أيّ عوامل حصرت المظلّة السنيّة بالحريري؟ ميقاتي لـ"النهار": لا بدّ له أن يكمل المرحلة
الثلاثاء، ١٩ تشرين الثاني، ٢٠١٩
النهار - مجد بو مجاهد
بات جليّاً للعموم تصميم مظلّة سياسية سنيّة متلائمة مع شخص الرئيس سعد الحريري لتبوّؤ سدّة الرئاسة الثالثة، وأن مظلّة من هذا النوع لا يمكنها أن تتجانس مع ملامح أيّ شخصية أخرى أو توفّر لها جوّاً من الاحتضان يدرأ عنها مفاعيل التقلّبات المناخية السياسية. واستخلص استنتاج من هذا النّوع من تجربة الوزير السابق محمد الصفدي الذي لم يستطع حجز هذه المظلّة ونقلها الى شطّه السياسي. وبدا تمسّك نادي رؤساء الحكومة السابقين بتسمية الحريري، دعامة صلبة أساسية منعت نقل المظلّة أو زحزحتها. ويبرز التساؤل الأبرز في هذا الاطار، عن أسباب الاصرار الذي يبديه "التريو الرئاسي" على تأمين الفيء السياسي للحريري دون سواه.
يؤّكد الرئيس نجيب ميقاتي لـ"النهار" أن "القضية ليست قضيّة أشخاص بل إننا نمرّ في مرحلة صعبة جداً. ولو أنّ المرحلة سهلة، لتمنّى ربّما كلّ شخص المنصب لنفسه، لكننا نرى المرحلة صعبة، ونقول إنه لا يمكن سوى اعطائها للشخص الذي قام بالتسوية الرئاسية وتبوّأ منصب رئاسة الحكومة مدّة ثلاث سنوات، ولا بد له أن يكمل المرحلة الحالية بعدما وصلنا الى النقطة الجوهرية باقتراح الاصلاحات الضرورية، بغية تطبيقها ووضعها موضع تنفيذ. أما تبديل ضباط المعركة في الوقت الحاضر، فسيدخل البلاد في استراتيجية جديدة لا تتحملها دقة الاوضاع، خصوصا أن الوقت داهم ولا يتحمل الترف. ولا بد للحريري أن يكمل المرحلة للوصول الى تطبيق الاصلاحات اللازمة في البلاد، مع الاحترام لأي شخص طرح اسمه لرئاسة الحكومة، وهذا رأينا وموقفنا". يستنتج من الانطباعات التي يسطّرها ميقاتي أن مرحلة الركود قد لا تزال طويلة والصعوبات كبيرة. وهو يرى في رسم ملامح برّ الأمان أنه "لا بد من اقتناع المعنيين بضرورة الاستماع الى صوت الناس وتغيير نهج التعامل مع الاستحقاق الحكومي والاسراع في الاستشارات وتشكيل الحكومة بغض النظر عن التسميات التي تطلق عليها. ويجب اختيار أشخاص متخصصين لتولّي الحقائب الوزارية".
ترتسم ملامح المرحلة الصعبة على جبين غالبية القوى السياسية، وهذا ما تشير اليه أيضاً أوساط سياسية بارزة في "تيار المستقبل"، تعبّر عن أن الأمور لا تزال متوقّفة عند شكل الحكومة. ويعني ذلك أن العوائق لا تزال في مكانها وما من مفتاح حلّ وضع في الباب حتى اللحظة رغم الاتفاق الذي بات واضحاً من أفرقاء سياسيين عدّة على اسم الحريري رئيساً للحكومة، لكن لا ملامح اتفاق على الصيغة نتيجة عوامل عدّة أبرزها أن لا مخارج مرتبطة باقتراح تسمية وزراء سياسيين - لا درجة أولى ولا درجة ثالثة - وهناك تباين حول هويّة الوزراء التكنوقراط وما اذا كانت الأحزاب ستتولى عملية تسميتهم، ذلك أن طرحاً من هذا النوع غير مقبول.
كواليس سقوط طرح الصفدي رئيساً للحكومة والمبايعة السنية للحريري ناجمة، وفق الأوساط نفسها، عن اعتبار الحريري صاحب مؤهلات وثقة تخوّله تبوّؤ المرحلة، على عكس "ركاكة" الصفدي التي تعامل بها وظهوره على أنه مرشّح الوزير جبران باسيل وزياراته له وعلاقاته الوثيقة به، ما أدّى الى "نقزة" في الشارع السني عموماً والطرابلسي خصوصاً. أضف الى ذلك، وفق تعبير الأوساط نفسها، أن "لا لون للصفدي على المستوى الطرابلسي وهو لا يمثّل الشعبية السنية". واذا كان صيف علاقة "المستقبل" مع الصفدي قد انقلب الى شتاء، فلأن الأخير هو من فتح النار عبر بيان عبّر فيه عما سمّاه استغلال الحريري الامور لغايات سياسية، بعدما كان قد انضوى تحت راية الحريرية السياسية وبايعه مؤكدا تقاعده السياسي، لكن تبيّن أنه عاد واستفاق وأراد الاضطلاع بدور سياسي مختلف راهناً".
تجاوز صفحة ترشيح الصفدي وكتابة اسم الحريري على كلّ الصفحات دونه تساؤلات وعلامات استفهام حول ما اذا كان في مقدوره تشكيل حكومة على قدر تطلعاته. تتحدّث الصالونات السياسية عن أعجوبة انقاذية تحتاج اليها البلاد للخروج من النفق، أو أقلّه عن إلهام الهي يحضّ الجميع على تبني خيار توافقي موحّد. وتبرز في هذا الاطار، معلومات عن مروحة اتصالات تدور بين شخصيات سياسية وقياديين من بعض حراكات المجتمع المدني تحضّه على المشاركة في الحكومة العتيدة. ولوحظ أن هذه المجموعات لا تزال غير متفقة على المشاركة من عدمها أو على وجوه تمثلها، فهناك بعض المجموعات الراغبة في الدخول الى الحكومة من منطلق البحث عن بديل، وهذا ما سمعته أوساط سياسية شخصياً من بعض وجوه الحراك الذين يحاولون تنظيم الواقع القائم، خصوصا ان هناك من بات على يقين أن تجاوزات الشارع بدأت تضر بالحراك ولا تمثّل توجهاته.
واذا كان عدم انقشاع الغيوم الملبّدة عن سماء التكليف والتأليف في ظلّ زحمة اقتراحات ترمى في الفلك الحكومي، يبقى الرهان السياسي على الخروج بصيغة توافقية ترضي جميع الأطراف بما فيها مجموعات الحراك المدني. يأتي ذلك، في ظلّ تساؤلات مقابلة بدأت تطرح عن الهدف من توسيع رقعة التمثيل ما من شأنه أن يزيد تعقيدات الوضع القائم.