لقاء موسّع في دارة الرئيس ميقاتي: إدانة أحداث الساحل السوري والدعوة لإغاثة النازحين وتأمين عودتهم إلى سوريا

عقد لقاء سياسي موسّع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة الميناء للبحث في التطورات الراهنة في لبنان وتداعيات الأحداث الجارية في سوريا على الواقع اللبناني لا سيما على صعيد شمال لبنان.

شارك في اللقاء رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، النواب السادة:عبد الكريم كبارة، إيلي خوري، طه ناجي، جميل عبود، إيهاب مطر، وليد البعريني، محمد يحيى، جهاد الصمد، أحمد الخير.

كما حضر النواب والوزراء السابقون بهية الحريري، عمر مسقاوي، سمير الجسر، رشيد درباس، نقولا نحاس، سامي فتفت، أحمد فتفت، رامي فنج، علي درويش، خضر حبيب، ومصطفى علوش.

وحضر مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، وأمين الفتوى الشيخ بلال بارودي، مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، ممثل متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران افرام كرياكوس أمين سر المطرانية الأب نقولا داوود، رئيس أساقفة طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، متروبوليت عكار للروم الأرثوذكس المطران باسيليوس منصور، كاهن رعية الأرمن الأرثوذكس الأب كريكور يافيايان، نقيب الأطباء في الشمال الدكتور محمد صافي، نقيب المهندسين في الشمال شوفي فتفت، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، نقيب أطباء الأسنان في الشمال الدكتور ناظم الحفار، رئيس غرفة التجارة والصناعة في طرابلس توفيق دبوسي.

الرئيس ميقاتي

بعد اللقاء أدلى الرئيس ميقاتي بالتصريح الآتي: عقدنا هذا الإجتماع نتيجة الأحداث التي حصلت في سوريا وانعكاسها على لبنان وخصوصاً على منطقة الشمال.

دعونا الى هذا الإجتماع، وبكل سرور حضرته شخصيات من مختلف المناطق اللبنانية وخاصة وجود الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، السيدة بهية الحريري ومختلف الفاعليات والنواب من طرابلس والضنية والمنية وعكار بالإضافة إلى رجال الدين وأصحاب السيادة المطران سويف والمطران ضاهر وممثل مطران طرابلس والمطران منصور مطران عكار.

بحثنا خلال الإجتماع الإنعكاسات التي حصلت في سوريا وكيفية استيعاب هذا الموضوع. لقد تم وضع مسودة بيان لهذا الإجتماع وحصلت مناقشة طويلة وبناءة وإيجابية جداً وقد أضيفت بعض النقاط على البيان.

الأهم هو استنكار الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتشديد على أهمية المصارحة والمصالحة، ودعوة الحكومة اللبنانية للسعي مع الهيئات الدولية من أجل إيواء وتعزيز الإغاثة السريعة للنازحين الذين حضروا، ومن ثم السعي مع الحكومة السورية من أجل عودة النازحين السوريين إلى سوريا، ولا يوجد كلمة لجوء في لبنان بأي شكل من الأشكال.

بما أن الاجتماع حصل في طرابلس، فقد بحثنا في المواضيع الطرابلسية والشمالية بشكلٍ عام وضرورة الإسراع في إقرار اللامركزية الإدارية والقيام بالتعيينات اللازمة في مجالس الإدارة، لأن في مدينة طرابلس مقومات اقتصادية كبيرة وعلينا الاستفادة منها، وذلك بعد استكمال تشكيل مجالس الإدارة والتعيينات الإدارية.

الأهم هو ضبط الفلتان الأمني بكل ما للكلمة من معنى ورفع الغطاء عن أي مُرتكب، كما أنه على القضاء أن يُسرّع في موضوع المُحاكمات. هذه الأمور بشكل عام بحثنا بها وأكرر وأقول إن الإجتماع كان إيجابياً جداً، وأتمنى أن يُثمر وتوجد هناك متابعة في المرحلة القصيرة عبر "فاعليات طرابلس" ومن ثم ستكون عبر اجتماع آخر سيعقد قريباً في طرابلس لمن حضر اليوم وللنواب الذين تغيبوا بعذر بسبب السفر.

ورداً على سؤال، قال: "لم ندعُ رئيس الحكومة نواف سلام فالإجتماع هو عادي وطرابلس هي مدينة الرئيس سلام ويمكنه أن يزورها متى شاء وأهلاً وسهلاً به، ولا يجب وضع الأمر في أي مكانٍ آخر. الإجتماع عادي وفكرته خرج بها الرئيس فؤاد السنيورة وبحثناها مع الرئيس تمام سلام ورأينا أنه في ظل الظرف الصعب الذي تمرُّ به المنطقة والإقليم ككل، أن نبدأ بعقد هكذا اجتماعات لنُظهر وحدة الموقف بين اللبنانيين".

وعن إقرار الحكومة للموازنة بمرسوم، قال ميقاتي: "الحكومة تقول إنها لا تريد أن تقوم بصرف سلف خزينة، كما أنها لا تستطيع أن تصرف المال على القاعدة الإثني عشرية، لأن هناك أموراً كثيرة طرأت هذا العام وزادت من موضوع الصرف، وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن تُقر الموازنة بمرسوم ومن ثم تجرى التعديلات اللازمة مثلما حصل يوم أمس، عبر إرسال الحكومة مشروع قانون إلى مجلس النواب لتخفيض بعض الرسوم التي كانت مطلوبة في الموازنة. أعتقد أن هذا الأمر طبيعي لتسيير أمور الدولة في هذا الوقت الحاضر وهذا موقف حكيم".

وعن التعيينات الجديدة، قال ميقاتي: "في هذا الموضوع، فإنه ستؤخذ بعين الإعتبار مُختلف المناطق اللبنانية، ولكن يوم أمس تمت التعيينات الأمنية وبحسب التدرج الأمني حصل ما حصل. لا أعتقد أن طرابلس والشمال مُستهدفان بإقصائهما عن هذه المراكز. التعيينات حصلت بحسب الأقدمية والحضور العسكري. هناك تعيينات قريبة ستحصل لا سيما على صعيد مجالس الإدارة وستكون جميعها شمالية وطرابلسية، وأيضاً على صعيد بعض المراكز الإدارية والأساسية في الإدارة اللبنانية".

وعن الإنتخابات البلدية قال: "الإنتخابات المُشار إليها هي إنتخابات إنمائية بحتة وسيكون لي الموقف المناسب عند إعلان هذا الموضوع".

الرئيس السنيورة

بدوره، تحدث الرئيس فؤاد السنيورة فقال: "أريد أن أثني على هذه المبادرة وعلى هذه الفرصة الطيبة من أجل التلاقي، وكذلك أيضاً التحاور في قضايا تهم كل الوطن وتهم أيضاً منطقة طرابلس والشمال وتهم أيضاً جوارنا السوري".

وأضاف: "هذه القضايا تحتاج إلى موقف واضح وصريح ومُحب، ويجب أن نجد حلولاً للمسائل المطروحة بعد الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتي نتج منها نزوح إلى لبنان".

وتابع: "يجب التأكيد أيضاً على أهمية الخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية الجديدة من أجل احتضان كافة فئات المجتمع السوري وبالتالي الحؤول دون المزيد من النزوح. أيضاً، يجب معالجة المشكلات التي نتجت بسبب هذه الأحداث الدامية، وكل من ارتكب أي جُرم بهذا الشأن يجب أن ينال عقابه".

وقال: "نثني على الدور الذي تقوم به الدولة السورية من أجل الحفاظ على سلامة التراب السوري، ويجب أن تكون السلطة في سوريا تابعة للسلطة المركزية في دمشق. إن تأكيدنا على وحدة سوريا هو تأكيد على العلاقة القويمة التي يجب أن تكون بين لبنان وسوريا، وأعتقد أنَّ هذه فرصة كبرى من بعد المأساة التي حصلت وبالتالي يجب تحويلها إلى فرصة حقيقية للبنان من أجل بناء علاقات قويمة وسليمة وندية ما بين لبنان وسوريا، قائمة على الإحترام المتبادل ما بين الدولتين".

وتابع: "نحن وسوريا جيران وأشقاء ولدينا مصالح مشتركة، وسوريا هي مدخلنا الوحيد البري إلى العالم العربي".

وأكمل: "المناسبة هي لبحث قضايا تتعلق بالنهوض بمنطقة طرابلس والشمال وهذا أمرٌ في غاية الأهمية. يجب أن يكون هناك عمل مشترك، الدولة التي عليها أن توفر المناخات الحقيقية والصحيّة والمؤاتية لاستنهاض الوضع الإقتصادي في منطقة طرابلس والشمال. هناك مشاريع بحاجة إلى تحريك بحاجة إلى تأليف مجالس إدارة وغيرها ولكن أيضاً هناك دور ينبغي أن يقوم به القطاع الخاص".

وقال: "جميعنا نعلم وضع الدولة وماليّتها، وعلينا أن نحول الإمكانات الكامنة لدى طرابلس والشمال إلى أعمال تنفيذية، وأعتقد أن هناك فرصة لهذا الزواج الشرعي الصحيح بين الدولة والقطاع الخاص في لبنان من أجل استنهاض الوضع الاقتصادي في طرابلس والشمال وفي كل لبنان".

