حديث الرئيس ميقاتي الى المؤسسة اللبنانية للارسال
الإثنين، ١٦ كانون الأول، ٢٠١٩
رأى الرئيس نجيب ميقاتي "وجوب الإسراع في تشكيل حكومة إصلاحية إنقاذية بكل معنى الكلمة لكي تقوم بالإصلاحات الضرورية" مشدداً على "أن لا أحد في لبنان قادم من كوكب آخر وبالتالي لا ضرورة للمضي في السجال العقيم بشأن حكومة تكنوقراط أو تكنوسياسية" ورأى "أنه من الأنسب اليوم أن نسمّي الرئيس سعد الحريري ليكمل التسوية الرئاسية، وهو العارف بمكان الداء، والحلول الممكنة، وهذا ما يختصر الكثير من الوقت خاصة إذا أطلقت يده بحكومة إصلاحية إنقاذية يختار هو أعضاءها. أما ما الذي سيحصل، في ضوء أي قرار لاحق يتخذه الرئيس الحريري، فالأمر متروك للبحث والتشاور".
موقف الرئيس ميقاتي جاء في حديث الى "المؤسسة اللبنانية للإرسال" سئل في مستهلّه عن البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بشأن تأجيل الاستشارات النيابية فقال: لقد مضى على إستقالة الحكومة خمسين يوماً ولم تحصل الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة المكلف، كائناً من يكون، وما حصل اليوم هو نتيجة لهذا التراخي. حتى البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية وردت فيه عبارة "التأجيل لمزيد من التشاور في شأن تشكيل الحكومة". تأليف الحكومة ليس وقته بل الوقت هو لتكليف الشخص الذي سيشكل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية. تأخير الاستشارات النيابية خمسين يوماً هو خطأ، وأيضاً التأجيل الذي حصل اليوم.
سئل: يقول البعض أن رؤساء الحكومات السابقين لم يتحدثوا اليوم لأن الذي طلب التأجيل من رئيس الجمهورية هو الرئيس سعد الحريري؟
أجاب: هل أصبح دور فخامة رئيس الجمهورية غب الطلب وأن يستجيب لطلبات أي شخص يطلب منه؟ هناك واجبات دستورية ملزمة توجب تكليف رئيس الحكومة الذي يقوم بعد ذلك بالتأليف بالتعاون مع فخامة الرئيس وفق مقتضيات الدستور. أما الذي سأل عن موقف رؤساء الحكومات السابقين فأقول له أننا نكرر دوماً موقفنا الثابت بوجوب إجراء الاستشارات النيابية.
سئل: الدستور لم يحدد مهلة لإجراء الاستشارات؟
أجاب: وردت عبارة تجري الاستشارات "عند استقالة الحكومة" أي أن الاستشارات يجب أن تجري فوراً.
ورداً على سؤال قال: التأليف قبل التكليف غلط، كما سائر البدع مثل استقبال المرشحين المحتملين وإجراء مقابلات معهم، وما سواها. كل هذه التجاوزات وهذا التراخي طوال خمسين يوماً فتح الباب أمام الاجتهادات.
سئل: ما الذي سيتغير حتى يوم الخميس؟
أجاب: الاحتمالات مفتوحة وأولها أن يسعى الرئيس الحريري، عبر مروحة اتصالات، لكي ينال ترشيحه دعم مختلف الأطياف، وثانيها أن يسمي أحداً أو أن يعيد رمي كرة النار الى الآخرين ويترك لهم التسمية ويتمنى النجاح لمن سيتم اختياره.
سئل: ما رأيك ببيان الرئيس الحريري؟
أجاب: بالأساس أنا ضد تأجيل الاستشارات وتأخيرها، وحتى مبررات الرئيس الحريري غير مقبولة عندي، فعندما يقول إن التيار الوطني الحر سيترك الحرية لفخامة الرئيس، فهذا استباق لشيء لم نسمع به علناً. وعندما يقول أنه يريدها وفاقية فلا يجب أن ننسى أن هناك شخصيات مسيحية، تقارب العشرين شخصية ستسمّيه ولها حضورها، مع احترامي للتيار الوطني الحر وللقوات اللبنانية.
سئل: لو كنت مكان الرئيس الحريري، ألا تفعل الشيء ذاته؟
أجاب: هناك واجبات دستورية ملزمة لا يجوز أن تتحول غب الطلب، وأنا لست في صدد التعرض أبداً لفخامة الرئيس، ولكن يجب حفظ المقامات وأن يقوم كل شخص بدوره. ما يحصل مرفوض على كل الصعد.
سئل: كيف تقرأ موقف "القوات اللبنانية"؟
أجاب: القوات موقفها ثابت فهي تريد حكومة تكنوقراط، وفصل الدكتور سمير جعجع علاقته الشخصية مع الرئيس الحريري عن الموضوع السياسي وأنهم يبحثون بتسميته ولكن الثقة مرهونة بشكل الحكومة، ولكن لا علم لديّ بالأسباب التي حدت بالقوات اللبنانية الى عدم تسمية الرئيس الحريري.
