
الرئيس ميقاتي: أنا في صدد إعداد لائحتي الخاصة لخوض الإنتخابات النيابية
الجمعة، ١٠ شباط، ٢٠١٧
أعلن الرئيس نجيب ميقاتي أنه في صدد إعداد لائحته الخاصة "لخوض الإنتخابات النيابية في طرابلس مم أشخاص أراهم متوافقين مع ذهنية أهل طرابلس ومطالبهم، ومن نهجي وأتوافق معهم ". وقال"أنا واثق تماما أن أهلي في طرابلس يمنحونني الثقة للقيام بما أراه مناسبا، والمناسب اليوم هو تشكيل لائحة لخوض الانتخابات على أساسها".
وكان الرئيس ميقاتي عقد قبل ظهر اليوم مؤتمراً صحافيا في مكتبه تناول فيه موضوع الانتخابات النيابية و مشروع قانون الانتخاب الذي أقرته حكومته السابقة على أساس النسبية.
وقال: لكم تحدث اللبنانيون عن إرادة التغيير، ولكم اشتكى الشعب اللبناني من إعادة إنتاج الطبقة السياسية نفسها، وكانت العناوين الكبرى من دولية واقليمية سبباً في ضرب هذا التغيير أو التعديل من جهة وفي التغطية على إبقاء الوضع على ما هو عليه. أما اليوم فلبنان ليس على جدول الاهتمامات الكبرى، لأن الكبار في المنطقة والعالم لديهم إهتمامات أكبر من لبنان في هذه اللحظة المفصلية. بهذا المعنى، بلدنا محظوظ ،فلا مشروع خاصاً بلبنان إلا المحافظة على إستقراره. ومن حسن حظنا أن لا أحد مكلف بضبط صراعاتنا وخلافاتنا وأمورنا، وهذا كله يعني أن هوامشنا الداخلية تتسع كما لم يحصل ذلك منذ وقت بعيد.
أضاف: هنا كلمة حق تقال: كان دولة الرئيس نبيه بري محقاً عندما دعا إلى إنجاز سلة تفاهمات متكاملة، تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الإنتخاب وسائر الأمور الإصلاحية التي نص عليها إتفاق الطائف وأبرزها إنشاء مجلس الشيوخ وإنجاز اللامركزية الادارية. عندما إنتخبنا رئيس الجمهورية، واجهنا تحدي تشكيل الحكومة، وها نحن نواجه اليوم تحدي إنجاز قانون الانتخاب، وسنواجه غداً تحدي التعيينات الأمنية والإدارية، كما الكثير من الملفات الحيوية المتصلة. بناء الدولة لم يعد يقبل التاجيل. منذ الاستقلال حتى اليوم ولبنان رهينة تسويات طائفية ودولية مؤقتة تتغير بتغير موازين القوى، دفع ويدفع معها اللبنانيون ما أصبح يهدد كيانهم.
وقال: أقول تسويات مؤقتة لأنني أريد هنا استعادة بعض ما ورد في بيان العزوف عن الترشيح لإنتخابات رئاسة الجمهورية الذي أصدره الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي يقول فيه أن أحد أسباب عدم ترشحه أن قانون الإنتخاب الذي وضعه في العام 1960 فات عليه الزمن وكان نتيجة تسوية مؤقتة ويجب العمل على تغييره.