وختم: "هذه المرحلة شديدة الأهمية وعلينا أن نحوّل هذه الأزمات التي تعصف بنا إلى فرص مستجدة وأعتقد أن هناك إمكانية للقيام بذلك".

إعلان طرابلس

وقد صدر عن المجتمعين البيان الآتي: بنتيجة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق الساحل السوري مؤخراً، وما نجم عنها من نزوح إلى لبنان، وانعكاسات وتوترات عابرة في مدينة طرابلس وشمالي لبنان، تداعى أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسيادة والسماحة والفضيلة، إلى اجتماع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة طرابلس، للبحث في مخاطر وأبعاد ما جرى في منطقة الساحل السوري وتداعياته على منطقة الشمال اللبناني ومناطق أخرى من لبنان.

ونتيجة التداول أصدر المجتمعون البيان الآتي نصه:

أولاً: يستنكر المجتمعون ويدينون أشدّ الإدانة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق وقرى الساحل السوري، وما أدت إليه من تجاوزات يجب ضبطها فوراً.

ثانياً: يثني المجتمعون على توجّهات الحكومة السورية وإجراءاتها، مع التشديد على جمع واحتضان مختلف مكونات سوريا الوطنية، والحفاظ على وحدة وكامل التراب السوري، والعمل على استتباب الأمن وإحلال الأمان وبسط سلطة الدولة السورية الحصرية والكاملة على كل أراضيها ومرافقها. كما يثمّنون إعلان الحكومة السورية العمل على إنجاز التحقيق المستقل في ما جرى ومحاسبة المسؤولين والمتورطين في أعمال قتل المدنيين الأبرياء والعزّل، واتخاذ الإجراءات الصارمة لمنع هكذا أعمال إجرامية مشينة وحماية المدنيين من كل أطياف الشعب السوري وتوجهاته، وتسهيل عودة النازحين، بعد أن سقط مفهوم اللجوء المعرّف بإعلان جنيف. فاللاجئ هو الذي لا يرغب أو لا يستطيع العودة الى بلاده، وهذا يعني أنه لم يعد في لبنان لاجئون بحسب المفهوم الدولي.

ثالثاً: يتوجه المجتمعون من مدينة طرابلس، مدينة العلم والعلماء، ومدينة الوطنية الحقة والعروبة الأصيلة والعيش المشترك والواحد، والتي سبق أن عانت من أحداث مؤسفة وظلم وتهميش في مراحل متعددة من تاريخها الحديث، وانطلاقاً من التجربة اللبنانية المريرة في الإقتتال والتناحر الداخلي المؤسف الذي سبق وعانى منه لبنان، يتوجهون إلى الأشقاء السوريين، وكذلك الى جميع اللبنانيين منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورّط من جديد في مواجهات أهلية عنفيّة، لأنّ التجارب أثبتت أنّ العنف واستخدام السلاح في داخل الوطن، لا يؤدي إلا إلى إشعال نيران الأحقاد واستدراج الثأر والثأر المضاد، مما يؤدي إلى الوقوع في الفخ الذي تنصبه وتعمل عليه إسرائيل، وهي التي تستمر في اعتداءاتها واحتلالها لمناطق في لبنان.

ولا بد أيضاً من العمل على تعزيز ثقافة المغفرة والمصالحة وعدم الإنتقام. فالإنتقام لا يولّد إلا الإنتقام والفوضى والأحقاد.

رابعاً: يدعو المجتمعون الدولة اللبنانية الى التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية الى متابعة الأوضاع المستجدة في مناطق شمال لبنان الحدودية بفعل التدفق المستجد للنازحين السوريين بسبب الأحداث الجارية في سوريا. فهذه المشكلة تشكل ضغطاً إضافياً على لبنان يضاف الى الضغوط المستمرة في ملف النزوح السوري منذ سنوات. كما نطالب بالتنسيق بين المفوضية وسائر المنظمات الدولية المعنية مع الحكومة اللبنانية عبر أجهزتها المختصة لحل هذه المعضلة، وضبط المعابر، وتأهيل المعابر الشرعية، لأنه لا يجوز أن يبقى هذا الملف ورقة تضغط على الواقع اللبناني، في وقت لم تعد للبنان القدرة المالية والخدماتية والسياسية على تحمل تداعيات هذا الملف. كما أن الأولوية في هذه المرحلة يجب أن تكون لتمكين الإغاثة الطارئة وإعادة النازحين السوريين تباعاً إلى بلادهم بعد استقرار الأوضاع في العديد من المناطق السورية.

خامساً: يرى المجتمعون، مع بدء مسيرة التعافي في لبنان، والتي انطلقت مع انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتأليف حكومة الإصلاح والإنقاذ الجديدة برئاسة الدكتور نواف سلام، وجوب تضافر جهود جميع اللبنانيين وتضامنهم وتآخيهم، وتعزيز وحدتهم الداخلية، وبالتالي التنبّه للمؤامرات المحاكة والفتن المدبرة، وذلك بالتمسك بسيادة الدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية على كامل أراضيها ومرافقها، والإحترام الكامل للدستور ولحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، والتمسك بحكم القانون والنظام، والإحترام الكامل لقرارات الشرعيتين العربية والدولية ذات الصلة.

وشدد المجتمعون على رفض محاولات العدو الإسرائيلي فرض التطبيع مع لبنان، وكذلك فرض أمر واقع عبر استمرار احتلال بعض المناطق. كما طالبوا الدول التي رعت تفاهم وقف إطلاق النار الى الضغط على العدو الإسرائيلي للإنسحاب من كل المناطق التي لا يزال يحتلها ووقف خروقاته المستمرة للسيادة اللبنانية.

سادساً: إن شمال لبنان ومدينة طرابلس، وهي العاصمة الثانية للبنان لا يزالان يعانيان الكثير من المشكلات المتراكمة التي تحتاج إلى معالجة مستمرة، ولا سيما على الصعيد الأمني لضبط الفلتان الحاصل واتخاذ كل الإجراءات الأمنية الوقائية، وهما ينتظران من الحكومة الجديدة الإهتمام بهما. ومن ذلك، العمل على إقرار قانون اللامركزية الإدارية وإحياء وتنفيذ المشاريع المقرّة والأخرى الضرورية لتعزيز الأوضاع الإقتصادية، وملء الفراغ في المؤسسات الرسمية ومعالجة الشغور القضائي، بما يسهم في معالجة الأوضاع الأمنية وانتعاش الحركة الإقتصادية التي تحتاجها مدينة طرابلس ومنطقة شمال لبنان.

عاشت مدينة طرابلس، عاشت منطقة الشمال، عاش لبنان..

الرئيس ميقاتي: ما يجمع لبنان وسوريا من روابط وعلاقات وطيدة هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون بين البلدين

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أن ما يجمع لبنان وسوريا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندّية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون القائم أو المطلوب بين البلدين على الصعد كافة".

وشدد على "أنه بات ملحاً اليوم، لمصلحة البلدين معاً، معالجة ملف النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً وأن هذا الملف يضغط منذ سنوات بشكل كبير على لبنان برمته".

وأشار الى "ضرورة تعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة على الحدود لحماية أمن البلدين وسيادتهما ومنع أي أعمال تسيء إليهما وإلى أمنهما واستقرارهما".

وشدد على "أن هناك أموراً على الحدود يجب ضبطها بشكل كامل وخاصة في النقاط الحدودية غير الشرعية لوقف أي عمليات تهريب بين لبنان وسوريا، وسنتعاون في هذا الصدد من دون أن يعني ذلك أننا لن نتابع موضوع الترسيم الحدودي، وستكون هناك لجنة مشتركة لبنانية- سورية للقيام بعملية ترسيم الحدود".

بدوره قال قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع" نرجو من الشعب اللبناني أن يصرف عن نفسه ذهنية العلاقة السورية السابقة في لبنان وما تبعها من علاقات سلبية أدت الى ضرر على مستوى الشعبين اللبناني والسوري، ونعطي فرصة لأنفسنا وللشعبين اللبناني والسوري أيضاً، لأن نبني علاقة إيجابية مبنية على احترام الدولتين وعلى سيادة لبنان وسوريا".

وشدد على "أن سوريا ستقف على مسافة واحدة من الجميع في لبنان ونحن نحاول أن نعالج كل المشكلات والتفاصيل من خلال التشاور والحوار".

وأكد "أن الأولوية في الوقت الحاضر في سوريا هي للوضع الداخلي وحالة الأمن وحصر السلاح بيد الدولة ومن ثم طمأنة الدول المجاورة".

وكان رئيس الحكومة زار سوريا اليوم على رأس وفد حيث أجرى محادثات مع قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في قصر الشعب في دمشق.
وعقد الرئيس ميقاتي والسيد الشرع خلوة تلت محادثات موسّعة شارك فيها عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير.

كما شارك  عن الجانب السوري وزير الخارجية أسعد شيباني ورئيس الإستخبارات أنس خطاب ومدير مكتب الشرع علي كده.

وقد استكملت المباحثات الى مأدبة غداء أقامها الشرع تكريماً للرئيس ميقاتي والوفد المرافق.