سئل: كيف تعلق على لغة التخاطب التي تحدث بها مقربون من فخامة الرئيس كالنائب حكمت ديب والوزير بيار رفول؟
أجاب: حتماً هؤلاء الذين يتحدثون بهذه الطريقة الفوقية لا يعكسون رأي فخامة الرئيس الذي لا يمكن أن يتحدث بهذه الطريقة. هذا الكلام لا يعبر عن نظرة مستقبلية ولا عن قراءة تاريخية حول حقبات أساسية في تاريخ لبنان. حصلت في تاريخ لبنان تسويات سياسية بين رؤساء جمهورية وحكومة، وعلمنا ماذا حصل عندما تم خرقها لاحقاً. الرئيس بشارة الخوري اختلف مع الرئيس رياض الصلح، فكانت النتيجة أنه تغيّر ثمانية رؤساء للحكومة خلال السنتين الأخيرتين من ولايته ولم يبق رئيسا للجمهورية. الحال ذاته حصل مع الرئيس سليمان فرنجية والرئيس صائب سلام، فاختلفا، وتبدّل خمسة رؤساء للحكومة في منتصف ولايته. لنأخذ العبر من الماضي ولنتطلع الى الأمام كي ينهض العهد كما يجب ويقوم بالإصلاحات المطلوبة. التسوية الرئاسية لا يجوز أن تنقلب بهذه الطريقة، وإلا فأنا خائف على الأيام والسنوات المقبلة.
سئل: ماذا عن موقف مفتي الجمهورية الذي عبر عنه الأستاذ سمير الخطيب؟
أجاب: هذا موقف السيد سمير الخطيب، لأننا كنا قبل أيام في اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ولم نتطرق الى هذا الموضوع، ولا حتى في بياننا الذي يشكل الموقف السياسي للمجلس، كما لم ألمس لدى صاحب السماحة أي رغبة في تضمين البيان هذا الموقف. صاحب السماحة في حال كان الأستاذ الخطيب طرح أمامه موضوع الرئيس الحريري، فهو حتماً لن يذم بالرئيس الحريري أو أي شخصية سنية.
سئل: لقد عبّرت عن مخاوفك من الأيام المقبلة، لماذا؟
أجاب: عندما نرى ما يحصل من تجاوز للدستور وضياع في القيادة ووضع اقتصادي ومالي خطير، وأن هناك تجاهلاً للثورة الحقيقية رغم مرور ستين يوماً عليها، كيف لا أخاف مما يواجه لبنان ومستقبله. يجب الإسراع في تشكيل حكومة اصلاحية انقاذية بكل معنى الكلمة تقوم بالإصلاحات الضرورية. لا أحد في لبنان قادم من كوكب آخر وبالتالي لا ضرورة للمضي في السجال العقيم بشأن حكومة تكنوقراط أو تكنوسياسية.
سئل: ماذا عن موقع طرابلس مما يجري لا سيما على صعيد التحركات الشعبية، خصوصاً وأنك اتصلت بالرئيس نبيه بري بعد التعرض له من قبل أشخاص قالوا أنهم من طرابلس؟
أجاب: كفى تحميل طرابلس فوق طاقتها، فهي سميت عروس الثورة، ولا يجوز أن نضيع هذا الرونق الذي حققته. طرابلس كانت مثالاً للأسلوب الحضاري للتعبير عن الرأي. وإذا كانت قلة تحدثت بأسلوب غير لائق فهل يجوز أن أعمّم هذا الأمر على كل طرابلس. أما بموضوع اتصالي بالرئيس بري فأنا مع المحافظة على كل المقامات، سواء كان فخامة الرئيس أو دولة الرئيس أو أي أحد آخر. ومن هذا المنطلق اتصلت بدولة الرئيس بري، إضافة الى أنه في بداية الثورة حصلت تظاهرة أمام منزلي في طرابلس، وكان دولة الرئيس بري أول من اتصل بي واطمأن عليّ. ما قمت به هو نموذج عن أخلاقيات أهل طرابلس.
سئل: من تسمي لرئاسة الحكومة؟
أجاب: لا يمكن أن أرتجل اسماً اليوم من دون التشاور المسبق مع أعضاء "كتلة الوسط المستقل"، ولكن في آخر اجتماع عقدناه قررنا أنه من الأنسب اليوم أن نسمي الرئيس سعد الحريري ليكمل التسوية الرئاسية، وهو العارف مكان الداء، والحلول الممكنة، وهذا ما يختصر الكثير من الوقت خاصة إذا أطلقت يده بحكومة إصلاحية إنقاذية يختار هو أعضاءها. أما ما الذي سيحصل، في ضوء أي قرار لاحق يتخذه الرئيس الحريري، فالأمر متروك للبحث والتشاور.