"المستقبل" يضمن المعركة بـ"الثلث": ميقاتي عبّد طريق "الحلف الرباعي" والسنيورة أنارها
الخميس، ١٤ آذار، ٢٠١٩
النهار - مجد بو مجاهد
تتّجه الأنظار مجدداً نحو #طرابلس بعدما تكشّفت مشهدية الاستحقاق الانتخابي الفرعي عقب انضمام اللواء أشرف ريفي الى "حلف رباعي" عبّد طريقه الرئيس نجيب ميقاتي بدعمه مرشّح "تيار المستقبل" و"أناره" الرئيس فؤاد السنيورة بنجاح وساطته المشهودة. ويبدو أن المشهد الانتخابي بات أوضح في ظلّ "الحلف الكبير"، وهو مصطلح يسقطه خبراء انتخابيون في قراءتهم لصورة "المعركة الطرابلسية" المرتقبة. وبالاستناد الى أرقام "الدولية للمعلومات"، فإن الحلف الذي يجمع الحريري وميقاتي وريفي والوزير السابق محمد الصفدي يضمّ 65 ألف صوت. وقد شارك في استحقاق أيار الانتخابي المنصرم 94 ألف ناخب، لكن التوقعات تشير الى مشاركة ما يقارب 70 ألفاً في ظلّ الاستحقاق الفرعي. فاذا استطاع "الحلف الرباعي" حشد 40 ألف صوت، مقابل 10 آلاف لحلف سنّة 8 آذار، فالفوز اذاً سيكون لمصلحة ديما جمالي وبفارق كبير.
بمعنى آخر، فإن مشاركة أكثر من 25% من أنصار "المستقبل" وحلفائه في الانتخابات (ثلث المشاركين في الانتخابات الأخيرة)، ستضمن فوز جمالي بالمعركة، في حين صوّت 16 ألف ناخب لمصلحة سنّة 8 آذار (الرقم الاساسي المسجّل في ظلّ انتخابات أيار). أما ترشّح سامر كبارة، فنتائجه غامضة. وبالاستناد الى "الدولية للمعلومات"، فإن الأرقام التقريبية للشخصيات التي تعتزم الترشح أو التي لم تحسم خيارها حتى الساعة تتمثل بالآتي:
طه ناجي: (أصوات "المشاريع" والنائب فيصل كرامي) 16 ألف صوت.
نديم الجسر: 2000 الى 2500 صوت.
مصباح الأحدب (أصواته واصوات حلفائه) 3300.
من هنا، يؤكد خبراء انتخابيون أن النتيجة باتت شبه محسومة لمصلحة جمالي. أما الدافع الذي يحضّ المرشحين الآخرين على المشاركة، فيتمثّل بفرض صورة أو حالة جديدة يمكن أن تؤثر في الاستحقاق النيابي المقبل شرط حشد أصوات كثيرة.
ومع ذلك، فإن "تيار المستقبل" لا يزال يتعامل بجدية مطلقة مع الاستحقاق الفرعي، وهذا ما تؤكّده مصادره القيادية لـ"النهار" في اشارة واضحة الى أن المعركة باتت أسهل لكنها ليست مضمونة، فلا بد إذاً من الاستعداد بجدية. أما الاستهانة بالاستحقاق فستؤدي الى تشجيع أفرقاء 8 آذار على حشد قواهم واستغلال الفرصة انطلاقاً من 13 ألف صوت. ويكمن التحدي الأساسي أمام "التيار الأزرق" في تشجيع الناخبين على المشاركة وعدم اعتبار المعركة مضمونة، ولا بد لـ"الشبيبة من أن ينزلوا" في ظلّ معركة يقال إنها رابحة.