مؤتمر صحافي

وعقد الرئيس ميقاتي والسيد الشرع مؤتمراً صحافياً مشتركاً في ختام المحادثات، فقال السيد الشرع: "بداية نرحب بدولة الرئيس نجيب ميقاتي في دمشق، ونبارك كذلك لفخامة الرئيس جوزيف عون على تسلمه الرئاسة حديثاً، ونسأل الله له التوفيق في الأيام المقبلة. تحدثنا مع دولة الرئيس عن مسائل متعددة تحكم العلاقة بين سوريا ولبنان وتؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ العلاقة بين سوريا ولبنان. ونرجو من الشعب اللبناني أن يصرف عن نفسه ذهنية العلاقة السورية السابقة في لبنان وما تبعها من علاقات سلبية أدت الى ضرر على مستوى الشعبين اللبناني والسوري، ونعطي فرصة لأنفسنا وللشعبين اللبناني والسوري أيضاً، لأن نبني علاقة إيجابية مبنية على احترام الدولتين وعلى سيادة لبنان وسوريا إن شاء الله ستقف على مسافة واحدة من الجميع هناك ونحاول أن نعالج كل المشكلات والتفاصيل من خلال التشاور والحوار.

تحدثنا ودولة الرئيس عن النمو الإقتصادي المرتقب الذي ينبغي أن يكون في دمشق وأثر ذلك على لبنان في الأيام المقبلة. كما تحدثنا عن بعض المشاكل العالقة على الحدود اللبنانية مثل مسائل التهريب والودائع السورية في البنوك اللبنانية أيضاً واتفقنا على أن تكون هناك لجان مختصة لكي تقوم بدراسة هذا الوضع بشكل مفصل. كما نجدد الترحيب بدولة الرئيس والوفد  المرافق".

الرئيس ميقاتي

وقال الرئيس ميقاتي: "سعدت جداً اليوم أنا والوفد المرافق بزيارة دمشق، هذه المدينة العريقة حيث عقدنا اجتماعاً مع قائد الإدارة السورية الجديدة السيد أحمد الشرع، وبحثنا مطولاً العلاقات بين بلدينا والتحديات الراهنة التي تواجه المنطقة.

بداية عبّرنا للسيد الشرع عن تمنياتنا لسوريا وشعبها بالسلام والإستقرار بعد سنوات شهدت حروباً طويلة  وتمنينا أن تحمل المرحلة المقبلة كل ما يتطلع إليه الشعب السوري الشقيق.

وأكدنا أن ما يجمع بلدينا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندّية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون القائم أو المطلوب بين البلدين على الصعد كافة.

إن سوريا هي البوابة الطبيعية للبنان الى العالم العربي، وطالما هي بخير فإن لبنان بخير. ومن واجبنا أن نفعّل هذه العلاقات على قاعدة الإحترام المتبادل والندّية والسيادة الوطنية لكلا البلدين، والعمل على منع أي عمل يسيء إلى هذه العلاقة أو يهدد أمن البلدين وسيادتهما المطلقة على أراضيهما.

أن لبنان يحتضن منذ سنوات أعداداً كبيرة من الإخوة السوريين الذين لجأوا إليه في زمن الحرب والإقتتال، وبات ملحاً اليوم، لمصلحة البلدين معاً، معالجة هذا الملف سريعاً، وعودة النازحين الى سوريا، التي بدأت والحمد لله تستعيد عافيتها، بما يحفظ كرامتهم في وطنهم، خصوصاً وأن هذا الملف يضغط منذ سنوات بشكل كبير على لبنان برمته. وقد لمست لدى السيد الشرع كل تفهّم لهذا الواقع واستعداد لمعالجة هذا الملف بشكل حاسم، وترحيبه بعودة كل مواطن سوري إلى وطنه.

كذلك تطرقنا الى الوضع على الحدود البرية بين البلدين وضرورة تعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة أيضاً لحماية أمن البلدين وسيادتهما ومنع أي أعمال تسيء إليهما وألى أمنهما واستقرارها.

إننا نعتبر هذه الزيارة فاتحة خير، وأقول بصراحة بما لمسته من السيد الشرع وما يملكه من رؤية لإدارة سوريا أولاً، وكيف يمكن أن تكون العلاقة وديّة وندية بين لبنان وسوريا، فأنا أخرج من هذا الإجتماع مرتاحاً بإذن الله لوضع سوريا ولوضع العلاقات اللبنانية- السورية".

أسئلة وأجوبة

ورداً على سؤال عن موضوع الحدود بين لبنان وسوريا قال السيد الشرع: تحدث دولة الرئيس عن الموضوع خلال الإجتماع، ونحن لم يمر علينا سوى شهر وبضعة أيام. هناك الكثير من الأمور العالقة في سوريا والملفات المحيطة بها والتي تحتاج الى وقت كاف للبدء بمعالجتها. الأولوية في الوقت الحاضر في سوريا هي للوضع الداخلي وحالة الأمن وحصر السلاح بيد الدولة ومن ثم طمأنة الدول المجاورة. لا زلنا في اللقاء الأول ونأمل أن نلتقي دائماً بإذنه تعالى. هناك الكثير من المواضيع التي يجب أن تبحث في الأيام المقبلة وعلى  رأس أولوياتها موضوع الحدود.

وقال الرئيس ميقاتي: "كما تفضل وقال السيد الشرع، على سلم الأولويات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا، ولكنه أيضاً استطرد وقال أن هذا يمكن أن يأخذ بعض الوقت ولا يجب أن نربط الأمور ببعضها البعض هناك أمور على الحدود يجب ضبطها بشكل كامل، وخاصة في النقاط الحدودية غير الشرعية لوقف أي عمليات تهريب بين لبنان وسوريا، وسنتعاون في هذا الصدد من دون أن يعني ذلك أننا لن نتابع موضوع ترسيم الحدود، ستكون هناك لجنة مشتركة لبنانية- سورية للقيام بعملية ترسيم الحدود".

ورداً على سؤال قال الشرع: "نحن نبني العلاقات بين لبنان وسوريا على أساس الأخوّة التي بيننا. ليس هناك فرق كبير بين الشعبين اللبناني والسوري ونحن نسعى إلى أن تزداد الأواصر الإجتماعية بيننا، لا الى أن تنقص، وأي عوائق حدودية تكون بيننا يجب أن تلغى في المستقبل، ولكن هذا شأن تفصيلي عند المسؤولين عن الجمارك. لو عاد الأمر لي لفتحت الحدود بشكل كامل ولما بقي شيء بيننا وبين لبنان يفرّقنا على الإطلاق.

سئل الشرع عن العلاقة مع رئيس الجمهورية جوزاف عون قال: "في موضوع الرئيس جوزاف عون فقد ذكرنا في السابق أننا ندعمه رغم أننا لا نعرفه وليس بيننا علاقات. ولكننا رأينا أن هناك شبه توافق عليه في لبنان، ونحن ندعم خيارات التوافق اللبناني على أي صعيد كان. قلنا رأينا في ذلك الوقت ولم نكن نتحدث لا مع الرئيس جوزاف عون ولا كان هناك تواصل بيننا وبين دولة الرئيس ميقاتي.

أعتقد أنه ستكون هناك علاقات استراتيجية طويلة الأمد، وبيننا وبين لبنان مصالح مشتركة كبيرة جداً. إننا نتطلع الى وجود حالة مستقرة في لبنان بوجود فخامة الرئيس جوزاف عون أو دولة الرئيس في حال أعيد تكليفه مجدداً ونأمل ذلك إن شاء الله. وستكون هناك علاقة استراتيجية طويلة الأمد بيننا وبين لبنان تبنى على قواعد صحيحة وسليمة، إن شاء الله".

وعن ملف مزارع شبعا قال: من المبكر الحديث عن كل التفاصيل. هناك مشاكل كثيرة في الواقع السوري ولا نستطيع حلها دفعة واحدة، بل نحتاج الى تجزئتها والبحث عن حلول هادئة لكل مشكلة. لا نستطيع خلال شهر أن نعالج مشاكل عالقة من عشرات السنين.

وعقّب الرئيس ميقاتي بالقول: "هذا الملف جزء من موضوع ترسيم الحدود".

وعن المفقودين اللبنانيين في سوريا والصحافي الأميركي أوستن تايس في ضوء طلب والدته من رئيس الحكومة فتح هذا الملف قال الرئيس ميقاتي: "بحثنا في هذا الموضوع والجانب السوري يقوم بدوره كاملاً في إنشاء هيئة خاصة للأمور الجنائية والبحث عن كل المفقودين مع اللوائح، ونحن سنزود الإدارة السورية الجديدة باللوائح الكاملة بأسماء المفقودين، وربما تكون هناك حاجة للقيام بفحوصات جنائية وفحوصات الحمض النووي. أما بشأن السؤال عن الصحافي الأميركي المفقود فهم بكل اهتمام يتابعون هذا الموضوع للعثور عليه بإذن الله حياً".

وفي ختام المؤتمر الصحافي ودّع السيد الشرع رئيس الحكومة عند مدخل قصر الشعب، كما كان استقبله في بداية الزيارة.

وعصراً عاد رئيس الحكومة الى بيروت.