أضاف: من هنا حان الوقت لنعيد بناء الدولة القوية التي نريدها. فلو كانت هناك دولة قوية، هل كان لملف النفايات أن يتسبب بما تسبب به قبل أكثر من سنة من تداعيات ما زلنا نعاني منها حتى يومنا هذا؟ لو كانت هناك دولة قوية، هل كان يمكن لملف الكهرباء أن يستنزف اللبنانيين طوال ربع قرن من الزمن، ويرتب على البلد أكثر من خمسة وعشرين مليار دولار، فيما تتراجع الكهرباء يوماً بعد يوم بذرائع وأعذار واهية. لو كانت هناك دولة قوية، هل كان علينا أن ننتظر سنوات حتى نتحمل مسؤوليتنا في إطلاق إدارة وطنية شفافة لملف النفط والغاز، فنوفر بذلك الكثيرَ من الإيرادات على بلدنا الغارق في المديونية العامة وتراجع القطاعات الإقتصادية، ونضع أنفسنا على خارطة الدول النفطية ونمنع إسرائيل وغيرها من المس بثرواتنا الطبيعية. لو كانت هناك دولة قوية، هل كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه على صعيد إدارة قطاع المياه، خصوصاً وأن لبنان لطالما سمي بخزان الشرق الأوسط المائي، وكان مرشحاً في مرحلة ما لتصدير المياه إلى الخليج وأوروبا؟ لو كانت هناك دولة قوية، هل كنا وصلنا إلى حد عدم إيجاد مطمر لنفاياتنا إلا في محيط المطار. ولو كانت هناك دولة قوية، هل يجوز أن لا نطلق ورشة تطوير مطارنا ومرافئنا البحرية، خصوصاً وأن عدة فرص تلوح في الأفق، وأبرزها مشروع إعادة إعمار سوريا، وقد يخسرها لبنان إذا لم يقم بالمطلوب منه؟
أضاف: إن المشكلة الحالية في موضوع قانون الإنتخاب أن غالبية من يقاربونه، يقيسون الأمور بميزان مصالحهم، في الوقت الذي نعتبر فيه أن قانون الإنتخاب هو المدخل لإعادة تكوين السلطة وتحفيز المواطنين مجدداً خصوصاً جيل الشباب على الإنطلاق في ورشة التغيير والتطوير. فإنخراط الشباب في العمل العام بالنسبة إلينا واجب وطني وهو أسمى وأرقى من مصالح الفئات والأحزاب والتجمعات السياسية. ولا سبيل لإشراكهم إلا بقانون يتيح لهم خوض التجربة ضمن معايير وطنية وإصلاحية تنسجم مع أولوية إعادة بناء المؤسسات. فإذا نظرنا بنظرة وطنية صافية نستنتج أن بناء دولتنا يبدأ من قانون الإنتخاب ، وأن المدخل إلى كل تغيير في لبنان هو قانون الإنتخاب.
من هنا وخلال تولينا رئاسة الحكومة عام 2011 كان من صلب اهتمامنا إعداد قانون جديد للإنتخابات قبل موعد إنتخابات العام 2013، وكلفنا فخامة الرئيس ميشال سليمان وأنا كرئيس للحكومة، وزير الداخلية يومها مروان شربل إعداد مشروع قانون على أساس النسبية ووفق روحية إتفاق الطائف الذي تحدث عن المحافظات كدوائر انتخابية ، أي عن الدوائر الكبرى، لأنه كلما اتسعت الدوائر خفت حدة الخطاب السياسي وابتعد عن الطائفية ، وكلما خضعنا للنسبية في الإنتخاب إرتقى التمثيل الى مراتب أفضل. ويومها عقد الوزير شربل اجتماعات متتالية لمدة أربعة أشهر مع قانونيين واختصاصيين لوضع مشروع القانون، وكنا على تواصل مستمر معه لمناقشة تفاصيل المشروع وإدخال التعديلات الضرورية حتى إقراره في مجلس الوزراء.
مشروع قانون الإنتخابات النيابية
وقال: في العودة الى محور لقائنا اليوم أقول إن تكوين السلطة في أي بلد يتعزز بأمرين: عدالة التمثيل وآلية الحكم، وفي الواقع اللبناني فإن النسبية هي الأفضل للمجتمع اللبناني، ولا خلاص له إلا باعتمادها لعدة أسباب أبرزها أن النظام النسبي يحرر ما اصطلح على تسميتهم الأقليات من تأثير الأكثريات السياسية والمذهبية والمناطقية والمالية من جهة ويحد من نسبة الأصوات الضائعة أو المهدورة، وهذا الأمر يشجع مشاركة أكبر من الناخبين من جهة أخرى. النظام النسبي يعبر عن الديموقراطية الصحيحة لأي مجتمع كان عبر تحفيز قيام قوى وأحزاب وتكتلات سياسية من مرشحين من تطلعات واحدة بما يسهم في إيضاح التوجهات والبرامج السياسية في المجتمع الواحد.
