إقتراح مبادىء مشروع قانون للإنتخابات النيابية في لبنان
الأسباب الموجبة
عرف لبنان، منذ استقلاله، عدة قوانين انتخابية لم تتمكن من ترسيخ الوحدة الوطنية بين ابنائه، وتحقيق الانجازات الديموقراطية المنشودة.
وعند كل استحقاق انتخابي تثار مسألة إعادة النظر في قانون الانتخاب والمطالبة بإصدار قانون جديد يتلافى عيوب القانون الراهن.
وقانون الانتخاب هو الابن الشرعي للنظام السياسي، فبين النظامين الانتخابي والسياسي ترابط وتفاعل . فالنظام الانتخابي يعكس صورة النظام السياسي وينبىء بما يحفل به من محاسن أو مساوىء، وما ينطوي عليه من احترام وكفالة للحقوق والحريات، الفردية والجماعية، أو من نيّات لقمعها او تكبيلها.
والديموقراطية البرلمانية التي اخذ بها لبنان وكرسها في ديباجة دستوره هي اسمى الديموقراطيات او أفضلها على الصعيد السياسي. ولكن هذه الديموقراطية لا تكتسب هذه القيمة الاّ إذا إقترنت بوجود نظام انتخابي يضمن للناخبين حرية الاقتراع.
ويلاحظ الباحثون أن فساد النظام الانتخابي يؤدي الى فساد الديموقراطية البرلمانية المطلوبة لتحقيق المساواة السياسية بين المواطنين، التي تتجلى في مبدأ: الصوت الواحد للفرد الواحد.
واختبر لبنان ، منذ العام 1943، جميع أنواع الدوائر الانتخابية ( الكبرى والصغرى) وجربّ الاقضية كدوائر إنتخابية ما بين العام 1960 والعام 1972. وأخذ منذ العام 1992 بالدائرتين الكبرى والصغرى. ولكن جميع هذه الصيغ الإنتخابية لم تنتج تمثيلاً نيابياً صحيحاً وعادلاً.
ونظام الاقتراع الاكثري كان دائماً هو القاعدة الثابتة للتصويت. ويعتبر البعض ان تطبيقه أسهم في عدم الاستقرار السياسي المستمر وأوقع البلد في حروب داخلية. وان عملية الانقاذ تكمن بنظام الاقتراع النسبي الذي يؤمن الاندماج الوطني وعدالة التمثيل ويساعد على تغيير سلوك الناخب والمرشح، ويسهم في التخلّص من ظاهرة شراء الاصوات واستخدام "المحادل الانتخابية" والتخفيف من آثار الطائفية السياسية.
ومما لا شك فيه ان اللبنانيين يطمحون الى قانون انتخابات عادل تتأمنّ من خلاله المبادىء العامة الدستورية، ولا سيما مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون.
واذا كانت الطائفية السياسية في لبنان هي علة العلل فلا يسعنا الاّ المناداة بالاسراع في تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وفقاً للمادة/ 95/ من الدستور.
وبانتظار تحقيق هذا الحلم نرى من المستحسن إصدار قانون انتخابي يُبقي على العدد الحالي للنواب، وعلى المناصفة المعمول بها بين المسيحيين والمسلمين، ويأخذ بالنظامين النسبي والاكثري معاً، ويتضمن أهم الاصلاحات التي تتجاوب مع كثير من التطلعات والرغبات الشعبية.
وسنكتفي بعرض الافكار الرئيسية لمقترحاتنا التي تتناول أهم النقاط المثيرة للجدل، مع ابداء الاستعداد ، في حال الموافقة عليها، لوضعها في صيغة قانونية.
مضمون الاقتراحات الاصلاحية
1. جعل لبنان، من حيث العملية الانتخابية، مقسماً الى خمس محافظات، واعتبار كل منها دائرة إنتخابية واحدة ( ونسميها للتبسيط : الدائرة الانتخابية الكبرى التي تضم عدة دوائر انتخابية صغرى، هي دوائر الأقضية). وبذلك يكون لدينا في لبنان ، في المجال الانتخابي، خمس دوائر انتخابية كبرى مكونة من :
- محافظة بيروت.