الرئيس ميقاتي: نسعى للوصول الى استقرار طويل الأمد وأن تكون المرجعية للدولة وحدها

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أننا نسعى للوصول الى استقرار طويل الأمد، وأن تكون المرجعية للدولة  وحدها وأن يتولى الجيش السلطة الفعلية على الأرض وأن نحميه".


وشدد على "أن التفاهم على وقف إطلاق النار هو نوع من الآلية التنفيذية لتطبيق القرار 1701، وأولويتنا الوصول الى استقرار طويل المدى وانتخاب رئيس للجمهورية".


مواقف رئيس الحكومة جاءت في خلال زيارته وزارة الخارجية والمغتربين، حيث اجتمع أولاً مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب.


ثم عقد رئيس الحكومة اجتماعاً في حضور الأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هاني الشميطلي مع أعضاء السلك الديبلوماسي والإداري في الوزارة.


استهل الوزير بو حبيب اللقاء بكلمة قال فيها: دولة الرئيس يسرني ويسعدني، أنا وزملائي في الوزارة، تشريفكم وحضوركم بيننا اليوم، ونحن نفتح صفحة جديدة نستبشر بها كل الخير لوطننا الحبيب لبنان. لقد مرت علينا ظروف قاسية خلال الأشهر الماضية، وقد عملنا كوزارة بتوجيهاتكم وبالتنسيق معكم ومع الوزارات المعنية. كما كانت بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية في قلب الحدث، ولم توفر الدبلوماسية اللبنانية المنتشرة في دول العالم كافة جهداً لإجراء الإتصالات مع العواصم المعتمدين لديها. كما ساهمت هذه البعثات وطواقمها، بالتعاون مع الجاليات والمؤسسات الأجنبية، في تأمين كل ما تيسر من احتياجات. إن هذا العمل التكاملي بين الوزارة وسائر الإدارات المعنية نموذج لما يمكن أن نحققه حين تتكاتف الجهود والطاقات.


أضاف: طموحاتنا كبيرة، وبالرغم من كل ما حدث فإننا محكومون بالأمل والرجاء، لا سيما في زمن الأعياد. نتطلع أن يحمل العام الجديد ولادة جديدة للبنان فيعود وطن النور، والإشعاع، والسلام. ثقوا بأن الدبلوماسية اللبنانية جاهزة لأداء رسالتها من أجل خير لبنان وازدهاره".


رئيس الحكومة


ثم تحدث رئيس الحكومة فقال: أردت في زيارتي لوزارة الخارجية أولاً أن أشكر معالي الوزير عبد الله بو حبيب الذي، رغم أن البعض يعتبر إنه لأسباب سياسية هناك نوع من الإختلاف في وجهات النظر، أؤكد أن وجهة نظرنا واحدة لأن اهتمامي واهتمامه هو لبنان الوطن وكيف يمكن إعادته لكي يكون حقيقة قادراً وفاعلاً ومشعاً للعالم.


لذلك أود أن أشكر الوزير بو حبيب على ما يقوم به، والشكر موصول الى كافة أعضاء السلك الديبلوماسي في وزارة الخارجية والذي يعمل ويتابع، كذلك الى الديبلوماسيين الذين يقومون بعملهم بأفضل شكل في الخارج، وأنا أتابع ذلك، من خلال كل التقارير الذي يرسلها لي وزير الخارجية والمرسلة من قبل السفراء في الخارج، وأعلم ما مدى المهنية الكبيرة الموجودة لدى معظم السفراء.


أضاف: "نحن مررنا ولا نزال نمر في ظروف صعبة، ولسوء الحظ لا يمكن أن نقول أنها ظروف مؤقتة ونحن نمر بها منذ فترة طويلة جداً. أنا أعتبر أن لبنان موجود في ممر بين الشرق والغرب والجنوب والشمال، وكلما تهب عاصفة من أي اتجاه تمر في لبنان، وعندما تكون قوية جداً نحن كلبنانيين بدلاً من البقاء في منزلنا وإغلاق النوافذ علينا كي لا نتأثر بما يجري، فإننا ننزل الى الشارع للنظر إليها، ولم ننتبه أنه يجب علينا إغلاق نوافذنا لتفادي أضرار العاصفة".


وقال: علينا أن نكون حريصين على بعضنا البعض ونحافظ على وطنيتنا للتغلب على شكوكنا ببعضنا البعض والتدخل بأمور ربما ليست تعنينا.وكل واحد منا يركض عندما تهب العاصفة لأخذ وكالة حصرية من دولة أخرى ليكون وكيلاً حصرياً لها بلبنان. وعندما تتفق هذه الدول مع بعضها نحتاج الى وقت لتصفية هذه الوكالة الحصرية. إنكم تعملون بجسم وقلب وتفكير واحد، وإنكم على مقدار المسؤولية في هذه الظروف الصعبة".


تابع: "منذ يومين استقبلت رئيس لجنة الرقابة على وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي، واليوم استقبلت الجنرال الفرنسي المشارك في اللجنة، وكان تأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من أي أراضي لبنانية تقدم إليها في الفترة الماضية، وهذا هو الأساس لنبدأ بالعمل الصحيح لإعادة السلام الى جنوب الليطاني ولكل الأراضي اللبنانية.


أضاف: نحن اليوم بأشد الحاجة لتضافر الجهود ولأن نكون جميعاً يداً واحدة وألا نتشاطر على بعضنا البعض. أكرر شكري للجهود الديبلوماسية التي قام بها الوزير بو حبيب وللديبلوماسيين على حركتهم المميزة رغم أنني أعرف ضآلة الإمكانات والظروف الصعبة. وبمناسبة قرب الأعياد أتمنى لكم عيد ميلاد سعيداً ومجيداً وأن يكون خيراً على لبنان.


ورداً على سؤال قال: إن موضوع التشكيلات الديبلوماسية مرتبط بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، علماً أن معالي الوزير يقوم بسد بعض الثغرات بإجراءات مؤقتة.


ورداً على سؤال قال: إن التفاهم على وقف إطلاق النار هو نوع من الآلية التنفيذية لتطبيق القرار 1701. أولويتنا الوصول الى استقرار طويل المدى وانتخاب رئيس للجمهورية.


أضاف: موضوع سحب السلاح يحتاج الى وفاق وطني. ونحن نسعى للوصول الى استقرار طويل الأمد، وأن تكون المرجعية للدولة وحدها وأن يتولى الجيش السلطة الفعلية على الأرض وأن نحميه.

الرئيس ميقاتي: ملتزمون تطبيق القرار ١٧٠١ وأدعو دول العالم والمؤسسات الدولية الى تحمّل مسؤولياتها

رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر اليوم في السرايا، شارك  فيها وزراء: التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الإعلام زياد مكاري، الدفاع الوطني موريس سليم، الشباب والرياضة جورج كلاس، المال يوسف خليل، الصناعة جورج بوشكيان، الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، الشؤون الاجتماعية نجلا رياشي، السياحة وليد نصار، الاتصالات جوني القرم، البيئة ناصر ياسين، الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، العمل مصطفى بيرم، الاشغال العامة والنقل علي حمية، المهجرين عصام شرف الدين والاقتصاد والتجارة أمين سلام، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.


كما شارك في جانب من الجلسة قائد الجيش العماد جوزاف عون.


كلمة رئيس الحكومة


بعد انتهاء الجلسة تحدث رئيس الحكومة فقال: بداية أتقدم بالتعزية بشهداء العدوان الاسرائيلي على لبنان، متمنياً الشفاء للجرحى والمصابين. على رغم هذا الوجع الكبير، وهول الكارثة التي حلّت بالوطن، لا يسعنا إلا أن نقول إنه يوم جديد نأمل أن يحمل معه السلام والاستقرار.


في هذا اليوم تبدأ مسيرة الألف ميل في إعادة إعمار ما تهدّم، واستكمال تعزيز دور المؤسسات الشرعية، وفي طليعتها الجيش، الذي نعلّق عليه الآمال العريضة في بسط سلطة الدولة على كل مساحة الوطن وتعزيز حضوره في الجنوب الجريح.


القرار


اضاف: في جلسة اليوم اتخذنا سلسلة المقررات الاتية: اكّد المَجلس مُجدّداً على قراره رقم 1 تاريخ 11/10/2024 في شقّه المُتعلّق بإلتزام الحكومة اللبنانيّة تَنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 تاريخ 11 آب 2006 بمُندرجاته كافّة لا سيّما ما يتعلّق بتعزيز إنتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني وفقاً للترتيبات المُرفقة ربطاً (Arrangements) والتي صدرت بالأمس ببيان مشترك عن الولايات المُتحدة الأميركية وفرنسا والتي تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا القرار بعد أن أخذ المجلس علماً بها ووافق على مضمونها، كما واستناداً إلى خطة عمليات تضعها قيادة الجيش وترفعها وفقاً للاصول إلى  مجلس الوزراء للموافقة عليها قبل المُباشرة بتنفيذها.


ومن جهة ثانية، فإن الحكومة اللبنانية، وإذ تُثني على الدّور الذي تَقوم به قوّة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، تُشدّد أيضاً على إلتزامها قرار مجلس الأمن رقم 2749 تاريخ 28/8/2024 لا سيّما لجهة التنفيذ الكامل للقرار رقم 1701 والوقف التام للأعمال العدائية وتحقيق الاستقرار عبر الخط الأزرق.