المشروع المقترح من قبلنا يعتمد "النظام النسبي مع اللوائح المفتوحة المكتملة" بما يمكن الأقليات، سياسية كانت أو طائفية، من أن تتمثل في المجلس النيابي وتأمين الشراكة في الحكم بين مختلف القوى. وقد اعتمد "الصوت التفضيلي" (وهو في الواقع صوت "ترتيبي") بحيث يكون للمقترع الحق بصوتين تفضيليين لمرشحين في اللائحة المختارة يكون له الأثر الأول في الترتيب النهائي للمرشحين مما يعزز من حرية الناخب في اختيار ممثليه الحقيقيين للندوة البرلمانية. يعتمد مشروعنا كوتا الجنس الآخر على مستوى الترشيح على اللوائح، وهو ينص على اعتماد التصويت بواسطة أوراق اقتراع رسمية تضعها وزارة الداخلية والبلديات مسبقاً، وتتضمن أسماء اللوائح وأعضائها، مع صورة شمسية لكل مرشح، بما يمنع أي تلاعب بأوراق الاقتراع ويحد من الأوراق الملغاة. ينص المشروع على إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بما يضمن المساواة في التصويت، أي بممارسة الناخبين لحقوقهم الإنتخابية بصورة متساوية أمام القانون، وعلى اعتماد آلية الفرز بواسطة آلات الكومبيوتر لدى لجان القيد. يؤمن تعزيز الشفافية والمنافسة العادلة من خلال آليات ضبط الانفاق والاعلام الانتخابيين، ويراعي أوضاع ذوي الحاجات الخاصة لتمكينهم من المشاركة في الانتخابات. أما هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية فتمارس مهماتها بصورة مستقلة وبالتنسيق مع وزير الداخلية والبلديات، وهي هيئة إدارية ذات صفة قضائية باعتبار أن قراراتها تقبل الطعن عن طريق الإستئناف أمام مجلس شورى الدولة. ينص على آلية تفصيلية لإقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية.
تقسيم الدوائر الانتخابية
وقال: يعتمد مشروعنا تقسيم لبنان الى دوائر انتخابية متوسطة، وكانت اللجنة التي رأسها وزير الداخلية يومها وزير مروان أعدت ست صيغ لتقسيم الدوائر الانتخابية تراوحت بين 10 و14 دائرة، الا ان مجلس الوزراء أعد صيغة سابعة نصت على تقسيم الدوائر الى 13 دائرة . ندائي اليوم الى دولة الرئيس نبيه بري أن يعيد في مجلس النواب دراسة موضوع الدوائر الانتخابية بما يتناسب مع روحية نص القانون المنطلقة من اتفاق الطائف ومبدأ النسبية. وأذكر هنا أنه بعدما أقرّينا مشروع القانون في مجلس الوزراء، تلقيت عدة اتصالات من نخب سياسية ومن أحزاب سياسية ممثلة في مجلس النواب وغير ممثلة في مجلس الوزراء أثنت على مشروع القانون، وأبدت ملاحظات على تقسيم بعض الدوائر.وأعتقد أنه ربما هناك ملاحظات على تقسيم معين في دائرتين أو ثلاثة دوائر، والرئيس بري قادر بحكمته أن يعدل بعض ما يلزم لإرضاء كل الأطراف.
ختاماً أدعو كل القوى السياسية أن تضع نصب أعينها مستقبل لبنان وليس حضورنا الآني، فكلنا زائلون ويبقى لبنان عصياً عن الزوال بإرادة خالقه وإرادة شعبه الذي واجه كل شرذمة وكل محاولات التفتيت والتقسيم وبقي متشبثاً بتعدديته ووحدته وعيشه الواحد.
أسئلة وأجوبة
ورداً على أسئلة الصحافيين قال: أدعو اللجان المعنية بدراسة قانون الانتخاب الجديد الى أن تأخذ هذا المشروع بعين الاعتبار وتدرسه. وفي هذا الصدد أقول إن الكثير من السياسات التي اعتمدت في خلال حكومتنا اقتبستها الحكومات اللاحقة. وهذه خطوة حسنة، واذا كان البعض محرجاً في القول ان حكومتنا أعدت هذا المشروع فليعدلوا ما يشاؤون وليقرّوه، لأنه بنظرنا الأفضل والأنسب للبلد وينطلق من روحية إتفاق الطائف. هذا المشروع بات في مجلس النواب ويمكن للرئيس بري أن يطلب عقد جلسة لمناقشته، أو أن يصار الى سحبه من قبل الحكومة لتعديل ما يلزم، وهذا الأمر يمكن ان يتم في اسرع وقت.