- محافظة جبل لبنان.
- محافظتا الشمال وعكار.
- محافظتا بعلبك – الهرمل والبقاع.
- محافظتا الجنوب والنبطية.
2.
أ- يتألف مجلس النواب من 128 نائبا" ينتخب نصفهم على أساس النظام النسبي والنصف الآخر على أساس النظام الأكثري .
ب- يتم الترشّح وتأليف اللوائح على اساس التوزيع الطائفي والمناطقي المعمول به حالياً.
ج- يتم توزيع المقاعد النيابية وفقاً للتوزيع الطائفي والجغرافي المحدد في الجدول المرفق.
3. يجري الاقتراع في كل دائرة بواسطة مغلفين: الاول مخصص للاقتراع النسبي، والثاني للإقتراع الاكثري. وهذا يعني ان الناخب يضع في المغلف الاول لائحة كاملة من بين اللوائح المتنافسة تحمل أسماء المرشحين على صعيد المحافظة ( اي الدائرة الكبرى) ولا يجوز ان يتجاوز عددهم نصف عدد المقاعد المخصصة لتلك الدائرة. اما المغلف الآخر فيحمل اسماء المرشحين المنفردين على اساس ان لكل ناخب صوتاً واحداً.
4. يكون في قلم الاقتراع صندوقان: يضع الناخب في الصندوق الاول المغلف الذي يتضمن احدى اللوائح المتنافسة على صعيد المحافظة. ويكون التصويت هنا على اساس النظام النسبي. ويضع في الصندوق الثاني المغلف الذي يتضمن اسماء عدد من المرشحين المنفردين في دائرة القضاء، ويكون التصويت هنا على اساس النظام الاكثري.
5. لا يحق لأي مواطن الترشح على أساس النظامين، اي الترشح مرتين وفي آن واحد، في الدائرة الانتخابية الكبرى (المحافظة) وفي الدائرة الانتخابية الصغرى(القضاء).
6. تدرج أسماء المرشحين على اللوائح بالترتيب الهجائي للاسماء. و يترك أمام كل إسم خانة فارغة لتحديد خيارات الناخب ، وتكون اللوائح:
- مقفلة،
- مكتملة أو غير مكتملة،
- مسماة لحزب او لتيار سياسي أو لائتلاف قوى سياسية.
في حال تشكيل لائحة غير مكتملة يتوجب التقيد حكماً بتمثيل التنوع الطائفي للدائرة الانتخابية.
7. ينتخب الناخب اللائحة التي يختارها دون اجراء اي تعديل او تشطيب فيها، ودون إدخال اية إضافة إليها.
8. يحق للناخب ، عند اختيار لائحة معينة، اعلان تفضيله لمرشح واحد فيها، وذلك بوضع اشارة الى جانب اسمه في لائحة الاسماء.
9. تحصل كل لائحة على عدد من المقاعد يوازي نسبة الاصوات التي حصلت عليها من اجمالي أصوات المقترعين. ويتم ذلك بقسمة عدد المقترعين على عدد نواب الدائرة لمعرفة المتوسط المتوجب للفوز بالمقعد مع تدوير الكسور العليا للمقاعد الفائضة.
- يتم تعداد اللوائح بغض النظر عن تفضيل الأسماء داخل اللائحة لتحديد حصة كل لائحة من المقاعد .
- يتم تعداد الأصوات التفضيلية لكل مرشح بهدف ترتيب الأسماء وفق إختيارات الناخبين داخل كّل لائحة .
- يتم إعتماد مبدأ الفوز بمقعدين نيابيين على الأقل كشرط أساسي لأهلية اللائحة
- كل لائحة لا تحقق عدد الأصوات المقابل لمقعدين تفقد إمكانية التمثيل.
10. يتم تقسيم لبنان الى 32 دائرة انتخابية صغيرة. ويتم الترشيح في الدوائر الصغرى على اساس التوزيع الطائفي للمقاعد، حسب الجداول المرفقة.