كما تقرر أيضاً، إبلاغ نسخة عن هذا القرار ومرفقاته إلى مجلس النواب للإطلاع وأخذ العلم.


وتابع رئيس الحكومة: إنه يوم جديد تُطوى فيه مرحلة من أقسى مراحل المعاناة، التي عاشها اللبنانيون في تاريخهم الحديث، لا بل كانت الاكثر قساوة وأملا.
نحن  اليوم  امام موقف  وطني و تاريخي، ونعيش لحظات إستثنائية نتبصَّر فيها إيجاد حلول جدية للوضع المأزوم الذي نعيشه.


المسؤولية كبيرة وجماعية في حجم المأساة، علينا جميعًا حكومة ومجلسًا نيابيًا وقوىً سياسية التكاتف والانخراط في ورشة الإصلاح وبناء دولة حديثة يتشارك الجميع في تدعيم أسسها. كفانا حروبًا ومآسي وكوارث.


منذ اليوم الاول لكارثة النزوح التي حصلت لم تتوان الحكومة عن الاضطلاع بدورها الكامل، وما تم تحقيقه عمل جبار تشكر عليه كل الوزارات والمؤسسات.


نشكر جهود كل الدول الصديقة والشقيقة التي ساعدت ولا تزال، على وضع خاتمة مشكورة لمحنة القتل والتدمير والتهجير .


معاً نستعيد ثقة العالم بنا ونعيد  ثقة اللبنانيين بالدولة ونؤكد المرجعية الامنية للجيش في الجنوب، بما يُسقطُ الحجج التي يختبئ وراءها العدو.


نحن أقوياء بالحق وبمحبة العالم للبنان ومتشبثون بسيادة الدولة بحراً وارضاً و جواً، خارج أي إنتهاك وتبريرات ساقطة.


اجدد تأكيد التزام الحكومة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب والتعاون مع قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان. وادعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية الى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد.


كما اطالب بالتزام العدو الاسرائيلي بشكل كامل بقرار وقف اطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها وتنفيذ القرار 1701 كاملاً.


من حق اهلنا ان يعودوا إلى ارضهم وبلداتهم ويعيشوا بسلام.


نحن مع اهلنا في الجنوب و البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت وعلى امتداد الوطن، لدعم حضورهم الاجتماعي وتحصين صمودهم بكل ما أوتيت الدولة من قوة. وسنواكب اوضاعهم ونعمل مع المجتمعات الصديقة لإعادة الإعمار وتحقيق عودتهم الكريمة إلى مناطقهم.


لبنان يستحق منا جميعا كل جهد وصبر وايمان بأن الغد سيكون مشرقاً و مفعماً بالرجاء وتضامن جميع ابنائه.


نحن على ثقة تامة بأن الغد سيكون أفضل شرط أن نضع خلافاتنا الظرفية جانبًا، وأن نتطلع إلى المستقبل بثقة وأمل.


اخواني اريد ان أقول كلمة من القلب الى جميع المواطنين في لبنان لنأخذ العبر من المرحلة الصعبة التي مررنا بها خلال الأشهر الماضية ونستعرضها سويا ونرى نصف الكوب الممتلئ.


أولا اتحدث عن الاحتضان الذي حصل بين اللبنانيين. الكل كان يراهن على الفتنة وعلى عدم قبول الاخر فرأينا، في كل المناطق على رغم اختلاف الاوضاع الاجتماعية وصعوبة هذه الأوضاع، كيف احتضن جميع اللبنانيين بعضهم البعض بكل محبة وخاصة في المناطق التي ربما كان البعض يعتقد انها من الصعب ان تستقبل الاخرين. فهذه عبرة يجب ان نأخذها بأن لا شيء يفرق بين اللبنانيين.


الامر الثاني، الجيش والدور الذي يقوم به حيث هناك 46 شهيدا من صفوفه عدا الجرحى الذين أصيبوا من جراء هذه الحرب، فالجيش  يقوم بواجباته في اصعب الظروف.


كما ان الامن الداخلي في لبنان كان مستتباً خلال هذه الفترة بشكل كامل نوعا ما لما نحن نمر به، كذلك القطاع الصحي والشهداء منه والمسعفين الذين أصيبوا خلال هذه المرحلة، إضافة الى ان القطاع الصحي استجاب رغم كل الظروف التي مرت وكما تعلمون لدينا اكثر من 15 الف جريح، فكان  القطاع الصحي قادرا على استيعابهم وتطبيبهم على المستوى المطلوب.


وكما اننا نأخذ مثل مطار بيروت الدولي والاستمرار بالعمل به، وهذه التجربة يمكن ان تكون مثمرة في المستقبل من خلال التعاون الذي حصل بين إدارة طيران الشرق الأوسط والحكومة اللبنانية حيث قدمت الحكومة ومجلس الوزراء كل ما يلزم للشركة من اجل الاستمرار في مهامها إضافة الى تأمين الامن في المطار، ولا بد لي ان اشكر إدارة "الميدل ايست" بشخص رئيسها محمد الحوت وكل الموظفين فيها، من ملاحين ومضيفين ومضيفات ومهندسين وعمال على شجاعتهم واصرارهم على ان يبقى هذا المرفق يعمل بكل ما للكلمة من معنى.


كما اشكر القطاع الخاص حيث لاحظنا، خلال هذه الفترة، استمرار توافر كافة المواد في الأسواق اللبنانية ولم ينقص شيئ، وهذا دليل بأن هذا القطاع هو حي وحيوي دائماً.


كما اشكر المؤسسات الأهلية التي تعاونت مع الدولة وقامت بواجباتها كاملة وهي عديدة وعملت بكل إخلاص من أجل مواجهة موضوع النازحين في هذه الظروف الصعبة. ان التضامن الوطني كان كاملا عند الجميع في هذا الظرف، ومن العبر التي اخذتها في هذه الفترة، وهي الأهم، هي التعاون بين رئاسة مجلس الوزراء ورئيس المجلس النيابي، فكان التعاون مع الرئيس بري من موقعه الوطني وبيننا نموذجيا أدى إلى ما وصلنا اليه اليوم. وفي هذه المناسبة اشكر الرئيس بري على كل الجهد الذي قام به في الفترة الماضية، وهو جهد كبير اتابعه وأعي تماما ما اقوله وادعو الله بأن يطيل لنا الله بعمره المديد.


وآمل اليوم بعد استعراض هذه الأمور أن تكون هناك صفحة جديدة في لبنان، كما آمل بأن تؤدي الأيام المقبلة إلى انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية لما فيه خير هذا الوطن.

إطبع


الرئيس ميقاتي لـ«الجمهورية»: حكومة إختصاصيين وإنتخابات مبكرة.. والحراك سيؤدي الى التغيير
الإثنين، ٢٥ تشرين الثاني، ٢٠١٩

(الجمهورية - طارق ترشيشي ونبيل هيثم وأنطوان فرح)

زاهد نجيب ميقاتي بالسلطة هذه الايام، وهو بحكمته المعهودة ورؤيته الثاقبة يعرف الواقع اللبناني وفسيفساءه السياسية والطائفية المعقدة على حقيقته، مدركاً المشكلات ووسائل معالجتها. والرجل لا يخفي خوفه على مستقبل البلد، ولكنه يتوقع أن يؤدي الحراك الشعبي الى «تغيير حقيقي في لبنان» داعياً المسؤولين للاستماع الى هذا الحراك جيداً، لأنّ الذين نزلوا الى الشوارع والساحات سحبوا الوكالة من الطبقة السياسية «وقال الشعب: طفح الكيل وكلكم يعني كلكم... لقد سحبنا وكالتنا منكم». ويرى أنّ «على الطبقة الحاكمة أن تقرأ هواجس المواطنين جيداً وتعالجها ضمن المؤسسات الدستورية قبل فوات الأوان». والمسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة أشبه بكرة نار بين يدي من يتولاها، ولكنّ ميقاتي الذي يعتبر انّ «المهم هو سلامة الوطن»، وهو جالس بين بيروت وطرابلس يراقب ويتابع ويستشير ويُستشار، يرى انّ هناك إجماعاً على الحريري «لكي يكمل المشوار» الذي كان قد بدأه منذ 3 سنوات «لأنه أعلم بالثغرات التي لم تسمح له بتحقيق ما يريد». ويقترح ميقاتي للخروج من «الطريق المسدود» ان يُصار الى «تشكيل حكومة انتقالية وإقرار إصلاحات مالية وموازنة 2020، وإقرار قانون انتخابات جديد تليه انتخابات نيابية مبكرة». ويدعو الى التوقف عن «الانحرافات الدستورية»، ويقول: «طالما انّ الكتل السياسية تريد الحريري، فليؤلف الحريري حكومة اختصاصيين ويذهب الى المجلس وعندها تتحمل كل كتلة مسؤوليتها».. ويدعو الى الخروج «من العقلية والذهنية التي نتجت من سوء تطبيق «اتفاق الطائف» الذي كان «أحلى اتفاق وأسوأ تطبيق». ويقول: «يجب أن نبدأ بإلغاء الطائفية والذهاب الى الدولة المدنية مع المحافظة على الطوائف وأنظمتها الخاصة، وان يكون لنا مجلس نيابي غير طائفي ومجلس شيوخ يحمي الطوائف، ودولة مدنية يسودها التوظيف على اساس الكفاءة». ويعتبر «انّ السياسيين هم سبب تعطيل تنفيذ «اتفاق الطائف»، والمؤسسات التي أُنشئت بموجبه». ويدعو الى «إقامة التوازن بين الواقعين السياسي والاقتصادي، بإظهار انّ البلد يمارس استقلاله وسيادته ويأتَمِر بنفسه، وفي الوقت نفسه الاستفادة من أي دعم خارجي من دون تعريض البلد للعقوبات». في هذا الحوار مع «الجمهورية» يضيء ميقاتي على الأزمة التي تعصف بلبنان سياسياً واقتصادياً ومالياً، وهنا وقائعه:


• أين الرئيس نجيب ميقاتي من كل ما يجري الآن؟

- هناك متغيرات كثيرة تحدث على الساحة اللبنانية اليوم، ونخطئ إذا أبقينا على الطريقة التقليدية للحكم بوجود هذا الجيل الجديد، من هنا ضرورة أن نستمع الى هذا الجيل جيداً لندرك هواجسه وإلّا سنصل حتماً الى طريق مسدود، ولسوء الحظ لم يتغير أي شيء في نمط التعاطي، بعد مرور أكثر من شهر على هذا الحراك الشعبي وعلى هذه الصرخة التي اعتبر انّ عمرها سنوات، وتحديداً مع بداية العهد الحالي حيث انتظر المواطنون الكثير من هذا العهد ثم تفاجأوا انها مجرد وعود اتخذت أحياناً منحى معاكساً لِما يتمناه الناس، إضافة الى ذلك فقد جرت انتخابات نيابية ولا أحد يسأل لماذا 60 في المئة من الناس لم يشاركوا في هذه الانتخابات.

الناس لم يشاركوا في غالبيتهم لأنهم يرفضون النظام المعلب والقوانين الانتخابية التي تظهر نتائج الانتخابات قبل إجرائها، وكان انخفاض نسبة المشاركة في الاقتراع مؤشراً واضحاً الى أنّ الناس غير راضية، في حين لم يعمل المعنيون على قراءة نتائج الإنتخابات جيداً واعادة تصحيح المسار، من هنا بدأت، في رأيي، الصرخة الكبرى والانتفاضة الحقيقية.

نحن الآن أمام وضع جديد من الضروري قراءته بنظرة مختلفة ومعالجته بطريقة مغايرة عما كان يحصل سابقاً، وهو يتمثّل بصرخات المواطنين الصادقة في الشارع، والذين لم تعد لديهم ثقة بالطبقة الحاكمة نتيجة الوعود المتكررة التي بقيت من دون تنفيذ.

وفي اختصار، الناس على الأرض يقولون لجميع المسؤولين اليوم «اننا سحبنا الوكالة منكم». ولا ننسى انّ الوقود الحقيقي لهذا الحراك هو الوضع الإقتصادي المتردي والازمات المعيشية وارتفاع سعر الدولار والبطالة والضرائب واخبار الصفقات التي تستنزف الخزينة العامة، وهي أزمات سبقت التحرك الشعبي وكانت السبب المباشر لاندلاعه.

• ولكن من نزلوا الى الشارع طرحوا شكوى ولم يطرحوا رؤية وانتظروا من الآخرين هذه الرؤية؟

- انهم يريدون من الطبقة السياسية ان تقدم رؤية للحل، لأنها صاحبة القرار لاسيما في السلطة التنفيذية، لكنّ هذه الطبقة السياسية لم تقدم سوى الوعود. نسمع بخطط متكررة لحل أزمة للكهرباء ولا نبصر نوراً. الشعب ينادي بحل مشكلة النفايات ولا يحصد إلا المزيد من الأمراض السرطانية نتيجة التلوث، المواطن ينادي بإصلاح الإدارة ولا يرى سوى مزيد من المحاصصة وتعيين الأزلام، ولذلك قال الشعب: طفح الكيل «كلكم يعني كلكم، لقد سحبنا وكالتنا منكم».

وانطلاقاً من هذا الواقع، أنا ارى من الآن انّ لبنان دخل في مرحلة جديدة مختلفة حتماً عن الواقع الذي نعيشه، وهذا الحراك الشعبي لا يمكن الّا ان يؤدي حتماً الى تغيير حقيقي في لبنان، خصوصاً انّ المسؤولين والسياسيين لم يقرأوا بعد انّ هذا الحراك الشعبي ناتج حقاً من وجع الناس واقتناعهم بأنّ الحل يكون ضمن المؤسسات الدستورية، ولكنهم لا يثقون بمن يمثّلهم وبما أفرزته الانتخابات النيابية.

• الحراك يطرح تأليف حكومة انتقالية يكون دورها الاعداد لانتخابات نيابية مبكرة سنة 2020، تعقبها انتخابات رئاسية مبكرة قبل سنة 2022؟

- حتى نخرج من الطريق المسدود ومن الوضع الذي نحن فيه اليوم ونفتح أفقاً جديداً، نحن في حاجة الى ثلاثة أمور أساسية هي أولاً تشكيل حكومة انتقالية، ثانياً إقرار إصلاحات مالية وموازنة العام 2020، وثالثاً إقرار قانون انتخابات جديد تليه انتخابات نيابية مبكرة.

من هنا ضرورة أن يكون هناك اتفاق، بين جميع الأطراف السياسية، على حكومة اختصاصيين، ببيان وزاري مختصر بالأساسيات، تأخذ ثقة مجلس النواب على أساسه، بعدها تفتح جلسة لمناقشة موازنة 2020 وإقرارها بمادة وحيدة، ثمّ يفتح الباب لقانون الانتخاب، ويحدد رئيس مجلس النواب مهلة أسبوعين بجلسات مفتوحة للانتهاء من مناقشته وإقراره بحيث يكون متوازناً مبنياً على أساس النظام النسبي، بحيث يقرّ هذا القانون الانتخابي، وتنص المادة الأخيرة منه على تقصير ولاية المجلس النيابي الحالي المنتخب عام 2018 من 4 سنوات الى سنتين تنتهي في 31 أيار 2020...

وبهذه الطريقة تنصرف الحكومة الى عملها الانقاذي بواسطة وزرائها الاختصاصيين، وتنشغل الطبقة السياسية بالتحضير للانتخابات المقبلة، ويعمل الحراك الشعبي الذي سحب الوكالة من الطبقة الحاكمة على الاستعداد لتوكيل أناس جدد يمثلون الشعب حقّ تمثيل، فيما تنشغل الحكومة بإنجاح نفسها وتنفيذ الخطط الاقتصادية والاجتماعية الانقاذية للبلد.

• كيف وصلنا الى هنا؟

- وصلنا الى ما وصلنا اليه بسبب التجاوزات في تطبيق الدستور وعدم التمسك بروحيته، وخير دليل ما يحصل اليوم على صعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديد، فصحيح أنّ رئيس الجمهورية غير ملزم قانوناً بمهلة محددة للدعوة الى هذه الاستشارات، لكنّ هذا لا يعني أنّه قادر على التأليف قبل التكليف، فما هذه البدعة؟

وكيف ينعقد اجتماع اقتصادي في القصر الجمهوري يحضره 3 وزراء من حكومة تصريف الاعمال ولا يدعى رئيس الحكومة، أليس هذا تجاوزاً؟ إنّ كلّ تجاوز للصلاحيات وإنحراف عن الدستور سيؤدي حكماً الى الانهيار الذي نحن فيه، لقد بدأنا بالانهيار وهذا سببه البدع التي تحصل على هامش الدستور، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ونحن ذاهبون بأرجلنا الى النار، اذا لم يتم تدارك الأسوأ سريعاً.

• تحدثت عن برنامج عمل ضروري للحكومة، فهل برأيك الحراك الشعبي يريد برنامج عمل أولاً أم وجوهاً توحي بالثقة؟

ـ من الصعب إرضاء جميع الناس بكل الشخصيات، من هنا فإنّ الأولوية هي للبرنامج، الذي يجب أن يكون واضحاً بحذافيره ويتضمن موازنة وخطة اقتصادية واضحة المعالم على رأسها التعاون مع مصرف لبنان لإجراء الإصلاحات الضرورية والالتزام بجدول زمني، وثم النظر في هيكلة الدين طوعياً حتى لا تفرض الهيكلة علينا من الخارج إجبارياً.

لا يمكن الاستمرار بنهج المراوحة وكأنّ شيئاً لم يتغير في البلد، والمواطن يريد بالحد الأدنى خطة للكهرباء يتم تنفيذها تحت مراقبة هيئة ناظمة اختصاصية، وغيره وغيره من الإصلاحات. لا نريد عناوين بل نريد تنفيذاً بتجرد وليس ضمن مبدأ المصالح المتبادلة، كما كان سائداً.

• لقد طرحت برنامج عمل لحكومة، هل أنت مرشح لتولي رئاسة الحكومة المقبلة؟

- كلّ منّا يدرك دقة المرحلة وحساسيتها، من هنا أرى انّ الرئيس سعد الحريري هو الأنسب لكي يكمل المشوار، لأسباب عدّة أبرزها أنه ركن من أركان التسوية الرئاسية ومضت 3 سنوات وهو يكافح في هذا الموضوع. نجح او لم ينجح، هذا شأن آخر، لكنه أعلم بالثغرات التي لم تسمح له بتحقيق ما يريده، واليوم لا نملك رفاهية الوقت لكي نأتي بشخص آخر ونجرّبه في الحكم.

