبحنا الشريك الأكبر فيها، ولدينا أعمال أخرى استثمارية وكذلك في مجال العقارات، إلى ما قمنا به مؤخراً من شراء شركة "فاسونابل" للألبسة. كما دخلنا أيضاً عالم الطيران فنحن نمتلك عدداً كبيراً من الطائرات التي نقوم باستثمارها مع شركات أخرى، بالإضافة إلى شركة طيران نمتلكها إسمها "فلاي بابو" تنطلق من سويسرا.

* أين كان مفصل النجاح والإنتشارالواسع؟

- النجاح يكون دائماً بالعمل الصحيح والمثابرة عليه. أولاً مخافة الله ورضى الوالدين والمثابرة بالعمل التي لا بد من أن تأتي بنتيجة إذا كان هذا العمل قوامه صحيح ويبنى على بنيان جيد.

* النجاح كان سريعاً، هل توسعتم بسرعة؟

- كلا، عملنا ضمن خط الإتصالات والهواتف الخليوية، ثم بعد أن تم الدمج بدأنا التوسع في الإستثمار الصناعي وجديدنا هو في شمال لبنان حيث نسعى لإيجاد فرص عمل والنهوض بالمنطقة اقتصادياً.

أخ وفي وزوج سعيد و..... أب صديق

نجيب ميقاتي رجل يقدس الرابط العائلي، ولد وتربى في عائلة متماسكة "يحترم فيها الصغير الكبير ويحنو فيها الكبيرعلى الصغير" كأن والداه مثله الأعلى في الحياة، وعندما رحلا، حزن حزناً شديداً، والكل يذكر الدموع التي ذرفها هذا الرجل عند وفاة والدته، وقيادته بنفسه السيارة التي تحمل نعشها في رحلتها الأخيرة من بيروت إلى طرابلس. يحمل نجيب لشقيقه الأكبر طه الذي أخذ دور "جمع العائلة" لاحقاً عاطفة كبيرة لا يتورع عن إظهارها في كل المناسبات. مارس ميقاتي مع أولاده الدور نفسه الذي مارسه والده معه، فكان صديقاً ثم أباً، أما زوجته مي دوماني التي رافقته في حياته منذ كان في الـ 23 من عمره فهو يرد إليها "الفضل الأكبر في نجاحه وفي تربية الأولاد على المبادئ العائلية السليمة".

والديه عزمي وسعاد ميقاتي

* كيف كانت العلاقة مع الوالدين؟

- أنا نشأت في عائلة قوية الروابط، وكان والدّي على تفاهم تام. كنا عائلة متوسطة الحال، وكان اهتمامهما الأساسي هو تعليمنا، وبالفعل تلقينا نحن السبعة أفضل تعليم في أفضل المدراس والجامعات. وكان همهما تأمين كل ما نطلب وتوفير سبل الراحة لنا. ونحن أتينا من عائلتين كبيرتين لأمي وأبي، فكان لدينا رابط عائلي متين مع العائلة الكبرى من جانب الوالدين، وكنا دائماً على تواصل خصوصاً في فصل الصيف، حيث كنا نصيّف مع كل أفراد العائلة الكبرى في بلدة حصرون في شمال لبنان، وكنا نترافق خلال فترة الصيف باللعب واللهو والطعام والسهرات، وهذا ما خلق رابطاً مشتركاً مع أفراد العائلة.

* كان الرابط العائلي لديك أهم من الجامعة؟

- الرابطة العائلية مهمة جداً، سواء العائلة الكبرى أو الصغرى أو بيننا كأخوة. وقد أخذ شقيقي طه دور من يجمع العائلة بعد وفاة الوالدين. وكان شقيقي الأكبر طه دائماً القدوة والمثال لنا في التعامل، خلال فترة وجود والدّي وبعد رحيلهما، رحمهما الله. ولا يزال حتى اليوم يرعانا رعاية الأب الصالح.

* ماذا نقلت معك إلى عائلتك؟

- الشيء نفسه، المحبة والإحترام. وأنا أشكر ربي أن حياتي الزوجية سعيدة جداً، وهذا ينعكس على الأولاد راحة في التصرف والتفكير والمحبة المتبادلة بينهم.

* إذاً مفتاح الحياة العائلية السعيدة، زواج سعيد؟

- مفتاح الحياة العائلية السعيدة: زوجة صالحة. هذا بدأ مع والدي وانتقل إلينا جميعاً والحمد لله.

* إلى أي مدى أنت قريب من أولادك؟

- قريب جداً جداً، نادراً ما كنت ألبي دعوة على الغداء، فقط على العشاء، لأن الغداء للعائلة في المنزل عند عودة الأولاد من المدرسة. بدأنا هذا منذ صغرهم فنجلس حول المائدة ونتكلم سوياً فيه. وأنا افضله على تلبية أي دعوة أخرى، لأني أعتبر أن من لا يستطيع بناء عائلة متينة ومحبة، لا يستطيع أن يحكم بلد أو ينجح في عمل ما.

* تتابع أمورهم عن كثب؟

- بدقائقها.

مع حفيده نجيب

* والتفاعل بينكم؟

- أحياناً يكون المزاح بيننا يتجاوزالمعتاد، إنها صداقة وعلاقة صحبة أكثر منها علاقة أب بأولاده.

* تفضل أن تكون صديقاً لهم لا أباً؟

- لكل مقام مقال.

* مإذا عن زوجتك؟

- أنا تعرفت على زوجتي مي دوماني خلال دراستي في الجامعة الأميركية، في السنة الأولى أو الثانية. كنا على مقاعد الدراسة سوية وتابعنا حياتنا معاً. ومن نعم الله عليّ هذه الزوجة التي كافحت معي وثابرت، وإليها يعود الفضل الأكبر في نجاحي وفي تربية الأولاد على المبادئ العائلية السليمة.

* في أي سن تزوجت؟

- في عمر الـ 23 سنة. وأصبحت أباً في الـ 24. وهذا أدى إلى تقارب كبير في السن مع الأولاد. وهذا التقارب أعطاني قدرة على تكوين صداقة متينة معهم مع بقاء الإحترام.

* لماذا أبعدت عائلتك عن ضوء الإعلام؟

- هذا كان طلب زوجتي. أول يوم عينت وزيراً، أتى المصورون ليلاً للتعرف على الوزير الجديد، فدخل مصور ترافقه صحفية إلى غرفة الجلوس وحاولا تصوير العائلة، فرفضت بحزم وقالت لهما: هو الوزير وهو الشأن العام، أما نحن فلا. اختار الشأن العام فهذا شأنه، أما نحن فنريد أن نعيش حياتنا الطبيعية ولا أريد أن أضر بالأولاد. فهي كانت ترى أن الأولاد في مرحلة حرجة وقد يؤذيهم التعرض للأضواء.

*مإذا عن أولادك؟

- إبني الأكبر ماهر عمره 27 عاما وهو متزوج من دانا سعادة وعندهما طفل إسمه نجيب. إبنتي ميرا عمرها 25 عاماً وهي متزوجة من إبن شقيقتي علي بدير وعندهما طفلة إسمها نجلا. وإبني الأصغر مالك يتابع دراسته الجامعية وعمره 18 عاماً.

*ما هي هواياتك؟

- المطالعة.

تشرين الأول/أكتوبر 2007 - "مجلة الرجل" - ثائر عباس

المزيد من الفيديو
كلمة الرئيس ميقاتي في قمة منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الإقتصادي