11. يتم اعتماد بطاقة اقتراع موحدة في النظام الاكثري تتضمن أسماء المرشحين من كل المذاهب. وتوضع بجانب كل اسم خانة فارغة لتحديد خيارات الناخب.
12. يبدأ اختيار الفائزين في النظام النسبي بمنح المقعد الاول للمرشح الذي نال أكبر عدد من الاصوات التفضيلية في اللوائح. ويمنح المقعد الثاني للمرشح الذي جاء في المرتبة الثانية. وهكذا دواليك على أن يهمل إسم المرشح في إحدى الحالتين التاليتين :
- المرشّح في الدائرة الصغرى التي تم إختيار نوّابها .
- المرّشح في لائحة إستكملت حصتها من المقاعد .
واذا حصل مرشحان على عدد متساوٍ من الاصوات التفضيلية، كانت الافضلية للأصغر سناً وذلك رغبةً في تجديد دم البرلمان وتعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية.
13. يعتبر فائزاً المرشح الذي حاز أكبر عدد من الاصوات في الدائرة الصغرى . و في حال تعادل الأصوات يعتبر فائزا" المرشح الأصغر سنا" .
14. يتم تأمين سرية الاقتراع بإلزام الناخب بالدخول وراء العازل عملاً بالمادة /49/ من القانون الانتخاب الحالي.
15. التقيد بمدة ولاية المجلس النيابي، وهي أربع سنوات. وعدم اللجوء تحت اي ذريعة الى تجديد هذه الفترة أو تمديد أي فترة. عملاً باحكام الدستور اللبناني الذي يحظر على الولاية البرلمانية ان تتجاوز فترة الاربع سنوات القانونية.
16. اجراء الانتخابات في يوم واحد في جميع المحافظات للحؤول دون تمكين أي قوى متنفذة من تجميع كل امكاناتها واجهزتها الانتخابية في دائرة انتخابية واحدة يوم الاقتراع بغية التأثير في الناخبين من جهة، ولتفادي تأثر الناخب في دائرة ما بنتائج انتخابات دائرة أخرى ثانية.
17. ونشير ان السلطات اللبنانية وعدت ، بمرسوم اشتراعي في العام 1953، بإجراء الانتخابات في يوم واحد في جميع الدوائر، إلاّ اذا اقتضت سلامة الأمن غير ذلك.
18. استخدام نظام مكننة للعملية الانتخابية ، واعتماد البطاقة الانتخابية ، واشتراط الاقتراع حصراً بهذه البطاقة.
19. تأمين مبدأ تكأفؤ الفرص بين المرشحين، ووضع ضوابط لتنظيم استخدام الاعلام والاعلان الانتخابيين، وذلك للحؤول دون خضوع الاعلام والاعلان لهيمنة معينة.
20. اناطة مهمة الاشراف على عملية الانتخابات الى هيئة مستقلة تعينها الحكومة وتعطيها الصلاحية الكاملة مع اعطاء هيئات المجتمع المدني حق الرقابة على العملية الانتخابية.
21. وجوب فصل النيابة عن الوزارة ، اي منع الجمع بينهما. حيث أنه من الصعوبة بمكان على النائب الوزير ان يكون حيادياً في ممارسة السلطة التنفيذية، ولا سيما عندما يتعلق الامر بناخبيه وابناء دائرته الانتخابية، وان النائب الذي يطمح الى مقعد وزاري يضطر الى ممالأة السلطة التنفيذية. كما ان الجمع بين الوظيفتين يشكل انتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات.
22. تخفيض سن الاقتراع ، الى الثامنة عشرة، أسوة بالغالبية الساحقة من دول العالم. واذا كان يحق لكل من أكمل هذه السنّ ان يتزوج ويمارس مهنة التجارة، فلماذا لا يحق له اختيار من يمثله في مجلس النواب؟ إن الشباب عماد كل اصلاح وتغيير. واشتراك عنصر الشباب في العملية الانتخابية يمدّ الحياة السياسية بروح جديدة وفكر جديد.