• ولكنك أنت مجرّب؟

ـ في هذا الظرف بالذات تجمع الكتل السياسية من مختلف الاطراف على الرئيس الحريري. وبناء عليه من الأفضل أن يتابع مسيرته بوزراء اختصاصيين، وببرنامج واضح ضمن مهل محددة، لنصل الى الانتخابات النيابية المبكرة، فالأساس سلامة الوطن.

• في ظلّ هذا الوضع هل يمكن لحكومة اختصاصيين ان تحكم البلاد بلا سياسة، وهل تشعر أنّ هناك رغبة حقاً بتشكيل حكومة، أم أنّ هناك رغبة في التعطيل؟

- البداية تكون بالعودة الى الأصول الدستورية، بدءاً من الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة، ليكلّف في ضوئها رئيس حكومة، يجري استشارات وبعدها يضع تشكيلة حكومية ويقدمها لرئيس الجمهورية الذي يبدي ملاحظاته من دون عرقلة، ثم تتقدم الحكومة من المجلس النيابي لنيل الثقة. إن من لا يريد حكومة هو من لا يطبّق ألف باء الدستور اليوم، ولهذا السبب فإنّ الأمور اليوم مختلطة ببعضها البعض.

إنّ الوضع اليوم لا يتحمل ترف الانتظار، وترف المصطلحات التي لا جدوى منها في شأن حكومة تكنوقراط او مختلطة. هذا الجدل لا طائل له طالما أنّ الكتل السياسية تريد الحريري، فليؤلّف الحريري حكومة اختصاصيين ويذهب الى المجلس وعندها تتحمّل كل كتلة مسؤوليتها، هكذا تتوقف الانحرافات الدستورية التي من شأنها أن تؤدي بالبلد الى الهاوية لا محال.

• أليس تشكيل الحكومة قبل التكليف هو تجاوز لإتفاق الطائف والدستور؟

- طبعاً انه تجاوز فاضح للدستور كما شرحت سابقاً، ونحن نعيش اليوم نتيجة تراكم التجاوزات الدستورية التي حصلت خلال العقود الماضية وآخرها بدعتان هما: أوّلاً اتفاق الدوحة و»الثلث المعطّل»، وثانياً التسوية الرئاسية. لذلك، من الضروري العودة الى الأساس وحسن تطبيق الدستور.

• هل للحراك أجندات خارجية برأيك؟

- انّ تضييع قيمة الحراك الأساسية يعني غَض النظر عن وجع الناس الحياتي. ما من لبناني لا يريد مستقبلاً أفضل لأولاده، وما من لبناني لا يريد تساوي الفرص بين اللبنانيين، وما من لبناني لا يريد قضاء عادلاً ومستقلاً، والإنماء المتوازن فعلاً لا شعاراً... من الضروري أن لا نلغي قيمة الحراك بالحديث عن مؤامرات ودول تموّله وتقف خلفه، بل على الطبقة الحاكمة أن تقرأ هواجس الموطنين جيداً وتعالجها ضمن المؤسسات الدستورية قبل فوات الأوان.

الحراك الشعبي لا يتحرك على أساس طائفي لأنّ المشكلات المعيشية عابرة للطوائف والوجع وَحّد اللبنانيين. «خلصنا بَقا» من العقلية والذهنية التي نتجت من سوء تطبيق «اتفاق الطائف» الذي كان «أحلى اتفاق انعَمَل وأسوأ تطبيق إلو صار».

تحكمت بنا الأعراف والبدع حتى صار كل ما يحصل غير مقبول. يجب أن نبدأ بإلغاء الطائفية والذهاب الى الدولة المدنية مع المحافظة على الطوائف وأنظمتها الخاصة، وان يكون لنا مجلس نيابي غير طائفي ومجلس شيوخ يحمي الطوائف ودولة مدنية يسودها التوظيف على أساس الكفاءة... كل هذه الامور يلبّيها «اتفاق الطائف» فلنطبّقه كاملاً بدلاً من الاجتزاء والتحريف والبدع.

انّ السياسيين هم سبب تعطيل تنفيذ «اتفاق الطائف»، والمؤسسات التي أنشئت بموجبه، ومنها المجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الوطني للإعلام، لم تحقق الغاية المرجوة منها، لأن كلّاً منهم يريد الاتيان بجماعته الى هذا المركز او ذاك إضافة الى إقرار قوانين انتخابات تتعارض مع جوهر الدستور، ناهيك عن التقاعس في إقرار اللامركزية الإدارية. ولذلك ينبغي اعادة تأسيس النظام بموجب «إتفاق الطائف» والأهم حسن تطبيقه.

• في ضوء كل ما يجري من السياسي الى الاقتصادي، هل ترى ان هناك من يدفع بلبنان الى الانهيار؟

ـ شطارة السياسي هي أن يقيم التوازن بين الواقعين السياسي والاقتصادي، سياسياً عليه ان يظهر انّ البلد يمارس استقلاله وسيادته ويأتمر بنفسه، وفي الوقت نفسه الاستفادة من اي دعم خارجي من دون ان يتعرض البلد للعقوبات.

توصيف الوضع الاقتصادي

• هناك نظريتان في الإقتصاد، الأولى تقول انّ العقوبات الأميركية هي وراء تردي الوضع المالي، وأخرى تحمّل حزب الله المسؤولية الكاملة. كيف تنظر الى النظريتين؟

- ما وصلنا اليه اليوم هو عبارة عن تراكمات وسوء ادارة المحفظة المالية، وهذا الامر بدأ منذ اعوام طويلة. الطبقة السياسية هي المسؤولة عن السلطة المالية، في حين ان مصرف لبنان مسؤول عن السلطة النقدية. وما حصل انّ السلطة المالية أمرت السلطة النقدية بالمحافظة على سعر النقد، والاخيرة ليست مسؤولة عمّا صرفته السلطة المالية من دون تبرير وفي غير مكانه.

المشكلة الاقتصادية هي داخلية بحت بسبب عدم وجود رؤية أو خطة اقتصادية طويلة الأمد مع الاستمرار في الاستدانة من اجل تغطية عجز الكهرباء، وبالتالي تراكم الفوائد على دين غير مُجد، حتى وصلنا إلى حال من العجز المستمر تضاف اليه التوظيفات السياسية العشوائية وغياب المراقبة الحقيقية من المجلس النيابي بسبب ما يسمى حكومات الوحدة الوطنية.

• اذاً، مصرف لبنان والمصارف لم يخطئوا في سياساتهم المالية؟

ـ يجب التمييز بين السلطة المالية والسلطة النقدية. مصرف لبنان يضع خطة نقدية للتحكم بالتضخم وسعر الصرف، وهو كان يقوم بواجبه تجاه السلطة المالية لتلبية حاجتها لتمويل عجز الموازنة المزمن والمتراكم نتيجة غياب أي خطة لدى السلطة المالية كما اسلفت سابقاً. اليوم وصلنا إلى ما وصلنا اليه، وبدلاً من عجز واحد أصبحنا في عجزين، الاول في الموازنة والثاني في ميزان المدفوعات (Twin deficit).

وعليه أصبحت السلطة السياسية عاجزة، وهي في حاجة الى «كبش محرقة» لكي تغطي عجزها، لذلك اتهمت مصرف لبنان والمصارف، هذا هو الواقع تحديداً. مصرف لبنان لم يضع الموازنات وليس مسؤولاً عن العجز، مصرف لبنان سعى ليؤمن متطلبات الدولة بأقل ما يمكن من فوائد وبأحسن الشروط. من هنا أقول انّ السلطة السياسية هي المسؤولة، فهي من يقرّ الموازنات ولا تحتسب حساب العجز. خطأ مصرف لبنان انه رغم تحذيراته المتكررة للسلطة السياسية كان عليه ربما فرملة الصرف.

في الأعوام 2008 و2009 و2010 دخلت مبالغ كبيرة من الاموال الى البلد، وتمتعنا بـ«البحبوحة». لو استفدنا منها كما ينبغي، لما كنّا وصلنا الى هنا. لو «خَبّينا قرشنا الأبيض ليومنا الأسود»، لما كان حصل ما يحصل اليوم.

وهنا أعطي مثالاً على ذلك، مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي حوّلته حكومتي الى مجلس النواب مع خطة كاملة لتمويلها مرفقة بسلسلة من الإصلاحات الإدارية المطلوبة. ما الذي حصل؟ أقرّت السلسلة بعد ثلاث سنوات وقبل الانتخابات النيابية ولغاية شعبوية بزيادة كبيرة عن كلفتها الأصلية ومن دون وضع خطة لتمويلها او التطرق إلى الإصلاحات الاساسية، وهذه السلسلة زادت في نسبة العجز، وتم التعاطي معها بخفة على رغم تحذيراتنا المتكررة من الانعكاسات السلبية لهذا الأمر.