ويتمثل العنصر الأهم الذي فرضه الاستحقاق الطرابلسي، في تطبيق العبارة الشهيرة tout le monde a gagné، أي أن الجميع ربح. وفي قراءة أوساط مواكبة، فإن الرئيس الحريري سحب فتيل المشكلة، وريفي عزّز موقعه السياسي المستقبلي. أما الرئيس ميقاتي فأكّد من اليوم الأول أنه مع الحريري وتعهّد القيام بالاتصالات التي لم تكن ايجابية في المطلق على جبهة ريفي الذي لم يكن في جوّ التراجع وقتذاك، لكن الظروف نضجت لاحقاً. وحاول ميقاتي تقريب وجهات النظر وتحدّث مع النائب كرامي في هذا الاطار لتفادي المعركة الفرعية. نجاح المبادرة لا يزعج ميقاتي، بل هذا ما أراده، وفق الأوساط، فالمعركة ستكون صعبة في ظلّ البحث عن حوافز تحضّ الناس على الانتخاب. وتأتي دعوة ميقاتي الى التوافق لما في ذلك من خدمة لوحدة الصف ومصلحة طرابلس. وقد عبّد ميقاتي الطريق أمام التوافق في خطابه الأساسي أمام طلاب مهنية العزم، معتبراً أن معركة طرابلس هي معركة الانماء، داعيا ضمنياً الى التكافل وهذا ما حصل.
الأنظار متجهة الى موقف رسمي من قوى 8 آذار، والأيام ستبلور النتيجة في ظل الحديث عن تأثيرات اقليمية على الساحة المحلية. فهل الموقف الذي سيتبناه العلويون سيسلّم بالمعادلة نفسها، أم أن المطلوب عدم إراحة #الحريري؟ وهل ستمنح قوى 8 آذار الانتصار للحريري على طبق من فضة من دون معركة؟ وتبقى مشاركة المستقلين التي تحفّز كثراً على الترشح، وتفرض واقع التنافس الشكلي.
الطريق التي عبّدها ميقاتي أمام "حلف رباعي طرابلسي" وأنارها السنيورة، كان لها وقع ايجابي أبعد من الاسحقاق الانتخابي. المطلعون على فحوى لقاء المصالحة في دارة السنيورة، يؤكدون أن "الكلفة" كُسرت بين رئيس الحكومة و"اللواء" في غضون 4 دقائق. وتقول مصادر ريفي إنه سيدخل معركة الانتخابات الى جانب الحريري ميدانياً، وهو يعتزم تجيير أكثر من 8 آلاف صوت لجمالي، فالذين "قلبهم مقسوم قسمين" والممتعضون من الخلاف السابق سيقترعون هذه المرة. وتشير المصادر الى أن ريفي حالة حريرية وهو ابن "الحريرية السياسية"، وأن المصالحة ستفضي الى تناغم وتوسيع التفاهم. أما المواضيع الخلافية فيجري تنظيمها تحت سقف أن أهداف المواجهة واحدة في ظلّ وقوع البلاد تحت الوصاية الايرانية. فقد اقتنع ريفي بضرورة تجاوز الانتخابات الفرعية في ظلّ حملة شرسة لـ"حزب الله" على الطائفة السنية والتي تستلزم التضامن، في حين أن الشرذمة ستخدم الحزب.
اذاً صفحة جديدة فُتحت بين ريفي و"المستقبل". وهي يمكن أن تفتح صفحات أخرى اذ لا شروط وشروط مضادة، بل انفتاح ونية حسنة وتنسيق وتعاون، وهذا ما سيظهر في المرحلة المقبلة. أما موضوع انماء طرابلس فأساسي. وفي رأي "تيار المستقبل" فإن السعي الى المصالحة كان قائماً منذ فترة طويلة. ولا شكّ في أن الانتخابات الطرابلسية سرّعت وتيرة المصالحة، ما يسهل المعركة على "تيار المستقبل" ويعطيها اندفاعة مختلفة. لكنّ ثمة ظروفاً سياسية حصلت أيضاً، جعلت أسباب الخلاف من الماضي.