كتلة "الوسط المستقل" اجتمعت برئاسة ميقاتي: لبنان أمام منعطف خطير جداً والشعب لن يرحم أحداً
الثلاثاء، ٢٨ نيسان، ٢٠٢٠
عقدت كتلة "الوسط المستقل" إجتماعاً اليوم برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي ومشاركة النواب جان عبيد ونقولا نحاس وعلي درويش، وأصدرت بعده البيان الآتي:
"أولاً: يشهد لبنان أزمة غير مسبوقة سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً، تهاوت معها الأوضاع دفعة واحدة، فباتت الغالبية الساحقة من اللبنانيين في حال العوز والفقر، وما زاد الأزمة حدة هي المشكلة المالية وحجز ودائع الناس في المصارف والإرتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار والمواد الإستهلاكية. ولطالما حذّرنا طوال الفترة الماضية من التداعيات التي نتجت عن الأداء السياسي الخاطئ والإنقلاب على الدستور واتفاق الطائف، من عدم المباشرة بالإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية المطلوبة والمضي في نهج الإنفاق من دون حسيب أو ضوابط، إلا أن المعنيين في السلطة صمّوا آذانهم عن التحذيرات وعن صرخات الناس في الشارع، فوصلنا الى الإنهيار الحالي.
ثانياً: إن الحكومة الحالية التي لم نمنحها الثقة لإدراكنا المسبق بأنها ليست على مستوى التحديات، عليها أن تعبّر عن طموحات اللبنانيين الذين نزلوا الى ساحات الثورة، مع احترامنا طبعاً لبعض أعضائها، لكنها ماضية للأسف في اعتماد النهج الخاطئ الذي أوصلنا الى الإنهيار الحالي. فلا رؤية لحل الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، ولا خارطة طريق لمعالجة مكامن الهدر والإنفاق غير المجدي، ولا أداء سياسياً على مستوى المرحلة. وما زاد الطين بلة هو لجوء رئيس الحكومة الى اعتماد المكابرة بدل المبادرة، والسجال بدل العمل، قول الشيء ونقيضه أو تقديم الطرح والإنقلاب عليه، بمحاولة مكشوفة لتسجيل بطولات وهمية كما حصل في موضوع تعيينات مصرف لبنان. وآخر مظاهر هذا النهج الكيدية السياسية الواضحة التي أعادت الى الأذهان تجارب سابقة ثبت فشلها، وبدا جلياً أن هناك من يتمترس خلف مقام رئاسة مجلس الوزراء لفتح معارك سياسية كيدية، ولكن المؤسف أن رئيس الحكومة قبل تغطية هذه المعارك طوعاً أو عن غير إدراك فعلي لخطورتها وأبعادها على التوازنات السياسية التي يقوم عليها لبنان، كما وضع موقع رئاسة مجلس الوزراء في سياق التبعية لسياسات تتقرر خارج الأطر المؤسساتية وتكلف الحكومة التصديق عليها.
وفي مشهد غير مسبوق في أوج أزمة مالية نقدية اقتصادية اجتماعية، قام رئيس الحكومة بزرع الشك في أداء حاكم مصرف لبنان المركزي المؤتمن على السياسة النقدية، من دون أن تكون هناك إجراءات فورية ومحددة للمعالجة فعمَّق انعدام الثقة، وعقد التوافق على منطلقات البرامج الإصلاحية. إذا لا بد أن تكون الدوافع سياسية تصب خارج نطاق المصلحة الوطنية مما يعرض رئيس الحكومة للمساءلة. إننا نحذر من أن يصار الى فتح جبهات خلافية جديدة تحت عناوين براقة، تؤثر على التركيز والتوافق بين المكونات السياسية كافة، كما قطاعات المجتمع الاقتصادي على مشروع الإنقاذ المالي والاقتصادي. إنها مغامرة نحمِّل نتائجها الى الحكومة.
ثالثاً: إن الانفجار الاجتماعي والمعيشي بات وشيكاً ويخطئ من يعتقد من أهل السلطة بإمكان الرهان على استمرار ضبط الأوضاع بالأمن والقمع، وما نشهده حتى في عز المخاوف من تفشي وباء كورونا، يؤكد أن الخطر الإجتماعي لن يرحم أحداً. لذلك مطلوب من أهل السلطة محاولة لملمة الوضع قدر المستطاع بحوار سريع بين كل المعنيين في السلطات السياسية والنقدية والإقتصادية، لإقرار ما يمكن أن يخفِّف من وطأة الأزمة مرحلياً.
رابعاً: لبنان أمام منعطف خطير جداً والشعب، قبل التاريخ، لن يرحم أحداً، فليدرك الجميع ذلك قبل فوات الأوان، وليتوقف البعض عن الحروب الصغيرة واللعب بمصير الوطن والرقص على حافة الهاوية. إن اللحظة هي للإنقاذ السريع قبل غضب الشعب الذي لن يرحم أحداً.
خامساً: إن ما نشهده اليوم والبارحة في طرابلس صرخة وجع مدوية دفعت الناس الى الشارع وهي مؤشر خطير وخطير جداً. ورغم شجبنا لأية أعمال عدائية تجاه الجيش والقوى الأمنية وأعمال التخريب التي تطال المؤسسات ونعتبرها من أشخاص أو جهات تسعى لتعطيل الحركة المطلبية المحقة والمشروعة، إنما لا يجب أن نغفل عن قنابل كامنة في القلوب والبطون الجائعة نخشى أن يتشظى، وبالعمق، كل الوطن من انفجارها".