إقتراحات للمعالجة

• هل تؤيد تشريع «الكابيتال كونترول» لمنع تهريب الاموال كما يحصل حالياً؟

- الازدهار الذي وصل اليه لبنان كان نتيجة اعتماد الحرية الاقتصادية، وبالتالي فقد استند القطاع المصرفي الى مبدأ الحرية بشقيها: حرية التحويل والسرية المصرفية. انّ تقييد الحرّيات عبر تشريع «الكابيتال كونترول» ينسف مبدأ الحرية التي هي بمثابة الاوكسيجين للقطاع المصرفي، وعلينا المحافظة على هذا القطاع بموظفيه الـ 26000 لأننا بدأنا نشعر منذ نحو سنة بتقليص دور القطاع الخاص. القطاع الخاص في لبنان هو حامي الحريات الاقتصادية، والحديث عن تقييد الحريات بدءاً بالاقتصاد يؤدي الى الاتجاه نحو الديكتاتوريات ولاسيما منها الديكتاتورية السياسية، وهذا يناقض كل سياسات لبنان.

أمّا في ما يتعلّق بضوابط حريّة النقد التي بوشر تطبيقها، فهي لن تحقق النتائج المرجوة، بل يجب اعتماد خطة إصلاحية كاملة متكاملة باتت عناوينها معروفة ولكن تبقى العبرة في تطبيقها. وعلى المصارف اليوم ان تلتزم بتعميم مصرف لبنان في ما يتعلق بزيادة رأس المال وتطمين المواطنين الخائفين على ودائعهم، والمساهمة في اعادة الثقة الى القطاع المصرفي في لبنان.

• قلت انّ الإنهيار بدأ، ونحن أمام نماذج عدّة للانهيار (اليونان، الارجنتين، فنزويلا) والناس متخوّفة؟ في أيّ اتجاه يذهب البلد؟

ـ بمجرّد تشكيل حكومة تحظى بالثقة، فإنّ بإمكانها «فرملة» الإنهيار، ووضع لبنان على الطريق الصحيح. والشرط الاول للثقة، يقضي بأن يشعر كل مواطن أنّ الطبقة الحاكمة سمعت وجعه وأنّ مطالبه بدأت تتحقق.

ملفات الاسكان والخلوي

• يتمّ التداول باسمك في ملفي القروض الإسكانية والهاتف الخلوي، ماذا تقول في هذا المجال؟

ـ في خلال 20 سنة من العمل في الشأن العام وستة اعوام كوزير، ومرتين رئيساً للوزراء، أتحدّى أن يقول أحد أنني ساهمت في فساد من أيّ نوع كان، أو انني مددت يدي على المال العام، وهذه من المحرّمات عندي. اما إثارة ملفي القروض المصرفية، بذريعة انّها قروض اسكانية، والهاتف الخلوي وربطهما بإسمي، فهو يهدف الى النيل من سمعتي، ومنّي شخصياً عبر تسييس هذه الملفات.

في ملف الهاتف الخلوي اذكر اننا كنا اول من استقدم الهاتف الخلوي الى البلد بعد الحرب مباشرة. وعندما اقرّت الدولة اجراء مناقصة لهذا القطاع، تقدّمت شركتان، واحدة فنلندية وأخرى فرنسية (فرانس تيليكوم). وكانت الشركة الفرنسية تبحث عن شريك «تقني» في البلد، ونحن كنا نملك البنى التحتية التقنية للهاتف الخلوي في لبنان، ولكنني لم اكن يومها وزيراً ولا نائباً، فاختارونا، علماً انّ من أصل 9 أعضاء في مجلس الإدارة كان لدينا 3 أعضاء، لأنّ وزارة الاتصالات اشترطت على الشركة الفرنسية بموجب العقد، ان تكون للشركة الفرنسية الاكثرية المطلقة، بما يعني انّ قرارات مجلس الإدارة كانت تُتخذ بالأكثرية، أي أنّ القرار ليس في يدنا.

ووقّعت شركة «فرانس تيليكوم» إتفاقاً مع الدولة اللبنانية تمّت المصادقة عليه في مجلس الوزراء، حيث حدّدت الحكومة اللبنانية جدول التعرفة التي يحق للشركة ان تتقاضاها.

ويقول القرار المُصادق عليه في مجلس الوزراء ما يلي: « تنشئ كل من الشركتين شركة مستقلة كاملة متكاملة تغطي كافة الأراضي اللبنانية، ومدّة الإستثمار لا تتجاوز الـ 12 سنة، رسم الوصل على الشبكة 500 دولار، الاشتراك الشهري 25 دولاراً، التعرفة على دقيقة التخابر هي 5 سنتات».

ويقول القرار ايضاً، إنّ حصة الدولة في السنة الاولى 20 % من المداخيل، ثم ترتفع النسبة تدريجاً الى 30 و40 ومن ثم 50 % إضافة الى تقاضي الدولة الضريبة على القيمة المضافة». وفي العودة الى رسم التأسيس، قرّرت الدولة اللبنانية ان يبلغ 500 دولار. كما نصّ القرار، انّه في حال قطع خط المشترك، تتقاضى الشركتان مبلغ 500 دولار اضافي لإعادة وصل الخط.

واللغط الحاصل انّ البعض يعتبر انّ الـ 500 دولار هي كفالة قابلة للاسترداد، بينما حقيقة الامر انّها رسم تأسيس لوصل الخط على الشبكة، وهذا واضح كما اسلفت. ولا بدّ من ان اشير الى انّ الحملة التي شُنّت وأدّت الى استرداد القطاع من الدولة ركّزت انّ هذا القطاع هو بترول لبنان وسيسد عجز الدولة، وها اننا نرى اليوم كيف الى اين وصل سوء الادارة بهذا القطاع من تردّي الخدمات وتراجع الايرادات .

• وماذا عن قرار التحكيم؟

ـ نصّ الاتفاق الموقّع بين الدولة اللبنانية والشركة المشغلة على أنّه في حال وقوع أي خلاف بين الدولة اللبنانية والشركة يلجأ الطرف المتضرّر الى التحكيم الدولي. وحيث انّ الحكومة اللبنانية قرّرت استرجاع حق الاستثمار قبل انتهاء مدة العقد، لجأت الشركة الفرنسية الى التحكيم الدولي، وقد صدر قرار التحكيم الدولي عام 31/1/2005 ولم اكن في حينه في موقع المسؤولية. وفي حكومة الرئيس فؤاد السنيورة تمّ دفع المبلغ المُتفق عليه بموجب التحكيم للشركة الفرنسية. هذه هي قصة الخلوي بكاملها، وهذه هي الحقيقة التي يحاول البعض تشويهها وتحريفها لغايات سياسية.

• وماذا عن القروض الاسكانية؟

- لنبدأ من الاول، هذه ليست قروضا أسكانية أو مدعومة ولا علاقة لها بمال الدولة او بصندوق الاسكان، ولم تُؤخذ من درب الناس كما يصور البعض لغاية التشويه السياسي، بل هي قروض مصرفية تمّ إستلافها من مصرف تجاري، ناهيك ان لا علاقة لي شخصياً بالقروض .هناك نوعان من القروض الاسكانية التي تمّ إعتمادها في السنوات الـ15 الأخيرة، قروض مدعومة وقروض غير مدعومة.

القروض المدعومة عبارة عن إتفاق حصل بين مصرف لبنان، و12 مؤسسة في لبنان بينها مؤسسات قوى الأمن والجيش، محدّدة بسقف فوائد بين 2 و3 % وبمدة سداد بين 20 و30 عاماً، وقد أعطى مصرف لبنان لهذه القروض ما مجموعه 13 مليار دولار، ونحن لا دخل لنا بهذه القروض.

اما النوع الثاني من القروض الذي قدّمته المصارف من خلال استخدام جزء من المال الاحتياطي الذي تملكه في مصرف لبنان، حسب التعميم الصادر عن المصرف المركزي، فهي قروض غير مدعومة ومن اموال المصارف، لا من اموال الدولة، وبفائدة سقفها متحرّك. وقد نصّت شروط منح هذه القروض بمنع بيع العقار الذي يتمّ تملّكه بواسطة هذه القروض، لمدة 7 سنوات، بهدف منع استخدام القروض للمضاربة العقارية.

وهنا أشير الى انّ المصارف التجارية استخدمت نحو 8 مليارات من احتياط اموالها لدى مصرف لبنان في القروض الإسكانية غير المدعومة، واستفاد منها 7 آلاف شخص من لبنان، وأولادي من بين الـ 7 آلاف شخص الذين استفادوا من هذه القروض، علماً انّ مجمل ما استدانوه يبلغ فقط صفر فاصلة 2 % من مجمل هذه القروض. فأين الإثراء غير المشروع؟ وأين الجرم الحاصل، اذا كنا قد اقترضنا من المصرف أموالاً غير مدعومة، كما قلت، وسدّدنا القروض وفق القانون والاصول؟

إنّ التصويب السياسي علينا في هذا الملف لن يغيّر في الواقع القانوني السليم شيئاً، ولكن المفارقة انّ كل من يتناول هذا الملف عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يُنصّب نفسه مدعياً عاماً، فيكيل الاتهامات من دون المام بالملف. وفي النهاية طالما أنّ الموضوع اصبح في يد القضاء فالكلمة الفصل له.

المزيد من الفيديو
مقابلة مع الرئيس نجيب ميقاتي على قناة هلا Arabia