ورداً على سؤال عن تحفظات اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي على المشروع عند إقراره في الحكومة التي رأسها قال: في المشروع النهائي الذي أعدته حكومتنا اتفقنا على دمج الشوف وعاليه في دائرة واحدة، فخفت تحفظات "اللقاء الديموقراطي" الذي كان ممثلاً في الحكومة لكنه سجل تحفظاً على مبدأ النسبية. من هنا أقول لكل معترض وخاصة وليد بك جنبلاط، الحزب التقدمي الاشتراكي هو على مدى الوطن، ولا يجوز النظر في الموضوع من زاوية منطقة معينة وإذا كنا سنربح فيها أو نخسر. الكل يربح عندما يتحدث بلغة وطنية ، وقد ظهر الحزب التقدمي الاشتراكي في مؤتمره الأخير أنه يضم ممثلين من كل لبنان، وبالتالي يمكنه المشاركة في الإنتخابات على مدى لبنان، وليس في دائرة واحدة ،ويمكنه أيضاً أن يكون له مؤيدون ونواب في كل مكان.
ورداً على سؤال عن الحاجة الى تأجيل الانتخابات في حال اعتمد هذا المشروع أو مشروع آخر من روحيته أجاب :لا ضرورة في هذه الحالة لتأجيل الانتخابات أكثر من ثلاثة اشهر، لأن الشق المتعلق بالناخبين ليس معقداً، فالمسألة أساسها وجود لوائح مكتملة تتنافس في ما بينها، وعلى الناخب أن يختار واحدة من اللوائح ويحدد ضمن اللائحة اسمين تفضيليين أو أكثر أو أقل، وفق ما يحدده نص القانون المعتمد. وطالما وزارة الداخلية هي التي ستعد اللوائح الانتخابية وفق برمجة إلكترونية محددة، تصبح عملية الفرز مهمة تقنية واضحة تناط بلجان القيد عبر الكومبيوتر، وبالتالي لا مجال فيها لأي غش.
سئل عن شكل تحالفاته الانتخابية في طرابلس فأجاب: أنا شخصياً في صدد إعداد لائحتي الخاصة، من أشخاص أراهم متوافقين مع ذهنية أهل طرابلس ومطالبهم، ومن نهجي وأتوافق معهم.
وعن خطوته اللاحقة لدعم إقرار مشروعه قال :لقد قمت بإتصالات غير معلنة للتحفيز على هذا المشروع خصوصاً لإذا كانت هناك نية للحل وليس لإدخال البلد في أزمة جديدة. وفي آخر لقاء صحافي عقدته قبل أسبوعين قلت إنني أخشى من أن يكون البلد قادماً على مواجهة، وأشرت الى أنه في حال الرغبة في تفادي المواجهة، فمشروع القانون هو أفضل الموجود والأنسب، تمهيداً للعمل على استكمال تنفيذ إتفاق الطائف لا سيما في ما يتعلق بإنشاء مجلس الشيوخ. وإن شاء الله في المرات المقبلة، ننتخب مجلس النواب على أساس غير طائفي.
ورداً على سؤال قال: لسوء الحظ فإن النقاش الدائر حالياً في اللجنة التي تناقش موضوع قانون الإنتخاب ينطلق من حسابات الربح والخسارة الشخصية، فيما المطلوب هو البحث في ما هو مطلوب للبنان ولتأمين أكبر مشاركة في هذه الإنتخابات.
سئل: يحكى حالياً عن نية لإعادة جمع الرئيس سعد الحريري واللواء أشرف ريفي، فإذا تدخلت المملكة العربية السعودية ، كما المرة الماضية ، ودعت الى لائحة إئتلافية في طرابلس، ماذا سيكون عليه موقفكم؟
أجاب: في الوقت الحاضر أنا واثق تماماً أن أهلي في طرابلس يمنحونني الثقة للقيام بما أراه مناسباً. والمناسب اليوم هو تشكيل لائحة لخوض الإنتخابات على أساسها.


